خلال مائة عام كانت تفند وتكشف مخططاتهم وخطورتهم هل روزاليوسف ضد الإخوان؟
رجب المرشدى
هل روزاليوسف ضد الإخوان؟.. كان هذا السؤال طوال مائة عام من تاريخ روزاليوسف هو المسيطر على الساحة الثقافية فى مصر.. سواء من أعضاء أو من مؤيدى التنظيم الإرهابى أو من معظم أبناء الشعب المصرى.. ولكن للإجابة على السؤال يجب أن نستعرض فى لمحات تاريخ روزا مع التنظيم وأفكاره.
موقف روزاليوسف من التنيظم الإرهابى كان هو الكاشف لجرائمه ومؤامراته على الدولة طوال تاريخه منذ أسسه المرشد الأول حسن البنا بدعم من المخابرات البريطانية مرورًا باستيلاء الإخوان على الحكم بعد أن استغلوا الجميع لصالحهم من القوى السياسية التى صدقت شعارات الإخوان الزائفة مرورًا بالمغيبين من المصريين الذين رأوا فى التنظيم المخلص والمنقذ والذى سيطبق شعاراته الزائفة.. ولكن سرعان ما كشف التنظيم عن نفسه وكشف وجهه الإرهابى ضد المصريين الذين أدركوا الحقيقة سريعًا وأفشلوا المخطط قبل أن تضيع دولتهم.
لم تتهاون روزاليوسف أو تهادن التنظيم على الإطلاق فى الوقت الذى كان التنظيم يستغل بعض المطبوعات سواء بشراء آلاف النسخ منها أو من خلال إعلانات لشركات التنظيم العلنية والخفية والمؤيدة له.. ولم تخضع روزا لتهديدات التنظيم وإرهابه وطوال تاريخها لم تخضع لذهب الإخوان أو سيفهم.
لم يكن الإخوان طوال تاريخهم مع الشعب، بل مع مصلحتهم ولكن يظهرون عكس ما يبطنون مستخدمين مبدأ «التقية» كى يظهروا أنهم بجانب الناس وما هم من الناس.. التنظيم الإرهابى.. ولم تكن روزاليوسف لتغض الطرف عن هذا السلوك المشين واستخدام البسطاء لتحقيق حلم الإخوان فى الاستيلاء على الدولة.. بل كانت طوال تاريخها فى صف الدولة المصرية سواء ضد الملك أو ضد الوفد وبالطبع ضد الإخوان فى الوقت الذى ارتمى الإخوان فى حضن السلطة – وقتها وأطلقوا شعار «الله مع الملك» بحثًا عن مكاسب شخصية على حساب الوطن.
طوال تاريخها لم تهادن روزا تنظيم الإخوان، بل كانت هى العدو الأول لهم من خلال كشف ألاعيبهم للمصريين.. وطوال مائة عام لم تحِد عن هذا المبدأ، وكانت صفحاتها بمثابة الرصاص الذى تطلقه على جسد التنظيم الذى كان يئن تحت الطعنات التى توجه له.. وكان كتّابها بمثابة جنود المعركة الذين تقدموا الصفوف فى معركة الوعى ضد التنظيم وأفكاره ومخططاته.
فى هذه السطور سنسرد وقائع بسيطة تجيب عن السؤال التاريخى: «هل روزاليوسف ضد الإخوان؟» وقائع كنا شهودًا عليها وما كتبناه كان توثيقًا لهذه الفترة التى كان تنظيم الإخوان رغم صدور قرار باعتباره جماعة محظورة قانونًا إلا أن نشاطاته كانت موجودة ومؤمراته أيضًا.. بل وصل التنظيم المحظور بداية من عام 2000 إلى قوة لا يستهان بها.
السيطرة على النقابات المهنية
بدأت سيطرة التنظيم المحظور على النقابات المهنية من خلال إقامة المعارض السلعية بأسعار مخفضة وبدأت من نقابة المهندسين وتوسعت لباقى النقابات باعتبارها تضم عددًا كبيرًا من المنضمين لها لتبدأ بعدها سيطرة التنظيم على النقابات ومجالس إدارتها وتدور النقابات المهنية بين سيطرة أعضاء التنظيم أو فرض الحراسة القضائية كما حدث فى معظم النقابات المهنية كالمحامين والمهندسين.. وحتى بعد عودة هذه النقابات وفك الحراسة تعمد أعضاء التنظيم من شعبة المهنيين من إفساد الانتخابات النقابية، بل إفساد الحياة النقابية ذاتها.
ميليشيا العرض العسكرى بجامعة الأزهر
حذرت روزاليوسف طوال تاريخها من أن الإخوان تمتلك ميليشيا عسكرية مدربة من شبابها تمهيدًا للصدام مع الدولة وكانت تستغل المعسكرات الصيفية التى تقيمها لأعضائها للتدريب على الفنون القتالية، وهو ما تجلى فى العرض العسكرى الذى قام به طلاب جامعة الأزهر من طلاب ما أطلقوا عليه «الاتحاد الحر» فى ديسمبر 2006 مستعرضين مهاراتهم العسكرية أمام مكتب الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر وقتها احتجاجا على فصل عدد منهم بعد إعلانهم عن إنشاء اتحاد طلابى موازٍ للاتحاد الرسمى.. وارتدى نحو 50 طالبًا زيا أسود، ووضعوا أقنعة على رؤوسهم مكتوبا عليها «صامدون» وأجروا استعراضًا لمهاراتهم فى لعبتى الـ«كونغ فو» و«الكاراتيه» وردد المتظاهرون هتافات ضد السلطات الجامعية وضد الحكومة وقام طلاب الإخوان بتظاهرات مماثلة فى عدد من الجامعات الأخرى.
كانت روزاليوسف قبلها بأيام فى مكتب رئيس الجامعة بعد أن ناقش فرع المنوفية رسالة انتهت بتكفير روزاليوسف وكتابها و«خروجهم عن تعاليم الإسلام» ورفض رئيس الجامعة الاتهام وطالب بإعادة الرسالة مرة أخرى.
أثناء انتظارنا فى مكتب رئيس الجامعة اقتحم طلاب الإخوان المعتصمين الباب وتم تهريبنا للخروج من مكتب رئيس الجامعة إلى الفناء الخلفى وكانت المنطقة أمام وأسفل مكتب رئيس الجامعة عبارة عن ثكنة إخوانية بشعارات وهتافات ضد الجامعة ولم يكن العرض العسكرى ذروة فصولها، بل امتد لاستخدام السلاح الأبيض والخرطوش ضد الطلاب وبعضهم من المنتمين وغير المنتمين للتنظيم الإرهابى.
التنظيم الإرهابى والسيطرة على الدولة
ميليشيا الأزهر العسكرية كانت بروفة لما قام به التنظيم الإرهابى ضد المعتصمين أمام قصر الاتحادية وأمام مكتب الإرشاد بالمقطم احتجاجا على إدارة الدولة من مكتب الإرشاد وضد الإجراءات التى اتخذها الرئيس الإخوانى محمد مرسى ضد كل أجهزة الدولة وقبل كل ذلك اعتراضا على «أخونة الدولة».. ما قام به طلاب الإخوان فى الأزهر كان هو من صلب عقيدة الإخوان فى العنف وتكفير الآخر وعدم قبوله وكان بداية السيطرة والاستيلاء على مفاصل الدولة.
عند الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية فى 2012 كانت روزاليوسف أمام مكتب الإرشاد انتظارا لإعلان النتيجة، وفور الإعلان عن فوز مرسى تعالت الصيحات من داخل المكتب وارتفعت الحناجر «الله أكبر ولله الحمد» شعار الإخوان التاريخى وكان بداية ارتفاع الجماعة على حساب الدولة وخرج علينا مسئول مكتب الجيزة ليؤكد أن «مرحلة الإخوان قد بدأت» وأن الإخوة صلوا ركعتى شكر لله على الفوز بالدولة وليس بالانتخابات ليبدأ بعدها فصل من محاولة «ابتلاع الدولة» فى بطن الجماعة.
لم تسكت روزا وقتها وأعلنت صراحة أن «الدولة» أهم من «الجماعة» وبدأت وقتها فى كشف مخططات التنظيم، باعتبارها قائدة هجوم الصحافة على التنظيم وأفكاره الذى لم يتوانَ فى الهجوم عليها ومحاولة تصفية المؤسسة، وضيق الخناق على المطبوعة بوقف التمويل ومهاجمتها بأنها «ضد الدولة» ولم يقل إنها «ضد الجماعة» فى محاولة لتصفية الحساب وهى مواقف لم ترهب روزا ولا العاملين فيها وواصلت المجلة رحلتها فى كشف التنظيم ولم تردعها اتهامات الإخوان بأنها مجلة حمراء أو مجلة شيوعية، وواصلت طريقها فى كشف التنظيم.
ثورة 30 يونيو
طريق التنظيم الإرهابى للسيطرة على مفاصل الدولة كان مفروشا بالدم والشهداء من أبناء الوطن الذين كشفوا حقيقته وسارعوا للتخلص منه بعد الكوارث التى ارتكبها من حصار المحكمة الدستورية والاعتداء على المعتصمين أمام الاتحادية وحرق خيامهم وبعد ترك إدارة الدولة لمكتب الإرشاد وبعد أن فقدت الدولة هويتها السياسية والاجتماعية.
فى يوم 30 يونيو 2013 اندلعت «ثورة التطهير» فى كل بقاع مصر وكان الثوار حاضرين أمام مكتب الإرشاد أو «قلعة الإرهاب» وانتقموا من التنظيم وتم إحراق المقر بعد أن هرب كل من فيه وتركوا المكان كعادة كل التنظيمات الإرهابية.
داس المتظاهرون على صور المرشد داخل مكتبه المحصن بمقر قلعة الإرهاب بعد اقتحام المكان وإحراقه تماما ونشرت عشرات الوثائق عن إدارة التنظيم الإرهابى الذى لم يكن يعرف عنه شىء وعرف الجميع كيف كانت تدار الدولة وكيف كان الرئيس الإخوانى مجرد موظف ضمن عناصر التنظيم يتلقى أوامر من مكتب الإرشاد وينفذها.
كانت روزاليوسف ولا تزال تكشف كيف يقوم التنظيم بخداع المواطنين وكيف يستخدمون مبدأ «التقية» فى إظهار غير ما يبطنون وكيف استخدموا المظلومية فى الظهور بمظهر الحمل الوديع وهم فى حقيقتهم ذئاب لا تتهاون فى الانقضاض على فريستها.. كشفت روز اليوسف فى تحقيق صحفى كيف يرفض أبناء الإخوان الانضمام إلى التنظيم، ليس فقط لرفض أبنائهم الانضمام إليها ولكن لانتقاد الأبناء لأفكار الجماعة بعد أن خلعوا عباءتها، ويكشف ازدواجية المعايير داخل الكيان المحظور بتفعيل مبدأ «السمع والطاعة» وعدم تطبيقه على المتميزين من أبناء القادة.
قائمة قيادات الإخوان سواء المرشدون أو أعضاء مكتب الإرشاد أو حتى أبناء الرعيل الأول الذى عاصر حسن البنا مؤسس الجماعة مليئة، ويصعب حصرها.. على رأس القائمة أبناء المرشدين السابقين الذين فضلوا العمل بعيدا عن الجماعة تماما فأبناء مصطفى مشهور لم ينضموا للتنظيم وكذلك الأمر بالنسبة لأبناء مأمون الهضيبى نفس الحال تكرر مع المرشد محمد مهدى عاكف، لم يدخل أبناء المرشد فى التنظيم وفضلوا العمل بعيدا عن الاتهام بالانتماء للجماعة، أيضا أبناء إسماعيل الهضيبى القيادى السابق فى الجماعة الذى تخرج أبناؤه فى الجامعة الأمريكية ولم يكن لهم أى نشاط أو موقع إخوانى على الإطلاق.
هذه الازدواجية تؤكد أن الإخوان تنظيم مخادع هدفه هو تحقيق هدفه السياسى بعيدا عن الشعارات الدينية التى ينادون بها حيث يدفعون بأتباعهم إلى التهلكة ويبقون أبناءهم بعيدا عن أى خطر ليتعلموا فى المدارس الأجنبية.
التمويل السرى للإخوان
يظل ملف تمويل الإخوان أحد أكبر الأسرار فى تاريخ الجماعة ما بين يوسف ندا عضو التنظيم الدولى للجماعة والملياردير المقيم فى لندن وبين خيرت الشاطر وكل مشروعاته الاقتصادية والممول للعرض العسكرى أو ميليشيا الأزهر فى عام 2006، وعلاقته مع حسن مالك حيث أسسا معا شركة «سلسبيل» لتجار أجهزة الكمبيوتر أحد مصادر أموال الإخوان كما صنفتها القضية المعروفة إعلاميا بقضية سلسبيل فى عام 1992.
نجح الشاطر فى إدارة أموال التنظيم وضارب فى البورصات العالمية خارجيا ونجح فى إقامة عدة مشروعات داخليا سواء فى مجال المعارض أو المدارس.
المرشد السرى
انفردت روزاليوسف بخبر اختيار محمد بديع مرشدا للجماعة خلفا لمرشدها محمد مهدى عاكف فى تصويت سرى فى ضربة لنائب المرشد محمد حبيب الذى كان يعد نفسه للمنصب.
فى خطوة لاقت ترحيبا من التنظيم الدولى للجماعة لما يمثله بديع من قوة غير ظاهرة فى التنظيم الإرهابى حيث يمثل بديع مع أمين الجماعة محمود عزت قوة كبيرة نظرا لما يربطهما من علاقات منذ أن كانا فى زنزانة واحدة فى قضية القطبيين عام 1965.. حيث واصلا الثنائى دورهما الإرهابى أثناء وبعد ثورة 30 يونيو.