نسمة صبا

منى رضوان
فاكر أول مرة سمعت فيها «نسمة صبا»؟ الأغنية الليّ غناها حميد الشاعرى فى التمانينيات؟ هى فعلًا اتغنت من زمن طويل بس لحد النهاردة لما بنسمعها بنحس إنها لسة جديدة وطالعة من القلب. الأغنية دى مش بس لحن حلو وكلمات رقيقة دى كمان حالة ولحظة بتخطفك من الليّ حواليك وتوديك لمكان تانى خالص كله حنين وذكريات.
بكلمات بسيطة بس مؤثرة كتبها الشاعر عبدالرحمن أبو سنة ومن أول كوپليه بتحس إنك دخلت عالم تانى فيه الكلمات والمفردات مش معقدة بس فيها كمية مشاعر رهيبة. كلها شوق وحنين بتحكى عن واحد وحبيبته بيقول إن كل نسمة هوا بتفكره بيها وبيتغزل فى جمالها وعودها وأنه من يوم ما شافها وقع فى غرامها.. يمكن علشان كده الأغنية قربت من الناس لأنها بتلمس معنى عميق من غير فزلكة.
حميد الشاعرى المطرب المصرى الليبى صوته مش صاخب ومش عالى بس دافئ جدًا وتحس إنه بيغنيلك أنت لوحدك وأن أنت جمهوره العريض.
تشعر أنك قاعد قدامه فى جو هادى وخافت على ضلمة فيها نور شمعة وأنت سايب نفسك للكلمات والمزيكا. صوته فى الأغنية دى بالتحديد كان مليان إحساس وفيها لا هو بيصرخ ولا بيتشحتف هو بس بيحكى وده الليّ بيخلينا نصدق كل كلمة قالها.
الليّ بيميّز «نسمة صبا» كمان هو التوزيع الموسيقى اللى عمله حميد وكان طفرة فى وقت الناس فيه كانت متعودة على المزيكا الشرقية التقليدية ،لكن حميد دخل آلات جديدة وإيقاع مختلف وخلق جو فيه لمسة غربية بس من غير ما يضيع الطابع الشرقى.
هو عرف يخلّى المزيكا تخدم الإحساس مش العكس فطلعت أغنية شبهنا بس مش متكررة.
وده الليّ خلى «نسمة صبا» بداية لمرحلة جديدة فى الغناء العربى بدأها حميد الشاعرى وقتها وفتح الباب من خلالها لأسلوب جديد خالص خلاه بعد كدة يعمل ثورة فى شكل الأغنية وفعلًا ناس كتير من المطربين الجداد فى التمانينيات والتسعينيات اتأثروا بيه وابتدوا يعملوا زيّه.
الأغنية دى مظهرتش واختفت - الأغنية دى اتعمل لها إعادة إصدار سنة 2019 مع حميد وفرقة أردنية اسمها Atari Band (أنا طبعًا متعلقة بالنسخة الأصلية) بس الحديثة دى المزيكا فيها اتغيرت شوية وبقت مودرن أكتر بس روح الأغنية فضلت موجودة.
وهنا تثبت «نسمة صبا» إن الأغانى اللى معمولة بإحساس حقيقى عمرها ما بتموت.
«نسمة صبا» مش مجرد أغنية من الثمانينيات زيها زى غيرها من بتوع الحقبة دى - لأ دى زى صورة قديمة فى ألبوم الذكريات وأول ما تسمعها تحن وتبتسم وتدمع كمان وده سر الأغنية الحلوة - إنها بتفضل عايشة حتى بعد السنين.
ونتمايل ونسقف مع حميد ونقول: يا ريتنى نسمة صبا سارية على خدودك
يالليّ الجمال والصبا
اتجسدوا فى عودك.