الشعب يقترح ممثلاً أو مغنى بوب وهو يطمح فى فترة حكم ثالثة! ماكرون من الإليزيه إلى البحث عن وظيفة

فاتن الحديدى
مستقبل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، بعد انتهاء فترته الرئاسية الثانية، أصبح حاضرًا بقوة فى تقارير وسائل الإعلام المختلفة، وعلى موائد الحلقات النقاشية السياسية، حتى أن هناك استطلاعات رأى أجريت حول هذا الأمر.. ومع اقتراب رحيل ماكرون عن قصر الإليزيه مع حلول الانتخابات الرئاسية المقبلة فى 2027، يتراهن الفرنسيون حول الوظيفة التى قد يقبلها ماكرون بعد رحيله بين مدير بنك استثمارى أو خدمة مدنية أو محاضر فى الجامعات بعد أن تلاشى أمله فى مناجم إفريقيا.
تعلم الدائرة المقربة من ماكرون مدى غضبه من قصر مدة الرئاسة على فترتين، فعلى حد قوله للمقربين «من الأفضل دائمًا أن نمنح الناخبين الاختيار. فهل فكر رئيس الجمهورية فى مستقبله المهنى بعد انتهاء ولايته»؟
يقول المعارضون لسياسة ماكرون إن الوظيفة الوحيدة التى يستحقها أن يكون بلا عمل!
وبحسب حلفائه، لا ينبغى لإيمانويل ماكرون أن يغادر المشهد السياسى بعد انتهاء ولايته «سيلعب حتمًا دورًا فى السباق على خلافته فى عام 2027 ولن يترك الإليزيه جانبًا، إنه مصاب بالفيروس فيروس الرئاسة».
ولاية ثالثة
صرح وزير العدل السابق جان جاك أورفوا بهذه الفرضية مؤخرًا خلال مأدبة غداء مع أعضاء مكتب نقابة الصحفيين الوزارية، والتى يعتبرها العديد من المتخصصين فى القانون الدستورى غير ذات مصداقية كبيرة. ومنذ تعديل الدستور عام 2008، تبدو الفكرة مستحيلة وفقًا لنص المادة التى تؤكد أن رئيس الجمهورية ينتخب لمدة خمس سنوات بالاقتراع العام المباشر، وأنه لا يجوز لأحد أن يمارس أكثر من ولايتين متتاليتين.
وشقت هذه الفرضية طريقها للصحافة وشبكات التواصل الاجتماعى، من خلال عدة مصادر، وتساءل الصحفى ورئيس القسم السياسى ستيفان روبرت عما إذا كان «إيمانويل ماكرون يستطيع اللعب لوقت إضافى».
وأكد «روبرت» أن هناك «سيناريو يمكن أن نتصوره اليوم والذى ربما يسمح له بالبقاء فى الإليزيه بعد عام 2027، وفقًا للوضع الخاص لرئيس بولينيزيا الفرنسية، إدوارد فريتش».
ووصل فريتش إلى السلطة فى عام 2014، بعد استقالة سلفه، وقضى جزءًا من فترة ولايته الأولى لمدة ثلاث سنوات ونصف، ثم أعيد انتخابه فى عام 2018 ثم أراد العودة فى عام 2023، ولكن القانون البولينيزى يحد أيضًا من عدد ولايات متتالية لاثنين فقط.
لكن مجلس الدولة أخبره أن ذلك ممكن لأنه لم يخدم فترتين كاملتين.
سيناريو الخيال السياسى القانونى وبحسب فرانس كالتشر فإن «هذا القرار يفتح مجال الاحتمالات أمام إيمانويل ماكرون» الذى قد يختار حل الجمعية الوطنية فى منتصف المدة (نظرًا لعدم حصولها على أغلبية). وفى حالة إجراء انتخابات تشريعية جديدة، والتى لن تكون فى صالحه، فيمكنه بعد ذلك الاستقالة.
وسيعمل رئيس لمجلس الشيوخ، جيرار لارشر كرئيس مؤقت، وسيترشح ماكرون لإعادة انتخابه فى الانتخابات الرئاسية التالية، معتقدًا أنه لم يخدم لفترة ولاية كاملة.
ويشير موقع «فرانس كالتشر» إلى أن هذا السيناريو الخيالى القانونى السياسى يأتى من «فكرة اقترحها وزير العدل السابق جان جاك أورفوا».
قصر المنصب الرئاسى على فترتين؟ «قطعة كارثية من الهراء»، رد إيمانويل ماكرون على جوردان بارديلا أمام جميع زعماء أحزاب المعارضة المجتمعين فى سان دونى فى سبتمبر الماضى.
وظيفة لـ ماكرون
وبعيدًا عن الطموحات صار البحث عن وظيفة لماكرون صارت تسلية وتخمينات ساخرة يقولون «صياد فى مدينة قلبه مارسيليا»، جليس مسنين، تاجر عملات مشفرة، دبلوماسى مغامر مثل رومان غارى أو بوب ستار!
«ربما سأفعل شيئًا مختلفًا تمامًا»،ربما مؤلف رويات ملحمية! قال ماكرون «فى شبابى المبكر كتبت رواية عظيمة عن المغامرات والغزاة، كانت تسمى «بابل، بابل»، لكن الناشر الذى أرسلتها إليه لم يكن سعيدًا حقًا..»!
من أجل أوروبا
فى مقابلة أجرتها المجموعة الإعلامية Le Crayon، أكد إيمانويل ماكرون أنه سيواصل العمل من أجل أوروبا ومن أجل فرنسا!
لكن ما الذى تخفيه هذه العبارة المبهمة التى تبدو وكأنها تحذير تقليدى من كل رئيس فى نهاية عهده: «عليك أن تستمر فى التصرف معى»؟ مع علماء السياسة والمتخصصين من الاتحاد الأوروبى.
خمس وظائف
قامت صحيفة L'Express بتقييم الأبواب المختلفة التى ستفتح أمام إيمانويل ماكرون فى نهاية ولايته الثانية مكانًا بين أفضل الوظائف فى الاتحاد الأوروبى إن «الوظائف العليا» هى أعلى مناصب المسئولية داخل الاتحاد الأوروبى، وهى غير معروفة أو حتى غامضة بالنسبة لعامة الناس.
هناك خمسة منها: رئاسة البرلمان الأوروبى، ورئاسة المفوضية الأوروبية، ورئاسة المجلس الأوروبى، والممثل السامى لاتحاد الشئون الخارجية والسياسة الأمنية، وأخيرًا رئاسة البنك المركزى.
ماكرون ممثلًا
ووفقًا لمعلومات من توماس ديبريه من الخدمة السياسية، ذهب الزوجان ماكرون مؤخرًا لمشاهدة مسرحية «دائرة الشعراء المختفين»، وقد أحباها كثيرًا لدرجة أنهما تناولا العشاء مع الفرقة وتساءل البعض فى السوشيال ميديا ماذا لو جعلناه ممثلًا؟ كما هو الحال فى المدرسة الثانوية!!
وتهرب ماكرون من الإجابة عن هذا السؤال، مصرحًا: «أركز بشكل أساسى على ما يحدث اليوم وأتمنى أن تنجح البلاد». «أحاول أن أفعل الأشياء بالترتيب الصحيح».
وقال: «لن نضع أنفسنا فى وضع التوقف المؤقت حتى عام 2027»، معتبرًا أن «الأولوية» هى «العمل على التعامل مع تكاليف المعيشة والصحة و«التعليم»مسلطًا الضوء على «مبادئ العمل الثلاثة»: «اشرح الأمور»، و«التزم بالعمل»، و«التزم بالنتائج».
كان ماكرون يعلم أنه فور خروجه من الإليزيه بموجب قانون يعود تاريخه إلى عام 1955 يحق لرؤساء فرنسا الحصول على معاش تقاعدى يبلغ حوالى 6000 يورو (6650 دولارًا) شهريًا قبل الضرائب بمجرد تركهم مناصبهم.
يعنى 65000 يورو سنويًا، وشقة مفروشة، وسيارة مع سائقين، و7 مساعدين، و2 من الموظفين المحليين، وسفر مجانى بالسكك الحديدية والطائرات ووظيفة فى أعلى محكمة فى البلاد، فى المجلس الدستورى مقابل راتب إضافى قدره 14 ألف يورو شهريًا، واذا سافر إلى الخارج، يحق له الإقامة فى مقر إقامة السفير أو القنصل المحلى.
إضافة إلى حساب مفصل للمدفوعات السنوية التى تم دفعها لرؤساء فرنسا ورؤساء الوزراء السابقين فى نظام مدى الحياة والامتيازات التى لا تصدق. مع بنود تتراوح من تكاليف الصحف والتنظيف الجاف إلى دفع رواتب الموظفين والمكاتب.
وأعلن فى وقت سابق عن تخليه عن معاشه الرئاسى عندما يتنحى فى النهاية فى لفتة إصلاحية بعد أن واجهت خططه لإصلاح نظام التقاعد معارضة شعبية شرسة.
وقال مكتبه إن ماكرون سيتنازل عن حقوق المعاش التقاعدى هذه ويغير النظام الرئاسى لجعله متوافقًا مع الإصلاح الأوسع لنظام التقاعد فى فرنسا، مؤكدًا تقريرًا سابقًا لصحيفة لو باريزيان اليومية الفرنسية، سيكون الرئيس البالغ من العمر 42 عامًا على بعد سنوات من سن التقاعد القانونى فى فرنسا وهو 62 عامًا عندما يترك منصبه حتى لو خدم فترتين كاملتين لمدة خمس سنوات.
مثلث العلاقات المستحيل!
وتوقع الفرنسيون أن فى عقل ماكرون خطة لحياته ما بعد الرئاسة وهو ما تعزز بجولاته المكوكية الأخيرة لشمال إفريقيا وزيارته للمغرب واعترافه بأحقية المغرب فى الصحراء المتنازع عليها والهمسات التى تدور حول إدارته لمشروعات ضخمة واستقراره هناك.
وأخذت سياسة ماكرون مع الجزائر منحى بعيدًا عن سابقيه، ففى زيارته أعلن عن عدم التخلى عن ملف الذاكرة المشتركة بين البلدين وبناء مصالحة مع الماضى ونقل الحقيقة للأجيال الشابة فى فرنسا والجزائر بعمل أرشيف مشترك وتسليم فرنسا بعض المقتنيات الثمينة بينها رفات القادة ومقتنيات لعبدالقادر الجزائرى.
وكان الدفاع عن مجتمع مفتوح ومتعدد الثقافات عنصرًا أساسيًا فى حركة En Marche إلى الأمام، التى أطلقها ماكرون فى عام 2016 وقال فى مرحلة ما من الحملة الانتخابية: «العولمة يمكن أن تكون فرصة عظيمة». وقال فى مرحلة أخرى: «لا يوجد شيء اسمه الثقافة الفرنسية. هناك ثقافة فى فرنسا، وهى متنوعة».
ووضعت بعض وسائل الإعلام الفرنسية أول علامة على طموحات ماكرون الهائلة فى حياته العاطفية فى مطاردته العنيدة لزوجته بريجيت، معلمته السابقة فى المدرسة الثانوية وامرأة تكبره بـ 24 عامًا.
وقالت بريجيت ماكرون لمخرج أفلام وثائقية فرنسى «شيئًا فشيئًا، هزم كل مقاومتى، بطريقة مذهلة، بالصبر». أظهر المرشح نفس المثابرة فى الاستيلاء على قصر الإليزيه!.