الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. حوار مع أسامة الباز حرمنى من التعيين فى المجلة.. ورئيس تحرير ينصحنى بـ«البترول» ملخص القصة: صحافة يعنى «روزاليوســــــف»

الطريق الثالث.. حوار مع أسامة الباز حرمنى من التعيين فى المجلة.. ورئيس تحرير ينصحنى بـ«البترول» ملخص القصة: صحافة يعنى «روزاليوســــــف»

لا يزال الحصول على نسخة مطبوعة من مجلتى العزيزة «روزاليوسف» والاستمتاع بقراءة صفحاتها المدهشة كل أسبوع مع فنجان قهوة وسيجارة، من طقوسى المقدسة التى تشحن بطاريات الروح وتنعش أفكارى، أستعيد مع موضوعاتها الجديدة والمميزة، ذكريات لا تنسى فى تاريخ علاقتى وعشقى الممتد مع (روزا) صانعة الأمجاد الصحفية وملكة جمال المجلات العربية، وصاحبة صك الجلالة فى بلاط الصحافة المصرية.



 

بداية أرجو أن يغفر لى صديقى العزيز أحمد الطاهرى اقتباس وتعديل «هشتاجه» الشهير (#مجلة_يعني_روزاليوسف)، ليصبح عنوانًا لقصتى ومقالى فى العدد الخاص الـ«رقم 5000» لمجلتنا الغراء، حاضنة مشروعنا الصحفى ومدرستنا المهنية والثقافية والسياسية التى نفخر بانتماء عقولنا لها، فأنا أنتمى لجيل صحفى كان يردد بتباهٍ: «تربية روزا» أو «دماغ روزا»، حتى لو كان من غير العاملين بالمجلة، لكن كان هناك شرف الانتماء والتأثر بمدرستها الصحفية التى شكلت وجدان كثيرين من مختلف الأجيال الصحفية، وأتشرف بأنى واحد من تلاميذ هذه المدرسة العريقة بالانتساب الفكرى. 

 شرارة الحب الأولى

فى مطلع العام الدراسى (1992/1993)، وتحديدا فى نهاية شهر سبتمبر 1992 تصدر غلاف المجلة العريقة مانشيت فرعى يعلن عن ميلاد تيار سياسى طلابى باسم «اتحاد أسر حورس» يواجه تنظيم «الإخوان» فى جامعة القاهرة، ونشر اسمى فى سياق التقرير السياسى كواحد من مصادره، وكان يرصد استعدادات الجامعات المصرية لانتخابات الاتحادات الطلابية التى كانت على الأبواب، ظهر الاسم مسبوقا بلقب الطالب فى كلية الهندسة، ومتبوعا بالقيادة الطلابية بجامعة القاهرة.

واحتفظت بهذا العدد سنوات قبل أن أفقده مؤخرا، فقد كان مصدر فخر وسعادة دائمة لى ولأسرتى، أدركت منه عظمة ظهور اسمى فى الصحافة، وربما كانت هذه هى الشرارة التى غيرت مسار حياتى، وجعلتنى بعدها بعامين أنتقل لأكمل دراستى الجامعية فى كلية الإعلام.

بعد نشر التقرير الصحفى بأيام تمت دعوتى لاجتماع احتضنته مجلة «روزاليوسف» التى فتحت أبوابها لتيارنا الطلابى الوليد ودعمته بأشكال مختلفة، وكان دخول المبنى التاريخى للمجلة القاطن فى شارع قصر العينى، حدثا تاريخيا مؤثرا فى حياتى، فلا أزال أذكر كل لحظة قضيتها فى الدور الخامس من المبنى، حيث كان مقر المجلة وقتها، شكل المكاتب وملامح العاملين ونظراتهم، ولا أنسى أيضا إصرارى على الاحتفاظ برزمة صغيرة من الورق (الدشت)، كتبت عليها أول منشور سياسى فى حياتى.

 منبر تنويرى 

كنا فى التسعينيات من القرن الماضى، الحقبة الذهبية لروزا على جميع مساراتها، حيث تحولت تحت قيادة الكاتب الكبير الأستاذ عادل حمودة إلى منبر فكرى وتنويرى يواجه الإرهاب ويكشف تيارات الدين السياسى أمام مجتمع، مستثمرا أقصى مساحات الحرية التى منحها نظام مبارك وقتها للصحافة كى تكون رأس الحربة فى معركة الدولة مع التطرف. 

وفى سياق النشاط الطلابى جمعنى اللقاء الأول مع كاتبنا الكبير، فقد كان ضيف ندوة نظمتها فى المجلس الأعلى للشباب والرياضة ومعه الكاتب الراحل على سالم، وكان ضيف الندوة الرئيسى الدكتور أسامة الباز، رحمه الله، وفى مكتب الدكتور عبدالمنعم عمارة رئيس المجلس، والذى قدمنى للأستاذ عادل بفخر موضحا له اهتمامى بالصحافة، وبأنه يتوقع لى مستقبل صحفيًا باهرًا.

تأملنى الأستاذ عادل لحظات دون أن ينطق بكلمة، حتى وصل الدكتور أسامة، فتحركنا جميعا نحو قاعة الندوة، فاستوقفنى الكاتب الكبير قبل الدخول قائلا: «لو عرفت تعمل حوار مع الدكتور أسامة هاعينك فورا فى المجلة».

تدريب لم يكتمل

وكانت كلمات عادل حمودة دافعا لالتحاقى بالعمل فى المجلة، وتصريحا ببدء التدريب فيها، وخلال أسابيع تجاوزت سريعا (رذالة) البدايات وأثبت كفاءة مبكرة، وكانت لحظة تاريخية فارقة عندما نشر أول خبر لى فى «بورصة الأخبار»، وبعدها بدأت أجهز أول تحقيق صحفى وكان عن الداعية وجدى غنيم، لكننى لم أتمه للأسف، فقد تشاجرت مع رئيس القسم وقتها وغادرت المجلة غاضبا بلا عودة، وعندما كان يسألنى أى من أصدقائى عن سبب نهاية علاقتى بـ(روزا)، كنت أخبرهم بفشلى فى اقتناص حوار مع المستشار السياسى للرئيس مبارك، أسامة الباز، الذى كنت أقابله كثيرا بعدها، وأذكره بوعده أن يمنحنى حوارا صحفيا، فيضحك. 

 بدراوى وعبدالمنعم

انشغلت بعدها سنوات بالفن والسياسة خلال دراستى فى كلية الإعلام ثم اتجهت للعمل الأهلى مؤسسا جمعية «الحالمون بالغد» عام 1998 والتى ترأس مجلس إدارتها الأول، الدكتور حسام بدراوى، السياسى المعروف، والذى تطوع بعد تخرجى من الكلية وقام بتحرير خطاب بديع يرشحنى فيه للأستاذ محمد عبدالمنعم للانضمام إلى المجلة، التى كان قد تسلم رئاسة مجلس إدارتها وتحريرها قبل شهور قليلة. 

توقعت وأنا فى طريقى للقاء الأستاذ عبدالمنعم أن هذه التوصية كفيلة بتعيينى فورا فى المجلة، وقد كانت بالفعل تزكية قوية فى زمانها، لكن الأستاذ عندما تناقش معى وعلم أننى قد حصلت على وظيفة مرموقة فى واحدة من أشهر شركات البترول، نصحنى بأسلوب أبوى صادق، قائلا: «يا ابنى خليك فى البترول»، وأوضح لى أن حال المؤسسات الصحفية القومية ليس مغريا لأى شاب حاليا،  وعرض على عرضا سخيا بأن أكتب فى المجلة من الخارج على أن أحتفظ بوظيفتى.

تأثرت يومها وخرجت حائرا وقضيت عدة شهور فى حالة عدم استقرار، حتى اتخذت قرار جريئا بالاستقالة من (البترول) والتضحية بالاستقرار من أجل عيون الصحافة. 

 الراحل عبدالله كمال

انقطعت صلتى سنوات مع «روزا» بعد أن اختطفنى قطار الصحافة العربية والدولية، وخرجت من مصر فى رحلات عمل من بكين إلى لندن ثم الرياض، وأخيرًا الاستقرار فى القاهرة عام 2008 مديرًا لمكتب صحيفة «الشرق الأوسط» بالقاهرة حتى عام 2017، خلالها نشأ بينى وبين (روزا) نوع آخر من الود، بدأ بعدة مكالمات مهمة ومؤثرة مع الأستاذ عبدالله كمال (رحمه الله)، تزامنت مع انضمام عدد من شباب روزا للعمل معى فى مكتب «الشرق الأوسط»، أسماء كثيرة أعتز بهم وتشرفت بزمالتهم وصداقتهم حتى اليوم.

 وأخيرا.. كاتب مقال

وفى عام 2016 تشرفت باستضافة كريمة من الزميل العزيز عبدالجواد أبو كب لنشر مقالاتى عبر «بوابة روزاليوسف» والتى كان يرأس تحريرها فى هذا الوقت، ثم فى العام التالى نشرت مقالى الأول فى «المجلة» بدعوة من الزميل العزيز هانى عبدالله، رئيس تحريرها السابق واستمر النشر حتى توقف فى أكتوبر 2018، لأسباب لا أعلمها حتى الآن. 

ثم كانت العودة فى فبراير 2022 تحت مظلة «الطريق الثالث» العنوان الذى أبدعه الكاتب والإعلامى الكبير أحمد الطاهرى، والمساحة الكريمة التى خصصها لمقالى الأسبوعى فى المجلة، وأشهد له بأنه منحنى فيها قدرًا من الحرية فى الكتابة لم أعهده فى حياتى المهنية الممتدة لأكثر من ربع قرن، وأنتهز الفرصة لأشكره وأبارك له على منجزه الصحفى والإعلامى فى «روزاليوسف»، وفى قطاع أخبار الشركة المتحدة.

وكانت هذه قصتى القصيرة مع معشوقتى.. روزا.. حبى الأول والأخير إلى الأبد.