الثلاثاء 15 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. قصيدة الأطلال بقلم (روج)!

كلمة و 1 / 2.. قصيدة الأطلال بقلم (روج)!

انضباط نجيب محفوظ كان محور سؤال ظل يطارده حتى سنواته الأخيرة، ما يتبقى عادة فى الذاكرة أن (الفنون جنون)، أى أن بمقدار نصيب المبدع من الجنون يقدم فنًا متميزًا، ولو كان مثل سائر البشر، فما الذي تنتظره منه؟



أطلق الكاتب الساخر الكبير محمد عفيفى على نجيب محفوظ لقب (رجل الساعة)، كل شىء لديه منضبط بدقة، مثل عقارب الساعة متى يقابل أصدقاءه ومتى يتناول العشاء، ومتى يدخن وكم سيجارة فى اليوم.

 أجاب نجيب محفوظ قائلاً إنه يحب أن ينجح فى الدراسة ويحب لعب كرة القدم والاستماع إلى أم كلثوم ومشاهدة الأفلام، وبعد التخرج ارتبط بوظيفة حكومية، لها مواعيد صارمة فكان مجبرًا على الانضباط، ووجد أن الفترة الزمنية التي يستطيع فيها الإمساك بالقلم والكتابة من الرابعة فجرًا حتى السابعة صباحًا وبعدها يتهيأ للذهاب إلى المكتب، وعندما تأتيه فكرة قبل أو بعد هذا الزمن لا يدونها، حتى لا تؤثر على انضباط جدول أعماله.

ومع الزمن حدث توافق بين ساعته (البيولوجية) فى الاستيقاظ والنوم وبين ساعته الإبداعية فكان الإلهام يأتيه من الرابعة حتى السابعة.

كثير من المبدعين لهم طقوسهم، كان الشاعر الكبير أحمد رامى لا يستطيع أن يكتب إلا وهو قابع تحت السرير يستلهم ومضات الإحساس الشاعرى، كأنه كما وصفه الشاعر والرسام الكبير صلاح جاهين يعود إلى رحم أمه، بينما الشاعر الطبيب إبراهيم ناجى كلما التقى حسناء كتب لها بيتًا من الشعر على الروشتة الخاصة بها، وإذا لم يجد كتب بإصبع الروج بيت الشعر على المنديل، وهكذا مثلاً حدث تراشق على من ألهمت ناجى (الأطلال) زوزو حمدى الحكيم أم زوزو ماضى؟ كل منهما كان لديها منديل!

كان الموسيقار بليغ حمدى هو عنوان (البوهيمية) لا يلتزم بحب امرأة واحدة ولا بموعد واحد، حتى إنه نسى ليلة زفافه على وردة وسافر فى نفس التوقيت إلى بيروت، كانت أم كلثوم لا تستقبل أحدًا يتأخر ولو دقائق عن موعده، ولهذا كانت تضج كثيرًا بسبب عدم التزام بليغ، حتى إنه لم يحضر بروفات أغنية (بعيد عنك)، ويومها قررت التوقف نهائيًا عن التعامل معه، لكنها غنت له بعدها «الحب كله».

سوف تلاحظ حتى المنضبطين ظاهريًا لديهم تلك اللمحات، مثلًا عملاق الأدب العربى عباس محمود العقاد، عندما أراد أن ينسى حبه للفنانة الكبيرة مديحة يسرى طلب من صديقه الفنان التشكيلى الكبير صلاح طاهر أن يرسم لوحة لتورتة تحوم حولها الحشرات ووضع اللوحة فوق السرير، لأنه كان يعارض اشتغال مديحة بالتمثيل، وقبل أن يذهب لسريره ينظر للوحة بضع دقائق ثم ينام قرير العين!

الفنون قطعًا ليست جنونًا، لكن لا بأس من جرعة  محدودة من الجنون!.