لأول مرة فى مصر بمركز الأورام بجامعة المنصورة جراحة نادرة للحفاظ على الرحم لمريضات الأورام

فى إنجاز طبى غير مسبوق على مستوى مصر، نجح فريق طبى بمركز الأورام بجامعة المنصورة، بقيادة د.باسل رفقى، أستاذ جراحة الأورام وعضو الجمعية الأوروبية لأورام النساء، فى إجراء أول عملية من نوعها محليًّا للحفاظ على خصوبة مريضات السرطان، باستخدام تقنية «رفع الرحم المؤقت» لحمايته من تأثير العلاج الإشعاعى، وبعد رحلة التعافى والقضاء على الورم، يعود الرحم سليمًا كأنّه لم يبرح مكانه يومًا، ليمنح هؤلاء الفتيات فرصة الأمومة، وتنضم مصر بذلك إلى الدول الرائدة فى الحفاظ على خصوبة مريضات السرطان، وهى الدول التى بدأت تطبيق هذه التقنية منذ عام 2018 فى كل من أمريكا والبرازيل.
وقد نجح الفريق الجراحى فى تبنِّى هذه التقنية الجديدة منذ سبعة أشهر، من خلال ثلاث حالات حتى الآن: اثنتان فى جامعة المنصورة وواحدة فى جامعة أسيوط، كانت الحالة الأولى لفتاة تبلغ من العمر 17 عامًا من المنصورة، تعانى من ورم فى الأنسجة الرخوة بالحوض (ساركوما)، وخضعت للعلاج الكيماوى ثم الإشعاعى، مما استدعى نقل الرحم مؤقتًا إلى حين انتهاء فترة العلاج، وهى حاليًا تتمتع بصحة جيدة وفرصة مناسبة للحمل والإنجاب، أما الحالة الثانية، فكانت لسيدة مطلقة من المنصورة تبلغ من العمر 24 عامًا، تعانى من الحالة ذاتها، وكانت من بين السيدات اللاتى وافقن على إجراء هذه التقنية للحفاظ على الرحم، بينما كانت الحالة الثالثة لفتاة عشرينية من أسيوط، لم يسبق لها الزواج، وكانت مصابة بورم فى المستقيم، مما استلزم قرارًا طبيًا بنقل الرحم مؤقتًا إلى حين انتهاء العلاج الإشعاعى، فضلًا عن إجراء عملية لحفظ البويضات لضمان فرصة الإنجاب مستقبلًا.
ونجح د.باسل رفقى، أستاذ جراحة الأورام النسائية بمركز أورام المنصورة وسكرتير عام الجمعية المصرية لأورام الإناث، فى تطبيق تقنية رفع الرحم لأول مرة فى مصر والعالم العربى، لحماية النساء من فقدان الرحم بسبب العلاج الإشعاعى للأورام السرطانية.
وأوضح الدكتور باسل رفقى أن هذا التدخل يمنح السيدات اللاتى تتراوح أعمارهن من 18 لـ 40 عامًا فى عمر الإنجاب، فرصة جديدة، مشيرا إلى أنه أثناء مرحلة العلاج الإشعاعى لتدمير الخلايا السرطانية يتم تدمير الخلايا المجاورة لها مما ينجم عنه تدمير المبيض والرحم، لكن بعد تطبيق تلك التقنية الجديدة بإبعاد المبايض والرحم لحين الانتهاء من العلاج الإشعاعى، تعود الأنثى بعد فترة العلاج مرة أخرى لأنوثتها الطبيعية وتستطيع الحمل مرة أخرى.
وأكد أن تقنية رفع الرحم سجلت نسب نجاح تتراوح بين 70 % و80 % عالميًا، ونجحت أول حالة فى البرازيل بالحمل والولادة.
وعن تطبيق تلك التقنية فى مصر، أضاف د.باسل أن العمليات الثلاث التى أجراها انتهت بعودة الرحم إلى وضعه الطبيعى بكفاءة 100 % وفقًا للفحوص الطبية الدقيقة، مما يدل على سلامة الأوردة والتغذية الدموية للرحم بعد العملية.
وأضاف رفقى، أستاذ جراحة الأورام النسائية بمركز الأورام بجامعة المنصورة، أن التقنية أعادت الأمل للكثير من مريضات الأورام.
وأردف أن «التقنية الجديدة التى بدأت فى البرازيل فى عام 2020، بنقل الرحم والمبايض فى أعلى البطن بعيدًا عن العلاج الإشاعى، وبعد الانتهاء من مرحلة العلاج يتم عودة الرحم مرة أخرى لمكانه الطبيعى، أدت إلى الحفاظ على أنوثة السيدة وتوفير فرصة عالية لها فى الحمل بشكل طبيعى».
وأوضح أن هذه التقنية أخذها الأمريكان وتم تطويرها، وتم إجراء تلك العملية منذ عام فى أمريكا، وحملت السيدة وولدت بشكل طبيعى.
وعن نجاح التجربة فى مصر، أكد الدكتور باسل أنه تم إجراء تلك العملية لأول حالة فى مصر منذ 7 أشهر، بإجمالى 3 حالات، منها حالتان بجامعة المنصورة، وحالة فى جامعة أسيوط.
وأوضح رفقى أن السيدات الثلاث يشعرن بسعادة غامرة بعد إنقاذ أرحامهن رغم عدم حدوث حمل حتى الآن لأسباب اجتماعية لا تتعلق بالعملية الطبية.
وأعد الدكتور رفقى سكرتير عام الجمعية المصرية لأورام الإناث، والذى يعد أول عضو غير أوروبى فى التاريخ بالجمعية الأوروبية للأورام النسائية، ورقة بحثية حول هذه التقنية الجديدة، بشأن الثلاث حالات الاتى أجريت عليهن التقنية، وحصل على موافقة من لجنة الأخلاقيات بكلية طب المنصورة على هذا البحث، على أن يجرى نشر تلك الورقة البحثية خلال العام الجارى، وتم ذكر هذا فى مؤتمر الجمعية الدولية لأمراض النساء فى ايرلندا، ومؤتمر الجمعية الأوروبية فى روما.
ومن جهته أعرب د.شريف خاطر، رئيس جامعة المنصورة، عن فخره بهذا الإنجاز الطبى، مؤكدًا أن نجاح هذه العملية النادرة يُعدّ دليلًا واضحًا على ريادة جامعة المنصورة وتميّزها فى المجال الطبى محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا.
وقد وجّه الدكتور شريف خاطر رسالة تحية وتقدير للفريق الطبى المشارك فى تحقيق هذا الإنجاز الأول من نوعه فى مصر، بجامعة المنصورة، مؤكدًا أن هذا النجاح يُعَدّ فخرًا للقطاع الطبى ولكل منسوبى الجامعة، كما وجّه رئيس الجامعة الشكر والتقدير لإدارة المستشفيات الجامعية برئاسة الدكتور أشرف شومة، عميد كلية الطب، والدكتور الشعراوى كمال، المدير التنفيذى للمستشفيات الجامعية، والدكتور وليد النحاس، مدير مركز الأورام، والدكتور أسامة حسين، رئيس قسم جراحة الأورام، وجميع أعضاء هيئة التدريس والعاملين بالمركز، على جهودهم المبذولة وسعيهم الدؤوب نحو تقديم خدمات طبية متميزة على أعلى مستوى عالمى.
وأكَّد رئيس الجامعة تميّز أساتذة طب المنصورة وقدرتهم العالية على التعامل مع أعقد الجراحات، مما يسهم فى تقديم أفضل الخدمات الطبية للمرضى، وتحقيق رؤية مصر 2030 فى مجال الرعاية الصحية المتقدمة والخدمات الطبية النوعية، مشددًا على أن الجامعة لا تدّخر جهدًا فى دعم كوادرها الطبية وتوفير أحدث التقنيات.
ومن جانبه، أكَّد الدكتور وليد النحاس مدير مركز الأورام أن هذا الإنجاز يأتى فى إطار استراتيجية المركز لتطبيق أحدث بروتوكولات علاج الأورام عالميًّا، مشيرًا إلى أن المركز يسعى دائمًا إلى توفير بدائل علاجية مبتكرة تواكب أحدث ما توصل إليه العلم، وتضع مصلحة المريض فى مقدمة الأولويات.
وأكد الدكتور باسل رفقى، أن نجاح هذه الجراحة يعد خيارًا علاجيا جديدًا يمنح الأمل لمريضات السرطان فى الاحتفاظ بقدرتهن على الإنجاب، بعد رحلة العلاج، موجهًا الشكر والتقدير للدكتور شريف خاطر رئيس الجامعة، على دعمه المتواصل، وإتاحة الموارد وجميع التسهيلات اللازمة لإجراء البحوث الطبية والندوات وورش العمل، ومشيدًا بجهود قطاع الدراسات العليا والبحوث بالجامعة برئاسة الدكتور طارق غلوش.
وقد أجرى الفريق الجراحى عملياته داخل مركز الأورام، برئاسة الدكتور باسل رفقى، وبمشاركة فريق المتدربين ضمن برنامج الجمعية الأوروبية لأورام النساء، والذى ضمّ كلًّا من: الدكتورة سحر البشير من السودان، والدكتورة أميرة زيدان من البحرين، والدكتور عمرو أبو زينة من فلسطين، إضافة إلى فريق التخدير والتمريض، وقد تمت الجراحات بنجاح تام، ما يفتح الباب أمام تعميم التجربة داخل المستشفيات الجامعية المصرية، ويمنح الأمل لعشرات المريضات فى الحفاظ على فرص الإنجاب دون المساس بسلامة المسار العلاجى أو التأثير على فرص الشفاء.
وقد عُرضت التقنية الجراحية الحديثة فى العديد من المؤتمرات الدولية، منها: الجمعية الدولية لأورام النساء فى أيرلندا، والجمعية الأوروبية لأورام النساء فى روما، ومؤتمرات دولية متخصصة فى أوزبكستان، والعراق، ومصر.
ويعد مركز الأورام بجامعة المنصورة هو أول وأكبر مركز جامعى متخصص فى طب وجراحة الأورام فى دلتا مصر، والثانى على مستوى الجمهورية، بسعة 500 سرير، ومجهز بأحدث التجهيزات الطبية، وقد تم اعتماده عام 2021 من قِبل الجمعية الأوروبية لأورام النساء، كأول مركز تدريب معتمد تابع للجمعية فى الشرق الأوسط وإفريقيا والدول العربية.
كما تم تكريم المركز من قِبل السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، فى عام 2022، تأكيدًا على ريادته وتميّزه فى تقديم الخدمات الطبية والعلمية بعد اعتماده من الجمعية الأوروبية، وقد حصل المركز مؤخرًا على اعتماد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية (GAHAR)، مما يُعدّ تأكيدًا على التزامه بتطبيق أعلى المعايير العالمية فى مجال الرعاية الصحية لمرضى الأورام.