البرج الأيقونى فى العاصمة الإدارية يكتسى بالعلم السعودى مصر والمملكة شراكة استراتيچية وآفــــــــاق واعـــــدة
عبدالمنعم شعبان
الحليف لغة هو المُتعاهد على التناصر والتعاضد، وفى صميم المشهد العربى وبالحروف المضيئة اللافتة ترى نموذجًا فريدًا لذلك المعنى الصادق.. علاقة تاريخية تجمع بين مصر والمملكة العربية السعودية.. روابط متجذرة عبر الزمن تتجاوز حدود الأروقة الدبلوماسية، وترويها مشاعر الإخوة، والمحبة، وأواصر القربى والعروبة والدم، والمصير المشترك.. ولِم لا وقد كانت أرض الحرمين عبر العهود هى قِبلة المصريين، وظلت مصر طيلة العقود هى السند والظهير الذى لم يتأخر لحظة عن أشقائه.. وقد كنا يوم الحرب واحدًا، وفى أوقات السلم نحلم سويًا ونبنى ونساند.
روابط عميقة
فى مشهد بديع، تزين البرج الأيقونى بمنطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، مساء الثلاثاء الماضى بعلم المملكة العربية السعودية، وذلك فى إطار احتفالات المملكة بعيدها الوطنى الـ94، بما يعكس الروابط العميقة التى تجمع البلدين الشقيقين.. وعلى بُعد أمتار من البرج الأيقونى المكتسى بعلم المملكة، أقام سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية مصر العربية صالح بن عيد الحصينى، والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية عبدالعزيز بن عبدالله المطر، حفل «استقبال رسمى» بمناسبة اليوم الوطنى للمملكة، بحضور الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، والوزير أشرف سلمان رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، والمهندس عبدالصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة والكاتب الصحفى أحمد الطاهرى رئيس تحرير مجلة روزاليوسف ورئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، ولفيف من الوزراء والمسئولين ورجال الأعمال والمفكرين والفنانين والإعلاميين والسفراء المعتمدين وممثلى المنظمات الدولية المعتمدة لدى مصر.
عزيمة حاسمة
ألقى السفير الحصينى كلمة رحب فيها بالحضور، وتناول من خلالها المنجزات التى تحققها المملكة بخطى حثيثة فى إطار «رؤية 2030»، مؤكدًا أن المملكة ومصر متوافقتان فى سياساتهما متطابقتان فى مواقفهما، تقدمان نموذجًا للعلاقات الثنائية.. وأن التاريخ والواقع يسجلان أنهما قطبا العمل فى النظام العربى والإقليمى، وكلا البلدين مشغولان فى البناء والمشاريع التنموية الرائدة والنهضة الشاملة ورفاهية مواطنيهما، خاصة وأن كلا البلدين لديهما إرادة سياسية واضحة وعزيمة حاسمة لدفع العلاقات الثنائية التى هى فى الأصل متميزة إلى آفاق أرحب.
ونوه السفير الحصينى إلى أن المرحلة المقبلة ستكون قائمة على مسارات وآليات ومبادرات وهيكلة مؤسسية متطورة مع تشكيل مجلس التنسيق الأعلى للعلاقات السعودية - المصرية، بهيكلة جديدة وإنشاء اتفاقيات ذات فاعلية فى زيادة تدفق الاستثمار والتبادل التجارى، لافتًا إلى أن شواهد حيوية تلك العلاقة تتضح فى كثافة الاجتماعات فى الأشهر الأخيرة، حيث لقاء سمو ولى العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان مع فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال أدائه لمناسك الحج، وكذلك لقائه مع دولة رئيس مجلس الوزراء المصرى مؤخرًا، و3 لقاءات لوزراء الخارجية، ولقاءات وزيارات لأكثر من 24 وزيرًا ومسئولًا.
من جانبه أكد معالى نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبدالغفار فى الكلمة التى ألقاها نيابة عن دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى أن هذه المناسبة تجمع بين طياتها كل مشاعر الحب والتقدير من مصر إلى المملكة لما حققته على مدار تلك المسيرة الطويلة من إنجازات عظيمة وجهود مقدرة فى إطارها الوطنى والعربى والدولى.
وأشار إلى أن العلاقات التى تجمع بين البلدين ترسخها عقود من التعاون والتضامن الذى أثمر عن العديد من الإنجازات المشتركة، مبينا أن المتتبع لمسار العلاقات بين البلدين الشقيقين يرى أنها تأخذ منحى أكثر رسوخًا وصلابة تحت مظلة العلاقات المتينة والأخوية بين قياديتى البلدين.
تعزيز الشراكة
وسط عالم يموج بالتحديات والمخاطر الاقتصادية، تسعى كل من القاهرة والرياض لزيادة وتيرة التعاون الاستثمارى والتبادل التجارى وتحفيز الشراكات بين القطاع الخاص فى البلدين، ووفقا لآخر البيانات الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة المصرية فقد بلغت معدلات التبادل التجارى السلعى بين البلدين نحو 5.7 مليار دولار عام 2022، مقارنة بنحو 4.6 مليار دولار عام 2021، محققة نسبة زيادة بلغت 23.9 بالمئة، فيما وصل حجم الاستثمارات السعودية فى مصر أكثر من 6 مليارات دولار وذلك فى قطاعات الصناعة والإنشاءات والسياحة والزراعة والخدمات والتمويل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كما وصلت قيمة الاستثمارات المصرية فى السعودية نحو 1.4 مليار دولار فى قطاعات الصناعة والطاقة والمياه والصحة وتجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية والبتروكيماويات والبترول والغاز والسياحة والاتصالات وتقنية المعلومات والنقل والخدمات اللوجستية والتعدين والخدمات الهندسية.
آفاق أرحب
وتتفق حكومتا البلدين على ضرورة تعزيز الشراكة الاقتصادية استثماريًا وتجاريًا، ونقلها إلى آفاق أرحب لترقى إلى متانة العلاقة التاريخية والاستراتيجية بينهما عبر تحقيق التكامل بين الفرص المتاحة من خلال رؤية المملكة العربية السعودية 2030 ورؤية مصر 2030، حيث تسعى المملكة لتصبح الشريك التجارى الأول لمصر خلال السنوات الخمس المقبلة، إذ يوجد نحو 6285 شركة سعودية تعمل فى مصر، بجانب وجود 274 علامة تجارية مصرية، وأكثر من 574 شركة مصرية فى الأسواق السعودية، وفى الخامس عشر من الشهر الجارى قام رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى بزيارة إلى العاصمة السعودية الرياض والتى تم الإعلان خلالها عن الاتفاق على تفعيل اتفاقية حماية الاستثمارات السعودية فى مصر فى غضون الأسابيع المقبلة، فضلا عن توجيه سمو ولى العهد لصندوق الاستثمارات العامة السعودى بضخ استثمارات بقيمة خمسة مليارات دولار فى مصر كمرحلة أولى.
وسبق لمجلس التنسيق السعودى - المصرى الذى أسسه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن أبرم 17 اتفاقية شكلت خارطة طريق للتعاون الاقتصادى بين البلدين، فى مجالات الإسكان والبترول والتعليم والزراعة والصحة، شملت اتفاقية لتطوير مستشفى قصر العينى بقيمة 120 مليون دولار، واتفاقية أخرى لتمويل إنشاء محطة كهرباء غرب القاهرة بـ 100 مليون دولار، إلى جانب توقيع 10 اتفاقيات تفاهم لتمويل مشروعات جديدة ضمن برنامج الملك سلمان لتنمية شبه جزيرة سيناء، من بينها تأسيس جامعة الملك سلمان الدولية، وإنشاء 13 تجمعًا زراعيًا فى شبه جزيرة سيناء بقيمة 106 ملايين دولار، وغيرها من المشروعات التنموية.
طابع خاص
وعلى هامش احتفال السفارة السعودية بالقاهرة بالعيد الوطنى السعودى والمشاركة المصرية الواسعة من جميع أطياف المجتمع، حرص منظمو الحفل على الجمع بين عبق الماضى الأصيل، وتطور وحداثة الحاضر، حيث أبرزوا جوانب من التراث السعودى المميز سواء الأزياء أو الديكورات أو الضيافة بالقهوة العربية الشهيرة، كما خصصت السفارة ركنًا لعرض الزى السعودى بأشكاله وألوانه المختلفة وحياة أهل البادية ذات الطابع الخاص، لتأتى ذكرى اليوم الوطنى السعودى الذى يوافق الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام، مناسبة خاصة يتشارك فيها الشعبان الشقيقان الفرحة على طريقتهما الخاصة، ويتجدد معها الوقوف على أهم المحطات التى مرت بها العلاقات المصرية - السعودية والتى سجل فيها شعبا وقيادتا البلدين الشقيقين بحروف من نور مواقف تعكس عمق الروابط والوشائج التى أبت إلا أن تصمد فى وجه كل المحن والصعوبات وسط منطقة تموج بالتحديات والمخاطر على جميع المستويات.