مصر تربح 3 مليارات دولار نتيجة تعزيز احتياطياتها من المعدن الأصفر صفقة من ذهـــــب

أحمد زغلول
يبدو أن صفقة شراء 44 طنًا من الذهب والتى نفذها البنك المركزى قبل أقل من 3 سنوات قد حجزت موقعها بين أهم الصفقات الاقتصادية المهمة لمصر فى الفترة الأخيرة، حيث ساهمت فى تحقيق مكاسب ضخمة تقترب من الثلاثة مليارات دولار نتيجة ارتفاع أسعار المعدن الأصفر عالميًا إلى مستويات تاريخية.. وقام البنك المركزى منتصف فبراير 2022 وقبيل الحرب الروسية - الأوكرانية بشراء 44.4 طن من الذهب وقت أن كان سعر الأونصة لا يزيد على 1800 دولار، وأضاف «المركزى» إلى هذه الكمية 3 أطنان أخرى تم شراؤها بشكل تدريجى من منجمى السكرى وشلاتين.
وقال مسئول مصرفى لـ«روزاليوسف» إن اجمالى احتياطى الذهب لديه بعد تدعيمه بمشتريات كبرى ارتفع ليسجل ما يقرب من 127 طنًا بنهاية نوفمبر الماضى، بقيمة تزيد على 11.15 مليار دولار مقابل 8.3 مليار دولار فى فبراير الماضى، بزيادة 2.8 مليار دولار أى فى حدود 140 مليار جنيه خلال مدة لا تزيد على 9 أشهر.
وساهمت مشتريات الذهب الكبيرة للبنك المركزى فى الفترة الأخيرة فى دعم الاحتياطى النقدى للبلاد، حيث يعد احتياطى الذهب أحد أهم مكونات الاحتياطى الأجنبى للبلاد الذى ارتفع بنهاية أكتوبر الماضى مقتربًا من 47 مليار دولار، ليحقق تغطية تقترب من الـ8 أشهر واردات سلعية.
ويواصل البنك المركزى استقبال كميات شهرية من الذهب من منجمى السكرى وشلاتين لدعم احتياطياته، حيث يتم شراء هذه الكميات بالجنيه المصرى، وهو ما يحقق فوائد ضخمة للاقتصاد.
وكان البنك المركزى المصرى وشركة السكرى لمناجم الذهب، وقعا فى نوفمبر 2017 اتفاقًا يوفر البنك المركزى بمقتضاه احتياجات الشركة الشهرية بالعملة المحلية، والتى تقدر بنحو 50 مليون جنيه، على أن تورد الشركة بالقيمة المعادلة للمبلغ بالدولار سبائك ذهب بعد تنقيتها بدرجة نقاء لا تقل عن %99.99، وقد تمت زيادة مقدار هذا الاتفاق فى الفترة الأخيرة.
كذلك فقد أعلنت شركة «شلاتين للثروة المعدنية» التابعة لوزارة البترول، أن الأرقام الأولية تشير إلى تسلم البنك المركزى المصرى شحنات من الذهب تصل إلى حوالى ألف كيلو (طن) خلال العام الجارى 2024.
وبلغ إجمالى كميات الذهب المُسلمة من «شلاتين للثروة المعدنية» إلى البنك المركزى المصرى خلال العام الماضى 2023 نحو 717 كيلو جرامًا، ومن المستهدف أن ترتفع الكميات التى يتم تسليمها للبنك المركزى بنحو طن ونصف طن ذهب (1500) كيلو جرام خلال عام 2025 مع زيادة الانتاج من المنجم.
توقعات قوية باستمرار ارتفاع الأسعار
ويبدو أن مكاسب حيازة المزيد من الذهب لدى البنك المركزى ستزداد خلال العام المقبل مع التوقعات المتفائلة بشأن سعر الأونصة، حيث رجح بنك جولدمان ساكس أن يرتفع سعر الذهب إلى 3 آلاف دولار للأوقية العام المقبل مع استمرار البنوك المركزية فى شراء المعدن النفيس.
وطبقًا للبنك فإن الزيادة فى سعر الذهب ستدعمها مشتريات البنوك المركزية، حيث قامت البنوك المركزية فى جميع أنحاء العالم بالفعل بتوسيع مشترياتها من الذهب بمقدار خمسة أضعاف مقارنة بمتوسطها قبل عام 2022.
وخلال الأسبوع المنقضى ارتفعت أسعار الذهب مدعومة بتزايد التوقعات بأن مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى قد يتجه إلى خفض أسعار الفائدة خلال الشهر الحالى، يأتى ذلك فى ظل ترقب المستثمرين للبيانات الاقتصادية، التى ستوفر مؤشرات إضافية بشأن توجهات السياسة النقدية فى أكبر اقتصاد عالمي.
وقال مجلس الذهب العالمى، إن مشتريات البنوك المركزية من الذهب تضاعفت فى الربع الأخير على أساس سنوى إلى 186 طنًا، وفى تقرير صادر فى أكتوبر، قال المجلس إن البنوك المركزية اشترت 694 طنًا من الذهب منذ بداية العام.
ورجح البنك استمرار وتيرة شراء الذهب السريعة بين اقتصادات الأسواق الناشئة العام المقبل، حيث لا تزال احتياطيات العديد من تلك الدول من الذهب منخفضة للغاية مقارنة بالاقتصادات المتقدمة.
ترتيب مصر فى احتياطى الذهب
ونتيجة للتحركات الإيجابية بشأن مشتريات الذهب، فقد حلت مصر فى المرتبة الخامسة عربيًا فيما يخص حيازات الذهب لدى البنوك المركزية بعد السعودية ولبنان والجزائر والعراق، وتسبق دولًا مثل ليبيا والإمارات وقطر والكويت.
وبلغ احتياطى الذهب لدى الدول العربية مجتمعة نحو 1515.1 طن من إجمالى 35664.5 طن لدى دول العالم
يُشار إلى أن الولايات المتحدة تتصدر ترتيب الدول من حيث حيازة الذهب بـ8133.5 طن دول العالم باحتياطيات الذهب، تليها ألمانيا 3352.6 طن، ثم إيطاليا 2451.8 طن، وفرنسا 2436.9 طن، تليها روسيا بـ2329.6 طن.
أقبية لندن
فى سياق متصل، أكدت المصادر أن حصة من احتياطى الذهب المصرى موجودة فى أقبية لندن المخصصة لتخزين الذهب للبنوك المركزية وصناديق الاستثمار الكبرى فى العالم، لافتة إلى أنه لا صحة لسحب هذه الأرصدة فى الشهور الأخيرة كما تردد فى بعض وسائل الإعلام.
وأكدت المصادر أن وجود ذهب احتياطى فى لندن يجعله قريبًا من البورصات الدولية لتداول المعادن النفسية، وهو ما يضمن سهولة كبيرة فى حالة رغبة الدول فى بيع أو تسييل جزء من استثماراتها فى الذهب.
خطط زيادة إنتاج الذهب محليًا
وتدعم خطط البنك المركزى لزيادة احتياطياته من الذهب، خطط الدولة لزيادة الإنتاج عبر طرح مزايدات جديدة للتنقيب، وفى هذا الإطار تعتزم الحكومة طرح مزايدة عالمية للبحث والتنقيب عن الذهب فى الصحراء الشرقية خلال الأسابيع المقبلة.
ومن المقرر أن تشمل المزايدة أكثر من 200 منطقة تقع فى الصحراء الشرقية، ويتوافر فى الكثير منها الشواهد الاقتصادية الجذابة لشركات التعدين والمستثمرين عن الذهب.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تكثف فيه الحكومة جهودها لزيادة الاستثمارات الموجهة إلى قطاع التعدين، والذهب بشكل خاص، إذ تستهدف استثمار مليار دولار فى قطاع التعدين بحلول عام 2030.
فى سياق متصل، تستهدف شركة «حمش مصر لمناجم الذهب»، أن يشهد عام 2025 عودة الشركة للتنمية والإنتاج من المناجم التابعة لها، وهو ما يعنى بدء مرحلة مستقبلية جديدة للإسهام فى الإنتاج التعدينى لا سيما خام الذهب.
وبصفة عامة تستهدف وزارة البترول والثروة المعدنية الوصول بإنتاج الذهب إلى 800 ألف أونصة سنويًا خلال نحو 6 سنوات، كما تستهدف إنتاج 30 مليون طن من المعادن الأخرى فى الفترة نفسها.