
زينب حمدي
الفهامة .. «الست سنية» ووزارة الأوقاف!
«ست سنية سايبة الميّه»، مياه الحنفية، كانت أغنية تم إطلاقها فى التسعينيات فى التليفزيون وتكرارها طوال الوقت للتوعية بأهمية ترشيد مياه الشرب، كانت وقتها «ترند» بتوصيف هذه الأيام يرددها الكبار والصغار ولا يزال الكبار منا يتذكرونها من كثرة إذاعتها فى التليفزيون، فقد كانت بمثابة رسالة للمجتمع بكل طوائفه للتوعية بترشيد مياه الشرب والمحافظة عليها حتى لو كانت «نقطة».
كانت مصر فى التسعينيات تعانى من شح المياه كما الآن ولكن كانت تنقية مياه الشرب تكلف الدولة الكثير وكان هناك نقص فى المادة الأساسية التى تدخل فى عملية التنقية حتى تصبح صالحة للشرب وهى مادة «الشبة»، وكنا نستوردها من الخارج وكان الناس يستخدمون مياه الشرب فى رش الشوارع والحدائق وغسل السيارات وفى ملاعب الاسكواش التى كانت تستخدم كميات كبيرة من المياه وكان يتم ترك الحمامات بدون إصلاح السيفونات أيضا.
وكانت كل وزارات الدولة وهيئاتها مهتمة بقضية ترشيد المياه والقيام بنشر الوعى بضرورة ترشيد الاستهلاك ونشر الوعى بعدم استخدامها إلا فى أغراضها، الشرب وغسيل الخضراوات والاستحمام، دون إسراف، وكانت الوزارات ووزارة الرى وشركة المياه تقوم بعقد دورات للإعلاميين بشكل دورى وحضرت الكثير منها للتعريف بأهمية نقطة المياه والكتابة فى مجلاتهم وجرائدهم والقنوات التليفزيونية عن أخطار الإسراف فى استخدام مياه الشرب فى غير أغراضها المفروضة لنشر الوعى بين المواطنين وعمل الأغانى ومنها أغنية «الست سنية ليه سايبة الميّه» وغيرها من الكاريكاتير والرسائل الإعلامية وقد نجحت بشكل كبير.
والآن قامت الدولة بتقنين استخدام المياه بشكل عام ومياه الشرب بشكل خاص وفى مجال الزراعة والرى قامت بعمل مشاريع لترشيد مياه النيل والحفاظ عليه بمشروعات لتكرير مياه المستنقعات والمجارى المائية لاستخدامها فى الزراعة.. لكن لا يزال دور الوزارات والهيئات الحكومية ضعيفا فى نشر الوعى بأهمية ترشيد استخدام مياه الشرب كما كان فى التسعينيات.. رغم اختلاف الظروف وكثرة القنوات الإعلامية.
وتعتبر إذاعة القرآن الكريم من الإذاعات التى تقوم بدور توعوى لترشيد المياه بشكل قوى ومستمر وبثها لرسائل الترشيد فى كل برامجها تقريبا الدينية والاجتماعية وبث الأحاديث النبوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتى تأمرنا بترشيد المياه مثال الحديث الشريف: «لا تسرفوا فى الماء ولو كنتم على نهر جارٍ» وأوامر الله لنا فى كتابه الكريم «وجعلنا من الماء كل شىء حى».
وأيضا دور وزارة الأوقاف والتى قامت بإطلاق دورات لترشيد المياه فى المساجد للأئمة للتوعية فى المساجد بأهمية ترشيد المياه وعدم الإسراف فيه لأنه من الدين بالتعاون مع وزارة الرى والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى للمشاركة فى الحملة التى أطلقتها وزارة الأوقاف بعنوان «على القد»، والتى تستهدف توعية المواطنين بتحديات المياه الناتجة عن محدودية الموارد المائية التى تمر بها البلاد مع الزيادة السكانية المضطردة والتغيرات المناخية.. فحقيقة الدور المؤثر للأئمة فى توعية الجمهور من خلال مساجدهم من خلال الدروس والندوات الدينية وكيفية ترشيد استهلاك فى المياه والمحافظة عليها من خلال مواقعهم فى مساجد وزارة الأوقاف.
ويبقى للأسف غياب دور التربية والتعليم والمجلس الأعلى للجامعات وهما دورهما مهم جدا فى نشر الوعى بضرورة ترشيد مياه الشرب فى المدارس والجامعات وأيضا غياب دور المجلس القومى للمرأة المسئولة فى بيتها عن استخدام مياه الشرب ودورها المهم أيضا ولهذا كان الإعلام يوجه رسالته إلى السيدات عن طريق أغنية «الست سنية سايبة المية ليه»، والذى يفوق دور الرجل، حيث إن ترشيد المياه قضية حياة وحسب إحصاءات وزارة الرى مصر تعانى من محدودية مواردها المائية، وهذه حقيقة والمتمثلة فى نهر النيل والمياه الجوفية والأمطار، والتى تشكل أكثر من 60 مليار متر مكعب مقابل الاحتياجات المائية للقطاعات المختلفة من زراعة وصناعة ومياه الشرب.
فهل نرى وزارات أخرى وهيئات تقوم بإطلاق حملات مثل حملة وزارة الأوقاف ولكن بأسماء أخرى «نقطة مياه تساوى حياة» ولا تسرفوا فإن المسرفين إخوان الشياطين، ولا لتلويث المياه، وهل تعود «الست سنية» مرة أخرى لتوعية الستات بأهمية نقطة المياه؟!. وكما قال الله فى كتابه الكريم «وجعلنا من الماء كل شىء حى» صدق الله العظيم.