الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحياة والعمل والإحباط والأمل

الحياة والعمل والإحباط والأمل

هل نحن نعمل من أجل أن نعيش أم نعيش من أجل أن نعمل؟ هذا هو السؤال المفصلى الذى فى تقديرى يجعل الفارق بين الإنسان كونه إنسانًا وبين كونه آلة بيد غيره.



عندما قررت مراجعة فصول حياتى منذ سنوات مستعينًا بالذاكرة وبالإحساس وبالأمانة الداخلية، اكتشفت أن جل ذلك العمر وأجمل أيامه قضيته فى العمل لأجل تحقيق أحلام لم تكن بالضرورة أحلامى، ففى حين كنت الشاب المثابر الذى يتحدى الصعاب من أجل إنجاح مجهود ما وفى حين آخر كنت الموظف المثالى الذى يجد الحلول للمشاكل والصعاب.

ليس عيبًا أن يكون الإنسان سببًا فى إسعاد الآخرين وتحقيق أحلامهم، ولكن المشكلة تكمن عندما يصحو ذلك الإنسان ليكتشف أنه لا يملك حلمًا ولا هدفًا من الحياة ولا يعى المعنى الحقيقى لما يمكن أن تقدمه الحياة له من تجارب فيها من الشعور بالرضا القدر الذى يشعره بالرضا الحقيقى.

إذن هل يبقى ذلك الإنسان حبيس محيطه وعبدًا للإحباط والركون للقدر الذى لا يجد فيه سعادة؛ أم يقرر التغيير والتجديد والبحث عن ما يمكن أن يجعل لحياته طعمًا ومعنى وقيمة بعيدًا عن اتباع الديباجات التى تناقلها المجتمع وزرعت فى عقولنا ظلمًا وبهتانًا، والتى لا تريح الإنسان الذى رضى أن يحيا قنوعًا منتظرًا ذلك الكنز الذى لا يفنى.

فى السعى نحو تحقيق الحلم الشخصى أو السعى نحو خوض التجارب التى نريد قد يقف أمامها شعور ورثناه من محيطنا المحبط، فكلمة حلم فى عقلية الكثيرين منا هى مرادفة للمستحيل وبالتالى السعى نحوه ما هو إلا ضرب من ضروب عمل المجانين والخارجين عن المنطق والعقل، بينما فى واقع الأمر تبين لى أن كلمة الحلم ترادف فى معناها اكتشاف إنسانيتنا، وبالتالى فإن العمل نحو البحث عن ذلك الحلم ما هو إلا احتفالية حقيقة منا كبشر بإنسانيتنا وقدرتنا فى اكتشاف أقصى ما يمكننا تحقيقه.

مشكلتنا أننا نحيط أنفسنا بأشخاص محبطين فنصبح مع الوقت مثلهم لا نعيش إلا من أجلهم وإن كنا فى ذلك نعتقد أننا نسعى من أجل أنفسنا.

أول خطوة فى طريق اكتشافنا لأحلامنا هى أن نكتشف ذاتنا دون رتوش واضعين أمام أعيننا كل الاحتمالات الإيجابية وتلك السلبية مستعينين فى ذلك بالأنا الداخلية والتى يجب أن تكون المحرك الوحيد فى هذه الرحلة الاستكشافية الداخلية، حيث التفكير بعقل موجه فى بيئة كتلك التى يعيشها كثيرون لن تؤدى لأى تغيير ولا تبديل ما لم تستطع أن تتجاوز كل تلك المحبطات والمحددات والنظرات التى وهبها الله البصر ولكنها لم تستطع أن تتصالح مع بصيرتها.

أكتب هذه الحروف وأمام عينى أرض تتميز بأنها تتفاءل بالمستقبل ولا تحزن كثيرًا على الماضى، كما أنها مكان يتطلع للقادم من الأيام دون أن يعوقها إخفاقات قد تكون حكمتها فى الماضى، فضاء يتعلم من أجل التطور والتقدم لا من أجل تمكين النفس من الصمود والعيش وفق منطق الاستكانة المتوارث، فالموت مع الجماعة كما يقول المحبطون رحمة، وأنا أقول الحياة مع أمل غدٍ مشرق هى الرحمة والسعادة والرضا.