محمد الجزار
ياسر عرفات.. 20 عامًا على رحيل مهندس النضال الفلسطينى
الاثنين الماضى 11 نوفمبر مرت الذكرى الـ 20 لرحيل الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات فى 2004 وكان مهندس المقاومة والنضال الفلسطينى ضد الاحتلال الغاشم وتأتى الذكرى العشرون لرحيله وسط كل هذا الدمار الذى حدث فى فلسطين وخاصة غزة بل امتد إلى لبنان وربما يشمل مناطق أخرى مع استمرار غطرسة وفاشية الدولة المارقة إسرائيل بدعم وغطاء أمريكى أوروبى كنا نتمنى أن تأتى ذكرى رحيله وتحقق أى شيء من أحلام مهندس النضال ورغم ذلك سيولد من أرض فلسطين أبطال وفدائيون باستمرار لأن هذه الأرض الطاهرة لا تنضب ومنهم المرابطون حول الأقصى وسيظل عرفات رمزًا للبطولة والفداء باعتباره أهم شخصيات الصراع العربى الإسرائيلى حيث ارتبط اسمه بالقضية الفلسطينية طوال العقود الماضية، حتى رحيله عام فى 11 نوفمبر 2004 بمستشفى بيرسى فى فرنسا، محمد عبدالرؤوف القدوة الحسينى الذى اشتهر باسم ياسر عرفات أو أبو عمار ولد فى فى 24 أغسطس 1929، وعندما توفيت والدته وهو فى الرابعة من عمره أرسله والده إلى القدس، وهناك بدأ وعيه يتفتح على أحداث ثورة 1936.
وفى عام 1937 عاد إلى القاهرة والتحق بكلية الهندسة فى جامعة الملك فؤاد حيث تخصص فى دراسة الهندسة المدنية وتخرج فيها عام 1951، وخلال فترة دراسته كوّن رابطة الخريجين الفلسطينيين التى جذبت اهتمام الإعلام فى مصر.
عرفات مهندس النضال الفلسطيني، ينتمى إلى جيل القوميين العرب الذى ظهر فى الخمسينيات ولعب أدوارا مهمة فى الستينيات والسبعينيات. وقد بدأ حياته فى خنادق المقاومة للاحتلال الإسرائيلى ثم غير خطه الفكرى بعد أن آمن بفكرة المفاوضات والتوصل إلى الحق الفلسطينى عبر الحوار من خلال عملية السلام، فأسفرت فترة التسعينيات عن اتفاقية أوسلو وإنشاء سلطة فلسطينية فى بعض مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفى سبتمبر 2001 اندلعت انتفاضة الأقصى على إثر زيارة أرييل شارون للمسجد الأقصى وانتشار حالة اليأس والإحباط التى عمت الشارع الفلسطينى من المفاوضات التى لم تحقق له حلم الدولة الفلسطينية واستعادة الأراضى المحتلة وعودة اللاجئين.
وفى عام 2002 قام عرفات بمساندة الانتفاضة، وكانت الكويت محطة مهمة فى حياته لأنه عام 1958 كون مع خليل الوزير (أبو جهاد) عام 1965 خلية ثورية أطلق عليها اسم «فتح» وحاول إكساب هذه الحركة صفة شرعية فاتصل بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها، أسس أول مكتب للحركة فى الجزائر عام 1965 مارس عبره نشاطا دبلوماسيا.
برز اسم الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات بقوة عام 1967 حينما قاد بعض العمليات الفدائية ضد إسرائيل عقب عدوان 1967 انطلاقاً من الأراضى الأردنية، وفى العام التالى اعترف به الرئيس المصرى جمال عبد الناصر ممثلا للشعب الفلسطينى.
انتخب المجلس الوطنى الفلسطينى ياسر عرفات رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فى عام 1969، وقتها بدأت مرحلة جديدة فى حياته منذ ذلك الحين. وانتقلت المقاومة الفلسطينية من الأردن لتحط الرحال مؤقتا فى الأراضى اللبنانية.
وعندما ألقى عرفات خطابا تاريخيا مهما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 13 نوفمبر 1974، أكد فيه أن القضية الفلسطينية تدخل ضمن القضايا العادلة للشعوب التى تعانى من الاستعمار والاضطهاد.
شنت إسرائيل هجمات عنيفة على قواعد المقاومة الفلسطينية فى لبنان فى الفترة بين عامى 1978 و1982، حيث دمرت عام 1978 بعض قواعد المقاومة وأقامت شريطاً حدودياً بعمق يتراوح بين أربعة وستة كيلومترات أطلقت عليه اسم الحزام الأمنى. ثم كان الاجتياح الكبير الذى احتلت به ثانى عاصمة عربية بعد القدس وما أشبه اليوم بالبارحة وهو ما يحدث فى 2024 وكانت إسرائيل قد دمرت أجزاء كبيرة من بيروت عام 1982، وفرض حصار لمدة عشرة أسابيع على المقاومة الفلسطينية، واضطر ياسر عرفات للموافقة على الخروج من لبنان تحت الحماية الدولية.
اتخذ المجلس الوطنى الفلسطينى فى نوفمبر1988 قراراً بقيام الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطينى وعاصمتها القدس الشريف استناداً إلى الحقوق التاريخية والجغرافية لفلسطين، وأعلن كذلك فى العاصمة الجزائرية عن تشكيل حكومة مؤقتة وفى الثمانينيات حدثت تغيرات كبيرة فى فكر المنظمة، حيث ألقى ياسر عرفات مرة أخرى خطابا شهيرا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ديسمبر 1988 أعلن فيه اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل فى الوجود، وأعلن عن مبادرة سلام فلسطينية تدعو إلى حق دول الشرق الأوسط -بما فيها فلسطين وإسرائيل وجيرانهما- فى العيش بسلام. وبعد هذا الإعلان توالت اعترافات العديد من دول العالم بالدولة الفلسطينية المستقلة.
وافق المجلس المركزى الفلسطينى على تكليف ياسر عرفات برئاسة الدولة الفلسطينية المستقلة فى أبريل 1989، ولدفع عملية السلام أعلن عرفات أوائل عام 1990 أنه يجرى اتصالات سرية مع القادة الإسرائيليين بهذا الخصوص.
وفى القاهرة عام 1994 وقع ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين على «اتفاق القاهرة» لتنفيذ الحكم الذاتى الفلسطينى فى غزة وأريحا.
كان لاتفاق أوسلو الذى وقعه الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلى إسحق رابين عام 1993 نتائج هامة على مسيرة الصراع الفلسطينى وأكد على وجود كيان فلسطينى جديد على الأراضى الفلسطينية سمى بالسلطة الوطنية الفلسطينية.
وكان أهم ما فى اتفاق أوسلو إضافة إلى اعترافه بالدولة الإسرائيلية على الحدود التاريخية لفلسطين أنه أوجد شرعية جديدة للعملية التفاوضية، شرعية تقوم على الاتفاقيات الثنائية وليس على القرارات الدولية الصادرة.
وفى القاهرة وقع ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إسحق رابين عام 1994 على «اتفاق القاهرة» لتنفيذ الحكم الذاتى الفلسطينى فى غزة وظل النضال الفلسطينى مستمرا حتى الآن وسوف يستمر من أجل الحرية لفلسطين.