الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. القاهرة أدانت جرائم الاحتلال الإسرائيلى  فى محكمة العدل الدولية مصر.. صوت الحق الفلسطينى

حقك.. القاهرة أدانت جرائم الاحتلال الإسرائيلى فى محكمة العدل الدولية مصر.. صوت الحق الفلسطينى

رسمت مصر فى محكمة العدل الدولية صورة ثلاثية الأبعاد للقضية الفلسطينية تتضمن البُعد السياسى منطلقًا من جرائم الاحتلال الإسرائيلى والإنسانى متضمنًا الأزمات الحياتية للفلسطينيين، بالإضافة إلى مخاطر تصفية القضية على المنطقة والعالم، والحقيقة أنه لا يوجد أجدر من مصر للتحدث عن الحق الفلسطينى، فى خلال القرن الماضى كانت القضية الفلسطينية هى الحرب والسلام بالنسبة لمصر، وبالتالى الملف الأول والأخطر أمام الدبلوماسية المصرية وتطور الأمر لتصبح القاهرة عاصمة السلام فى الشرق الأوسط والشريك الرئيسى القادر على تهدئة النزاع حينما تشتعل نيرانه.



تمتلك القاهرة أوراقًا للعب وأدوات للتفاوض مع كل الأطراف وتدرك جيدًا مسار خطواتها خاصة أن هدفها الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وأن وجود الدولة الفلسطينية هى ضمانة الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط، فهى حجر الأساس فى إنهاء التوتر والصراع وكذلك وضع حد لظهور ميليشيات مسلحة تبحث عن تحرير الأرض من الاحتلال وفك الارتباط بين القضية الفلسطينية والتنظيمات الدينية المسلحة ووقف عملية تحويل الصراع من الملعب السياسى إلى الدينى، ولذلك تأثيراته المدمرة على الأراضى المحتلة والدول المجاورة.

تتحرك مصر على أكثر من مستوى لدعم القضية الفلسطينية، فهى أكثر دولة فى العالم قدمت المساعدات الإنسانية والإغاثية للأشقاء فى قطاع غزة، وفرت رغم التحدى الاقتصادى آلاف الأطنان من المواد الغذائية والمياه لسكان القطاع، ولم تتخلّ عن المسار التفاوضى والذى ترعاه مصر عبر اجتماع القاهرة والذى جمع الوزير عباس كامل رئيس المخابرات المصرية ورئيس المخابرات الأمريكية وليام بيرنز ورئيس وزراء قطر ورئيس الموساد والشاباك وممثلى حماس، وخلال تلك الاجتماعات المهمة أصبحت القاهرة محط أنظار الإقليم والعالم والجميع وعُقدت الآمال على نجاح الجهود المبذولة للوصول لاتفاق لصفقة جديدة لتبادل الأسرى تفضى لوقف إطلاق النار لـ6 أسابيع على الأقل، تكون مقدمة لوقف إطلاق نار كامل، والرهان الدولى على نجاح القاهرة فى الوصول إلى الهدنة ووقف إطلاق النار مبنى على النجاحات السابقة وعلى أن مصر هى الوسيط النزيه، وانحيازها الكامل للشعب الفلسطينى وقضيته العادلة، فالقضية الفلسطينية كانت وستظل القضية المحورية للدولة والشعب المصرى.

ومع التصعيد الإسرائيلى وفداحة الجرائم قدمت مصر مرافعة تاريخية الأربعاء الماضى أمام محكمة العدل الدولية وصدحت مصر بصوت الحق الفلسطينى على لسان الدكتورة ياسمين موسى ممثلة مصر والمستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، والتى تضمنت فيها العديد من الرسائل الحاسمة، حيث أكدت أن إسرائيل تعمل بشكل متعمد ومستمر على خلق ظروف حياتية مستحيلة فى قطاع غزة، إذ إنها تفرض الحصار وسياسة التجويع وتمنع وصول المساعدات الإنسانية، وتخطط الآن لاقتحام رفح التى يوجد بها أكثر من مليون و300 ألف فلسطينى.

وأضافت: إن المذبحة التى ترتكبها إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية وتحديدًا فى غزة مستمرة، إذ استُشهد حوالى 29 ألف فلسطينى حتى الآن وشُرِّد أكثر من 2 مليون فلسطينى فى انتهاك واضح للقانون الدولى، مشددة على ضرورة وقف السياسات والممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة كونها غير قانونية ويجب مراجعتها وتقييمها.

ونوهت إلى فشل مجلس الأمن الدولى فى المناداة والدعوة من أجل وقف إطلاق نار دائم فى الأراضى الفلسطينية، لافتة إلى استمرار الانتهاكات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، حيث تفرض قيودًا حركية وتقوم بأعمال اقتحامات وتهدم منازل الفلسطينيين، وتسمح للمستوطنين بممارسة العنف ضدهم وتعمل على زيادة بناء المستوطنات بشكل كبير ذاهبة بحل الدولتين إلى المجهول.

وذكرت أن هذه الانتهاكات من قبل الاحتلال الإسرائيلى للقانون الدولى تهدف إلى تجريد الشعب الفلسطينى من ممتلكاته وفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية وجعل هذا الاحتلال غير القانونى دائمًا، لافتة إلى أن المحكمة صنفت بأن الاستيلاء على أراضى الغير بالقوة أمر محظور وأن مبدأ تقرير المصير هو أيضًا واحد من معايير القانون الدولى الواضح والقاطع والذى لا يمكن انتهاكه تحت أى ظرف وأيضًا هناك حظر واضح للفصل العنصرى ولمحاولة إخضاع شعب آخر لسيادة دولة أخرى.

وحددت مصر مسئولية الأمم المتحدة عن القضية الفلسطينية إلى حين يتم تقديم حل عادل لهذه القضية، قائلة: إن منطقة الشرق الأوسط تتطلع إلى الاستقرار والسلام الدائم والشامل والعادل لحل الصراع «الفلسطينى- الإسرائيلى» على أساس المبادئ الدولية والتى بمقتضاها يتم قيام الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، موضحة أن الرأى الاستشارى للمحكمة سيكون مرشدًا للأمم المتحدة من أجل تحقيق هذا الغرض.

مصر قالت إن فلسطين تعرضت لأطول احتلال فى التاريخ الحديث للبشرية وفرض الوقائع على الأرض من أجل تمديد عمر هذا الاحتلال، إذ إن إسرائيل بدأت بزراعة المستوطنات فى الضفة الغربية والقدس الشرقية وفرض الحقائق على الأرض وتفتيت الأراضى الفلسطينية فى انتهاك واضح للقانون الدولى.

وأضافت إن ممثلى دولة فلسطين أوضحوا أمام هذه المحكمة أن إسرائيل تقوم بأعمال استعمارية واستيطانية، حيث عملت على نقل المستوطنين ليعيشوا فى الأراضى الفلسطينية المحتلة ليصل عددهم إلى 750 ألف مستوطن، مغيرين بذلك الطبيعة الديموغرافية والجغرافية للأراضى الفلسطينية، مشيرة إلى أن هناك دولاً قليلة جدًا من تدافع عن السياسات الإسرائيلية وهذه الأعمال غير الشرعية وغير القانونية وتمارس على أساس الاحتلال، إذ إن هذا الاحتلال غير قانونى وغيرى شرعى وفق قرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولى.

وأكدت ممثلة مصر أمام محكمة العدل الدولية، أن المرافعة الفلسطينية أثبتت وجود دليل واضح على أن إسرائيل تريد دعم المستوطنات والبقاء عليها فى الأراضى الفلسطينية المحتلة للأبد، وتغيير المعالم الديموغرافية فى تلك الأراضى وممارسة السيادة الإسرائيلية على هذه الأراضى، ويتضح ذلك من خلال تشريد المواطنين الفلسطينيين بالقوة من أراضيهم وتحديدًا فى قطاع غزة، إذ إن هناك أوامر إسرائيلية بإخلاء السكان الفلسطينيين بالقوة، فى خلاف واضح للقانون الدولى لأن ما تقوم به هو بمثابة تطهير عرقى.

وانتقلت مصر للحديث عن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية، إن المادة الـ49 باتفاقية جنيف الرابعة لا تمنع فقط ترحيل السكان، بل تؤكد أن أية إجراءات تقوم بها الدولة القائمة بالاحتلال من أجل أن تنظم أو تشجع ترحيل جزء أو كل من السكان إلى الأرض التى تحتلها يعد أمرًا مرفوضًا، مشددة على أن القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولى والجمعية العامة للأمم المتحدة تؤكد عدم شرعية وقانونية المستوطنات الإسرائيلية وعملية الضم والإجراءات التى تقوم بها إسرائيل لتغيير شخصية ووضع مدينة القدس الشريفة.

كما شددت على أن القانون الدولى يعتبر هذه الإجراءات انتهاكًا لاتفاقية جنيف الرابعة والتى تطالب إسرائيل بالامتناع عن هذه الممارسات، مشيرة إلى أن مجلس الأمن الدولى أصدر القرار 298 والذى أوضح أن كل الإجراءات الإدارية والقانونية التى تتخذها إسرائيل لتغيير وضع القدس الشريف، بما فى ذلك مصادرة الأراضى والممتلكات ونقل السكان أو ترحيل السكان هى غير قانونية ولا يمكن أن تكون سارية.

وفيما يتعلق بالمبادئ الأساسية للقانون الدولى، قالت: إن الدولة المحتلة يحظر عليها تغيير الوضع القائم فى الأراضى التى تحتلها وتمنع من ضم أى جزء من تلك الأراضى، وتكون لها صلاحيات فى القيام ببعض الأعمال وفق الاحتياجات التى حددها القانون الدولى ولا يمكن لها أن تتمدد فى الأرض التى تحتلها أيضًا.

وأكدت ممثل مصر على أهمية شجب وإدانة الانتهاكات التى ترتكب بحق من حقوق الشعب الفلسطينى غير قابلة للتصرف خاصة حق تقرير المصير، مشيرة إلى أن الانتهاك الإسرائيلى الممتد وعملية الدمار الشاملة التى تمارسها إسرائيل فى القطاع تعيد غزة إلى العصور الوسطى ما يوضح مدى خطورة هذا الاحتلال ومدى انتهاك للمبادئ الدولية.

ولفتت إلى أن الاحتلال الإسرائيلى الممتد هو غير شرعى وغير قانونى بحد ذاته ويجب أن يكون هناك بشكل عاجل دعوة لإسرائيل بضرورة إنهاء احتلالها للأراضى الفلسطينية دون شرط.

واختتمت بأنه يجب النظر إلى التمييز العنصرى وعملية الفصل والإخضاع التى تمارسها إسرائيل بحق المواطنين الفلسطينيين فى الضفة الغربية، مضيفة، على إسرائيل أن تلغى جميع القوانين والتشريعات العنصرية التى أوجدتها من أجل التمييز العنصرى بحق الشعب الفلسطينى.

حديث مصر القوى عن الحق الفلسطينى يستكمل مسارًا شديد الأهمية يسعى للاستفادة من الخبرة المصرية بعمل الآليات الدولية ومحاصرة الجرائم الإسرائيلية والضغط على الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو وإحباط محاولتهم لإشعال المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية بمخطط التهجير القسرى للفلسطينيين باتجاه سيناء، وهو ما تتصدى له مصر دفاعًا عن الحق الفلسطينى فى دولته المستقلة.