انتقلت من العاصمة إلى أقاليم غرب البلاد الخريطة الجديدة للحرب فى السودان

داليا طه
رغم الصيام وما يتطلبه الشهر الكريم من روحانيات إيمانية، تزداد حدة المعارك والاشتباكات فى السودان بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع، وأكد الجيش السودانى إصراره على استكمال انتصاراته فى العاصمة الخرطوم.
ووفقا لمحللين، فإن تقدم الجيش ليس سوى جولة من جولات الحرب التى لا تبدو لها نهاية قريبة، موضحينً أنه من المتوقع أن تتخذ الحرب طابعًا أكثر عنفًا ودموية، لكن ليس فى المناطق التى استردها الجيش، بل فى مناطق رخوة فى خاصرة الحاضنة الشعبية للجيش.
يبدو أن قوات الدعم السريع ستتبع استراتيجية جديدة، تتخلى فيها عن تكتيك الانتشار الواسع فى البلاد، كما أن هجمات المسيّرات خلال الفترة السابقة تشير إلى مناطق المعارك المرتقبة، فبينما تتراجع فى الخرطوم، نشهد تقدمها فى مناطق أخرى غرب البلاد بالاشتراك مع (قوات عبدالعزيز الحلو).
وتوقع عدد من المحللين أن تنتقل الحرب من العاصمة إلى أقاليم غرب البلاد، وأن تتخذ شكلًا أعنف إذا تم تشكيل حكومة موازية فى تلك المناطق، وإدخال أسلحة نوعية وإضافة إمكانات حربية جديدة، مما سيغير من خريطة الحرب على الأرض.
ويواصل الجيش السودانى، تحقيق مكاسب على الأرض فى عدة محاور فى الخرطوم، إذ تمكن من تحقيق انتصار عسكرى جديد فى محلية شرق النيل بالعاصمة الخرطوم، وحَيَّدَ المدخل الشرقى لجسر المنشية بالسيطرة على المدخل المؤدى إلى العاصمة الخرطوم، ووصل إلى دوار الجسر فى ضاحية الجريف التابعة لمحلية شرق النيل.
وتمكنت القوات المسلحة السودانية، وحلفاؤها، من السيطرة على عدة مناطق شرقى الخرطوم ليقترب أكثر من جسر المنشية بعد معارك مع الدعم السريع، بينما تعهّد قائد فى الجيش بالوصول إلى القصر الجمهورى وجزيرة توتى وسط العاصمة خلال هذا الشهر، وفقا لصحيفة سودان تربيون.
وظهر قائد قوات درع السودان المساندة للجيش أبو عاقلة كيكل فى دوار جسر المنشية بالجريف، كما أكد جنود من الجيش سيطرتهم على محطة 13 المعروفة والمؤدية إلى أحياء النصر والهدى.
وقال الجيش فى بيان: «القوات المسلحة وقوات الاحتياطى المركزى تتقدم فى محور شرق النيل، وتسلمت مواقع استراتيجية مهمة بعد سحق ميليشيا الدعم السريع بشرق النيل».
وتصاعد الدخان بشكل كثيف جراء معارك، نهار الاثنين الماضى، بين الجيش وقوات الدعم السريع فى ثلاثة محاور للقتال على الأقل فى ولاية الخرطوم.
وطبقًا لمصادر ميدانية، فإن الجيش استهدف تجمعات لقوات الدعم السريع فى جنوب الخرطوم، وضاحية الحاج يوسف التابعة لمحلية شرق النيل، ومحيط جسر المنشية.
ومنذ أيام تدور معارك فى محيط جسر المنشية، يسعى خلالها الجيش للسيطرة على المدخل الشرقى للجسر الاستراتيجى الرابط بين العاصمة الخرطوم ومحلية شرق النيل.
وقال قائد منطقة الشجرة العسكرية وسلاح المدرعات التابع للجيش اللواء نصر الدين عبد الفتاح، لدى تفقده دفاعات الجيش بجسر الحرية، إن النصر سيكتمل فى الخرطوم وكل السودان خلال شهر رمضان، باعتباره شهرًا عُرِف بالانتصارات والثبات.
وتعهّد قائد سلاح المدرعات بوصول قوات الجيش إلى القصر الجمهورى وجزيرة توتى خلال رمضان، قائلًا إن أمتارًا قليلة تفصل قواته عن عبور جسر الحرية والوصول إلى القصر الرئاسي.
رفض حكومة موازية
وأعلنت القاهرة رفضها تقسيم السودان أو تشكيل حكومة موازية، وأكد الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية والهجرة، أن مصر مع استقرار الخرطوم وبسط سيادتها على كل الأراضى السودانية، وهذا أمر ثابت فى السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه.
وقال وزير الخارجية إن مسألة تشكيل أى أطر موازية قد تؤدى إلى تفكك الدولة السودانية خط أحمر بالنسبة لمصر وأمر مرفوض تمامًا، وبالتأكيد ندعم الشرعية ومؤسسات الدولة السودانية ولا ندعم أشخاصًا.
وأضاف إن مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهة نظرها وموقفها الواضح والثابت، وبالتأكيد نحن مع السودان لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضى السودانية.
كانت دول عربية من بينها السعودية والكويت وقطر قد عبرت عن رفضها القاطع لتشكيل حكومة موازية فى السودان.
وقال على يوسف، وزير خارجية السودان إن الموقف المصرى من موضوع الحكومة الموازية، والعملية التى تقوم بها بعض عناصر الدعم السريع، كان قويًّا، إذ عبَّرت عن رفضها القاطع لذلك، وأنها تحترم سيادة السودان وتحافظ على مؤسسات الدولة.
ويتفق البيان المصرى مع محددات الموقف المصرى تجاه الأزمة السودانية، والتى من خلاله ترفض أى محاولات تشكيل أى حكومة سودانية موازية، باعتبار أن ذلك تدخل فى الشأن الداخلى، ويعوق محاولات وجهود مصر لتحقيق الوحدة بين القوى السودانية المختلفة، وتغليب المصلحة الوطنية، ودفع الأمور لمزيد من التعقيد والتوتر.
كما يؤكد البيان - وفقا لمحللين - أن هذا البيان يؤكد رسوخ الموقف المصرى الدائم والمؤسس تجاه قضية وحدة السودان واستقراره وسلامة أراضيه وسيادته.
كما أعلنت الملكة الأردنية، رفضها لتشكيل حكومة موازية فى السودان، أو أى محاولات قد تهدد وحدته، وأكدت دعم جهود حل الأزمة السودانية.
وأكّد الناطق الرسمى باسم الوزارة السفير د. سفيان القضاة، دعم الأردن للجهود المُستهدفة لحل الأزمة السودانية، وبما يحفظ أمن السودان الشقيق واستقراره وسيادته وسلامة مواطنيه.
الأوضاع الإنسانية
وفى سياق آخر، كشفت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، أن أكثر من 3 آلاف أسرة، فرت من قرى دار السلام وكليماندو بولاية شمال دارفور، بسبب انعدام الأمن، وهجمات الدعم السريع الانتقامية ردًا على مكاسب القوات المسلحة السودانية.
وخلال الأيام الماضية، شنت قوات الدعم السريع، هجمات انتقامية على عشرات القرى فى محلية دار السلام، فى سياق حملة تهجير شاملة شملت قرى غرب الفاشر وشمال كتم من العام الماضى، وهذا العام.
وقالت منظمة الهجرة، إن 2,653 أسرة نزحت السبت من قرى مختلفة فى محلية دار السلام، بسبب تفاقم انعدام الأمن، مشيرة إلى أن الأسر نزحت من قرى حلة عبدالله مصطفى، أم عرادة، أباكر خسيم سكر، إسماعيل بدوى، أم دريم، بشام، سنانة، ريدة، كنبا، أم دورنى، بانات شرق، بانات غرب وحلة خزان إلى مواقع أخرى داخل محلية الفاشر.