الجمعة 18 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دواعى حياة.. وليست دواعى سفر

«الوحدة مش عيب، العيب إنك تفضل لوحدك»، رسالة تحمل قيمة أخلاقية مهمة وهى أن يشعر كل منا بالآخر، يشاركه آلامه وأفراحه، يجد كل منا القبول والحب غير المشروط. ذلك الهدف هو الذى تبحث عنه كل البشرية من بداية الخليقة، فكل منا منذ يوم مولده يبحث عن القبول، ويبدأ ذلك بقبول والديه له ثم زملائه ومُعلميه فى المدرسة ثم فترة الجامعة التى تظهر فيها ملامح الشخصية بشكل واضح ومنها لعالم العمل الفسيح والملىء بالتعاملات مع مختلف الشخصيات.



 وعلى مدار كل تلك المراحل الحياتية يبحث كل منا عن شيء واحد وهو القبول والحب والمشاركة، لأن الإنسان كائن اجتماعى بطبعه مهما اختلفت درجة المشاركة الاجتماعية لديه.

هدف حياتى أساسى، يقوم عليه العمل الفنى (دواعى السفر) تأليف وإخراج «محمد ناير» والذى يعرض على منصة «watch it»، فهو دعوة مباشرة للامتزاج الاجتماعى على أسس معينة أهمها التوافق الفكرى والراحة النفسية.

مسلسل يُحاكى الواقع الذى نعيشه وانشغال كل منا بحاله فقط وغرقه فى دوامة الحياة أو بمعنى أصح «كلنا نغلق بابنا على أنفسنا»، وبما أنها رسالة إنسانية قريبة جدًا من حياتنا اليومية ومشاعرنا الداخلية فقد حرص صُناع العمل أن يتم تجسيدها على الشاشة بشكل فنى أقرب للواقعية منه الدراما، وتحقق ذلك بالفعل من خلال عدة عناصر.

بداية، عنصر الكتابة وصياغة تلك الفكرة فى حوار يعتمد بشكل أساسى على الكلام المُقتضب والسكوت كثيرًا بين الجمل الحوارية والاعتماد بشكل أكبر على تعبيرات الوجه ولغة الجسد كما يفعل الكثير منا فى واقع الحياة اليومية، إلى جانب الأداء التمثيلى الذى اعتمد بشكل كبير على الاتجاه الجديد السائد مؤخرًا، وهو الأقرب إلى التلقائية والبساطة منه إلى تعبيرات الوجه القوية واستخدام نبرات الصوت المختلفة والتعبير بكل تفصيلة فى جسد الممثل، وذلك الاتجاه الجديد فى التمثيل ظهر فى السنين الأخيرة حتى يقترب به الممثل للمُشاهد بشكل أكبر، ظنًا منه أنه بذلك يقترب للواقعية أكثر وبالتالى يتم تصديقه والاندماج معه، وهنا انقسمت آراء النقاد ومتذوقى الفن إلى جانبين، جانب يؤيد هذا التوجه بما أنه أقرب للمُشاهد العادى ولواقع الحياة وبعيد كل البُعد عن الإيماءات الدرامية القوية والتجسيد المسرحى فى بعض الأوقات للأحداث، والجانب الآخر رفض هذا الاتجاه ووصفه بالاستسهال وعدم الإحساس بالمشهد والحدث بالشكل الكافى، ولذلك لن يصل للمُشاهد مشاعره وبالتالى لن يندمج معه، وبين هذا وذاك يبقى الفيصل هو الجمهور فى تقبله أو عدم تقبله لذلك الاتجاه.

مسلسل (دواعى السفر) قريب ويلمس الكثير من دواخلنا النفسية وسلوكنا البشرى فى البيوت المصرية والعربية، فكثير منا يُعانى الوحدة وافتقاد مشاركة يومه مع أى أحد حوله، تلك نقطة قوة هذا العمل الفنى، فهناك قاعدة أساسية فى الدراما تقول «كلما تطرقت الدراما للسلوك البشرى الذى يخص عددًا أكبر من الناس كلما زادت أهميتها»، وهنا تكمُن أهمية مسلسل (دواعى السفر) فقد ترى فيه نفسك أو جارك أو صديقك أو شخصًا فى عائلتك، فتنتبه لما يعانيه وتساعده فى كسر حالة الوحدة وُتدخل السرور والراحة إلى نفسه، وإنه عمل لو تعلمون عظيم.