الأحد 13 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
بعد عام من الطوفان:   هل استفاد الفلسطينيون من إيران؟!

بعد عام من الطوفان: هل استفاد الفلسطينيون من إيران؟!

بعد مرور عام على الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس فى غزة، أصبح من الواضح أن هذا الصراع العنيف أفرز دروسًا مهمة تلقى بظلالها على مستقبل المنطقة، أحد أهم هذه الدروس هو أن الحلول العسكرية وحدها لن تحقق نهاية الصراع، حيث استمر التصعيد بين الطرفين دون أى نصر حاسم. 



إسرائيل بتفوقها العسكرى الجوى والاستخباراتى، استطاعت توجيه ضربات قوية للبنية التحتية لحماس، إلا أنها لم تنجح فى كبح قدرة الحركة على إطلاق المزيد من الصواريخ نحو المدن الإسرائيلية، من جانب آخر، أظهرت حماس قدرة لافتة على التكيف مع ظروف الحصار والقصف المكثف، حيث حافظت على ترسانتها الصاروخية واستمرت فى توجيه ضربات نوعية لإسرائيل، مما يعكس قدرتها على الصمود رغم الضغط الكبير.

سياسيًا، لم يتمكن أى من الطرفين من تحقيق مكاسب ملموسة، إسرائيل التى طالما اعتمدت على قوتها العسكرية وتأييد الغرب، تواجه تراجعًا ملحوظًا فى صورتها الدولية، الانتقادات المتزايدة لسياساتها تجاه الفلسطينيين، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، أثرت سلبًا على سمعتها الملوثة أساسًا على المستوى الدولى، من جهة أخرى استطاعت حماس تعزيز شعبيتها بين الفلسطينيين، حيث قدمت وثبتت نفسها كمدافعة عن القضية الفلسطينية فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى، وهذا أكسبها تأييدًا شعبيًا رغم الأوضاع الاقتصادية المتردية والحصار الخانق الذى يعيشه شعب غزة.

ولكن على الرغم من هذا التأييد الداخلى، لم تتمكن حماس من تحقيق تغيير ملموس على الصعيد الدولى، فقد حافظت القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة، على دعمها الثابت لإسرائيل، مما أبقى على الخلل فى موازين القوى، إسرائيل تستمر فى الاعتماد على الدعم العسكرى والدبلوماسى من الغرب، وهو ما يعزز قوتها العسكرية ويضعف من احتمالات تحقيق تسوية سياسية عادلة.

من العوامل التى زادت من تعقيد المشهد هو التدخل الإيرانى الأخير فى الصراع، عبر دعمها لحماس، وتوجيه صواريخ نحو الداخل الإسرائيلى، أدخلت إيران الصراع فى بعد إقليمى أوسع، من وجهة نظر إيران، هذه المواجهة تمنحها فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمى وإظهار نفسها كقائدة للمقاومة ضد إسرائيل، هذا التدخل يعزز قدرات حماس العسكرية ويرفع من معنوياتها، لكنه فى الوقت نفسه يجعل غزة ساحة للصراع الإيرانى الإسرائيلى، مما يزيد من تعقيد الوضع وقد يؤدى إلى تصعيد أكبر.

التدخل الإيرانى يثير تساؤلات حول مدى فائدته للفلسطينيين، حيث إنه يزيد من تعقيد الصراع ويجعل غزة مسرحًا لتصفية الحسابات بين إيران وإسرائيل. هذا الأمر قد يؤدى إلى تزايد الضغوط على غزة وزيادة معاناة الشعب الفلسطينى، دون تقديم حلول حقيقية للقضية الفلسطينية، إيران قد تستفيد من دعمها لحماس على المستوى السياسى الإقليمى، لكنها لا تقدم بالضرورة مخرجًا عمليًا للفلسطينيين.

فى ظل استمرار هذا المشهد المعقد، من الصعب توقع مخرج واضح لهذا الصراع الفلسطينى الإسرائيلى فى المستقبل القريب، التدخلات الإقليمية، الدعم الغربى المستمر لإسرائيل، والتباين فى المواقف العربية، كلها عوامل تُعقد إمكانية الوصول إلى حل سياسى دائم، الأمر الذى يدفعنا للقول بأن الوضع الحالى يبدو أنه سيظل فى حالة من الجمود، مع احتمال تكرار التصعيدات العسكرية بين الفينة والأخرى ما لم تحدث تغييرات جوهرية فى مواقف القوى الكبرى أو فى السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، الصراع سيبقى مفتوحًا على المزيد من العنف والتدهور، فى وقت يبقى الشعب الفلسطينى هو الأكثر تضررًا، حيث يعانى من التقتيل الوحشى والتهجير والحصار المستمرين وعرضة لتصعيدات إبادة متكررة دون أى أفق لحل سياسى يضمن له حقوقه الوطنية المشروعة.