الإثنين 28 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

زلزال سياسى فى تل أبيب هل ستكون فضيحة «قطر جيت» القشة القاصمة لظهر نتنياهو!

رغم وجود بوادر لتقارير إعلامية مبكرة كشفت عن تورط أحد مستشارى رئيس الوزراء الإسرائيلى منذ نوفمبر 2024 فى جهود لتحسين صورة قطر فى إسرائيل وتضخيم دورها فى الوساطة بين حماس وإسرائيل على حساب الدور المصرى إلا أنها ظلت مجرد زوبعة إعلامية وتكهنات قابلة للتصديق أو النفى حتى أذاعت القناة 12 الإسرائيلية فى فبراير 2025 تقريرا إخباريا يشرح توظيف أوريخ وفيلدشتاين وهما من كبار الموظفين لدى نتنياهو توظيفهما من قبل شركة دولية ممولة من قطر للترويج ولتحسين صورة الدوحة فى إسرائيل.



كل هذا كان عبارة عن تقارير إخبارية فقط حتى وصول الأمر إلى مرمى التحقيقات بين سجال وجدل كبير خلال الأشهر الأخيرة الماضية اهتزت معها الساحة السياسية الإسرائيلية لتكبر هذه الزوبعة المعروفة بفضيحة (قطرجيت)، ولتصل إلى إلقاء القبض فى مارس الماضى على كل من المستشار الاستراتيجى لرئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو وهو يونان أوريخ ومعه المتحدث السابق باسم وزارة الدفاع إيلى فيلدشتاين بالإضافة إلى رجل الأعمال الإسرائيلى غيل بيرغر والمستشار السياسى الأمريكى الأسبق جاى فوتليك.

إلا أنه تم إطلاق سراح مستشار نتنياهو أوريخ منذ عدة أيام وهو الآن تحت الإقامة الجبرية!

تتوسع شيئا فشيئا  آثار هذه الفضيحة فى جميع الأوساط السياسية والإعلامية فى إسرائيل بين كافة التيارات السياسية نظرا لعلاقات قطر الوطيدة بحركة حماس ومكاتبها فى الدوحة وكل ذلك التمويل للحركة منذ سنوات. 

رئيس الوزراء الإسرائيلى ورغم عدم اعتباره مشتبها به رسميا إلا أنه قدم شهادته للشرطة واصفا الأمر بأنه هجوم سياسى لا أساس له من الصحة.

من جانبها نفت الحكومة القطرية بشدة هذه الادعاءات فى بيان رسمى أكدت من خلاله أنها لم تقدم أى أموال بهدف تقويض دور مصر فى المفاوضات الجارية أو حتى لتحسين صورتها لدى المجتمع الإسرائيلى واعتبرت أن ما يثار هو محاولة لتشويه علاقاتها الخارجية ضمن صراعات إقليمية أوسع ومن قبل كانت قطر قد أعربت عن استيائها من تصريح نتياهو حيث وصف دورها كوسيط فى الحرب على غزة بأنه (إشكالى)  فى بيان صادر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصارى على منصة إكس ووصفت هذه التصريحات بأنها غير مسئولة ومدمرة للجهود المبذولة لإنقاذ أرواح الأبرياء.

لم تصمت الأحزاب اليمينية الإسرائيلية على هذه الفضيحة ولم ترد لها أن تهدأ أو تعبر عبورا يسيرا لا تستطيع معه إلا أن تتهم بعض التيارات اليسارية والإعلام المستقل بالتورط فى الترويج لقوى خارجية مقابل التمويل حيث طالب نواب فى الكنيست بالكشف العلنى لجميع الوثائق والمستندات بعد إخضاع القضية للتحقيق الحالى.

لائحة اتهامات طويلة تطال شخصيات إعلامية بارزة وبعض أعضاء الكنيست السابقين وشركات إنتاج تليفزيونية بالإضافة إلى تمويل لحملات دعائية داخل إسرائيل عبر مواقع ومنصات ناطقة بالعبرية.

لم تصدر الحكومة المصرية بيانا رسميا مباشرا بشأن فضيحة قطر جيت فى إسرائيل إلا أنه وفى سياق متصل أعربت وزارة الخارجية المصرية رفضها لتصريحات نتنياهو فى سبتمبر الماضى خلال حديثه عن الوساطة للتهدئة مع حماس ولجوئه إلى قطر كوسيط رئيسى وفسرت وزارة الخارجية المصرية هذا الرفض للتصريحات بأنه يشتت انتباه الرأى العام الدولى والإقليمى بالإضافة لعرقلة جهود الوساطة المصرية، كما أكدت مصر أيضا ومن خلال وزارة خارجيتها رفضها لجميع المزاعم التى يتم تناولها من جانب المسئولين الإسرائيليين فى هذا الشأن.

أما عن ردود الأفعال الشعبية المصرية على هذه القضية فكانت محدودة مقارنة بتلك الجلبة التى أحدثتها فى إسرائيل وكان تعليق عدد من المحللين السياسيين على الأمر أن مصر لا تستند إلى التسريبات الإسرائيلية فى تقييم المواقف مع دول عربية تجمعها معها علاقات وجهود وعمل حثيث من أجل عودة الهدوء إلى المنطقة ووقف الحرب على غزة، بل إن القاهرة تضع ثقتها فى الموقف الرسمى القطرى وأن ما جرى لا يتعدى كونه فسادا وفضيحة إسرائيلية داخلية، وهو ما ركز عليه أيضا الإعلام الرسمى المصرى حيث؛ إن مصر لا تتعامل بجدية عن ما يصدر من وسطاء مشبوهين وليس لديها علم بهذه الصفقات المشبوهة من قبل مع التأكيد على ثبات موقف القاهرة وشفافيتها فى تعاملها مع الملف الفلسطينى طيلة تاريخ القضية. 

من ناحية أخرى نجد بعض الأصوات فى الإعلام المصرى وعلى مواقع التواصل استغلت فضيحة قطر جيت لتسليط الضوء على الفساد داخل إسرائيل ومحاولة التأثير الخارجى من خلال المال السياسى الأمر الذى عزز من قيمة الخطاب القومى الرسمى والشعبى المصرى تجاه ضرورة استقلالية القرار العربى. 

هذا وقد زادت قطر جيت من حالة الريبة الشعبية فى مصر تجاه مسار التطبيع مع إسرائيل والذى يبدو فى الآونة الأخيرة يمشى على حبال مهتزة غير واثقة فى تلك الأدوات التى تعمد إليها إسرائيل للتأثير بشكل سلبى على مصر وجهودها فى المنطقة، حيث تعتبر كثير من الأصوات على المستوى الشعبى أنها مثال لتلاعب النخب السياسية فى إسرائيل بالرأى العام داخل تل أبيب بل وخارج تل أبيب عبر تمويلات خارجية مشبوهة!

فى النهاية تحرص كل من مصر وقطر حاليا على المضى قدما فى تحسين العلاقات وزيادة الاستثمارات القطرية فى مصر بل والموافقة على كافة الخطط المصرية الرامية لتعمير غزة دون تهجيرأهلها منها. ظهر ذلك جليا فى حضور الأمير القطرى للقمة العربية التى أقيمت فى مارس الماضى بعد دعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى للتباحث حول الخطة المصرية بشأن إعمار غزة.

كل ذلك من شأنه أن يشكل حاجزا أمام التأثر السريع فى العلاقات بين القاهرة والدوحة ويجعل دور الوساطة المصرية القطرية أولوية قصوى بعيدا عن مرمى الفساد والصراع الداخلى الإسرائيلى من جهة أو تشتيت الرأى العام الدولى عن تلك المجازر اليومية التى تقوم بها إسرائيل بحق قطاع غزة أطفالاً ونساء وأبرياء من جهة أخرى.