
الفت سعد
أحلف بسماها .. لك الله يا مصر
لا أظن أنه على مدار العصر الحديث واجهت مصر تحديات ومخاطر جسيمة كالتى تواجهها حاليًا.. فقد حاولت الإدارة المصرية منذ أحداث عملية طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر ضبط النفس قدر المستطاع، ولم تتخذ أى إجراءات دبلوماسية أو فعلية إزاء جرائم إسرائيل الوحشية وإصرارها على إبادة الشعب الفلسطينى، أملًا فى إنقاذ الفلسطينيين من المجازر والقتل بدم بارد، وذلك من خلال مشاركتها فى المفاوضات التى وصلت الأسبوع الماضى إلى طريق مسدود تلاها دخول الآليات العسكرية محور فلاديلفيا وغلق معبر رفح من الجانب الفلسطينى، وبذلك يتم تجويع أهل غزة مع القصف المستمر واستشهاد المئات كل يوم، فى سعى مستمر من الصهاينة لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
أول إجراء اتخذته مصر اعتزامها التدخل رسميًا لدعم الدعوى التى أقامتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر فى انتهاكاتها لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فى قطاع غزة.. وبذلك تكون مصر قد لحقت بالدول التى أيدت جنوب إفريقيا رسميًا، أهمها تركيا وماليزيا، الأردن وبوليفيا، جزر المالديف وناميبيا، باكستان وفنزويلا، كولومبيا والبرازيل.
تكشفت الحقائق، وإن كانت الصورة واضحة من قبل- مصر هى المستهدفة- فالخطة أو المؤامرة ليس إبادة أو تهجير الفلسطينيين فقط، بل لا بد من إيقاع مصر مثل باقى الدول العربية التى تقطعت أوصالها ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد.. لأن الخطر لا يكمن فى الشمال فقط.. ما يحدث فى السودان والقتال الدائر بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، وأيضا استمرار تعنت إثيوبيا للانفراد بقراراتها فى أعمال سد النهضة وخلال شهر سيبدأ الملء الخامس والأخير للسد الأول باحتجاز 34 مليار متر مكعب، وهو رقم لا يمثل خطورة لاحتياجات مصر التى تعوضها من المياه المخزنة فى بحيرة السد.. لكن يظل الخطر قائم فى تعجل إثيوبيا ببناء السدود الأخرى وما سينجم عنه من تجفيف مناطق واسعة لبناء سد تلو الآخر ثم الملء على عدة مراحل وهو ما يترتب عليه تهديد كبير للأمن المائى المصرى.. والملاحظ فى تلك الفترة استغلال إثيوبيا انشغال مصر فى حرب غزة والقتال الدائر فى السودان للإسراع بإنجاز أكبر قدر من الأعمال الإنشائية مستمرة فى خرق القانون والاتفاقيات الدولية الخاصة بنهر النيل وذلك بدعم عدد من الدول، وتظل إسرائيل المحرك الرئيسى لأزمة سد النهضة.
القوى الغاشمة لا تعنى بالقانون الدولى، وهذا ما ترجمته الإدارة الأمريكية بأن إسرائيل- رغم الإبادة والمذابح- لم تنتهك القانون الدولى! قمة الإجرام.. للأسف العرب لم يعودوا قوة واحدة.. لك الله يا مصر، قادرة وحدك على دحر الأعداء وتحقيق النصر بإذن الله.