الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تل أبيب تشهد للمرة الأولى تخفيضا فى تصنيفها الائتمانى على المدى الطويل حرب غزة ترفع «عبء الديون» فى إسرائيل

خفضت وكالة موديز الأمريكية التصنيف الائتمانى لإسرائيل بدرجة واحدة من A1 إلى A2 بسبب تأثير النزاع المستمر الذى تخوضه مع حركة حماس فى قطاع غزة. وقالت موديز فى بيان: إنها فعلت ذلك بعد تقييم لها بيَّن أن النزاع العسكرى المستمر مع حماس وتداعياته وعواقبه الأوسع نطاقا يزيد بشكل ملموس المخاطر السياسية لإسرائيل ويضعف أيضا مؤسساتها التنفيذية والتشريعية وقوتها المالية فى المستقبل؛ وتقول بلومبرج إن هذه هى المرة الأولى التى تشهد فيها إسرائيل تخفيضا فى تصنيفها على المدى الطويل. كذلك، خفضت وكالة موديز توقعاتها لديون إسرائيل إلى سلبية بسبب خطر التصعيد مع حزب الله اللبنانى على طول حدودها الشمالية.



 

وفى بيان نادر قلل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أهمية قرار وكالة موديز. وقال رئيس الوزراء إن الاقتصاد الإسرائيلى قوى وخفض التصنيف ليس مرتبطا بالاقتصاد بل يرجع بالكامل إلى حقيقة أننا فى حرب.وتوقع أن التصنيف سوف يرتفع مرة أخرى فى اللحظة التى ننتصر فيها فى الحرب وسوف ننتصر فى الحرب. وتقول صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن الحرب اندلعت فى غزة بعد الهجوم المدمر الذى قادته حماس فى 7 أكتوبر العام الماضى والذى قتل فيه حوالى 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجز 253 كرهائن فى قطاع غزة. وردا على ذلك، شنت إسرائيل غارات جوية وهجوما بريا بهدف الإطاحة بحركة حماس التى تحكم غزة وإعادة الرهائن. وأسفرت الحرب عن مقتل ما لا يقل عن 28 ألف شخص فى القطاع وفقا لوزارة الصحة التى تسيطر عليها حماس فى غزة ويعتقد أنها تشمل المدنيين وأعضاء حماس الذين قتلوا فى غزة بما فى ذلك نتيجة لصواريخ الفصائل المسلحة.

 

وفى أعقاب الهجوم، خفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية التوقعات الائتمانية لإسرائيل من مستقرة إلى سلبية بسبب المخاطر المتنامية فى الصراع بين إسرائيل وحماس. وقد وضعت وكالة فيتش وهى آخر وكالات التصنيف الثلاث الكبرى فى الولايات المتحدة إسرائيل تحت المراقبة السلبية بسبب المخاطر الناجمة عن الصراع. وكانت وكالة موديز قد وضعت تصنيف إسرائيل الائتمانى تحت المراقبة فى 19 أكتوبر الماضى أى بعد 12 يوما على هجوم حماس واندلاع الحرب. وقالت الوكالة فى حين أن القتال فى غزة قد ينخفض فى حدته أو يتوقف، فإنه لا يوجد حاليا أى اتفاق على وضع حد للأعمال العدائية بطريقة دائمة أو اتفاق على خطة طويلة الأجل من شأنها استعادة أمن إسرائيل بالكامل وتعزيزه فى نهاية المطاف.

 

وتحدثت الوكالة أيضا عن ضعف البيئة الأمنية وهو ما ينطوى على مخاطر اجتماعية أكبر بالإضافة إلى ضعف المؤسسات التنفيذية والتشريعية؛ وقالت إن النزاع له أيضا تأثير على المالية العامة التى تتدهور فى إسرائيل.

 

وأرفقت موديز تصنيفها بنظرة مستقبلية سلبية مما يشير إلى أنها تتوقع مزيدا من الانخفاض فى المدى القريب. وأوضحت أن خطر حصول تصعيد يشمل حزب الله فى شمال إسرائيل لا يزال قائما، وهو ما يحتمل أن يكون له تأثير سلبى أكثر بكثير على الاقتصاد. وجاء إعلان وكالة موديز فى الوقت الذى يقوم فيه الائتلاف بتقديم ميزانية جديدة لزمن الحرب لعام 2024، والتى تمت الموافقة عليها بالقراءة الأولى من ثلاث قراءات فى الجلسة العامة للكنيست. ولتغطية زيادة الإنفاق الدفاعى بحوالى 70 مليار شيكل أى ما يوازى 18.6 مليار دولار تتضمن الميزانية اقتطاعا شاملا بنسبة 3 % من جميع الوزارات الحكومية مع بعض الاستثناءات. كما أنها تخفض حوالى 2.5 مليار شيكل أى مايوازى 670 مليون دولار من أصل 8 مليارات شيكل من أموال الائتلاف وهى أموال تقديرية مخصصة للمشاريع المفضلة لأعضاء الكنيست والوزراء وتشمل عجز مستهدف بنسبة

 

 6.6 % من الناتج المحلى الإجمالى. والجدير بالذكر أن الخطة الحالية لا تتضمن أى بنود لتقليص عدد الوزارات الحكومية على الرغم من توصية وزارة المالية بإغلاق 10 وزارات غير ضرورية بما فى ذلك وزارة المستوطنات والبعثات الوطنية ووزارة القدس والإرث اليهودى ووزارة المخابرات لتغطية العجز فى زمن الحرب.

 

ومن ناحية أخرى؛ وقبل التصويت وصف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الميزانية بأنها حزمة إنفاق مسؤولة ستوفر الموارد اللازمة لإسرائيل لتحقيق النصر على حماس، فى حين أشار إلى أن النفقات المتكبدة خلال الحرب لن تختفى مع انتهاء الأعمال العدائية؛ وقال إن بعض نقاط الضعف سترافقنا فى المستقبل وستثقل كاهل الاقتصاد. هذه نقطة تحول فى الاقتصاد الإسرائيلى تتطلب تعبئة الحكومة وجميعنا كمجتمع. وتكلف الحرب مع حماس إسرائيل ما لا يقل عن مليار شيكل على الأقل أى ما يوازى 269 مليون دولار يوميا. وتستعد إسرائيل لبيع كمية قياسية من السندات خلال العام الجارى 2024، لتمويل الحرب على غزة وفقا لما ذكرته بلومبرج نقلا عن مسئولين مطلعين فى وزارة المالية الإسرائيلية، وأصبحت مهمة الحكومة الإسرائيلية أكثر صعوبة، وقال المسئولون فى وزارة المالية الإسرائيلية، الذين تحدثوا إلى بلومبرج إن الحكومة الإسرائيلية من المرجح أن تعتمد بشكل كبير على أسواق الدين المقومة بالشيكل فى الوقت الذى تزيد فيه إصداراتها. وأضاف المسؤولون أن الحكومة ستبيع أيضا المزيد من السندات المقومة بعملات أجنبية وخاصة من خلال الصفقات التى يتم التفاوض عليها بشكل خاص. وتتعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة بما فى ذلك من الولايات المتحدة، لإنهاء حرب غزة وتخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين، ومع ذلك لا يزال القتال محتدما ويقول الجيش الإسرائيلى إن الأمر قد يستغرق حتى العام المقبل لتحقيق أهدافه.

 

وتتطلع الحكومة الإسرائيلية إلى جمع أموال من السندات فى عام 2024 أكثر من أى عام مضى باستثناء عام 2020 عندما اضطرت إلى الإنفاق والاقتراض بكثافة لاحتواء تداعيات جائحة ڤيروس كورونا وعمليات الإغلاق؛ ويتفق المحللون فى القطاع الخاص مع هذا الرأى حيث قال أليكس زابيزينسكى كبير المحللين الاقتصاديين فى شركة ميتاف دى إس للاستثمارات إن إجمالى قيمة إصدارات السندات ستصل إلى حوالى 210 مليارات شيكل أى مايعادل 58 مليار دولار وهو ما يمثل زيادة بمقدار الثلث مقارنة بالعام الماضى. وأوضح زابيزينسكى أن إجمالى قيمة إصدارات السندات بلغ 265 مليار شيكل فى عام 2020. وذكرت بلومبرج أن عبء الدين سيقع بشكل كبير على السوق المحلية، والتى تستفيد منها السلطات فى تلبية حوالى 80 % من احتياجاتها التمويلية لتقلل من اعتمادها على تدفقات رأس المال الأجنبى المتقلبة؛ وأشارت إلى أن هذه الاستراتيچية تركز على صناديق التقاعد الإسرائيلية وغيرها من المؤسسات الاستثمارية الكبيرة والتى تدير معا مدخرات تبلغ قيمتها ما يقرب من 3 تريليونات شيكل؛ ويرى مزامل أفضل كبير مسئولى الاستثمار فى شركة EFG لإدارة الأصول فى لندن أن هذه الأموال كافية لضمان ثبات تكاليف الاقتراض فى إسرائيل على الأقل خلال الأشهر الستة المقبلة.

 

وانخفضت الإيرادات الحكومية فى إسرائيل بشكل حاد منذ اندلاع حرب غزة ومن المقرر أن يرتفع الإنفاق بما يعادل 19 مليار دولار هذا العام، وهو مبلغ ليس بالقليل بالنسبة لاقتصاد يبلغ حجمه 521 مليار دولار لتغطية تكاليف الدفاع وبرامج مثل إعادة بناء المستوطنات المدمرة؛ لكن مسئولين فى مكتب المحاسب العام، الذين يشرفون على إدارة ديون إسرائيل البالغة 300 مليار دولار يعتقدون أن الضغوط الاقتصادية ستخف حدتها مع تقليص الجيش الإسرائيلى بعض العمليات والسماح لمزيد من جنود الاحتياط بالعودة إلى وظائفهم. وقد أظهرت مسودة معدلة لميزانية 2024 فى إسرائيل أن عجز الموازنة من المتوقع أن يرتفع من 2.25 % إلى 6.6 % من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام الجارى. وقال هؤلاء المسئولون، إن المستثمرين متفائلون حول التوقعات المالية للبلاد، وذلك بناء على الاجتماعات والمحادثات الأخيرة التى أجروها فى الولايات المتحدة وأماكن أخرى، ولكنهم اعتبروا أن تزايد الإنفاق الدفاعى فى إسرائيل يشكل مصدر قلق.

 

وقال أمير يرون، محافظ بنك إسرائيل المركزى، إن اقتصاد إسرائيل قوى وسيتعافى من تأثير الحرب لكنه دعا الحكومة إلى معالجة القضايا التى أثارتها وكالة موديز؛ وأضاف يرون أن من المهم عمل الحكومة والكنيست على معالجة القضايا الاقتصادية التى أثيرت فى التقرير من أجل تعزيز ثقة الأسواق وشركات التصنيف فى الاقتصاد الإسرائيلى؛ وتابع: عرفنا كيفية التعافى من الأوقات العصيبة فى الماضى والعودة بسرعة إلى الازدهار وإقتصاد إسرائيل لديه القدرة لضمان حدوث ذلك هذه المرة أيضا. وحث يرون الحكومة على الحفاظ على الانضباط المالى وتقليل الإنفاق على السلع غير المتعلقة بالحملة العسكرية فى غزة. وذكرت موديز أن معدل الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى فى إسرائيل قد يصل على الأرجح إلى 67 % بحلول 2025 مقابل 62.1 % فى 2023. وقال يرون إن المعدل كان مرتفعا فى الماضى خلال فترات أزمات اقتصادية فى إسرائيل، لكن لم يحدث أى تأخير على الإطلاق فى سداد الحكومة لديونها؛ ووافق المشرعون بشكل مبدئى فى الأسبوع الماضى على الميزانية الرسمية المعدلة لعام 2024، والتى تضمنت إضافة عشرات المليارات من الشيكل لتمويل الحرب وتعويض المتضررين ورفع عجز الميزانية المتوقع هذا العام إلى 6.6 % من الناتج المحلى الإجمالى من 2.25 %.

 

ووفقا لمسودة الميزانية، ستؤدى الحرب التى بدأت فى السابع من أكتوبر الماضى إلى تراجع النمو الاقتصادى للعام الجارى بمقدار 1.1 نقطة مئوية بعد خسائر متوقعة قدرها 1.4 نقطة مئوية العام الماضى.

 

ويقدر الأثر المالى للحرب بنحو 150 مليار شيكل أى مايعادل 40.25 مليار دولار فى الفترة 2023-2024 بافتراض انتهاء القتال المكثف فى الربع الأول من العام الجارى. وبلغ العجز المسجل فى ديسمبر الماضى 33.8 مليار شيكل أى ما يوازى 9 مليارات دولار مقابل 18.5 مليار فى العام السابق، إذ بلغ الإنفاق على الحرب 17.2 مليار شيكل فى حين تراجعت عائدات الضرائب بمعدل 

8.4 %. ووافق المشرعون فى الشهر الماضى على ميزانية حرب لعام  2023-2024 تبلغ نحو 30 مليار شيكل.