الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الخطر القادم.. امتلاك التنظيمات الإرهابية أدوات الذكاء الاصطناعى مؤشر الفتوى يحذر من خطورة العمليات الإرهابية الرقمية كونها لا تعترف بالحدود الجغرافية

أعلن المؤشر العالمى للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم نتائج دراسته: «الذكاء الاصطناعى فى خدمة الإرهاب الرقمى.. تحليل الخطاب الإفتائى للتنظيمات الإرهابية» والتى كانت محل نقاش مجموعة من العلماء والمفتين والخبراء من مصر وخارجها.



دراسة المؤشر قامت بتحليل الخطاب الإفتائى للتنظيمات الإرهابية المتعلق بالذكاء الاصطناعى، من حيث تطويع الفتوى لتسهيل تقبل أتباع هذه التنظيمات الإرهابية لفكرة التواجد الرقمى. وأيضًا موضوعات الذكاء الاصطناعى التى كانت محل تناول التنظيمات الإرهابية فى خطابها.

وبيّن الدكتور طارق أبوهشيمة، مدير المؤشر العالمى للفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الدراسة اعتمدت على عينة عشوائية متسمة بالحيادية والموضوعية قوامها (500) إصدار إفتائى متنوع (مكتوب ومرئى وصوتى) لعددٍ من إصدارات التنظيمات الإرهابية الفاعلة، خاصة تنظيمَى (القاعدة وداعش) وفروعهما الفاعلة فى المناطق الجغرافية المختلفة.

وكشفت دراسة مؤشر الفتوى خلال محاورها القائمة على تتبع وتحليل الخطاب الإفتائى الإرهابى، أن هذه التنظيمات وجدت فى التكنولوجيا الحديثة وأدوات الذكاء الاصطناعى ضالتها، سواء بالتواصل بشكل آمن وسريع مع بعضهم البعض وبين المجنّدين المحتملين، أو بالتخفى والهروب من التتبع الأمنى، أو فى استقطاب وتجنيد الأتباع، أو فى تسهيل عملياتهم الإرهابية بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة سواء بصورة رقمية أو على أرض الواقع.

وأوضح مؤشر الفتوى أن قضايا الذكاء الاصطناعى فى خطاب التنظيمات الإرهابية الإفتائى دارت حول (5) محاور، تصدرتها قضية استخدام الذكاء الاصطناعى فى التخفى الإلكترونى وجاءت بنسبة (30 %)، ثم قضية توظيف الذكاء الاصطناعى فى التجنيد الإلكترونى بنسبة (27 %)، وثالثًا قضية استخدام ألعاب الميتافيرس فى استقطاب الأتباع والتدريب على العمليات الإرهابية بنسبة (18 %)، فى حين جاء موضوع استخدام الذكاء الاصطناعى للقيام بعمليات إرهابية رقمية فيما تسميه هذه التنظيمات (بالغزوات الإلكترونية) بنسبة (15 %)، وأخيرًا كانت قضية استخدام الذكاء الاصطناعى لتسهيل العمليات الإرهابية بنسبة (10 %). وبين المؤشر أن التحريض على التخفى الإلكترونى ظهر بشكل كثيف فى الخطاب الإفتائى الإرهابى، فتضمنت فتوى شرعية خرجت عنهم تأكيد: «وجوب أن يتسم المؤمن بالحذر باعتباره إلزامًا شرعيًّا فى كل الأحوال، فى السلم وفى الحرب».

وأشارت الدراسة إلى أن خطاب التخفى وجَّه فتاويه التحريضية لعدة اتجاهات: فتاوى حول وجوب الحذر باعتباره أمرًا شرعيًّا بنسبة (45 %). والتقدم بمقترحات لتطبيقات وبرامج تُمكِّن أتباع التنظيمات من التخفى بنسبة (40 %). وأخيرًا تبنى خطاب إفتائى - دعوى يضمن إيهام الأتباع بأن التتبع الأمنى لأنشطة التنظيمات الإرهابية هو بمثابة حرب على الإسلام بنسبة (15 %).. وأوضح أبوهشيمة أن الدراسة حذرت من خطورة استغلال التنظيمات لخطابها الإفتائى فى التجنيد الإلكترونى بالاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعى، من خلال الفتاوى التى تبين الثواب العظيم للاستقطاب الإلكترونى والتى بلغت نسبتها (60 %) من خطاب التجنيد لهذه التنظيمات، والدعوة لتعلم أدوات الذكاء الاصطناعى بنسبة (40 %) من إجمالى نفس الخطاب.

وشدد مدير مؤشر الفتوى على أن استخدام ألعاب الميتافيرس فى التدريب على العمليات الإرهابية، يُعدّ أخطر أنواع الإرهاب نظرًا لانتشار هذه الألعاب بين أكبر قدر ممكن من الفئات خاصة الشباب والأطفال، وكسر ألعاب ميتافيرس لجميع الحدود الجغرافية، إلى جانب امتلاك عدد من ألعاب الميتافيرس أصولًا مثل (NFTs) وبالتالى إمكانية الربح المادى من هذه الألعاب واستغلاله فى الإنفاق على العمليات الإرهابية. ناهيك عن استغلال داعش للألعاب الملحمية فى استقطاب الشباب، والتى غالبًا ما تكون غير مراقبة بشكل صارم.

كما حذرت الدراسة من توجه التنظيمات الإرهابية نحو استغلال أدوات الذكاء الاصطناعى فيما تسميه (الغزوات الإلكترونية) أو ما يعرف عالميًا (بالهجمات الرقمية) أو (الحروب السيبرانية)، والتى تعتبر أخطر أنواع الهجمات باعتبارها تخترق الحدود الجغرافية، وقد تضرب نظامًا حكوميًّا كاملًا.

وهو ما حرضت عليه فتوى التنظيمات بإرشاد أتباعها على تلقى تعليم تكنولوجى جيد من أعرق الجامعات التكنولوجية العالمية وذلك بنسبة (75 %) من إجمالى خطاب الغزوات الإلكترونية، ويعتبر معهد ماساتشوستس من أكثر المؤسسات العالمية التى حرضت التنظيمات الإرهابية أتباعها على تلقى التعليم التكنولوجى فيها. فيما استخدمت أسلوب نشر البيانات الإخبارية التى تعلن من خلالها تفوقها إلكترونيًّا وتهديدها بالغزوات الإلكترونية بنسبة (25 %) من الخطاب سالف الذكر.. وأخيرًا نبهت دراسة مؤشر الفتوى لخطورة استخدام الذكاء الاصطناعى فى تسهيل العمليات الإرهابية أو ما يعرف بالتفخيخ والتفجير عن بُعد، والتى بدأتها التنظيمات باستخدام الطائرات المسيّرة (الطائرات بدون طيار)، والتى تنبع خطورتها من تنفيذ هجمات إرهابية فى العمق، واستهدافها للمرافق الحيوية، فى ظل انخفاض تكلفتها، وعدم احتياجها لتكنولوجيا معقّدة.

«الإرهاب الرقمى»

وتناولت الدراسة عددًا من التعريفات فى محورها الأول تضمنت تعريف ما يُطلق عليه «الإرهاب الرقمى»، باعتباره هجمات غير مشروعة، أو تهديدات ضد الحواسيب أو الشبكات أو المعلومات المخزنة إلكترونيًّا، لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو اجتماعية معينة.

واعتبرت الدراسة «الحرب الإلكترونية»، ومصطلح «الحرب الروبوتية» هى الحرب المستقبلية فى ظل الثورة التكنولوجية الحالية، محذرًة من إمكانية استغلال هذه التكنولوجيا التدميرية التى ستضر البشرية وتقضى عليها، خاصة فى ظل قدرة هذه التقنيات على تسيير الحروب فى الظروف المعقدة أكثر من البشر، كما وأنها أكثر فتكًا وتدميرًا.

كما تتبعت الدراسة فى محورها الثانى تطور النشاط الإرهابى عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة، بدايةً من ظهور التقنيات الحديثة خلال السنوات الأولى من هذه الألفية بالاعتماد على، المنتديات والمدونات، والمجلات والصحف الإلكترونية، والمواقع الإلكترونية، وصولاً لتطويع أدوات الذكاء الاصطناعى.

وخلصت دراسة المؤشر العالمى للفتوى إلى أن العمليات الإرهابية الرقمية تُعدّ أكثر خطورة من الهجمات على أرض الواقع، التى قد تعتمد على التفخيخ والتفجير، وبالتالى تكون محددة النطاق، بعكس الهجمات الإلكترونية التى تكون أكثر شمولًا واتساعًا، حيث تخترق الحدود الجغرافية، فقد تضرب نظامًا حكوميًّا كاملًا. كما خلصت الدراسة إلى أن خطورة الذكاء الاصطناعى يكمن فيما سيكون عليه المستقبل من سعى امتلاك الجيوش النظامية لما يُعرف بـ«بالروبوتات القاتلة»، وهى أسلحة ذاتية التحكُّم، وفى حال إمكانية استيلاء التنظيمات الإرهابية على هذه الأسلحة ستستخدمها بشكل مضاد لخدمة أهدافها وتنفيذ مخططاتها.

كما أوصت دراسة المؤشر العالمى للفتوى بإعداد مجلدات إفتائية ودراسات بحثية خاصة بالفتاوى المتعلقة بقضايا الذكاء الاصطناعى والإرهاب الرقمى، مُرفَقةً بتقديم الرؤى الشرعية المنضبطة حول موضوعات التجسس الإلكترونى، والاختراق الإلكترونى، وأمن المعلومات، والألعاب الإلكترونية وتقنية الميتافيرس.. إلخ.

وطالبت بإعداد مجلدات إفتائية خاصة بالأسرة، بهدف توجيه الأبوين للتعامل مع الإرهاب الإلكترونى، والتثقيف بشأن تعامل أبنائهم مع الوسائل التكنولوجية الحديثة والألعاب الرقمية، والصداقات الإلكترونية عبر الفضاء الوهمى، وذلك لحمايتهم من الاختراق الإرهابى لأفكارهم عبر ألعاب الميتافيرس.

وأكدت الدراسة على وجوب الدمج بين الفتوى وخبرات الخبراء التكنولوجيين، حتى يمكن الخروج بفتاوى منضبطة ومواكبة للتقدم التكنولوجى. بل وأوصت الدراسة بتوجيه الدعاة ورجال الفتوى فى المؤسسات الإفتائية الرسمية نحو تلقى العلوم التكنولوجية، حتى يتم خلق المفتى المتخصص القادر على ربط الفتوى بالتكنولوجيا، وإثراء الحقل الإفتائى بفتاوى نابعة من واقع دراسته ومعايشته للواقع التكنولوجى، وبالتالى خروج فتاوى معمقة ومتماشية مع مختلف التطورات.. وفى الختام أوصى مؤشر الفتوى بوضع خوارزميات تراقب بشكل أوتوماتيكى نشاط المستخدِم على الإنترنت؛ وتكشف عن أى لفظ أو شفرات تيسّر تتبع الأشخاص المشتبه بهم وتحركاتهم والمنتديات المتواجد بها ونشاطها.