السبت 5 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أغنية Alibi..أو «لقد قتلت رجلًا».. وهكذا تصنع الأغنية المشتركة!

من يستخدم تطبيقات التواصل الاجتماعى سواء فيسبوك أو إنستجرام، سيجد أن هناك أغنية شهيرة يتم استخدامها على خاصية «ستورى» فى الأسابيع القليلة الماضية، هذه الأغنية بعنوان «ALIBI»، هذه الأغنية تم استخدامها أيضا على منصة تيك توك فى عشرات الملايين من المقاطع، وفى خلال شهرين فقط على يوتيوب حققت أكثر من 106 ملايين نسبة مشاهدة لكليب الأغنية، بالإضافة إلى ملايين مرات الاستماع على المنصات الرقمية المتخصصة فى عرض الموسيقى.



 

هذه الأغنية تحمل الكثير من القصص التى يجب أن تروى، فهى أغنية مبهرة وممتازة وتترك الأثر فى نفوس المستمعين من المرة الأولى للسماع، حتى لو كان هؤلاء المستمعون لا يجيدون اللغة التى تتحدث بها الأغنية.

وعلى المستوى التاريخى فهذه الأغنية مرت بثلاث مراحل، فالمرحلة الأولى بدأت مع Sexteto Habanero Godínez عندما أصدر أغنية كوبية بعنوان Rosa, qué linda eres، فى عام 1918، بالأرتام اللاتينية الكلاسيكية، وهذه الأغنية تحولت بعد ذلك إلى أغنية Rosa للمغنية الكولومبية Totó la Momposina، وهى صاحبة الجزء الذى تسبب فى انتشار أغنية «ALIBI» حيث إن جملة «السينيو» الجزء الذى يتكرر فى الأغنية، مأخوذ منها بنفس طريقة الأداء.

أغنية «ALIBI» صدرت بعنوان «لقد قتلت رجلًا»، ورغم دموية الاسم، ولكنها تشعر المستمعين بالبهجة، فهى تبدأ بمقطع من نصيب الفنانة الإيرانية SEVDALIZA التى ظهرت فى كليب الأغنية وهى ممسكة بسكين ملطخ بالدماء، وتقوم الفتيات من حولها بغسلها وتطهيرها، وتقول كلمات الجزء الخاص بها المغنى بالإنجليزية: «هذا العالم ليس مناسبا لقلوب النساء، ومع ذلك تنهضين رغم الصعاب، ولذلك قتلت رجلًا» ومع جملة السينيو المأخوذة من الأغنية التراثية Rosa نجد الفتيات يقمن بالرقص بعد تطهيرها من الدماء وهن يغنين «روزا.. كم أنت جميلة؟»، فى تشبيه بليغ بأن الفتيات مثل الزهور.

ثم يأتى المقطع المخصص للفنانة الفرنسية ذات الأصول الإفريقية Yseult وهى تغنى ببعض التلميحات الجنسية وهى ممسكة بالسكين وتختتم الجزء الخاص بها وهى تقول: «فلقد انتهى زمن الشعراء، أعشقه وأكرهه بنفس الوقت- تقصد حبيبها- عندما أقتل رجلًا سيكون لدى عذرى»، ثم تأتى مرة أخرى جملة السينيو وترقص الفتيات أسفل قماشة كبيرة حمراء اللون وهن يغنين «روزا.. كم أنت جميلة؟».

ثم يبدأ الفصل الأخير من الأغنية المخصص لـPABLLO VITTAR وهو مغنٍّ برازيلى، ولكنه يظهر فى مظهر نسائى ويرتدى ملابس النساء، وتعتبر أغانيه أشبه بالترانيم غير الرسمية لمجتمع المثليات والمثليين ومزدوجى الميل الجنسى والمتحولين جنسيا، حيث يعتبر كل هؤلاء أن PABLLO VITTAR صوت لهم.

ولكن رغم مظهره النسائى، إلا أن نبرة صوته وطريقة غنائه ذكورية، حيث يغنى ويقول «حبى دائما مليئا بالآلام وقتل الرجل سيكون عذرى».

إذن نحن أمام أغنية متمردة ضد سيطرة الذكورية، والأغنية تجمع ثلاثة فنانين من خلفيات ثقافية واجتماعية وموسيقية مختلفة، فهناك فنانة إيرانية، ونحن نعلم جيدًا كيف تتعامل النساء الإيرانيات هناك، وفنانة سمراء فرنسية من أصول إفريقية، وفنان متحول جنسيًا وجميعهم يشتكون من الأفكار الذكورية، ويرقصون على أحزانهم ومشاكلهم.

ربما تكون الأغنية انتشرت فى الأوساط العربية بفضل إيقاع الـreggaeton المحبب لدى الكثيرين ويتم استخدامه فى أغانى «عمرو دياب ومحمد حماقى» والكثير من الفنانين، بالإضافة إلى مزجه مع الـbullerengue، والـFunk carioca.

وبعيدا عن القصص السياسية والفكرية التى تحدثنا عنها، فيما يخص خلفيات الفنانين المشاركين فى العمل، ولكن يظل الأهم هو كيفية صناعة أغنية مشتركة، نحن أمام عمل بديع يغنى كل فنان جملا لحنية مختلفة تماما وبطريقة أداء مختلفة، بل كل واحد منهم يطرح قضية مختلفة عن الآخر، ويجتمعون جميعًا فى مقطع لحنى «أخاذ» تراثى، ومبهج، وكل هذا مبنى على توزيع موسيقى به مزج من ثلاثة أشكال موسيقية مختلفة تمامًا عن بعضها.

ولذلك إذا أراد أى فنان أن يصنع أغنية مشتركة، فيجب أن يستمع وينصت ويحلل ويتعلم من هذه الأغنية، خاصة أن بها مقطعا تراثيا تم إعاده إحيائه مرة أخرى، فحقق نجاحًا عالميا ودوليًا، فهكذا يتم إعادة تقديم التراث بشكل عصرى كأنه جديد، وفى الوقت ذاته يحافظ على رونق وأصالة العمل الأصلى!