الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. جهود مصرية متواصلة للإغاثة والتهدئة في قطاع غزة.. ورصيد الأمم المتحدة ينفد جسر الحياة

حقك.. جهود مصرية متواصلة للإغاثة والتهدئة في قطاع غزة.. ورصيد الأمم المتحدة ينفد جسر الحياة

أغلقت طرق الحياة الى قطاع غزة بعد تدمير الطرق، وانطلقت الطائرات المصرية تحمل أطنانًا من المساعدات برفقة طائرات من فرنسا والأردن وقطر لإسقاطها على أهالى القطاع لدعمهم والتخفيف من وطأة المأساة الإنسانية المتصاعدة على إثر جريمة الإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلى ضد المدنيين فى القطاع.



لم تتوقف جهود الإغاثة المصرية عند إسقاط المعونات، وقامت أيضًا بإنشاء معسكر ثانٍ للنازحين في خان يونس وثالث في دير البلح داخل غزة ويسع المخيم الثانى فى خان يونس لحوالى 4000 شخص مزود بالكهرباء ودورات المياه، بالإضافة الى مستشفى ميدانى مصرى يتضمن غرف عمليات مجهزة لعلاج الجرحى والمصابين داخل القطاع لتكون مصر هى جسر الحياة الوحيد الممتد إلى داخل القطاع لمساعدة أهالى غزة بشكل متقدم داخل حدود القطاع.

  مسارات التخفيف على أهالى غزة لم تتوقف على تقديم المساعدات الإغاثية، وانطلقت الدبلوماسية المصرية على مسار متوازٍ للطائرات المصرية لتبحث عن هدنة ووقف فورى لإطلاق النار وتكشف للعالم فى الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى جنيف جرائم الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين وتؤكد على خطورة التصعيد الإسرائيلى والتهديد باجتياح رفح الفلسطينية والمأساة الإنسانية المترتبة على ذلك.

تتصدى مصر بشجاعة لإنقاذ الأشقاء فى غزة والضفة الغربية وتبذل جهدًا كبيرًا فى أكثر من اتجاه رغم الهجوم والتشويه تدافع عن الحق الفلسطينى بنفس القوة رغم الانحياز الغربى السافر لإسرائيل وعدم قدرة الأمم المتحدة وآلياتها على وقف العدوان وربما ذلك يقودنا إلى فتح نقاش واسع حول دور الأمم المتحدة المتراجع والمتخاذل في حماية حقوق الانسان.  

قبل أيام مر عامان على اشتعال الحرب «الروسية- الأوكرانية»، صحيح أن الاهتمام بها تراجع عقب اجتياح الجيش الإسرائيلى لقطاع غزة إلا أن الحرب ما زالت مستعرة في غياب تام لقدرة الأمم المتحدة على وقف نزيف الدم، ثم تكرر الأمر على نطاق أوسع بعد فشل جهود الدول الأعضاء في إصدار قرار بوقف إطلاق النار وتجميد تحرك مجلس الأمن بموجب الفيتو الأمريكى.

لا أبالغ إذا قلت إن جهود وإسهامات الخبراء والقامات القانونية الدولية فى آليات الأمم المتحدة قد ذهبت أدراج الرياح حينما تعطل الدور الأول والأهم للأمم المتحدة في منع النزاعات وحماية البشرية من الحروب وما ينتج عنها من مآسٍ إنسانية وانتهاكات لحقوق الإنسان.

تدور الحرب بالوكالة بين القوتين الأعظم أمريكا وروسيا على الأراضى الأوكرانية، ولم تفلح جهود الوساطة الدولية أو الآليات الأممية فى وقف الحرب، وتدفق السلاح والمقاتلين على الطرفين ليستمر الصراع ويضغط على الاقتصاد الدولي وتتعرض بسببه بلدان العالم النامية إلى أزمات تضخم وارتفاع فى أسعار السلع الغذائية، نموذج لغياب قدرة وفاعلية الأمم المتحدة على التصدى لأسباب الصراع ومعالجة النزاع قبل انفجاره، وكانت النتيجة انهيارًا في الفاعلية وانتقاصًا من رصيدها.

غياب الفاعلية شجع إسرائيل على ارتكاب مجزرة إنسانية فى قطاع غزة والتخطيط لتهجير سكانه قسريًا باتجاه مصر على مرأى ومسمع من العالم كله، والتحدى بالذهاب إلى محكمة العدل الدولية وتوجيه الاتهامات الباطلة باتجاه مصر ومساعداتها المقدمة إلى الفلسطينيين، ثم تصدر المحكمة قرارًا بمهلة لوقف إطلاق النار وتمر المهلة دون أن توقف إسرائيل سلوكها الإجرامي تجاه المدنيين في القطاع.

قبل 30 عامًا كتب الدكتور بطرس غالى الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة عن أزمة الثقة فى الأمم المتحدة، بين العرب الذين يرونها منحازة للولايات المتحدة وإسرائيل التي تراها تحاول تقويض الدولة اليهودية، رغم صدور مئات القرارات ضدها ولم تنفذ والحقيقة أن الأمم المتحدة عجزت فى مواجهة إرادة القوى العظمى وقررت الانزواء وفى كثير من الأحيان الاختفاء حتى تمر العاصفة، وربما ترى أن المحافظة على الكيان أهم من الصدام مع تلك القوى وهى بدورها تتجاهل الضغط على المنظمة الدولية حتى لا تنفجر من داخلها ويستمر التوازن الحرج بين التقدم والتراجع حتى تنتهى الأزمة وتعود الأمور الى سابق عهدها.

أحاديث عديدة تحدثت عن إصلاح واجب للأمم المتحدة، وعن تغيير مطلوب فى طريقة عمل لجانها والمؤسسات المنضوية تحتها وبالتحديد التشكيلات القضائية مثل محكمة العدل الدولية، فالمحكمة وإن كانت تجتهد فى مواجهة محاولات الضغط عليها من جانب القوى العظمى إلا أنها لا تملك أى أداة تنفيذية لقراراتها؛ بل أن القضايا المعروضة عليها يمكن أن تستمر لسنوات فى مداولات حتى يصدر الحكم ولا ينفذ إذا ما قررت أي قوة كبرى استخدام الفيتو ضده.

في الحالة الفلسطينية تتجه البوصلة نحو الموقف الأمريكى المنحاز الى إسرائيل، دعك مما تتحدث عنه الكواليس من ضغوط أمريكية، الواقع يقول أن الولايات المتحدة تؤمن بما قالته جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة «إذا كنت معي %99 فإنك لست معي»، وأن قادة إسرائيل يضمنون حق الاعتراض الأمريكى على أي قرار يدين إسرائيل أو يفرض عليها أى عقوبات ولذلك فالصمت أمام الإبادة الجماعية للفلسطينيين هو التوجه الوحيد للأمم المتحدة وهو أمر لم يعد محتملًا للجانب العربى وينذر بعواقب وخيمة ويعطى للإرهاب وللميليشيات المسلحة فرصة لتجنيد عناصر غاضبة.

ازدواجية المعايير هو الفيروس القاتل الذى أصاب الأمم المتحدة وجعلها مشلولة فى مواجهة الجرائم الإسرائيلية والتي تتم تحت حماية الفيتو الأمريكى، ضعف الأمم المتحدة ليس فى مصلحة أحد ولذلك يجب على المجتمع الدولى التعامل بجدية مع التراجع فى دور المنظمة الأممية وقدرتها على فرض احترام القانون الدولى والنظر فى المطالبات بإصلاحها حتى لا تتعرض فى النهاية  لمصير عصبة الأمم.