الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. هل يفلح الحديث عن «الذكاء الاصطناعى» فى عودة الروح إلى «المرحوم»؟ واقع «الصحافة» يحاصر ورشة «تنسيقية الأحزاب» عن مستقبل «المهنة»

الطريق الثالث.. هل يفلح الحديث عن «الذكاء الاصطناعى» فى عودة الروح إلى «المرحوم»؟ واقع «الصحافة» يحاصر ورشة «تنسيقية الأحزاب» عن مستقبل «المهنة»

وصلتنى دعوة كريمة عبر أصدقائى الأعزاء من القيادات الواعدة فى «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين» لحضور ورشة نقاشية حول «مستقبل الصحافة الورقية فى عصر الذكاء الاصطناعى»، بعد أن أمست «الصحافة الورقية» مهددة فى العالم كله، نتيجة للتغيرات المتلاحقة التى تحدث للمهنة وحولها سواء على المستوى التكنولوجى أو الأيدلوجي، وقد وضع منظمو الندوة إطارًا للنقاش من خلال محاور ثلاث هي: أسباب تراجع معدلات توزيع الصحف الورقية، وتأثيرات الذكاء الاصطناعى على الجماعة الصحفية، فرص الاستفادة من الأدوات التكنولوجية فى تطوير الصناعة.



وقد أسعدتنى المشاركة خاصة أن موضوع النقاش ومحاوره تمس مشاغلى حول المهنة، وإن كنت قد خشيت أن يستهلكنا الحوار فيما يجرى داخل أروقة صاحبة الجلالة ويليهنا عما نتمناه ونتصوره لقادم أيامها، فالحاضر يحتشد بالقضايا المؤثرة والتفاصيل المذهلة والمشكلات المزمنة التى يصعب حسمها فى جلسة أو حتى عدة جلسات نقاشية بين عدد محدود من أبناء المهنة، فالأمر جلل ويحتاج إلى حوار مجتمعى موسع برعاية الدولة وتشارك فيه كل الجهات المنوط بها رسم سياسات ومسارات مهنة الإعلام ليتكاتف الجميع لتصفية إرث ثقيل وتركة منهكة، حتى نقدر على صياغة رؤية واضحة لمستقبل الصحافة المصرية.

إكرام الميت وعودة الروح

وقد شهدت الجلسة التى استمرت لأكثر من ساعتين نقاشا مهما تطرق بطبيعة الحال إلى هموم الصحافة الورقية ومحنتها، والتى وصفها صديقى الدكتور محمد الباز بـ«المرحوم»، وهو وصف رغم قسوته لكنه صادق إلى حد كبير، حيث إن التدنى الرهيب فى أرقام توزيع النسخ الورقية فى مصر ينذر بنهاية عصرها قريبا جدا، وهو خطر نستشعره جميعا وتضافرت لحدوثه عوامل كثيرة، أسهمت بدورها فى تراجع المهنة، التى تمثل الصحافة الورقية عصبها، فى حين أن وضع الصحافة الإلكترونية فى مصر ما يزال فى أغلب مؤسساتها القومية متعثرا فى خطواته الأولى بينما تجتهد الصحف الخاصة فى أن تخطو للأمام إلا أنها أيضا مكبلة بتراجع كبير فى اقتصاديات صناعة الصحف والمواقع الإلكترونية فى مصر.

وقد بدأت كلمتى بتوضيح إشكالية عنوان الورشة، وتيه المسارات التى يمكن أن يدخلنا فيها حول مصير ومستقبل المهنة فى مصر، وقد اختزلت رؤيتى للهدف من الورشة فى نقطتين، هما: دور وسائل الإعلام وقدرتها على التأثير «إزاى نكسب الزبون»، سبل تطوير صناعة الصحافة «هاعمل إيه فى المرحوم!»، واخترت أن تتضمن مشاركتى جانبا من تجربتى الشخصية كمسئول عن ملف تطوير مطبوعات المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق فى الفترة ما بين عامى 2004 و2007، والتى تعتبر واحدة من أكبر الكيانات الإعلامية فى العالم العربي، والتى تملك أهم (البراندات) فى الصحافة المطبوعة ومنها «سيدتى»، و«المجلة»، و«الرجل»، و«الشرق الأوسط» التى شرفت بأن أكون مدير تحريرها فى القاهرة فى الفترة من 2008 إلى 2017. وختمت كلمتى بأن تطوير المهنة يتطلب إرادة حقيقية للتغيير يدعمها جرأة فى «القرار الإعلامى»، وأن المراهنة على عودة روح «المرحوم» مشروطة بأن يسانده منتجات إعلامية جديدة، وقاطعنى الدكتور الباز موضحا بأن هذا ما قامت به الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، واتفقت معه مؤكدا للحضور أن الصحافة الورقية أمامها سنوات قبل أن تختفى وعلينا أن نجتهد لنحافظ عليها بين وسائل الإعلام التقليدية الأخرى. 

الحضور والتوصيات

وشارك فى الورشة النائب عماد الدين حسين عضو مجلس الشيوخ ورئيس تحرير جريدة «الشروق»، والدكتور محمد الباز رئيس مجلسى إدارة وتحرير جريدة «الدستور»، والدكتور محمد فايز فرحات، مدير مركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية، والكاتب الصحفى حسين الزناتى وكيل نقابة الصحفيين، والنائبة مارسيل سمير، والنائب علاء عصام، والنائب نادر مصطفى، والنائبة مارثا محروس، أعضاء مجلس النواب عن التنسيقية، فيما أدار الورشة النائب علاء مصطفى عضو مجلس الشيوخ عن التنسيقية، النائب عماد خليل عضو مجلس النواب عن التنسيقية. 

وقد أكد الحضور أن التنسيقية لديها مجموعة من الخبراء التكنولوجيين والكوادر المتخصصة فى مجال الذكاء الاصطناعى واقترحوا العمل على نقل تلك الخبرات لجموع الصحفيين، مشيرين إلى ضرورة تدريب الكوادر الصحفية على استخدام الذكاء الاصطناعى، وعمل حصر للاحتياجات التكنولوجية التى يحتاجها الصحفى للتعامل مع الذكاء الاصطناعى. مؤكدين أن الذكاء الاصطناعى لن يحل محل البشر، لكنه سيقدم تسهيلات تساعد الصحفى فى عمله، كما أنه لن يواكب الإنسان فى فكره وأسلوبه فى الكتابة، مشددين على ضرورة البحث حول أخلاقيات التعامل بالذكاء الاصطناعى. 

وأشار المتحدثين بالجلسة النقاشية إلى أن الصحافة الورقية يجب أن تواكب التطور التكنولوجى بما يحقق التكامل المؤسسى بين الصحافة الورقية والإلكترونية والمرئية، موصين على ضرورة تطوير المحتوى الذى يقدم عبر منصاتها المطبوعة، واتباع تقنيات جديدة فى تناول الأخبار مع أهمية إجراء تعديل تشريعى لتنظيم العمل بالذكاء الاصطناعى، وإعادة هيكلة المؤسسات الصحفية وتصعيد الكوادر الشبابية.

4 ورش لتحديات الصحافة  

وجدير بالذكر أن هذه الورشة تعد «الرابعة» للتنسيقية حول الصحافة، وكان قد سبقها ورشة عمل بعنوان: «تحديات تواجه الصحف القومية فى مصر»، وقد ناقشت إعادة الهيكلة فى الصحف القومية وتمويلها، وملف الديون وكيفية الاستفادة من أصولها، وكذلك طباعة الورق فى ظل صعود الصحافة الإلكترونية، وتطوير المهنة وأنماط الصحافة، وهل ستندثر الصحافة التقليدية أمام الثورة التكنولوجية.

وأوصى فيها الحضور على ضرورة إعادة النظر فى مديونيات المؤسسات القومية، وفتح آفاق جديدة وآليات للتوزيع فى المحافظات بشكل أكبر، إضافة إلى تدريب الكوادر الصحفية، والاستفادة من شيوخ المهنة، وضخ دماء جديدة فى المؤسسات الصحفية، علاوة على إعادة النظر فى مناهج كليات الإعلام وعدد الخريجين كل عام، والارتقاء بالصحافة الإلكترونية وتطويرها فى المؤسسات، مع الاستفادة بالمنح الدولية التى تقدم للصحافة فى تطوير المؤسسات القومية.

أما ورشة العمل الثانية فقد كانت تحت عنوان: «الصحافة المصرية فى ظل تحديات التحولات الرقمية»، ‎ناقشت التحديات والفرص أمام تحول الإعلام التقليدى إلى رقمي، والقدرة على التعامل مع الأدوات التكنولوجية فى غرف الأخبار ومدى استعداد الصحفى والمؤسسات لتلك الأدوات، وكيفية تعبير النخبة الصحفية فى مصر عن شواغل الصحافة.

‏‎وأوصى الحضور بضرورة البحث عن حلول للتمويل والاستغلال الأمثل لموارد الصحف، والبحث عن مورد ثابت داخل كل جريدة لبناء بنية رقمية حقيقية، والاستفادة من الأرشيف ومراكز دراسات داخل المؤسسات القومية.

‏‎أما الورشة الأخيرة فقد كان عنوانها «التشريعات المنظمة للصحافة»، وناقشت التشابكات التشريعية (قوانين الهيئات الإعلامية)، والتشريعات التى تحتاج إلى تطوير لمواكبة التغيرات، وأهمية مراجعة قانون نقابة الصحفيين، بالإضافة إلى حرية الفكر والرأي، وأهمية إصدار قانون حرية تداول المعلومات، فضلاً عن ميثاق الشرف الصحفي، والأوضاع المالية والاقتصادية للمؤسسات الصحفية الخاصة.

وأكد المشاركون فى الورشة على ضرورة معالجة وضع المؤثرين وصناع المحتوى لأن لديهم تأثيرا كبيرا مثل الإعلاميين، والنظر إلى وضع المناطق الحرة الإعلامية وتنظيم المطبوعات الأجنبية، وإصدار قانون تداول المعلومات. كما أشاروا إلى ضرورة تدريب الصحفيين من خلال معهد تدريب، وأيضاً النظر فى الموقف القانونى للمواقع الإلكترونية وكيفية قيد الصحفيين الذين يعملون بها فى جداول نقابة الصحفيين.