ينص على المساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة ويحدد ضوابط الخطبة العدل تنتهى من جلسات الحوار المجتمعى لقانون الأحوال الشخصية للمسيحيين

وفاء شعيرة
انتهت وزارة العدل من جلسات الحوار المجتمعى، الخاصة بمشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، والتى شاركت فيها جميع الطوائف المسيحية وممثلو الكنائس، حيث تم الاستماع لجميع الآراء ووجهات النظر المختلفة وصولًا إلى رؤية قانونية تم التوافق عليها حتى يخرج مشروع القانون بصورة توافقية لجميع الطوائف.
وقال المستشار جميل حليم حبيب، مستشار الكنيسة الكاثوليكية وعضو مجلس الشيوخ، إن قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحيين المصريين يُعد خطوة تاريخية فى مسيرة تحقيق العدالة والمساواة بين أبناء الوطن الواحد ويعكس احترام الدولة لخصوصية العقائد الدينية.
ووجّه المستشار جميل حليم رسالة شكر وتقدير إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى لمتابعته الشخصية لمشروع القانون حتى يرى النور، مشيرًا إلى أن الكنائس سبق أن حاولت فى عهود سابقة استصدار هذا القانون لكنها لم تنجح.
وأكد «حليم» أن استضافة ممثلى الكنيسة الكاثوليكية بجميع طوائفها لحضور جلسة الحوار المجتمعى تعكس الاهتمام الكبير الذى توليه الدولة لترسيخ مبدأ المواطنة وتعزيز الحقوق الشخصية لكل المصريين، موضحا أنه على ثقة بأن المناقشات التى أُجريت ستسهم فى الوصول إلى صياغة عادلة ومتوازنة لهذا القانون.
وسبق أن أكد الأنبا بولا، مطران طنطا وأسقف كنائس طنطا وتوابعها الأرثوذكسية، والمسئول عن الأحوال الشخصية فى الكنيسة الأرثوذكسية، أن مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين يُعد إنجازًا فارقًا وتاريخيًا، لأنه يمثل أول قانون متكامل يخص الأحوال الشخصية للأقباط فى مصر.
وأضاف الأنبا بولا خلال إحدى القاءات أن اللائحة الحالية 1938 للأحوال الشخصية تتعارض مع الدستور المصرى، خصوصًا المادة الثالثة التى تنص على «احتكام المصريين، مسلمين ومسيحيين ويهود، إلى شرائعهم فيما يخص أحوالهم الشخصية»، مشيرًا إلى أن القانون الجديد يحل جميع المشاكل.
وأضاف: «كان الحل الوحيد المتاح فى الماضى هو تغيير الديانة شكليًا لتطبيق الشريعة الإسلامية، ما يسمح للزوجة بالحصول على حكم خلع أو للزوج بحكم طلاق بالإرادة المنفردة، وهو أمر يتعارض مع الدستور».
وأوضح المسئول عن الأحوال الشخصية فى الكنيسة الأرثوذكسية، أن الأمور كانت تُدار لعقود بناءً على لائحة 1938 التى صدرت منذ 87 عامًا، وأُعدت حينها من قبل المجلس الملى، وأن الفارق بين مشروع القانون الحالى ولائحة 1938 هو أن الأخيرة لم تكن تراعى الفوارق بين الطوائف المسيحية المختلفة، أما الآن، فإن كل طائفة لديها مواد داخل مشروع القانون المتكامل تعكس أهدافها ومعتقداتها، متابعًا: «هناك مواد مشتركة بين جميع الطوائف، بينما المواد التى تختلف عليها الطوائف، تُخصص لكل طائفة وفق احتياجاتها».
وبين الأنبا بولا أن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد للمسيحيين يتضمن عقد زواج كنسى وآخر مدنى يوثق أمام الدولة، مشيرا إلى أن من أبرز النقاط فى مشروع القانون الجديد وجود ملحق لعقد الزواج يُدوَّن فيه جميع الاتفاقات بين الزوجين، خاصة المتعلقة بالمسكن والمنقولات.
وأضاف: «أى تبديد فى المنقولات يُلزم الزوج بدفع قيمتها بسعر الاسترداد، لذا أنصح الرجال بأن يضعوا كل التفاصيل بوضوح فى العقد».
وأوضح الأنبا بولا أنه «وفقًا للقانون الجديد، القاصر هو من يقل عمره عن 21 عامًا، وليس 18 عامًا، وقد اشترطنا أن تكون الخطوبة لعروس يتجاوز عمرها 18 عامًا، نظرًا لأن بعض الخطوبات قد تتم فى سن صغيرة وتأخذ فترة طويلة قبل إتمام الزواج. لذلك وضعنا ضوابط لهذا الأمر».
أشار المسئول عن الأحوال الشخصية فى الكنيسة الأرثوذكسية، إلى أن الميراث يساوى بين الرجل والمرأة فى قانون الأحوال الشخصية الجديد للمسيحيين، ولا يوجد تبنٍ.
وأوضح أن لائحة 1938، خاصة فى قضايا الطلاق، كانت تتعارض بشدة مع قوانين الكنيسة وتعاليم الإنجيل، موضحًا: «كان الشخص يحصل على حكم طلاق بموجب اللائحة، لكنه يواجه رفضًا فى المجلس الإكليريكى لإتمام الزواج بسبب تعارض الحكم مع قوانين الكنيسة، ما أدى إلى مشاكل كبيرة».
وبيّن أن «هناك فصلًا كاملًا بين دور الكنيسة والقضاء فى قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين. وأصبح الزواج فى الكنيسة الأرثوذكسية يخضع لشروط خاصة، بما فى ذلك اتحاد الطائفة بين الزوجين. بإضافة إلى ذلك، أتاح مشروع القانون للقاضى استخدام كافة القرائن الممكنة لإثبات واقعة الزنى».
ولفت إلى أن هناك فصلًا كاملًا بين دور الكنيسة والقضاء فى قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، مشيرًا إلى أن التصريح بالزواج الثانى حق مطلق الكنيسة وفقًا للقانون الجديد.
وكشف القس رفعت فتحى، ممثل الكنيسة الإنجيلية فى قانون الأحوال الشخصية والأمين العام لسنودس النيل الإنجيلى المشيخى بمصر عن أبرز ملامح قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين بالتزامن مع دعوة وزارة العدل لاجتماع الطوائف المسيحية المعترف بها فى مصر لبحث آخر التطورات الخاصة بالقانون.
وقال «فتحى» فى تصريحات له إن الطلاق فى الكنيسة لا يتم إلا لعلة الزنى أو تغيير أحد الطرفين ديانته على أن يتم التطليق فى المحكمة وتمركز دور الكنيسة الإنجيلية فى إعطاء تصريح الزواج الثانى فقط.
وأضاف أن قانون الأحوال الشخصية الجديد للأسرة المسيحية منع تغيير الملة أى تحويل من طائفة لأخرى للحصول على طلاق، وهى تلك الحيلة التى كانت يستخدمها البعض من أجل الحصول على الطلاق، لذلك قررت الكنائس المسيحية فى القانون الجديد منع الطلاق لتغيير الملة بحيث يتم الطلاق بناءً على قوانين الملة التى تم زواج عليها، بمعنى تم الزواج فى الكنيسة الأرثوذكسية فيتم الطلاق بناءا على الحالات التى يسمح فيها الطلاق فيها وكذلك الحصول على تصريح الزواج الثانى منها.
وتابع: أن الكنيسة الإنجيلية تمنح تصريحات الزواج الثانى بعد الطلاق للطرف البرىء أى فى حالة الزنى تعطى التصريح للطرف البرىء، وكذلك فى حالة تغيير الديانة يعطى التصريح للطرف الذى لم يغير ديانته».
وأشار إلى أن القانون الجديد يتضمن بندا جديدا لم يكن موجودا من قبل ألا وهو أن تحصل رئاسة الكنيسة على نسخة من عقد الزواج المدنى بحيث يكون هناك 4 نسخ من العقد واحدة للكنيسة، وأخرى للزوج وأخرى للزوجة وأخيرة للمحكمة، ليكون معروفا من متزوج ومن مطلق من خلال قاعدة بيانات شاملة.
ويعد مشروع القانون الحالى هو ثالث مشروع قانون يعد للأحوال الشخصية للمسيحيين فى مصر، إذ سبق إعداد مشروع قانون عام 1978 ولم يتم إقراره، وبعدها بعشرين عامًا تم إدخال تعديلات عليه ولكن لم يتم إقراره أيضًا.
وقال عضو لجنة إعداد قانون الأحوال الشخصية للأقباط، إن مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين سيكون انفراجة لحالات الطلاق المنظورة أمام المحاكم المصرية والبالغ عددها 270 ألف حالة موضحا أن المشروع حمل العديد من حالات الطلاق بخلاف القانون القديم الذى يقتصر على «الزنى».
وتابع: « إن مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين الجديد تضمن عدة حالات طلاق وهى الزنى والزوج المهاجر لمدة 3 سنوات ولم يستدل له على طريق مال لم يكن لديه أبناء وكذلك 4 سنوات لمن لديه أبناء فيحق فى تلك الحالة طلب الزوجة للطلاق والعكس، وكذلك فى حالة مبيت الزوجة خارج المنزل أو مع شخص غريب أو اكتشاف أى نوع من أنواع الخيانة الزوجية بما فيها المراسلات الإلكترونية فيحق للزوج طلاقها.
وقال «جبرائيل» إن مشروع القانون الجديد يوضح حالات بطلان الزواج وعلى رأسها العجز الجنسى لدى أحد الطرفين والذى يعيقه على الإنجاب إضافة إلى حالات الغش سواء كان غش بالمؤهلات الدراسية أو غش اجتماعى.. وغيرها.
وأوضحت مصادر أن مشروع القانون يبدأ بمعالجة أمور الخطوبة واضعًا عددًا من الضوابط، وعرفها مشروع القانون بأنها وعد متبادل غير ملزم بين رجل وامرأة بالزواج فى أجل محدد، بالنسبة للطوائف الكاثوليكية والإنجيلية والسريان الأرثوذكس والروم الأرثوذكس، يجوز عقد الخطبة بين أتباعهم وأتباع الطوائف الأخرى، أما بالنسبة لطائفتى الأقباط الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس، فلا يجوز منها إلا لمتحدى الطائفة والملة.
ونص مشروع القانون على أنه فى جميع الأحوال، لا يجوز عقد الخطبة إلا بعد تقديم شهادة خلو من الموانع التى يحددها القانون والشهادة الطبية الصادرة بقرار وزيرى الصحة والتنمية المحلية فى هذا الشأن، كما لا تجوز الخطبة إذا كان أى من الخاطب أو المخطوبة يقل عن 18 سنة، وإذا عدل الخاطب عن الخطبة، بغير سبب مقبول، فلا يحق له استرداد ما يكون قد قدمه من شبكة أو هدايا، وإذا عدلت المخطوبة عن الخطبة، بغير سبب مقبول، فللخاطب أن يسترد ما قدمه لها من شبكة أو هدايا غير المستهلكة، أو قيمتها وقت الرد وفقًا للقانون.
وحدد القانون أسباب انتهاء الخطبة والتى تتمثل إذا تبين وجود مانع شرعى بين الخطيبين يمنع من إتمام الزواج بينهما، وإذا انخرط أحد الخطيبين فى مجال الرهبنة، وإذا توفى أحد الخطيبين قبل عقد الزواج، وإذا عدل أى من الخطيبين عن الخطبة، وإذا غاب أحد الخطيبين مدة سنة ميلادية متصلة بغير عذر مقبول، وإذا تبين تغيير أحد الخطيبين طائفته، وذلك بالنسبة لطائفتى الأقباط الأرثوذكس، والأرمن الأرثوذكس وكذلك تغيير الديانة.
ونص مشروع القانون على أنه فيما يتعلق بالطوائف الكاثوليكية والإنجيلية والسريان الأرثوذكس والروم الأرثوذكس، يجوز عقد الزواج بين أتباعها وأتباع الطوائف الأخرى التى يسرى عليها هذا القانون. وتسرى أحكام الطائفة التى عقد الزواج بموجبها على كل ما ينطق بالزواج وآثاره، أما بالنسبة لطائفتى الأقباط الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس، فلا يجوز عقد الزواج إلا لمتحدى الطائفة والملة.
وتضمنت إجراءات الزواج حصول الزوجين على شهادة خلوهما من الموانع الزوجية من الكنيسة التى ينتمى كل منهما إليها. بالنسبة لطائفة الروم الأرثوذكس، يتم الحصول على تصريح لإتمام مراسم الزواج من الرئاسة الدينية، حدد القانون أن ملكية المنقولات الزوجية تعود للزوجة، ما لم يتم الاتفاق كتابة على غير ذلك، ولا حق للزوج فى شيء منها.
وكان القانون واضحًا بشأن الطلاق؛ فلا يجوز الطلاق ولا الانحلال المدنى للزواج فى الطائفة الكاثوليكية، ولا تسرى على أتباعها أحكام الأمرين الموجودة فى القانون، ولكن تسرى عليهم الموانع المبطلة للزواج، ويجوز طلب الطلاق فى حال ترك أحد الزوجين الدين المسيحى إلى دين آخر أو إلى مذهب أو طائفة لا تسرى عليها أحكام القانون.
لا زواج بعد الزنى
لا يجوز زواج من طلق لعلة زناه أو تغيير الدين أو الانضمام إلى طائفة غير معترف بها فى مصر. بالنسبة لطوائف الأرمن الأرثوذكس والروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس، يجوز زواج من طلق لعلة زنا بتصريح من الرئاسة الدينية، وحدد القانون أنه يجوز لأى من الزوجين، وفقًا لعدة حالات، طلب الطلاق، مستثنيا الطائفة الكاثوليكية. ومن بين تلك الحالات: الزنى أو ترك الدين أو الشذوذ الجنسى.
وتوسع القانون فى أدلة الزنى بالنسبة لطوائف الأقباط الأرثوذكس والسريان والأرمن الأرثوذكس والروم الأرثوذكس، ومنها هروب الزوج أو الزوجة مع آخر أو التحريض على الزنى.
بالنسبة للطائفة الإنجيلية، يعتبر من الأدلة كل عمل يدل على الخيانة.
ويتيح القانون لطوائف الأقباط الأرثوذكس والطائفة الإنجيلية طلب الانحلال مدنيًا إذا ثبت افتراق الزوجين لمدة ثلاث سنوات متصلة مع استحالة استمرار الحياة الزوجية.
وأثبت القانون الحضانة للأم ثم للأب ثم للمحارم من النساء، مقدمًا من ينتمى للأم على من ينتمى للأب. ينتهى حق الحضانة ببلوغ الصغير 15 عامًا، ولم يسقط القانون حق الأم الحاضنة التى تتزوج فى حالتين: إذا كان سن المحضون لم يجاوز السنوات التسع أو إذا كان مستعصيًا على غير الأم.
ومنح القانون الحق فى رؤية المحضون لغير الحاضن من الأبوين والأجداد والجدات مجتمعين فى مكان واحد. إذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقًا، نظمتها المحكمة على أن تتم فى مكان لا يضر بالمحضون نفسيًا وبدنيًا، وإذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ حكم الرؤية بغير عذر مقبول، فعلى المحكمة أن تقضى بحكم واجب النفاذ بنقل الحضانة مؤقتًا إلى صاحب الحق فى الرؤية متى طلب ذلك، ويسقط الحق فى الرؤية إذا كان طالبها هو ذاته الملتزم بأداء نفقة المحضون بموجب سند تنفيذى، ما دام امتنع عن أدائها دون عذر مقبول، وذلك حتى يتم سداد النفقة.
وأجاز القانون طلب الرؤية الإلكترونية، ويجوز استبدالها بالرؤية المباشرة أو كحالة تناوب.
تكون الرؤية الإلكترونية أو المباشرة لا تقل عن 3 ساعات أسبوعيًا وتكون بين الثامنة صباحًا والعاشرة مساء، وأتاح القانون حق الاستضافة تحت مسمى الاستزارة، وتكون لغير الحاضن، لا تقبل المحضون أقل من 5 سنوات إلا باتفاق، ولا تقل عن 8 ساعات ولا تزيد عن 12 ساعة، ويجوز أن تشمل المبيت لمدة لا تقل عن يومين ولا تزيد على أربعة أيام.