الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عام على الحرب فى السودان هل طغت حرب غزة على ما يحدث فى الشقيقة الجنوبية؟ "1"

قاربت الحرب الأهلية فى السودان على إكمال عامها الأول دون توقف، ولا تلوح فى الأفق بادرة نصر عسكرى حاسم لأحد الطرفين، وهو ما ذهبت إليه تحليلات الخبراء وتوقعات السياسيين بأن القتال المستمرّ أنهك القوتين المتقاتلتين، وخلق حالة من توازن الضعف، على الرغم من أن الوضعين العسكرى والميدانى لا يزالان يعكسان تفوقًا لـ«الدعم السريع»، خلال الأشهر الأولى من الحرب.



 

لم يشهد الموقف الميدانى تغييرًا كبيرًا على الوضع الذى شكّلته الحرب خلال الأشهر الثلاثة الأولى، حيث لا تزال قوات «الدعم السريع» تُحكم سيطرتها على مواقع عسكرية وسيادية فى العاصمة الخرطوم، وفى الوقت نفسه تهاجم باستمرار قيادة سلاح المدرّعات ومقرّ القيادة الرئيسى للجيش الذى بدوره يستميت فى الدفاع عن المنطقتين العسكريتين.

وقد شهدت مناطق متفرقة فى العاصمة قصفًا مدفعيًا متبادلًا بين الجيش و«الدعم السريع»، وعادت مواجهات متقطعة فى محيط سلاح قيادة المدرّعات، بمنطقة الشجرة جنوب الخرطوم.وقد أطلق الجيش قذائف مدفعية استهدفت مواقع لقوات «الدعم السريع» فى مدينة أمدرمان. وفى المقابل ردّ «الدعم السريع» بقصف مماثل على أحياء شرق الخرطوم.

وخلال شهر رمضان، تستعرض مجلة «روزاليوسف» على صفحاتها أهم الملفات المرتبطة بالحرب وتأثيرها على الحياة فى السودان وعلى الدول المجاورة وفرص تحقيق استقرار سياسي.

لماذا الحرب؟

فى الجزء الأول، سنتناول الأحداث بتسلسلها حيث شهد عام 2023 أحداثًا مأساوية فى السودان جعلت منه العام الأسوأ فى تاريخ البلاد حيث اندلعت فيه حرب طاحنة بين الجيش وقوات الدعم السريع انطلقت من قلب العاصمة الخرطوم، لتمتد إلى أكثر من 60 فى المئة من مساحة البلاد؛ مخلفة نحو 12 ألف قتيل، وتشرد بسببها أكثر من 7 ملايين تشتت بهم السبل داخل البلاد وخارجها.

وعلى الرغم من الأحداث العديدة التى شهدها السودان خلال الربع الأول من العام والتى تمثل أبرزها فى استمرار الاحتجاجات الشعبية الرافضة لقرارات قائد الجيش السودانى فى الخامس والعشرين من أكتوبر 2021؛ فإن اندلاع القتال فى الخرطوم فى منتصف أبريل طغى على كل تلك الأحداث، وأصبح الحدث الأبرز الذى تمخضت عنه العديد من التداعيات والتبعات الخطيرة التى يتوقع مراقبون أن تستمر تأثيراتها لعشرات السنين.

حياة مستحيلة

أما فى الجزء الثانى، فسنستعرض كيف تغيرت حياة السودانيين بشكل جذرى ولم تعد مستقرة وهادئة، بعد أن اندلعت الاشتباكات حيث قررت عائلات الفرار من منازلهم مع أطفالهم.

وفى حين تستمر المعارك يوميًا فى جبهات القتال بالعاصمة الخرطوم ويتمدد الصراع أكثر فى ولايتى دارفور وكردفان (غرب ووسط) البلاد، ويهدد مناطق أخرى ظلت، طيلة الفترة الماضية، خارج نطاق الاشتباكات، تتجمد مبادرات الحل السياسى المطروحة من دول المنطقة والجوار السودانى وتحركات القوى الدولية فى حمل الطرفين على وقف دائم لإطلاق النار.

ومنذ بداية الحرب فى السودان وحتى اليوم، تستمر المعارك والاشتباكات العنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع فى مختلف مدن البلاد، مما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا وتشريد الملايين من السكان.

وتعتبر هذه الحرب فى السودان أحد أكثر الصراعات تدميرًا واستمرارية، لما لها من آثار سلبية عميقة على الأفراد والمجتمعات فى المنطقة، حيث شهدت الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية فى دارفور تغيرات جذرية، وتأثّرت الأسر والأفراد بشكل كبير، حيث فقدوا ذويهم، وتضررت الفرص التعليمية، واختفت الفرص الاقتصادية، كما أصبحت الحياة اليومية مليئة بالخوف والتوتر وانعدام الأمن.

ويقول المستشار السياسى لحكومة إقليم دارفور الدكتور عبدالوهاب همت: إن «الحرب فى السودان أدت إلى إفقار الشعب بشكل عام، وإقليم دارفور خاصة»، وأشار فى حديثه للجزيرة نت، إلى أن «الحرب تسببت فى تحول المواطنين إلى نازحين ولاجئين، وأدت إلى زيادة حالات الجوع والخوف».

وتابع موضحًا أن: «استمرار المعارك فى مدن كبيرة مثل نيالا، وهى ثانى أكبر مدينة من حيث النشاط الاقتصادى، وتضم 37 فرعًا لبنوك مختلفة، أدى إلى تحولها لمدينة أشباح بعد فرار السكان منها».

وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادى، أدى الصراع إلى تدمير البنية التحتية والمرافق الحيوية، مثل المدارس والمستشفيات والمزارع، مما تسبب فى تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، كما تأثرت قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة بشكل كبير، مما أضعف الاقتصاد المحلى وأدى إلى تراجع الإنتاج، بالإضافة إلى التأثير الثقافى الذى خلفه الصراع فى دارفور، لقد تم تشويه الهوية الثقافية وتفكيك الروابط الاجتماعية.

آفاق للحل

أما فى الجزء الثالث، فسنتحدث عن آفاق الحل السياسى بعد خروج الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) من السودان وزياراته لثلاثة من بلدان تكتل الإيغاد، توصَّل مع تنسيقية القوى المدنية السودانية بزعامة رئيس الحكومة السابق عبدالله حمدوك إلى وثيقة مهمة تُكرِّس مبادئ التسوية السياسية للأزمة السودانية، فى أفق اللقاء المرتقب بين حميدتى والفريق البرهان، ولقاء التنسيقية مع البرهان.

هذه المعطيات تُولِّد أملًا قويًا باتفاق أولى بين طرفى الصراع، قد يُفضى إلى وقف إطلاق النار والشروع فى مسار تفاوضى معقد لا تزال العوائق التى تعترضه عديدة، وفى مقدمتها الوضع العسكرى والأمنى المتفجر، والتباين الواسع فى الرؤية والتوجه بين الفريقين المتصارعين.

وفى الملف الأخير، نناقش الدور المصرى فى الأزمة السودانية حيث احتضنت الدولة المصرية الأشقاء السودانيين، بعد أن لجأ الآلاف منهم إلى مصر، عقب اندلاع حرب ضروس بين قوات الجيش السودانى وقوات الدعم السريع السودانية، ومنذ الوهلة الأولى قدمت مصر جهودًا مكثفة لاحتواء الأزمة السودانية على مختلف الأصعدة والمسارات، السياسية والدبلوماسية وحتى الإنسانية.

وقد وظفت الدولة المصرية مؤسساتها للتعامل مع الأزمة السودانية، فقد قادت وزارة الخارجية تحركات دبلوماسية بقيادة الوزير سامح شكرى، وذلك فى إطار ريادة القاهرة ودورها الإقليمى المعهود فى القارة السمراء، وتمسكها بمبادرة «إسكات البنادق» تلك التى تبنتها الدولة المصرية فى فبراير عام 2019، لإنهاء النزاعات والحروب بالقارة.

ولأن استقرار السودان والمحيط الأفريقى لمصر يعد أحد أهم مرتكزات الأمن القومى المصرى، فإن الدولة المصرية التى بذلت الكثير من الجهود لاحتواء الأزمة والحيلولة دون الدخول فى نفق الحرب الأهلية المظلم، كانت ولاتزال تساند الدولة السودانية، على نحو ما طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى الأطراف السودانية بتغليب لغة الحوار والتوافق الوطنى، وإعلاء المصالح العليا للشعب السودانى الشقيق.