الأحد 8 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اختراقات أمنية وفشل استخباراتى.. جيش الاحتلال فى مرمى النيران

رُغْمَ استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلى أهارون حاليفا من منصبه بعد أن أقر «بمسئوليته» عن إخفاقات شُعبَة الاستخبارات التى سمحت بوقوع هجوم السابع من أكتوبر الذى شنته حركة حماس، وبعد مرور أكثر من 251 يومًا على الحرب الوحشية التى يشنها جيش الاحتلال فى قطاع غزة، فى أعقاب عملية «طوفان الأقصى»؛ تواجه تل أبيب فشلًا جديدًا، من الناحية الاستخباراتية.



فقَبْلَ وقت قصير من تدفق المقاتلين القادمين من غزة إلى إسرائيل، رصدت الاستخبارات الإسرائيلية زيادة فى نشاط مسلحين على بعض الشبكات التى تراقبها فى غزة، وبَعد أن أدركت أن هناك أمرًا غير عادى، أرسلت تحذيرًا إلى الجنود الإسرائيليين الذين يحرسون الحدود مع غزة.

ورُغْمَ إرسال التحذير؛ لم تتُخذ أى إجراءات بشأنه؛ إمّا لأن الجنود لم يتلقوه، أو أنهم لم يقرؤوه، وفق ما أفاد مسئولون أمنيون إسرائيليون لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

وبَعد ذلك بوقت قصير، أرسلت حركة حماس طائرات مُسَيّرة؛ لتعطيل بعض محطات الاتصالات الخلوية وأبراج المراقبة الخاصة بالجيش الإسرائيلى على طول الحدود، ما منع الضباط المناوبين من مراقبة المنطقة عن بُعد بكاميرات المراقبة.

ودمرت طائرات مُسَيرة أيضًا مَدافع آلية تعمل بالتحكم عن بُعد، كانت إسرائيل تضعها على تحصيناتها الحدودية؛ لتقضى على إحدى الوسائل الرئيسية لمواجهة الهجمات البرية. وسَهَّل ذلك على مقاتلى «حماس» الاقتراب من السياج الحدودى، وتفجير أجزاء منه، وهدمه بالجرافات فى عدة أماكن بسهولة مباغتة، ما سمح لآلاف الفلسطينيين بالعبور من خلال الثغرات.

 

 

 

وبَعد هجوم «طوفان الأقصى» على إسرائيل، تمكنت حماس من اقتحام المنشآت العسكرية الإسرائيلية، ووفقًا للتقرير لا تزال أوجُه القصور الأمنية مستمرة، بعد اقتحام محققين سرّيّين لوحدة عسكرية دون عوائق، وقضاء ثلاث ساعات داخل صفوف جيش الاحتلال وفقًا لصحيفة يديعوت أحرنوت.

تجول فريق سرّى لمدة 3 ساعات تقريبًا، تظاهروا بأنهم ضباط فى القاعدة فى «معسكر جيلوت» دون عوائق، ووصلوا إلى مجمعات العمليات، وجمعوا الوثائق، وكان من الممكن أن يتسببوا فى أضرار للبنية التحتية والجنود- بحسب الصحيفة العبرية.

وسرعان ما تَحرَّك جيش الاحتلال، وأعلن عن توبيخ وإيقاف 30 جنديًا وضابطًا فقط حتى رتبة رائد، بالإضافة إلى إعلانه التحقيق فى الحادث وستتم محاكمة ومعاقبة جميع الأطراف المَعنية.

وانتحل فريق تفتيش من هيئة الأركان العامة صفة ضباط قبل نحو شهر، وتمكن بسهولة من التسلل إلى قاعدة الوحدة 8200.

واتصل مسئولو التدقيق التفتيش بالقادة المَعنيين من أكبر وحدة فى جيش الاحتلال الإسرائيلى، المسئولة عن فك رموز الرموز، والتعرف على إشارات العدو، وأبلغ المنتحلون قادة الوحدات أنهم داخل القاعدة، وكان بإمكانهم منذ فترة طويلة تصوير وبث المواد السّرّيّة العديدة التى تَعّرضوا لها بسهولة، دون أن يوقفهم أحد.

قال مسئولون فى قسم الاستخبارات أمام ذلك الفشل الذريع: «يمكنك الوصول إلى وسط البلاد، وارتداء زى رتبة ضابط والدخول بسهولة الوحدات الاستخباراتية فى وحدة قوامها نحو 8200 جندى»- بحسب الصحيفة.

وأمام تلك الواقعة قال متحدث باسم جيش الاحتلال: «يقوم نظام الحماية، بانتظام، بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة لأمن المخيم، سيتم التحقيق فى الحدث المَعنىّ وستتم محاكمة ومعاقبة جميع الأطراف ذات الصلة».

ولم تكن تلك الأزمة الوحيدة فى جيش الاحتلال الإسرائيلى؛ إذ أقرّت المحكمة خفض رتبة ضابط أطلق النار على أصدقائه بطريق الخطأ، وفى إطار التسوية؛ تم الاتفاق بين الطرفين على أن العقوبة الموقعة عليه ستكون تخفيض رتبة رقيب والحُكم مع وقف التنفيذ، وأدين الضابط بالإهمال، بعد أن أطلق النار بطريق الخطأ على ضابطين برتبة رائد.

من ناحية أخرى؛ قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وقَّعَ على أمْر بتحويل نحو 130 مليون شيكل (35 مليون دولار) من أموال الضرائب التى تجمعها إسرائيل نيابة عن السُّلطة الفلسطينية لضحايا الإرهاب.

وقال سموتريتش: «السُّلطة الفلسطينية تشجع وتؤيد الإرهاب من خلال دفع أموال لعائلات الإرهابيين والسجناء والأسرَى المحررين، ووفقًا للأحكام التى قضت بتعويض ضحايا الإرهاب؛ فإننا نقوم بمقاصة نفس المَبالغ من أموال السُّلطة الفلسطينية ونقوم بتحويل الأموال الممنوحة لأسَر ضحايا الإرهاب».

وأضاف: «فى هذا الوقت وقَّعت على أمر يقضى بتحويل نحو 130 مليون شيكل من الأموال المجمدة للسُّلطة الفلسطينية إلى ضحايا الإرهاب».

> فشل استخباراتى

ونشرت هاآرتس تحقيقًا حول الفشل الاستخباراتى الإسرائيلى فى توقع هجوم السابع من أكتوبر الماضى، وخلصت إلى أن الازدراء والإنكار وتوقف جمع المعلومات عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لأكثر من عامين فى الجيش الإسرائيلى قاد إلى «طوفان الأقصى».

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مسئولين حاليين وسابقين: إن الجيش توقف منذ مايو 2021 عن جمع المعلومات الاستخبارية عن اجتماعات القادة وتدريبات حماس بعد العملية التى سمتها إسرائيل «حارس الأسوار».

وأتى القرار الإسرائيلى بناءً على استخفاف بقدرات حركة حماس واعتقادًا بأن الخطر الوحيد الذى تمثله هو امتلاكها منظومة صواريخ يمكن أن تطال مواقع داخل إسرائيل.

وأوضح مسئولون رفيعو المستوى فى الجيش للصحيفة، أنه لم يُصَدّق أحد فى المنظومة الأمنية إمكانية تسلل مقاتلى حماس إلى المستوطنات ولم يَعبأ أحد بهذا السيناريو، لذلك قاموا بجمع معلومات عن منصات إطلاق الصواريخ التى تمتلكها الحركة.

كما اقتصرت عمليات المراقبة على عدد من قادة الألوية فى حماس، ومنهم مروان عيسى نائب القائد العام لكتائب القسَّام، من دون مراقبة تدريبات مقاتلى الحركة؛ لاعتبارهم أن ذلك «مضيعة للوقت»- بحسب مسئولين فى جيش الاحتلال.

ونتيجة لذلك؛ لم يكن هناك سوى وحدة واحدة ضعيفة الإمكانيات من 3 ضباط مهمتها تعقب بعض القادة العسكريين لحماس لا أكثر.

وأكد تحقيق الصحيفة، أن الجيش الإسرائيلى لم يأخذ فى الاعتبار احتمال تمكن مقاتلى حماس من اختراق الجدار تحت الأرض الذى أقامه الجيش على حدود قطاع غزة، إلى جانب السياج المحيط.

وذلك ما دفع الجيش الإسرائيلى للاستخفاف بقدرات حماس والاعتقاد أنها لن تستطيع شن هجوم على إسرائيل، وبالتالى عدم وضع أى خطة لما سيفعل إذا اخترقت حماس الحدود.

كما نقلت هاآرتس عن مسئولين قولهم: إن رئيس الاستخبارات العسكرية المستقيل أهارون هاليفا أكد عام 2021 أن إسرائيل لم يتبقَ لها إلا «سلب حماس قدرتها الصاروخية».

وأفادت بأن «الازدراء» استمر للحظات الأخيرة قبل بدء الهجوم صباح السابع من أكتوبر الماضى، حين أخبر جندى إسرائيلى قيادته بوجود نشاط «غير طبيعى» لقائد فى حماس، إلا أن القيادة قالت إن النشاط ليس إلا «تدريبًا اعتياديًا».

وأكدت الصحيفة، أن الفشل الاستخباراتى الإسرائيلى استمر بعد بدء الحرب على قطاع غزة.. مؤكدة أن حركة حماس خالفت توقعات الجيش الإسرائيلى ولم يدخل معظم أفرادها إلى الأنفاق بعد الحرب.

وأردفت: إن الجيش الإسرائيلى لم يعلم بوجود عدد من الأنفاق وتفرعاتها على أعماق مختلفة، والتى لا يمكن تدميرها من الجو وقتل مَن فيها.

وشدّدت هاآرتس، على أن الفشل الاستخباراتى الإسرائيلى الأبرز بعد الحرب هو افتراض الجيش أنه قادر على قتل عناصر حماس داخل الأنفاق، وهذا ما لم يحدث.

كما أنه رُغْمَ تركيز إسرائيل على منظومة حماس للصواريخ؛ أثبتت الحرب أن الجيش لم يكن يملك معلومات كافية عن قدرتها الصاروخية وإنتاجها للأسلحة- وفق الصحيفة.

وقال أربعة مسئولين أمنيين بارزين فى إسرائيل، تحدّثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم؛ إن «هذه الإخفاقات وأوجُه القصور العملياتية كانت ضمْن مجموعة كبيرة من الأخطاء اللوجيستية والاستخباراتية التى ارتكبتها أجهزة الأمن الإسرائيلية، ومهدت الطريق أمام اجتياح (سكان) غزة لجنوب إسرائيل». 

وأوضح المسئولون، أن نجاح الهجوم، بحسب تقييماتهم الأولية، يُعزى إلى «سلسلة إخفاقات أمنية ارتكبتها أجهزة الاستخبارات والجيش الإسرائيلى، تشمل إخفاق ضباط الاستخبارات فى مراقبة قنوات الاتصال الرئيسية التى يستخدمها المقاتلون الفلسطينيون، والإفراط فى الاعتماد على مُعدات لمراقبة الحدود يسهل على المهاجمين إيقافها، ما مكنهم من الهجوم على قواعد عسكرية وقتل جنود فى أسِرَّتهم».

وتضمنت الإخفاقات، بحسب المسئولين، أيضًا: «تجمع القادة فى قاعدة حدودية واحدة تم اجتياحها فى المراحل المبكرة للتوغل؛ ما تسبب فى منع التواصل مع بقية القوات المسلحة، بالإضافة إلى الاستعداد لقبول تأكيدات القادة العسكريين فى غزة الواردة على قنوات خاصة، يعرف الفلسطينيون أنها مراقبة من قِبَل إسرائيل، بأنهم لا يستعدون لخوض معركة».