السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
وثيقة إدانة لا سيرة ذاتية

وثيقة إدانة لا سيرة ذاتية

 «خلف خطوط الذاكرة» هو أحدث كتاب صدر للمفكر العتيد «خالد منتصر» لا يعتبر مجرد سرد بليغ لذكريات طفل يقف على كرسى ويمد يده ليسحب بفخر كتابا من على رفوف مكتبة والده.. وهو بالكاد يتهجى عناوين الكتب.. إنه كتاب «عبقرية خالد» للعقاد.. فقال والده بسعادة: عرفت أنا سميتك على اسم مين؟!. «خالد بن الوليد».. والكتاب ليس رصدًا لطفولة بائسة.. ويتم مُبكر حيث فقد أخته الصغيرة التى غرقت فى الترعة.. وفقد أمه وهى فى السادسة والعشرين من عمرها.. وقد رحلت بعد أيام من تكليف المدرسة الإبتدائية له بإلقاء خطبة الاحتفال بعيد الأم فعرف معنى الفقد والفراق وهو فى الصف الثالث الابتدائى.. ثم انتقال الأب إلى «ليبيا» للعمل هناك بعد زواجه الثانى.. وإصرار الطفل على البقاء فى القرية.. ثم رحلة كفاحه المضنية فيما بعد ابتداء من التحاقه بكلية الطب بالقاهرة.. ومن هنا يمكننا أن نقول أن الكتاب ليس مجرد سيرة ذاتية شخصية، ولكن أهميته الحقيقية التى تمثل تصورًا مدهشًا ورؤية فكرية وسياسية وفنية شاهدة على عصر مرير.. تعتبر وثيقة تاريخية عميقة المحتوى والأثر يعبر عنها فى مقدمة الكتاب أنه شاهد على زمن وجيل.. زمن فرم جيلًا وجيل شوهه زمن.. إنه جيل الآمال المؤجلة والمصطلحات الغائمة المبهمة.. جيل كأنه ولد فى ضباب وسيرحل فى سراب.. ففى فصل من الكتاب بعنوان «الشوارع حواديت» يرصد بداية بزوغ ثم سيطرة الجماعات الإسلامية من خلال تواتر الأحداث فى الحياة الجامعية، فيقول المؤلف إنه عند دخوله أول محاضرة فى السنة الأولى طب فوجئ ببعض الزملاء الذين كانوا معظمهم ملتحيًا.. موزعين على السلالم وفى الممرات ينظمون أماكن الجلوس فيشيرون للبنات بالجلوس على الشمال.. والأولاد على اليمين فى نوع من الفصل العنصرى فتحول أول يوم فى الحياة الطلابية من مناقشة العلم إلى مناقشة «الحلال والحرام» مثل أنه «أهون عليك أن يدخل فى رأسك مخيط من نار على أن تصافح أو تجلس بجانبها» وأن الحلوى المكشوفه يتجمع حولها الذباب وأن الإخوة بهذا الفصل يحمون الزميلة من الوقوع سبعين خريفًا فى جهنم.. إلخ.. وانتهت المناقشات بعد عدة محاضرات إلى المشهد الذى صاحبنا حتى انتهاء الكلية البنات فى نصف المدرج والأولاد فى النصف الآخر وكأننا وقعنا معاهدة فصل القوات المتحاربة أثناء الحرب الأهلية. 



كانت هذه هى البداية التى تطورت وتصاعدت إلى أحداث وظواهر مزرية ومتخلفة أنتقلت من أحتقار المرأة والمدهش فى الأمر أن بعض الطالبات تحولن إلى داعيات متخفيات بدأت فى توزيع كتب مثل «النساء أكثر أهل النار» بالإضافة إلى تمزيق أعضاء الجماعة مجلات الحائط المناهضة.. كما تم إلغاء حفل لفرقة المصريين لهانى شنودة باعتبار أنه يسعى إلى نشر المجون والإباحية بقيادة مجموعة من الزنادقة والملاحدة والكفرة.. وحينما تصدى لهم «خالد منتصر» تم ضربه بوحشية وضراوة وتمزيق ملابسه.. كما تم إغلاق أبواب المسرح الجامعى. 

وأحس الجميع - وعلى رأسهم مؤلفنا - أن رعبًا أكثر من هذا سوف يجىء.