لحظة تاريخية طولها 200 متر وعرضها 27 سنة زفاف عرفات على الحدود المصرية
![](/UserFiles/News/2024/12/01/62518.jpg?241201104854)
رفح - محمود التهامى
عاد ياسر عرفات الزعيم الفلسطينى إلى أرض فلسطينية لأول مرة منذ 27 سنة.
وكانت اللحظة يوم الجمعة أول يوليو فى الثالثة بعد الظهر هى لحظة الزفاف التى تجمعت فيها المشاعر والأحاسيس فى عيون الحاضرين فى مظاهرة حب رائعة تفوق الوصف.. وقال عرفات إنها المرة الأولى منذ عام 68 حين زار غزة فى ذلك العام زيارة سرية وهى تحت الاحتلال الإسرائيلى.
عاد عرفات إلى بلاده فى حراسة مصر وفلسطين وإسرائيل، وتم اختيار التوقيت فى الثالثة بعد ظهر الجمعة بدلا من السبت حتى تكون الفرصة متاحة لتنفيذ برنامج أمنى لحماية الرئيس عرفات لدى عودته، حيث لا تزال هناك مستوطنات إسرائيلية على الطريق من رفح إلى غزة، كذلك هناك مخاوف من عناصر متشددة ترفض خطوات عرفات نحو إقرار السلام مع الإسرائيليين.
والمعروف أن يوم السبت إجازة دينية فى إسرائيل تبدأ من مساء الجمعة وتنتهى مساء السبت، وكان من الضرورى أن يعبر عرفات نقطة الحدود فى رفح الفلسطينية قبل الغروب.
وقد حضرت حفل غداء بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة على شرف الرئيس عرفات ورئيس وزراء الجزائر بدعوة من الرئيس مبارك، وكان وقت الغداء مبكرًا نسبيًا فى الثانية عشرة ظهرا، وهناك علمت أن الرئيس عرفات سيغادر القاهرة عقب الغداء مباشرة إلى رفح، حيث نقطة الحدود المصرية فى بداية رحلة العودة إلى الوطن الأم.
وكان أسرع غداء رسمى وتناول عرفات غداءه قبل مغادرة القاهرة وعودته إلى فلسطين وكان يتكون من شرائح سمك وجمبرى وشرائح لحم، وسلطة خضراء وخبز وبعض المشهيات وقطعة من الحلوى وبعض الفاكهة.
وبعد الغداء السريع والمبكر توجهنا مباشرة إلى طائرة خاصة نقلتنا إلى العريش، وغادر الرئيسان عرفات ومبارك القاهرة إلى العريش بعد ظهر الجمعة مباشرة حيث استقبلا اللحظة التاريخية فى ساحة منفذ الحدود عند رفح المصرية فى تمام الساعة الثالثة بعد الظهر بالضبط.
وكان حضور الرئيس مبارك لهذه اللحظة التاريخية مفاجأة للجميع، وكانت المفاجأة الأخرى أن الرئيس مبارك أخذ بيد عرفات وأصر على أن يسيرا على الأقدام لمسافة تجاوزت المائتى متر حتى نهاية الحدود المصرية. وكانت رحلة المائتى متر أشبه بحفل الزفاف ولم يكن ينقصه إلا انطلاق بعض الزغاريد ربما لافتقاد التجمهر الشعبى عند نقطة الحدود الرسمية.
وكلما خطا الرئيس مبارك بالرئيس عرفات خطوة فى اتجاه الأرض الفلسطينية تسارعت الذكريات ودار شريط حافل بالمآسى التى شهدتها تلك المنطقة و الظروف الصعبة التى خاضت غمارها القضية الفلسطينية.
وكلما تقدم الرئيسان الخطوة وازدادت غمزات كاميرات التصوير وارتفعت درجة حرارة وداع عرفات أو زفافه إلى أرض فلسطين المحررة بعد اتفاق القاهرة ازداد يقين الحاضرين على أرض تلك اللحظة التاريخية أن هناك لحظات تاريخية يحتجزها الزمن لمن يقدر عليها من الزعماء المرموقين، وما أحسب مشهد الرئيس مبارك وهو يعيد الرئيس الفلسطينى إلى أرض فلسطين إلا من بين تلك المشاهد التى لا يقدر على إنجازها إلا نوع خاص من القادة.
وكم كان جميلا من الرئيس مبارك بعد إنهاء مراسم زفاف عرفات إلى أرض فلسطين أن يذكر الرئيس الراحل أنور السادات بكل تقدير، فقد كان سلام السادات هو حقا سلام الشجعان.