الثلاثاء 11 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأزهر يرفع راية جديدة لدعم المرأة .. جامعة الأزهر تطلق برنامجًا لصناعة القيادات النسائية المشرقة

الأزهر يرفع راية جديدة للمرأة من خلال إطلاق برنامج يستهدف دعم قدرات المرأة، ومشاركة دولية لتوضيح مكانة المرأة، وحقيقة التعاليم الإسلامية الخاصة بها، فمن جانبها أطلقت جامعة الأزهر برنامجا لصناعة القيادات النسائيَّة المشرقة، وتشرف عليه الدكتورة نهلة الصعيدى، مستشارة شيخ الأزهر لشئون الوافدين عميدة كلية العلوم الإسلامية للوافدين.



 

رئيس جامعة الأزهر د.سلامة داود من جانبه أعرب عن سعادته بالمبادرة، وأكد قائلا: «أن دور المرأة فى الحياة لا غنى عنه، وأن التراث والحاضر يزخر بالنماذج النسائية التى كان لها دورٌ كبيرٌ فى نفع البشريَّة، وأن مما تعلمناه من قيادة النساء للأمور أن بلقيس رغم امتلاكها للقرار إلا أنها كانت حريصة على مشورة من حولها، وكذا كان لمشورة السيدة أم سلمة - رضى الله عنها - أهمية عظيمة فى صلح الحديبية، عندما أشارت على النبى - صلى الله عليه وسلم - بأن يحرم فيفعل الناس مثله، إضافة إلى وجود تشريعات بنيت على ما سمعناه من السيدة عائشة - رضى الله عنها-؛ كونها من أكثر راويات الحديث، وقد قال -صلى الله عليه وسلم: «خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء». 

وأشار إلى أن الأزهر الشريف يحظى بالعديد من القيادات النسائيَّة فى عمادة الكليات والمعاهد والشئون الإدارية وغيرها، وأن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، يولى المرأة اهتمامًا كبيرًا، وقد رأينا فى عهده تعيين أول امرأة كمستشارة لشيخ الأزهر الشريف، وتخصيصه لبرنامج تليفزيونى كامل عن حقوق المرأة. 

فيما أوضح الدكتور محمد فكرى خضر، نائب رئيس الجامعة لفرع البنات، أن هذا البرنامج يسعى إلى تحقيق النجاح والتقدم، وتعزيز صناعة القيادات النسائيَّة لترسيخ قيم العدالة، وتوسيع آفاق الفهم، ومناقشة التحديات والفرص، والاستفادة القصوى من الخبرات الموجودة فى الأزهر الشريف، فضلًا عن كونه ترجمة عمليَّة لما يقوم به الأزهر الشريف من جهود فى صناعة القيادات النسائيَّة، التى يوليها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رعاية خاصة.

وأكد أن المرأة كانت ولا تزال شريكًا أساسيًّا فى بناء المجتمعات، وأن القيادة ليست سلطة فقط لكنها مهارة وفن، وقد قرأنا فى تاريخنا ورأينا فى حاضرنا شخصيات نسائيَّة أسهمت فى تغيير مجرى التاريخ فى الدين، والسياسة، والفكر، والعلوم والفنون.

وأعرب عن تقديره لما تقوم به إدارة الجامعة فى خدمة المجتمع، مؤكدًا أن النساء اللاتى تشغلن المناصب القياديَّة فى جامعة الأزهر لهن أثر عميق فى تعزيز القيم الإنسانية.

وعن هدف البرنامج تقول الدكتورة نهلة الصعيدى، مستشارة شيخ الأزهر لشئون الوافدين: إن البرنامج يهدف إلى غرس الأمل فى نفوس النساء وتأهيل قائدات يغيرن المجتمع للأفضل، من خلال إبراز النماذج المشرقة التى نستلهم منها التغلب على صعوبات الحياة بالإيمان واليقين فى الله كما فعلت السيدة هاجر -رضى الله عنها- عندما قالت وهى فى الصحراء: (لن يضيعنا) فهى رسالة لكل مسئولة، ولكل مطلَّقة، ولكل طالبة علم، ولكل مَن فقدت عائلها بأنه مهما طال العسر فإن اليسر بفضل الاعتماد على الله سيأتى.

وأشادت الدكتورة هناء العبيسى، عميدة كلية طب البنات، بفكرة البرنامج الذى حظى بإقبال من الأساتذة والموظفات والطالبات، مؤكدة أن المرأة القائدة تخدم المجتمع وتسهم فى تطويره وتنميته، وهذا يعود لارتباطها بالأسرة التى تعد الجزء الأساسى للمجتمعات؛ إذّ تقوم بتطبيق الاستراتيجيات السليمة التى تقوم بدورها كأم وزوجة على الشواغر التى تعمل بها كقائدة، فهى تهتم بشكل أكبر بالأشخاص الذين تحكمهم أو ترأسهم وتهتم بالتفاصيل التى تتعلق بهم أكثر، وبالتالى تكون قادرة على خدمتهم ومساعدتهم فى تحقيق التنمية المستدامة الضرورية للمجتمعات.

 مشاركة أممية

الأزهر لم يكتف بإطلاق برنامج لدعم قيادة المرأة، وقام بالمشاركة فى المائدة المستديرة التى نظمها مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان بأوزبكستان بعنوان (حقوق المرأة فى الإسلام) بورشة عمل تحت عنوان (تعزيز حقوق المرأة فى أوزبكستان)، حيث مثل الأزهر د.عباس شومان، أمين عام هيئة كبار العلماء، رئيس المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، والذى أطلق عددًا من التصريحات التى تمثل تجديدًا فى الخطاب الدينى نحو المرأة، والتى جاء من أهمها أن الطلاق ليس حقًا مطلقًا للرجل.

الدكتور شومان قال: «إن الأزهر يؤمن بحقوق المرأة كما حملتها شريعتنا الغراء، ولذا فهو يمكِّن للمرأة تمكينًا لا يخطئه منصف، حيث تشارك الرجال فى جميع مواقع العمل فى الجهات التابعة للأزهر، فلدينا العديد من عميدات الكليات الأزهريَّة، وبعض القيادات العليا وصلت إلى اختيار إحداهن مستشارة لشيخ الأزهر الشريف، كما يؤكد الأزهر حقوق المرأة المتنوعة، فى مؤتمراته وندواته وأنشطته المتعددة، ومنها: حقها فى التعلم والعمل، وتولى الوظائف العليا فى الدولة، وحقها فى اختيار شريك حياتها دون ضغط أو رفض من ولى أمرها، وحقها فى السفر من دون محرم متى أَمِنَتِ الطريق، وحقها فى طلب الخلع إن كرهت الزوج دون أن يكون به عيب، وحقها فى طلب التطليق للضرر إن كان الزوج يسيء معاملاتها، كما يؤكد الأزهر على تحريم تطليقها من دون سبب تستحيل معه عشرتها، فليس التطليق من الحقوق المطلقة للرجال يفعلونه متى أرادوا، وكيف يتصور أن شرعنا يقر طلاق رجل لزوجته بعد أن أفنت معه زهرة شبابها عقودا؛ لتجد نفسها وحيدة بينما يتمتع هو بزوجات غيرها.

وخلال المشاركة أكد د.شومان: «لا يخفى على مسلم ولا مسلمة الاهتمام البالغ من قِبَلِ شرعنا بالأسرة؛ حيث يبدأ هذا الاهتمام من بداية تفكير الشاب والفتاة فى الزواج وبناء أسرة جديدة، فقد وجه الشباب لاختيار المرأة الملتزمة بتعاليم دينها سلوكيًّا، كما وجه أولياء المرأة لقبول الشاب الملتزم بدينه زوجا لابنتهم، ثم إن شرعنا مع المخطوبين خطوة بخطوة من الخِطبة إلى العقد إلى الحياة الزوجيَّة، بما فيها من تجاذبات تجلب السعادة أحيانا والتوتر أحيانا أخرى، يحدوهما للتغلب على المشكلات وتحقيق المودة المنشودة من الزواج، ولقد كانت الوصية بالنساء من آخر وصايا رسولنا الأكرم.

وأوضح رئيس المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، أنه إذا كنا اليوم فى هذه المائدة وما يتلوها من فعاليات نعمل فى إطار تعزيز حقوق المرأة فى المجتمعات كلها، وليس فى أوزبكستان فقط، فإن أفضل إنصاف للمرأة هو العمل على إبراز حقوقها التى أَكْسَبَتْهَا إيَّاها شريعتُنا الغراءُ دون نقص أو زيادة، فكثير من الناس يهضمون حقوق المرأة فى المعايشة الأسريَّة، حيث ينظرون إلى المرأة كأن وظيفتها تنحصر فى خدمة الزوج وأولادها، وكأنها لا حظَّ لها فى التمتع بما يتمتع به الرجال من حقوق! وهذا من الظلم البيِّن للمرأة ترفضه شريعتنا الغراء، فشريعتنا تنظر إلى المرأة على أنها شقيقة الرجل وشريكته فى الأعباء، وتتمتع بجميع الحقوق التى يتمتع بها فى مقابل الواجبات التى تلزمها.

وشدد أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر، أنه يجب علينا أن نصحح بعض المفاهيم المغلوطة حول منزلة المرأة الاجتماعية، فكثير من الناس يفهمون القوامة فهمًا مغلوطًا؛ حيث يفهون أن هذا يعنى تفضيل الرجال على النساء؛ ليكون الزوج فى المرتبة الأولى ثم تكون الزوجة فى المرتبة الأدنى، وهذا خطأ، فالقوامة مسئولية وتكليف للرجال تجاه زوجاتهم، ولا علاقة لها بالتفضيل على الإطلاق، فالرجل قوَّام على المرأة؛ أى: مسئول عن نفقتها وحمايتها وصيانة كرامتها، ونظرة عابرة إلى المعاجم اللغوية تظهر هذا المعنى بجلاء، فالقيِّم على الشيء: الحافظ له والقائم على شأنه، وليس الزوج فقط هو المكلف بالقيام على شأن المرأة، فمن تكريم المرأة فى الإسلام أنها منذ أن تولد إلى آخر حياتها فى عناية الرجال، فقبل الزواج فى مسئولية وعناية أسرتها، وبعد الزواج فى مسئولية الزوج، فإن طلقت أو مات زوجها، عادت إلى مسئولية والدها أو من ينوب عنه.

وبين الدكتور شومان أنه إذا أردنا إنصاف المرأة حقا، فعلينا أن نعتدل فى معالجة قضاياها، فإذا كان بَخْسُ حقوقِها مرفوضٌ من قبل شرعنا، فإن المبالغة فى البحث عن مكتسبات للمرأة قد يضر بها من حيث لا يدرى الباحث عن إنصافها، فليس فى مصلحة المرأة تلك المطالبات بتخليها عن حشمتها وسترها، وذلك بالتشكيك فى فرض الحجاب الذى هو من تكريم المرأة وصيانتها عن الابتذال، كجوهرة ثمينة تحفظ عن أعين المستهترين، وليس من التضييق عليها كما يظن بعض النساء والرجال على السواء، وهو ثابت بالنصوص القطعيَّة وفى مقدمتها كتاب الله.

وتابع أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر، أنه ليس من مصلحة المرأة ما ينادى به البعض من إباحة زواجها بأنثى مثلها، ولا فى إباحة ما يسمونه بالمساكنة قبل الزواج، وغير ذلك مما ثبت تحريمه قطعا فى شريعتنا، وكذلك ليس فى مصلحتها المطالبة بتسويتها مع الرجل فى الميراث، بل إن هذا يفقدها الكثير من حقوقها الماليَّة المستحقة فى الميراث، حيث تتفوق على الرجل نصيبا فى كثير من حالات الميراث، وتتساوى معه فى حالات أخرى، فالإنصاف الحقيقى يكون فى تأكيد حقوقها التى جاءت بها شريعتنا دون اجتهاد لا تقبله النصوص القطعية فى كتاب ربنا.

وأضاف رئيس المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، أنه أيضا ليس فى مصلحة المرأة المسلمة المطالبة بتمكينها من الزواج ممن خالفها فى دينها؛ حيث إن الحياة الأسريَّة لا تستقيم لزوجة مسلمة زوجها غير مسلم، حيث لم يأمره دينه بتمكينها من أداء عبادتها كما تعتقدها، وهنا يقع التنازع والشقاق بينهما، بخلاف غير المسلمة إذا تزوجت من مسلم؛ حيث يؤمن زوجها المسلم برسولها سيدنا موسى أو عيسى بالضرورة، وهو مأمور بتركها تتعبد على شريعة دينها، ومنهى عن الإساءة لدينها أو حتى عن الإكثار من مدح الإسلام أمامها، حتى لا يكون من الاستدراج لها لدخولها فى دينه الإسلام عن دون رغبة صحيحة، وهنا فلا مجال للنزاع والشقاق بينهما، فتستقيم حياتهما الزوجيَّة، والدعوة بالمساواة بين المسلمة وغير المسلمة فى التزوج تعنى زيادة التوتر فى العلاقات الأسريَّة وهذا مالا يريده شرعنا. 

وأكمل أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر حديثه عن الأضرار التى قد تلحق المرأة بسبب مطالبات مخالفة لشرع الله، مبينا أنه ليس من مصلحة المرأة ما ينادى به البعض من تمكين الأنثى كاملة الأنوثة من التحول الجنسى لتكون ذكرا، لما فيه من تبديل خلق الله، وليس فى مصلحتها أيضا القول بإباحة الإجهاض من دون قيد أو شرط، فهو يغرى الفتيات على التخلى عن الضوابط الأخلاقية، والوقوع فى الخطيئة لسهولة التخلص من الحمل إن وجد، ولذا يجب أن يبقى أى حديث عن الإجهاض مقترنا بضوابطه الشرعيَّة، وكذا فى سائر الحقوق المتعلقة بالمرأة فليس هناك حقوقٌ مُطْلَقَة، والقول بذلك مفسدة مُطْلَقَة أول من تستضر بها هى المرأة.

واختتم أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر كلمته بأن الأزهر يُشدد على وجوب إيصال حق المرأة المستحق فى تركة من مات من قرابتها أو زوجها، وحقها فى الحصول على تعويض عن مشاركتها فى تنمية ثروة زوجها، يكافئ جهودها التى بذلتها، وإذا لم تأخذه فى حياة زوجها أخذته من تركته أولًا ثم تأخذ نصيبها من التركة ميراثا وغير ذلك من الحقوق كثير، وما علينا إلا تأكيد هذه الحقوق ومطالبة الناس بإعطائها إياها، إضافة إلى احترامها وتقديرها وتكريمها إن أردنا فعلا إنصافها.