الثلاثاء 1 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

سعيًا للسيطرة على سوق السلاح.. أوروبا تستعد وترامب يهدد المكائد السياسية.. بثلاثية البيض والورد وتمثال الحرية!!

فى مشهد سياسى واقتصادى يعج بالمفاجآت والمكايدات، يواصل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إثارة الجدل بقراراته الجمركية، التى قلبت موازين العلاقات الدولية رأسًا على عقب.



من حرب البيض المكسيكى إلى أزمة الورود الكولومبية، ومن مطالبات فرنسا بإعادة تمثال الحرية إلى إعادة النظر الأوروبية فى سوق السلاح، يبدو أن العالم قد تحول إلى ساحة صراع مليئة بالمكايدات السياسية والاقتصادية. 

 

بينما يسعى ترامب إلى فرض هيمنته من خلال تعريفات جمركية عقابية، تتخذ الدول المتضررة خطوات غير تقليدية للرد، مما يخلق مشهدًا عبثيًا لا يخلو من الفكاهة والدهشة.

فهل يمكن لهذه المكايدات أن تعيد تشكيل موازين القوى العالمية؟ أم أنها مجرد فصول جديدة فى مسلسل طويل من التوترات الدولية؟ 

بأقلامه السميكة وتوقيعه المتعرج ظهر ترامب للعالم مؤديًا دور البطولة فى مسلسله الجديد «الرجل القوى»، عقوبات تجارية وكوارث دبلوماسية وسياسية لا تنتهى للجميع حلفاء أو أصدقاء.

قد يكون الهدف من الرسوم الجمركية زيادة حجم الإيرادات أو إنشاء حاجز وقائى للصناعات المحلية؛ وقد ذكر ترامب كلا الهدفين كثيرًا. ولكن هل لتهديد غالبية العالم فائدة دبلوماسية بخلاف ذلك؟

تبدو التهديدات بفرض رسوم باهظة أداة فعّالة أحيانًا؛ ولكن هل من المرجح أن تصبح التهديدات أداة فعالة تجاريًا فى السياسة الخارجية إذا تم استخدامها كمحور أساسى لاستراتيجية دبلوماسية؟

إن التهديد تجاريًا كأى تكتيك، له ثمن. 

سلاح المكائد!

فى البداية لم تأخذ الدول الحليفة والصديقة تهديداته على محمل الجد إلى أن بدأ بمساعدة تابعه ماسك بتحويل الأمور إلى فوضى حقيقية، قرارات عشوائية مصحوبة بتنمر مؤذ ماديًا.  التفاوض مع ترامب بشكل سياسى ومنطقى سليم مع طلباته غير المعقولة يمثل ضربًا من الجنون ويجعل الأمور أكثر عبثية.

فشل المنطق والوصول إلى نقطة تلاقٍ أدى إلى لجوء أغلب المتضررين من حروبه التجارية المكلفة لسلاح يطبق غالبًا فى ساحات المدارس والأسواق الشعبية يسمى باقتصاديات المكائد!

تنمر تكتيكى أكثر منه استراتيجيًا لن تربح من ورائه أمريكا سوى الاستهزاء وقلة الاحترام!

سلاح البيض المكسيكى!

مع اقتراب عيد الفصح قررت المكسيك حرمان أمريكا من البيض! وترتب على هذه المكايدة ارتفاع جنونى فى أسعار البيض وندرة وجوده فى الأسواق الأمريكية وأصبحت سوق تهريب البيض على الحدود المكسيكية رائجة رغم الحظر الذى تفرضه وزارة الزراعة الأمريكية بسبب الأمراض التى تصيب الطيور، ولأن الأمر خطير فعلا تم حشد 9 آلاف جندى أمريكى مدرب لضبط البيض والقبض على مهربى الدواجن والبيض المهرب!

فى واحدة من نقاط التفتيش عند الحدود الأمريكية - المكسيكية، اكتشف مسئولو الجمارك العديد من محاولات تهريب البيض فى منطقة إل باسو بولاية تكساس الأمريكية، حيث عثِر على علب البيض مخبأة بجانب المخدرات فى مهزلة حقيقية يتندر لها أهل المكسيك بشماتة فى ترامب المحب لوجبة البرجر بالبيض!

حرب الورود بكولومبيا

تكدّر عدد كبير من العشاق ومصممى حفلات الزفاف وحتى الجنازات بسبب نقص الورود الكولومبية الرائعة خاصة زهرة القرنفل التى تستورد أمريكا %90 من إنتاجها. 

امتقعت الجارة الغاضبة من تصرفات ترامب وجماركه المجحفة فقررت أن تعكر مزاج الأمريكيين بمنع تصدير البن المقطر والقرنفل والورود النادرة.

وردًا على قلة المزاج هذه اتجه الأمريكيون لحرب المقاطعة لسيارات تسلا انتقامًا من إيلون ماسك وممارسة ضغوط تجارية امتثل بعدها جزئيًا ترامب لتأجيل قراراته!

فرشاة الصين!

غالبًا ما تنتقد وسائل الإعلام الصينية، الخاضعة لسيطرة الحزب الشيوعى الحاكم، الولايات المتحدة بشكل عام. لكن فى الأشهر الأخيرة، أبدى المعلقون استعدادًا أكبر لاستدعاء السيد ترامب مباشرةً، متهمين إياه بالإدلاء بتصريحات مضللة واللجوء إلى «أساليب طفولية».

لكن الحقيقة أن المصانع الصينية لجأت لطرق أكثر طفولية بتصنيع منتجات على مجسم لشكل ترامب أهمها وأكثرها سخرية هى فرشاة حمام نالت إعجاب العديد من الدول لدرجة أن كندا قامت بحجز خط إنتاج كامل خاصًا بها!

ماذا يحدث فى الواقع عندما يفقد الجميع الثقة فى الرجل الذى يُدير البيت الأبيض؟ 

 لا يهم ما إذا كان ترامب يهدف من خلال رسومه الجمركية إلى تدمير النظام الدولى المفتوح، أو إذا كان ذلك مجرد لعبة تفاوضية.

 الثقة فى الولايات المتحدة قد دُمرت بالفعل، الشيء نفسه يحدث فى السياسة الأمنية كل ما يقوله ترامب ويفعله يشير إلى أنه مستعد لبيع كل من أوكرانيا وبقية أوروبا.

فرنسا: أعيدوا تمثال الحرية!

طالب أعضاء بارزون فى البرلمان الفرنسى بإعادة تمثال الحرية الذى أهدته فرنسا لأمريكا فى القرن الـ19، لأن الولايات المتحدة أصبحت «تحتقر» التمثال وكذلك كل ما يرمز إليه. 

تصدرت المطالبة بالتمثال عناوين الصحف الفرنسية وأن الولايات المتحدة لم تعد جديرة بهذا النصب التذكارى الذى كان هدية من فرنسا قبل ما يقرب من 140 عامًا، وأن بعض الأمريكيين «اختاروا الانضمام إلى الطغاة».

جاء ذلك تزامنًا مع إعلان ترامب فرض رسوم قدرها %200 على الخمور الفرنسية الفاخرة والدراجات النارية، ولم يكتف بذلك؛ بل اتهم الاتحاد الأوروبى باستغلال أمريكا وأنهم منفصلون عن الواقع ومحتالون. 

التحولات الجذرية فى أسلوب التعامل من قبل الرئيس ترامب فى السياسة الخارجية والداخلية أصابت الشعوب بصدمة فى فرنسا وأماكن أخرى فى أوروبا لهذا الحليف الذى تحول فجأه من النقيض إلى النقيض!

جاء رد كارولين ليفينت المتحدثة باسم البيت الأبيض أكثر سوقية وكيدية: نصيحتى للسياسيين الفرنسيين ذوى الرتب المتدنية، الذين لا أعرف أسماءهم، أن يتذكروا بأن الولايات المتحدة الأمريكية هى السبب الوحيد وراء عدم تحدث الفرنسيين بالألمانية حاليًا. لذا، يجب أن يكونوا ممتنين للغاية، كما أشارت ليفيت، إلى المساعدة العسكرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية بعد استيلاء ألمانيا النازية على فرنسا!

ضربة أوروبية 

يهدف المسئولون فى أوروبا حاليًا، إلى توجيه ضربة موجعة لأمريكا لإجبارها على الجلوس على طاولة المفاوضات، مع تقليل الضرر الاقتصادى والأمنى الذى يلحق بهم قدر الإمكان. تتبع حرب ترامب التجارية مبادئ سياسية معروفة: الفعل بدلًا من التفكير، التدافع بدلًا من المصافحة.. «أمريكا أولًا»، «لنرجع أمريكا عظيمة مرة أخرى» وما إلى ذلك. أداته المفضلة هذه المرة هى الرسوم الجمركية. الفكرة وراء ذلك بسيطة وغير مفاجئة: عندما تصبح السلع الأجنبية أغلى، سيبدأ الأمريكيون فى شراء المزيد من المنتجات المحلية، مما يحفز الاقتصاد. قد تنجح هذه الحسابات، فقط على المدى القصير: يمكن أن تحمى الرسوم الجمركية الصناعات المحلية الأضعف بشكل مؤقت وتزيد من إيرادات الدولة. على المدى الطويل، سيعانى المواطنون الأمريكيون والشركات من ذلك»، بالنسبة للمستثمرين، أصبحت أوروبا أكثر جذبًا. اليورو يكتسب أهمية كبديل للدولار، والسندات الأوروبية كبديل للسندات الأمريكية. 

استبدال طائرات إف - 35 وباتريوت ببدائل أوروبية

هناك جدلٌ مستمرٌّ حول: هل من الأفضل التذلل والقبول بالأمر الواقع أم المواجهة؟».

ربما يصعب تحديد أيّهما هو التكتيك الأفضل لكن الأصح الآن هو إيجاد مخرج حقيقى لإعادة تسليح أوروبا بعيدًا عن الحليف الأمريكى غير المضمون. 

 فى اجتماع خاص اقترح الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون استبدال الأسلحة المصنعة فى الولايات المتحدة ببدائل أوروبية مثل صواريخ سامب –تى الفرنسية الإيطالية. 

ضم الاجتماع شركات دفاعية كبرى مثل سافران، وتاليس، ونافال جروب، وداسو، وكيه إن دى إس.

وحضر الاجتماع أيضًا ممثلون عن 4 آلاف شركة دفاعية صغيرة ومتوسطة الحجم.

 وأكد وزير الصناعة الفرنسى مارك فيراتشى أيضًا على التعاون مع الدول التى ترحب ببيع أسلحتها وتكنولوجياتها بعيدًا عن السيطرة الأمريكية. 

 البرتغال 

 وزير الدفاع البرتغالى نونو ميلو أعلن أن بلاده تستبعد شراء طائرات مقاتلة من طراز إف - 35، مشيرًا إلى مخاوف بشأن عدم القدرة على التنبؤ بالسياسات الأمريكية والمناخ الجيوسياسى الحالى.

وأكد ميلو أنه على الرغم من أن طائرات إف - 16 المقاتلة التابعة للقوات الجوية البرتغالية تقترب من نهاية عمرها التشغيلى أشار إلى أنه كبديل لشراء طائرات إف - 35، فإن الطائرات المقاتلة المصنوعة فى أوروبا قيد الدراسة.

وأكد الوزير أن الموقف الحالى للولايات المتحدة بشأن التعاون مع حلف شمال الأطلسى والمشهد الجيوستراتيجى الدولى الأوسع يتطلب دراسة متأنية للخيارات الأكثر فعالية لضمان أمن البرتغال وأوروبا التى تخلت عنها أمريكا بسهولة، علينا دراسة خيارات تتضمن قدرًا أكبر من القدرة على التنبؤ والسلامة التشغيلية والبحث عن حلفاء مخلصين للتعاون معهم.

وتهدف البرتغال إلى استثمار 5.5 مليار يورو على مدى العشرين عامًا المقبلة للانتقال إلى جيل جديد من الطائرات.

فى الوقت الحالي، يشغل سلاح الجو البرتغالى أسطولًا مكونًا من 28 طائرة مقاتلة إف 16 والتى تم تحديثها برنامج خاص. 

لم يُحدد وزير الدفاع أنواع الطائرات الأوروبية قيد الدراسة، ومع ذلك أشار إلى أن من بين الخيارات التى تدرسها الحكومة البرتغالية  شراء رافال المقاتلة الفرنسية. 

تعكس هذه التصريحات إعادة تقييم استراتيجية لتعاون البرتغال ومكتسباتها العسكرية، بهدف ضمان السيادة الوطنية وفعالية قواتها المسلحة.

ومن الجدير بالذكر أن هناك مخاوف بين أقرب حلفاء الولايات المتحدة بشأن إف - 35،  واحتمال «إيقاف» طائراتهم المقاتلة فى حالة نشوب صراع مع فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة تستحوذ على 218 صاروخًا إضافيًا من طراز30 Aster لأنظمة الدفاع الجوى والسفن SAMP/T، ومن الأخبار السارة توقيع عقود فى أوروبا بالفعل لشراء صواريخ من طرازات حديثة وبالإضافة إلى ذلك، يتضمن العقد شراء فرنسا صواريخ أستر 15 حصريًا للسفن القتالية.

ويأتى هذا الطلب فى إطار منظمة التعاون المشترك فى مجال التسليح (OCCAr) لدعم الشركات المصنعة الأوروبية مثل MBDA فضلًا عن  الشركات الأوروبية مثل Ammo وThales Avio KNDS.

 بدأت الشركات والمؤسسات المشاركة فى سلسلة التوريد فى توسيع الإنتاج لتسريع تسليم حوالى 1000 صاروخ بحلول عام 2030.

وفى وقت سابق أكدت أن فرنسا وقعت عقدًا جديدًا لإنتاج سبعة أنظمة صواريخ دفاع جوى إضافية من طراز SAMP/T NG و OCCAR-EA.

سيرفع هذا العقد فى أنظمة الدفاع الجوى لفرنسا إلى 8 عقود، ويمثل بدايةً للانتقال إلى الإنتاج التسلسلى الكامل لأنظمة SAMP/T NG. وتتوقع القوات المسلحة الفرنسية استلام 12 نظامًا قتاليًا بحلول عام 2035. ومن المقرر تقديم طلبات إضافية لأربعة أنظمة بحلول عام 2027.

كذلك عقدت فرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا صفقة لشراء 218 صاروخًا مضادًا للطائرات من طراز «أستر15» على أن تسلم بسرعة لمواجهة تدهور الوضع الأمنى فى القارة، على ما أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية، أمس. وتأتى هذه الصفقة المشتركة ضمن إطار طلبية تشمل حوالى 700 صاروخ، تمّ تقديمها فى ديسمبر2024 من جانب الدول الثلاث.

جزاء ترامب

ترامب استخدم التعريفات الجمركية كتهديد شبه شامل لضمان الامتثال فى مجموعة واسعة من المجالات. 

قد يكون هذا الاستخدام العشوائى لتهديد واحد أكثر فعالية مع الدول الصغيرة التى تعتمد بشكل كبير على التجارة مع الولايات المتحدة (كندا والمكسيك مثالان على ذلك)، لكن كلما زاد استخدامه فعليًا، قلّت مصداقية استخدامه ضد دول أخرى، لأن الولايات المتحدة قد لا تكون قادرة على تحمل قطع جميع مصادر واردات سلع محددة.

 إن الاستعداد لتحمل التعريفات الجمركية وفرض تدابير مضادة، والذى سبق أن أشارت إليه دول ومناطق رئيسية (مثل كندا والصين والاتحاد الأوروبي)، يشير إلى أن التهديد بالتعريفات الجمركية سيكون فى نهاية المطاف أداة ضعيفة لتحقيق امتثال شامل وقوية لكراهية وعداوة سوف تستمر طويلاً.