مقترح جديد للقانون الموحد لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات.. ينتظر وصوله للبرلمان

هاجر عثمان
بعد ثمانى سنوات من إصدار المسودة الأولى من مقترح القانون الموحد لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات عام 2017، كشفت مؤسسة قضايا المرأة المصرية، عن المسودة الثانية، فى مؤتمرها الختامى لأنشطة مشروع «معا لمناهضة العنف ضد المرأة» بمشاركة خمس منظمات نسوية؛ مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة، مؤسسة تدوين لدراسات النوع الاجتماعى، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف وأخيرًا مؤسسة قضايا المرأة.
سبق أن نجحت النائبة نادية هنرى فى الحصول على 60 توقيعا من نواب البرلمان عام 2018 وتكرر الأمر مع النائبة نشوى الديب عام 2022، إلا أن القانون لم يكتب له الظهور للنور، ومع تطور أشكال جرائم العنف ضد النساء وطرح المسودة الأولى للحوار المجتمعى على مدار سنوات عديدة، خرجت المؤسسات النسوية بمقترح جديد، يأملون فى مناقشته من مجلس النواب قريبًا.
تتكون المسودة الثانية لمقترح القانون التى اطلعت عليها روزاليوسف من 81 مادة وتضم أربعة أبواب؛ الأحكام العامة والتعاريف، وجرائم العنف الرقمى والجرائم الجنسية، والإجراءات القضائية والتحقيقات والإثبات، وإجرءات الحماية.
ناقشت روزاليوسف المتخصصين والمؤسسات النسوية التى أسهمت فى إعداد المقترح الجديد، وكيف يحمى النساء من العنف، من خلال استعراض بعض بنود وأبواب القانون.
ارتفاع وتيرة العنف وجرائمه فى المجال العام والخاص
من جانبها، أشادت نورا محمد، مديرة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، بدور ودعم النائبات المصريات مثل نادية هنرى، وسميرة الجزار، ومها عبد الناصر ونشوى الديب، خلال السنوات الماضية منذ انطلاق المسودة الأولى لمقترح قانون العنف الموحد ومساهمتهن فى تطويره حتى ظهور المسودة الثانية. لافتة إلى أنه «استطاعت النائبات أن يشكلن قنوات للقانون داخل البرلمان لكن نأمل مع صدور المقترح الجديد وصوله للمناقشة والموافقة عليه».
أوضحت محمد: «عندما طرحنا المسودة الأولى عام 2017، كانت مناسبة لطبيعة القضايا حينها، لكن بعد مرور هذه السنوات ومن خلال النقاش المجتمعى المستمر حول المقترح، ظهرت مستجدات ثانية، وشهدنا ارتفاعا لوتيرة العنف وجرائمه فى المجال العام والخاص، وتابعنا تطور جرائم العنف الرقمى التى تؤدى للقتل، لذا فكرنا فى ضرورة إعادة النظر وتطوير وهيكلة مقترح القانون، وطرحناها على الخبراء القانونيين وقوة العمل المكونة من خمس منظمات نسوية، وكذلك المبادرات النسوية الشابة حتى نجحنا فى خروج المسودة الثانية للنور».
أشارت مديرة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة إلى أن «النسخة الجديدة أكثر شمولية وحماية لجرائم العنف، من أول دخول المرأة إلى القسم حتى تحصل على الحكم القضائى وتستطيع التنفيذ».
مقترح القانون ملتزم بالدستور والاتفاقيات الدولية
ومن جانبها، قالت هبة عادل رئيسة مجلس الأمناء «مؤسسة المحاميات المصريات» المشاركة فى إعداد مقترح القانون، إن المسودة الثانية انطلقت من عدة معايير ومحددات لم تكن موجودة فى المقترح السابق على رأسها «أن يتضمن تعريفات دقيقة وشاملة لا تلتبس ولا تحتاج لتفسيرات لاحقة حتى تكون نافذة وفاعلة، بالإضافة إلى التزامنا فى صياغة مقترح القانون بالتوافق مع الدستور والاتفاقيات الدولية».
العدالة التصالحية
أكدت عادل على تبنى المسودة الجديدة لفلسفة العقوبات المتوازنة والبدائل الإصلاحية «للأسف المطالبة بتشديد العقوبات فى جرائم العنف لايؤدى لتحقيق الردع العام بل يؤثر سلبا لأن إثباته بيكون أصعب، لذا اعتمدنا على متغير جديد قائم على مبدأ العدالة التصالحية، والعقوبات المتوازنة حتى يلقى التشريع القبول المجتعى المطلوب».
نيابات ومحاكم متخصصة
استكملت أن القانون استحدث وجود نيابات ومحاكم متخصصة فى جرائم العنف ضد النساء، «شفنا من البلاغات والشكاوى، كيف تُعامل النساء من شخص غير مدرك لحجم الحدث التى تعرضت له سواء تحرش أو عنف أسرى أو اغتصاب، إلخ، كل هذه الإشكاليات تستلزم وجود نيابات متخصصة للتعامل مع هذه النوعية من الجرائم».
أشارت عادل إلى استحداث القانون لأدوات خاصة بالوقاية، وهى الغاية الأساسية للقانون منع وقوع الجرائم، بالإضافة إلى تنظيم دورات تدريبية وتوعوية تقوم بها الوزارات والجهات والهيئات، والغاية الأساسية منها المساعدة على نشر ثقافة مناهضة العنف بشكل عام وتشجيع النساء على الإبلاغ.
شددت مُؤسسة «مبادرة المحاميات المصريات» على ضرورة أن يكون القانون أداة يسيرة وبسيطة بل ومجانية متاحة للجميع، وهو ما عكسه المقترح من مراعاة التنوع الاقتصادى والاجتماعى للضحايا والمعنفات اللواتى يتعرضن لوقائع العنف.
إلغاء المادة 60 من قانون العقوبات مطلب عاجل
قالت سهام على المديرة التنفيذية لبرامج المرأة بمؤسسة قضايا المرأة: «استفدنا كثيرًا من التوصيات التى خرجنا بها بعد طرح المسودة الأولى للحوار المجتمعى فى عدة محافظات، وانطلقت قوة العمل النسوية فى اجتماعاتها سبتمبر 2024 بورشة عمل لصياغة المسودة الثانية، تفرعت لأربع ورش أخرى بحضور الخبراء القانونيين، النسويات والإعلاميين».
أضافت على، فى تصريحاتها لروزاليوسف: «بعد خروج المسودة الثانية للنور، نضع خطة عمل مع قوة العمل المكونة من المنظمات النسوية لطرحها للحوار المجتمعى، والسفر به للمحافظات، حتى يجد طريقه للتشريع ويصل البرلمان».
أردفت: «ولحين صدور القانون الموحد لمكافحة العنف من البرلمان وهو مشوار طويل، أنتجنا كمؤسسة قضايا المرأة، ورقة بحثية بعنوان الرأفة والتأديب والإفلات من العقاب، خاصة فى مادتى 17، 60 من قانون العقوبات التى تقدم مصوغا شرعيا للضرب والتأديب، والمادة 17 وتمنح القضاة الرأفة فى القضايا المسماة جرائم الشرف».
وأكدت المديرة التنفيذية لبرامج المرأة أن المؤسسة من خلال هذه الورقة ستتقدم بمذكرة قانونية تتبناها النائبتان نشوى الديب ومها عبد الناصر للمطالبة بإلغاء المادة 60 من قانون العقوبات ووضع معايير وضوابط لاستخدام المادة 17، لأنها من المواد التى تشكل تمييزا وعنفًا ضد النساء وتسهم فى إفلات الجناة من العقاب.
واستعرضت «على»، الفصل الثانى من الباب الثانى من مقترح القانون المخصص لجرائم الابتزاز الإلكترونى، قائلة: «العنف الرقمى أصبح اللهو الخفى، لا نعرف من أين تأتى، هناك أشخاص تدخل على الصفحات الشخصية، وتستولى على الصور، مشيرة إلى خطورة استخدام الذكاء الاصطناعى فى العنف ضد النساء».
«الفصل الثانى يتكون من المواد 30 :41، من الأبواب المستحدثة فى المسودة الثانية ويضم توصيفا لجرائم العنف الرقمى فى المادة 30 التى تتكون من 3 فقرات وهى؛ نشر الصور والفيديوهات، من غير موافقة أصحابها، التهديد، وأشكال التهديد، تعريف الغرض من التهديد، هل هو لغرض ابتزاز مالى، أم جنسى».
سهام على اختتمت حديثها بأن هذا الباب يجرم جرائم العنف الرقمى بالغرامة أو الحبس، وكذلك حدد أدوار العيادات المتخصصة، ودور الجهات المنوطة لمكافحة جرائم الابتزاز الإلكترونى.
طارق خاطر: القانون ليس عقابيا فقط لكن يرسخ فى يقين المجتمع أن العنف جريمة ضد المرأة
ومن جانبه، قال طارق خاطر المحامى بالنقض، وعضو اللجنة القانونية الخاصة بصياغة مسودة مشروع القانون إن أهم ما يُميز القانون أنه لا يواجه العنف فقط بمجرد سن عقوبات، «لكنه يحاول يرسخ فى يقين المجتمع وضميره الجمعى، أن العنف جريمة وأن المرأة كيان مساوِ للرجل ومخلوق يجب أن يتمتع بكافة حقوقه من المساواة والعدالة».
أضاف خاطر فى تصريحاته لروزاليوسف: «القانون يستحدث أنظمة عقابية مختلفة تتضمن بجوار العقوبة الأصلية، كعقوبة تكميلية وهو تدبير احترازى مثل التأهيل بأن يقوم الشخص الممارس للعنف بعد قضاء عقوبته، بإخضاعه للتأهيل سواء نفسى أو اجتماعى لمدة مناسبة يقررها المتخصصون».
ويأتى الباب الثالث من القانون تحت عنوان «الإجراءات القضائية والتحقيقات والإثبات»، وهو أطول فصول المسودة لمقترح القانون من المادة( 42 - 71 ).
مأوى آمن لضحايا العنف الأسرى
ويقول أحمد قناوى المحامى بالنقض وعضو اللجنة القانونية لصياغة مشروع القانون: «أصبح هناك حاجة لتلك القوانين الجديدة المستحدثة كالقانون الموحد لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات، وهو ما جعلنا نناقش أن الفتاة أو المرأة أو الطفل فى حاجة للحماية، واستحدثنا مواد جديدة، خاصة حال الإبلاغ، ولذلك اقترحنا إنشاء وحدة داخلية لذلك ومتخصصة فى النيابات لتلقى البلاغات».
واستكمل: «كعمل اختصاص نجد أن القانون العادى يرى أن الاختصاص محله إقامة المجنى عليه وهو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة، ولأول مرة نستحدث أوامر الحماية لأى امرأة مهددة وواجهت عنفًا يقدم لها المجتمع من خلال هذا القانون أمر حماية تصدره الجهات المختصة وهو ما يمكن أن يشمل أمرا قضائيا للضرر كأن يتم الإيواء فى مكان محدد وذلك للحماية».
وينص القانون فى مادته 42 على « أن يلحق بالنيابة المختصة وفقًا لأحكام القانون وحدة تختص بتلقى البلاغات الخاصة بالجرائم الواردة، وتتكون الوحدة من عنصر شرطى نسائى وأخصائية اجتماعية على الأقل».
كما تضمن باب الإجراءات القضائية دعمًا للنساء المعنفات داخل الأسرة وأصبح ينص فى مادته 46: «على كل من علم بواقعة عنف أسرى سواء كان فردا من أفراد الأسرة أو مؤسسات المجتمع المدنى التى تدخل الواقعة فى مجال عملها أو أيا من مقدمى الخدمات الصحية أو الاجتماعية أو التعليمية أو النفسية، أو غيرهم من أفراد المجتمع، الإبلاغ عن الواقعة بشكل فورى».
وطالب مقترح القانون فى بابه الثالث بتوفير مأوى آمن للمجنى عليها فى حالات العنف الأسرى، بالإضافة إلى بنود لتوفير الحماية القانونية للمبلغين والشهود، وحماية سرية البيانات.
باب الحماية.. التوعية والوقاية أهون من العلاج
ومن جانبها قالت انتصار السعيد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، إنها كانت من أنصار وجود باب منفصل للحماية «دافعت عنه بقوة ليستقر فى مشروع القانون، رغم ماشهد من نقاشات عديدة وجدل حوله».
أضافت السعيد: «الفكرة فى أن المقترح جاء ليضع إطارًا قانونيًا شاملًا يهدف لحماية النساء والفتيات من جميع أشكال العنف ويعزز مصادر الوقاية التى هى أهون من العلاج، وجاءت النصوص لتمثل تعزيز حقوق إنسانية وحماية للنساء والفتيات وتوفير بيئة آمنة للنساء وتحمى حقوقهن».
أكدت رئيسة مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون: «أن القانون اهتم بتدابير الوقاية التى تحد أو تمنع العنف وتشمل برامج التوعية المجتمعية والتركيز على نشر ثقافة التوعية والمساواة والعدالة، ويلزم القانون الجهات المعنية بتدريب أعضائها مثل الشرطة والقضاء والنيابة العامة فى التعامل مع قضايا العنف ضد النساء والفتيات بشكل احترافى وفعال».
استكملت: «القانون اهتم من خلال بنود الوقاية بتعزيز دور المؤسسات التعليمية والإعلامية، فى نشر رسائل توعوية حول مخاطر العنف ضد النساء، وتطوير المناهج التعليمية والبرامج الإعلامية لتعزيز ثقافة المساواة والتوعية، برفض العنف ضد النساء والفتيات».
أكدت السعيد تبنى مقترح القانون الفلسفة عادلة بأن تكون التسويات الأسرية فى حالة قضايا العنف الأسرى من آليات الوقاية التى يتم تقديمها من قبل النيابة العامة، فى حال وجود فرصة للحل للنزاع بين الأطراف المتنازعة بطريقة سلمية وبتسوية، من خلال إشراف النيابة العامة وضمان حقوق كل الأطراف وضمان فكرة عدم الإجبار للناجية على التصالح.
«وتشمل آليات التنفيذ فى ذلك والمتابعة تشمل إنشاء وحدات متخصصة تحت إشراف النيابة العامة لضمان تنفيذ التدابير بشكل فعال، وكذلك إنشاء منظومة إلكترونية لمتابعة تنفيذ الأحكام للمساهمة في تعقب المحكوم عليهم».