الأحد 20 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أحلف بسماها.. قصة نجاح مصرية فى الصناعة الوطنية

أحلف بسماها.. قصة نجاح مصرية فى الصناعة الوطنية

رغم التحديات الجسام التى تواجه مصر سواء على المستويين السياسى والاقتصادى فإنها ماضية فى تحقيق التنمية الشاملة والتنمية المستدامة، ولأن الصناعة هى عصب الاقتصاد فقد أولتها الدولة اهتماما كبيرا حتى مع ظهور عقبات فى بعض الفترات.. الدليل على ذلك أن هناك مشروعات قد حققت تغييرا إيجابيا فى قطاع الصناعة أهمها مشروع مكافحة التلوث الصناعى الذى رغم بساطة مسماه فإنه أحد أهم المشروعات الممولة من الهيئات الدولية وأدى إلى تحول كبير فى الإنتاج الصناعى المتوافق بيئياً وتنامى التمويل البيئى بتسارع البنوك المصرية للمشاركة مع البنوك العالمية.



هى قصة نجاح بدأت منذ أكثر من 25 عاما تزامناً مع تفعيل قانون البيئة رقم 4 لعام 1994، وكانت أولى إنجازات وزارة الدولة لشئون البيئة الحديثة العهد وقتها.. الأسبوع الماضى اكتملت القصة بإعلان انتهاء المرحلة الثالثة والأخيرة لبرنامج التحكم فى التلوث الصناعى «EPAP» فى احتفالية مهمة تحت شعار «إنجازات وطموحات لصناعة خضراء مستدامة».. حضرتها الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة وشركاء النجاح من الهيئات الدولية من البنوك العالمية والوطنية، اتحاد الصناعات وممثلى الشركات الصناعية.

 

ما تحقق على أرض الواقع من تطور هائل للمنشآت الصناعية التى استعانت بالبرنامج دفع الهيئات العالمية المعنية بالبيئة وكذلك الجهات التمويلية بالموافقة على دعم الصناعة المصرية، حيث قامت وزيرة البيئة خلال الاحتفالية بإطلاق برنامج الصناعة الخضراء GSI وذلك بالتعاون بالتعاون مع وزارة التخطيط، مما يعنى الاستمرار قدما لزيادة تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية.

 

تذكرة بسيطة، كيف انحصرت المرحلة الأولى لمشروع مكافحة التلوث الصناعى. «1997 - 2055» فى تقليل الانبعاثات الضارة من مداخن المصانع أو وقف الصرف الصناعى فى المياه أو التربة وذلك بتقديم المساعدة الفنية والمالية لاستخدام تكنولوجيا الإنتاج الأنظف وذلك بدعم البنك الدولى وبنك الاستثمار الأوربى وسفارة فنلندا.. كان الهدف تحقيق التوافق البيئى لأكثر المنشآت الصناعية تلويثا.. وتوسعت المرحلة الثانية للمشروع «2006 - 2016» بتقديم الدعم المالى للمصانع الحكومية والخاصة عبر البنوك الوسيطة، وزاد شركاء التنمية مثل هيئة المعونة اليابانية «جايكا» والاتحاد الأوروبى.. وشاركت البنوك الوطنية فى توفير القروض الميسرة للشركات الصناعية.

 

المرحلة الثالثة هى محصلة جهد كبير فى قطاع الصناعة أعلنته الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة بتوفيق أوضاع 23 منشأة صناعية استفادت بـ34 مشروعا فرعيا بتمويل 194 مليون يورو، ركزت المرحلة الأخيرة بجانب المشروعات الكبيرة على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بنسبة وصلت إلى 37 بتكلفة 14 مليونا، بالإضافة إلى المنح المقدمة من البنك الأهلى وبنوك أخرى وشركاء التنمية بنسبة 22% وصلت إلى 30% فى بعض المشروعات.

 

تحسن الأداء من خلال برنامج التحكم فى التلوث الصناعى تخطى التوافق مع البيئة إلى الوصول لمنتجات خضراء وهذا يشمل تحديا أمام التصدير والقيمة التنافسية للمنتج المصرى. وهو ما ركزت عليه الوزيرة بأن التوجه العالمى الجديد تطلب الانتقال إلى دعم تحقيق كفاءة استخدام الموارد بما يلبى متطلبات السوق المحلية والميزة التنافسية لتعزيز التصدير،على سبيل المثال دعم البرنامج شركات الأسمنت فى زيادة استخدام وإنتاج الوقود البديل.

 

الاحتفال بنهاية مراحله المؤثرة فى تطور الصناعة المصرية كما أشارت د. ياسمين فؤاد إلى أن البرنامج كان أكثر شمولاً ليضم كل المحافظات المصرية ولم يركز على المناطق الأكثر تلوثا فقط، كما شمل مختلف المنشآت الصناعية.

 

إنجازات المشروع فى أرقام أوضحتها الوزيرة فى تخفيض 65 ألف طن من الجسيمات العالقة، 100 مليون متر مكعب لمياه الصرف الصناعى، تفادى 700 ألف طن من انبعاثات الغازات الدفيئة، إعادة تدوير 13 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصناعى.

 

طموحات البرنامج الجديد للصناعة الخضراء GSI الذى أطلقته وزيرة البيئة تطبيق آلية تعديل حدود الكربون أو ما يسمى ضريبة الكربون. حيث إن جزءا كبيرا من هذا البرنامج سيدعم خارطة طريق الآلية المزمع خروجها منتصف الشهر القادم ونطمع أن يكون القطاع المصرفى المصرى قادرًا على مواكبة فكر التمويل الأخضر وخفض المخاطر الخاصة بالمشروعات الخضراء.

 

اتحاد الصناعات المصرية من أهم المنظمات والشراكات التى دعمت المشروع وتبنت احتياجات المنشآت الصناعية الفنية والمادية من خلال لجنة تسيير مكتب الالتزام البيئى والتنمية المستدامة، حيث أشار الدكتور شريف الجبلى رئيس مكتب الالتزام البيئى باتحاد الصناعات ورئيس لجنة التعاون الإفريقى بمجلس النواب إلى أن التحديات البيئية التى نواجهها اليوم تتطلب اتخاذ إجراءات فعالة للحد من التلوث وتعزيز الممارسات المستدامة، كما أن التشريعات والقوانين الدولية ذات الصلة أصبحت تمثل تحديا ملموسا للصناعات والصادرات المصرية مثل التشريع الأوروبى الخاص بآلية تعديل حدود الكربون «CBAM» والذى يمثل تحدياً كبيراً للصناعات المصرية التى تعتبر السوق الأوروبية سوقاً رئيسياً لصادراتها، مشيراً إلى أنه يجرى حالياً التفاوض فى إطار برنامج الأمم المتحدة على صياغة صك قانونى ملزم للحد من التلوث البلاستيك وما يمكن أن يترتب على هذا الاتفاق من تحديات تواجه قطاع البتروكيماويات والصناعات البلاستيكية.

 

أضاف الدكتور الجبلى: مكتب الالتزام البيئى تعاون مع إدارة مشروع التحكم فى التلوث الصناعى فى إجراء الدراسات الفنية اللازمة لتنفيذ المشروعات التى تهدف لخفض الانبعاثات وترشيد الطاقة ومعالجة الصرف الصناعى، مشيراً إلى أن تبنى سياسات ومفاهيم الاقتصاد الأخضر أصبح ضرورة ملحة فى ظل التحديات المختلفة التى يواجهها العالم، إن التنمية المستدامة لا تتحقق بعنصر واحد فقط بل تتحقق بتضافر الحلول التكنولوجية والتشريعات والتمويل مجتمعة.. لذا فإن إطلاق برنامج الصناعات الخضراء يتزامن مع موافقة وزيرة البيئة على زيادة رأس مال القرض الدوار وزيادة الحد الأقصى للتمويل للمنشأة الواحدة بحيث يحقق الاستفادة القصوى بتلاقى اشتراطات التمويل بمشروعات الصناعات الخضراء مع الأهداف التمويلية لاتفاقية القرض الدوار الذى بلغ عدد المشروعات التى حصلت على القرض منذ 2005 إلى 480 مشروعا بإجمالى تمويل 900 مليون جنيه، وذلك لتنفيذ مشروعات ذات عائد بيئى واقتصادى بإجمالى استثمارات مليار و170 مليون جنيه مصرى.

 

وأشار الجبلى إلى تعاون مكتب الالتزام البيئى مع وزارة البيئة فى تعريف المجتمع الصناعى بآليات الأسواق الطوعية للكربون وقياس البصمة الكربونية، إعداد تقارير الإبلاغ الخاص بتشريع تعديل حدود الكربون «CBAM» والتى على أساسها سيتم تصدير المنتجات الصناعية للأسواق العالمية.

 

خلال الاحتفالية نظمت وزارة البيئة حلقة نقاشية حول دور البنوك فى التحول الأخضر بقطاع الصناعة، حيث أكد الدكتور على أبو سنة الرئيس التنفيذى لجهاز شئون البيئة على الدور الحيوى المهم للبنوك التى لولا دعمها ما تمكنا من تحقيق ما وصلنا إليه من نجاحات ولم نتمكن من الدخول إلى الأسواق العالمية وزيادة تنافسية المنتجات المصرية، لافتاً إلى أن المشروع ركز على مدار 25 عاماً على كيفية تحقيق استفادة قصوى من الدور التمويلى للبنوك مما دعم عددا كبيرا من المشروعات الصناعية محققا فوائد اقتصادية وبيئية.. وأضاف أبوسنة أن القطاع المصرفى تحمل مع وزارة البيئة مخاطر برنامج مكافحة التلوث الصناعى الذى نجح فى دمج المساعدة الفنية والتمويلية لتحقيق أعلى معدلات التوافق البيئى مشيراً إلى أن المشروع سيتم لخمس سنوات يتم تخصيصها لمساعدة الصناعة المصرية من تحقيق التنافسية العالمية.

 

وليد على مدير عام الاستدامة بالبنك المركزى أكد خلال الحلقة النقاشية على أهمية التمويل المستدام بتعبئة الأموال فى الأسواق لتتواءم مع المعايير الدولية من خلال مشروعات مستدامة، لافتاً إلى أن القطاع المصرفى المصرى أصبح يدرك الأولويات الوطنية بالمساهمة فى دعم الصناعة الخضراء. وأضاف وليد أن إدراج السياسات فى جميع البنوك كان أمراً ضرورياً نتج عن ذلك أن 36 بنكا مصريا لديه إدارة للتمويل المستدام.. كما أنه مع تكليف البنوك بإعداد تقرير حول آلية تعديل حدود الكربون «CBAM» أدركنا إمكانية تأثير ذلك على آلية القروض.. أعرب مسئول البنك المركزى عن فخره بأن 75% من البنوك المصرية تقدم المسئولية المجتمعية.

 

جيدو مبارى رئيس المركز الإقليمى لبنك الاستثمار الأوروبى أوضح أن البنك قام بتمويل العديد من محطات معالجة المياه المرافق وأن هناك ما يقرب من 150 طلبا من قبل الشركات لتوفيق أوضاعها بيئياً، مؤكداً أن الحوافز المالية التى يتم وضعها تعطى نتائج مبهرة لتحقيق الاقتصاد الأخضر مستقبلاً.

 

شهير زكى مدير عام قطاع الخدمات المالية الدولية بالبنك الأهلى المصرى أشار إلى مشاركة البنك فى العديد من المشروعات أهمها الطاقة الشمسية، مؤكدا على أهمية ضريبة الكربون المزمع وضعها من قبل الاتحاد الأوروبى على المنتجات الواردة إليه من خارج الاتحاد من 6 قطاعات «الحديد، الألومنيوم، الأسمدة، الأسمنت، الكهرباء، الهيدروجين» بما يحقق التنافسية ويعطى فرصة للشركات المشاركة فى الاستدامة.

حلقة تشاورية ثانية خلال الاحتفالية عن قصص نجاح لمشروعات نفذها البرنامج فى مجال الكيماويات والأسمنت وصناعة السجاد وغيرها من المشروعات التى تطور إنتاجها مما يدفعها للمشاركة فى المرحلة الجديدة لمشروع الصناعة الخضراء الذى تم إطلاقه.. لتنتهى الاحتفالية المهمة بتكريم عدد من الشخصيات الذين أثروا مشروع مكافحة التلوث الصناعى على مدار الـ25 عاماً السابقة من الهيئات الدولية والمصرية كنماذج يحتذى بها فى تحقيق أعلى معدلات التنمية المستدامة فى مجال الصناعة.