الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. ضربة (العلوج) سنة 1991 فى عهد صدام حسين تفوقت على الوعد الحق (الشيرازى) فى 2024 هل تلاعب بايدن بإيران وإسرائيل على طريقة الساحر هنرى كيسنجر؟

الطريق الثالث.. ضربة (العلوج) سنة 1991 فى عهد صدام حسين تفوقت على الوعد الحق (الشيرازى) فى 2024 هل تلاعب بايدن بإيران وإسرائيل على طريقة الساحر هنرى كيسنجر؟

أظن وبعد الظن إثم، أن عملية «الوعد الحق» الإيرانية التى أزعجت العالم فى الثالث عشر من إبريل الجارى، وقسمته ما بين متحمس وساخر، هى عملية استعراضية شعبوية، لتسجيل موقف وليس بهدف إشعال الحرب مع إسرائيل، ولا شك أيضًا أنها كانت عملية فارقة فى تاريخ منطقة الشرق الأوسط، وتمثل منعطفًا خطيرًا فى مسار العلاقة بين إيران وإسرائيل، وأى كان الرد الإسرائيلى عليها، فلن تنقص المكاسب التى تحققت لكل من أمريكا وإسرائيل فى هذه الجولة من المعركة المستمرة، بينما تبقى إيران صاحبة أقل المكاسب والخاسر الأكبر من هذه العملية، ولا ينافسها فى الخسارة إلا الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، الذى كان على رأس الحدث وكسب فى الأسابيع الأخيرة من عمر أزمته الكبيرة تعاطف العالم، قبل أن تخطف العملية الإيرانية الأنظار، لتتفرق دماء الضحايا بين شتات القضايا.



 

 روح هنرى تحلق

اعترف وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، هنرى كيسنجر قبل وفاته بمدة قصيرة وفى حوار صحفى ربما كان الأخير مع صحيفة «معاريف» الإسرائيلية بأنه والرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت «ريتشارد نيكسون»، وبقية طاقمه، عملوا بشكل قوى فى حرب أكتوبر 1973، على توفير الدعم المباشر والخدمات الحاسمة لإسرائيل، حتى لا يتحقق نصر عربى عليها.

على الجانب الأخر، مات الرئيس السادات وقناعته راسخة بصداقته الحميمة مع أشهر من شغل منصب وزير الخارجية فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وصاحب المدرسة الدبلوماسية التى فرضت حضورها وأثرها على كل الإدارات الأمريكية التالية، وأفرط السادات فى ثقته بصديقه هنرى وكشف له كل الأوراق المصرية ومنحه فوق ما تمنت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، التى كانت ترى هنرى أيضًا صديقًا وحليفًا، لكنها كانت تعلم أنه يتلاعب بها، ويخدعها بيهوديته، بينما صالح بلاده كان همه الأول. 

وأى كان مكر كيسنجر وذكاؤه ومن بعده كل ممثلى الإدارة الأمريكية ممن تولوا مسئولية الملفات فى الشرق الأوسط، فالداهية المصرى السادات بـ«دهاء الفلاحين»، منح إسرائيل «شوية ورق» بحسب تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن، واستردت مصر أرض سيناء كاملة غير منقوصة السيادة، وتم تشييد جدار راسخ من السلام يحفظ المسافات ببن مصر وإسرائيل، وأثبتت الأيام أن السادات كان الفائز الأكبر فى معادلة كيسنجر الشهيرة لمستقبل الصراع فى الشرق الأوسط.

 مكر بايدن

أظن للمرة الثانية، والإثم يلاحقنى، أن إدارة بايدن أدارت الأزمة الإيرانية الإسرائيلية الحالية بأسلوب «كيسنجر»، وأقنعت طرفيها أنها الصديقة المخلصة، وتلاعبت بهما وفق ما يتناسب مع المكاسب التى تحتاجها اللحظة الانتخابية التى تحاصر بايدن هذا العام وتلجم قراراته، مع الحفاظ الدائم على مصالح إسرائيل لتبقى لها اليد العليا فى أى صراع.

ولكن أى الطرفين حقق نصر السادات، وخطف المكسب الأكبر؟، هذا سؤال مبكر حول مصير «معركة الوجود» بين إسرائيل وإيران وإجابته سوف تتطلب كثيرًا من الوقت، فالصراع هذه المرة أكثر شراسة، منحه تشدد الطرفين مستقبلا مظلمًا، كما أن تراجع قوة أمريكا عالميا وتقلص نفوذها وشيخوخة إدارتها جعل حسم المنافسة مهمة معقدة.

 تجلى الازدواجية

وفى الوقت الذى قضت القضية الفلسطينية 6 أشهر تتسول قرارًا أمميًا يدين جرائم إسرائيل فى غزة ويطالب بوقف فورى لمذابح جيش الاحتلال فى حق المدنيين الفلسطينيين، مع تكرار استخدام مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية فى مجلس الأمن فى إشهار «الفيتو» فى وجه العالم كله.

سارع البيت الأبيض بعد ساعات من الرد الإيرانى (المتفق عليه) فى الإعلان عن فرض عقوبات جديدة على طهران، وقال مستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان فى بيان: إن الولايات المتحدة تعتزم فرض عقوبات جديدة تستهدف برنامج الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانى خلال الأيام المقبلة، وتوقع أن يحذو حلفاؤها حذو بلاده.

ولم يخيب الحلفاء ظنه، فقد أعلن مسئول الشئون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل، الثلاثاء الماضى أن الاتحاد يعتزم توسيع دائرة عقوباته المفروضة على إيران بعد الهجوم الذى شنته على إسرائيل. وأشار المسؤول الأوروبى إلى أن جميع وزراء خارجية دول التكتل الـ27 «نددوا بشدة الهجوم الإيرانى» على إسرائيل، مع تشديده فى الوقت نفسه على ضرورة تجنب «تصعيد» إقليمى.

 ضربة صدام العنترية 

واستدعت الضربة الإيرانية الاستعراضية ذكريات المرة الأخيرة التى تعرضت فيها المدن الإسرائيلية لمخاطر الاعتداء الصاروخى من دول المنطقة قبل ثلاثة عقود، عندما نفذ الرئيس العراقى صدام حسين تهديده بضرب إسرائيل إذا هاجمته دول التحالف الدولى المكون بقيادة أمريكا لتحرير الكويت، والتى كان قد احتلتها جيوشه (الأشاوس) فى أغسطس من العام 1990.

وبعد يوم واحد من اندلاع «حرب الخليج الثانية» فى 17 يناير 1991 أطلق الجيش العراقى 40 صاروخًا من طراز «سكود» باتجاه إسرائيل فى محاولة اعتبر المراقبون وقتها أنها تهدف إلى جر إسرائيل نحو الصراع وإحداث صدع فى تكتل البلدان العربية والإسلامية التى أدانت غزو الكويت، وشارك بعضها بقوات فيما سمى بـ«عاصفة الصحراء».

وفى عام 2021، وبمناسبة مرور ثلاثين عامًا على الهجمات الصاروخية العراقية على إسرائيل، سمح الجيش الإسرائيلى بنشر جزء من أرشيفه بحسب موقع «بى بى سى عربى» كاشفًا عن أن الهجمات الصاروخية العراقية التى نفذت بين 18 يناير و25 فبراير 1991، أسفرت عن سقوط 14 قتيلا وأكثر من 200 جريح أصيبوا بشكل مباشر، فضلا عن علاج أكثر من 500 آخرين من الذعر والهلع.

وتشير مقاطع الفيديو الأرشيفية التى نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية إلى تعرض مبان لتلف واشتعال النيران ببعض المصانع، كما يظهر فيها إسرائيليون فى غرف إغلاق محكمة بمنازلهم وهم يرتدون أقنعة واقية من الغاز، وتسمع صافرات الإنذار فى أنحاء البلاد.

وكانت فرق الإنقاذ تتعامل مع أية صواريخ عراقية على أنها كيميائية، ولذا كانت ترتدى الملابس الواقية عند توجهها إلى أماكن سقوط تلك الصواريخ.

 المقارنة المحرجة

أما السبت الماضى، فقد سهرت شعوب العالم تتابع، وهم يلتهموا (الفيشار)، مسيرات وصواريخ إيرانية تلألأت بأنوارها سماوات عدة دول عربية كأنها احتفالية متأخرة بعيد الفطر، وكان يظهر بوضوح مراحل اصطيادها من قبل أنظمة الدفاع الجوى المختلفة قبل أن تصل إلى إسرائيل، حيث لم تقع أى خسائر باستثناء إصابة طفلة عربية فى النقب وبعد الأضرار فى القاعدة الجوية «نفطيم»، وحوالى مليار دولار خسائر اقتصادية اعلنتها الحكومة الإسرائيلية ربما بالغت فى تقديرها لتستدر عطف المانحين.

فيما كشفت لنا هذه الليلة ما كنا قد نسيناه بفعل السنوات، وهو أن قوات الولايات المتحدة الامريكية تتواجد بصور متنوعة فى خمس دول خليجية هى قطر والكويت والبحرين والسعودية والإمارات، بالإضافة إلى تواجد عسكرى مكثف فى العراق وسوريا والاردن، كما توافدت القوات الخاصة الأمريكية إلى إسرائيل بعد طوفان الأقصى، بالإضافة إلى تواجد بريطانى وفرنسى فى سوريا ولبنان، كان منسيًا أيضًا وذكرتنا به الأحداث، بعد أن أعلنتا البلدان إسقاطهما للعديد من الصواريخ الباليستية الإيرانية والمسيرات. وجدير بالذكر أن هذه القوات الأمريكية متواجدة منذ حرب الخليج الثانية، الجريمة التى ما يزال العالم العربى يسدد فواتيرها إلى اليوم.