الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

زعماؤها فشلوا تمامًا فى الأداء خصوصًا بالمقارنة مع المنافس الصينى الديمقراطية الغربية تتراجع وتفقد قيمتها

تحت عنوان «الديمقراطية تتراجع فى عدد من الدول التى تسعى لتحقيقها وتفقد قيمتها فى الدول الديمقراطية نفسها» كتب آلان فراشون فى  صحيفة «لوموند» الفرنسية مقالا سلط فيه الضوء على تراجع الديمقراطية فى عدد من الدول، واعتبر أن الديمقراطية فقدت قدرتها على الإغواء واهتزت قوتها الناعمة تحت وطأة الضربات التى يتلقاها الغربيون نتيجة خياناتهم المتكررة لمبادئها.



 

ويبدأ الكاتب مقاله قائلا: إنه يُتوقع فى عام 2024 أن يدلى حوالى نصف البالغين على هذه الأرض بأصواتهم، ويمكننا بالفعل سماع المشككين بنتائج هذا النشاط الديمقراطى حتى قبل حدوثه، فشروط التصويت ليست هى نفسها فى المملكة المتحدة والهند والولايات المتحدة وروسيا. ومع ذلك، فإن الدعوة للتوجه إلى صناديق الاقتراع تعكس تكريسا مهما لمبدأ الديمقراطية. فالانتخابات ستجرى فى دول عديدة مثل أذربيجان التى يحكمها إلهام علييف الذى يرى أنه مضطر لإجرائها حتى مع علمه المسبق بالنتائج.  ويرى فى الانتخابات وسيلة للحصول على الشرعية والاحترام اللذين تمنحه إياهما نتائج صناديق الاقتراع.

ومن المؤكد أن هذه العملية لا تنبع من إيمان صادق بمبدأ الديمقراطية رغم الشعور بها كالتزام؛ بل هى تعبر عن حقيقة بسيطة، ولو فى العقل الباطنى تفيد أن الطابع الديمقراطى يسلك منحنى أفضل. لكن الديمقراطية فى تراجع وفقا للأمريكى لارى دايموند، الأستاذ فى جامعة ستانفورد. أما من حيث عدد الدول التى تمارس هذا النظام فهو فى تراجع؛ وفى الأراضى التى كرست هذا النظام ولا سيما فى الغرب فقد هذا النظام جودته. 

لقد بلغت الديمقراطية، المتمثلة بالمعنى الواسع بالانتخابات المنتظمة والحرة إلى حد ما، ذروتها فى عام 2000، حيث استفاد منها حوالى %54 من سكان العالم وفقا لمنظمة «فريدوم هاوس» غير الحكومية التى تتولى القيام بهذا النوع من الإحصاءات. ثم انخفضت هذه النسبة إلى %50 فى عام 2018، لتصل أخيرا إلى %32 فى عام 2019؛ ويرجع ذلك بشكل رئيسى إلى إعادة تصنيف الهند، التى تعد اليوم الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان على هذه الأرض. هذا وتصنف 34 دولة فقط فى مصاف الدول الديمقراطية الليبرالية التى تشتمل على الانتخابات وسيادة القانون وحرية الصحافة والسلطات والضوابط والتوازنات وحقوق الأقليات، والتى تشكل باختصار الترسانة المؤسسية الكاملة والمعقدة للحياة الديمقراطية. 

وقد عبرت الأمريكية سامانثا باور التى ترأس الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عن هذا الوضع بالقول: منذ 17 عاما والحرية فى تراجع. فقد تراجع تصدير الديمقراطية، وفقدت قدرتها على الإغواء واهتزت قوتها الناعمة تحت وطأة الضربات التى يتلقاها الغربيون نتيجة خياناتهم المتكررة لمبادئها. 

ويعد چورج دبليو بوش أحد المساهمين الرئيسين فى تغيُّر مسار الديمقراطية بعد غزوه العراق عام 2003. وتتابع سامانثا باور حديثها قائلة: إن انزلاق بعض الديمقراطيات نحو الاستبداد يضعنا أمام تساؤل أساسى عن أى نموذج للحكومة ستكون له الغلبة فى السنوات المقبلة؟ وتشير تقديرات مركز جامعة كامبريدچ حول مستقبل الديمقراطية إلى أن الصين وروسيا تتمتعان بشعبية أكبر بقليل من الولايات المتحدة فى الجنوب العالمى إلا أنه من الصعب تأكيد هذه المعلومة. وتضيف: إن الأنظمة الديمقراطية الليبرالية تتآكل من الداخل وهو ما أسمته إرهاق الديمقراطية. وترى أن الشباب الغربيين سيبتعدون عن النظام الفوضوى والمرهق الذى يقرر ببطء ويبحث دائما عن إجابات مقتضبة ويحيرهم فى قراراته التى تخيم عليها الضبابية. فالناخب المعاصر يقرر وفق ما يريده هو من القائمة وليس بحسب ما يقدم له من قائمة. وهو لم يعد مخلصا لارتباطاته الحزبية؛ وعليه فإن شعبية المؤسسات الرئيسة للديمقراطية والأحزات السياسية تشهد تراجعا. 

ووفقا لاستطلاعات للرأى فإن انتخابات البرلمان الأوروبى التى سيتم إجراؤها فى يونيو المقبل تنذر بصعود الأحزاب اليمينية المتطرفة.  ففى ظل مناخ يشجع على الاستفادة من خسارة الأحزاب النخبوية لمصداقيتها تراهن هذه الأحزاب المعارضة للاستثمار على مشكلات العصر ومن ضمنها الهجرة والتفاوت الاقتصادى والاجتماعى والقيود البيئية. وتتبع هذه الأحزاب نهج الديمقراطية غير الليبرالية المعروفة أيضا بالديموكراتورية وكان بطل هذا التراجع الديمقراطى ڤيكتور أوربان رئيس الوزراء المجرى. وستحدد الانتخابات الأمريكية المقرر إجراؤها فى الخامس من نوڤمبر المقبل ما إذا كانت أقوى الديمقراطيات الليبرالية مستعدة للرضوخ للديموكراتورية عن طريق إعادة الجمهورى دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

إن مشكلة العصر تتمثل بأن يأتى الإعلان عن هذا الانحدار فى الديمقراطية الليبرالية فى الوقت الذى أثبتت فيه تفوقها المطلق فى معركتها ضد جائحة كوڤيد- 19 كذلك هزمت الديموكراتورية البولندية على يد الوسطيين بقيادة دونالد تاسك. ويبقى الغرب، الذى يتم وصفه بأنه كيان متدهور، الوجهة المفضلة لحركة هجرة غير مسبوقة. ويبدو أن حشودا من الأشخاص التعساء القادمين من الجنوب العالمى منجذبون إلى الوعد بالحرية والازدهار الذى تجسده الديمقراطية الليبرالية. لذا فإن الإعلان عن موتها يبدو سابقا جدا لأوانه.

على جانب آخر، أصبح انتقاد المنتدى الدولى الاقتصادى فى دافوس الذى انتهى فى 19 يناير الماضى أمرا شائعا. ومع ذلك، أعتقد أن العديد يحكمون على المنتدى الدولى الاقتصادى السنوى بقسوة شديدة.

وبغض النظر عن التفكير المثالى فإن الغالبية العظمى ممن حضروا هذا الحدث يظهرون موقفا ثابتا بالرغبة فى تحسين العالم. ومن الواضح أيضا أن منظميه أخذوا على محمل الجد الانتقادات بأن المؤتمر يمثل غرفة بيئية عالمية، حيث شهدت نسخة هذا العام ظهور عدد كبير من الأصوات المنشقة.

وتقول برسلز سيجنال وهى شركة إعلامية فى العاصمة البلچيكية بروكسل: يمنحنا المنتدى الاقتصادى العالمى أيضا فرصة نادرة للنظر خلف الستار من الناحية السياسية. ويمكننا أن نرى كيف يعمل قادة العالم مع بعضهم بعضا كما أنه يمنحنا فرصة لنرى مدى كفاءة قادتنا ومدى اتساع أفقهم. ويظهر لنا ما الأفكار التى لديهم، والتى يمكنهم استخدامها لحل مشكلات العالم وكيف يرغبون فى حلها. وبالنسبة للأوروبيين، فإن هذا يعنى منحنا فرصة لرؤية مدى قلة حيلة النخبة لدينا. وكانت مشاهدة نائبة رئيس المفوضية الأوروبية لشئون القيم والشفافية فيرار جوروڤا فى مؤتمر 360 درجة حول الذكاء الاصطناعى مثل مراقبة حادث سيارة بالحركة البطيئة.

وكانت تظهر إلى جانب مسئولين من الإدارة الأمريكية للرئيس بايدن والحكومة السنغافورية وكانت هذه الهيئة مكرسة لاختبار الوضع الحالى لتطور الذكاء الاصطناعى من منظور الرؤية السياسية والقضائية، والاقتصادية. وكان وجود جوروڤا منطقيا على الورق، فى حين أن لقبها الأوروبى مفوض القيم والشفافية ليس له علاقة بالتكنولوچيا، وكانت هذه السياسية التشيكية منخرطة فى قانون الذكاء الاصطناعى للكتلة، إضافة إلى أجزاء أخرى من الأنظمة الرقمية، بما فيها قانون الخدمات الرقمية. وعلى الرغم من مؤهلاتها، اتضح فيما بعد أن وجودها كان فى المكان الخطأ عندما طلب منها مدير الجلسة إيان بريمر فتح النقاش حول تلخيص وضع التكنولوچيا فى العالم بصورة عامة. وبدلا من الإجابة عن السؤال، انطلقت جوروڤا فى الحديث لوحدها عن المفوضية الأوروبية، وجهودها المتنوعة لكبح جماح الذكاء الاصطناعى، مما أثار غضب بريمر، الذى قاطعها مشيرا إليها بأنها تجاهلت تعليماته تماما. وقال لها بالنظر إلى أنه السؤال الأول سأمنحك فرصة ثانية، وأكد مرة ثانية أنه يريد وجهة نظرها حول كيف تجرى هذه الأنظمة المتعلقة بالذكاء الاصطناعى خارج أوروبا، ولم تكن إجابة جوروڤا الثانية بأفضل من الأولى، ما دفع بريمر إلى أخذ الميكروفون منها، وإعطائه لمديرة البيت الأبيض للسياسة العلمية والتقنية أراتى براباكار وطلب منها التحدث عن أنظمة الذكاء الاصطناعى حول العالم.

بخلاف جوروڤا، كانت براباكار مدركة لما يريده مدير الجلسة. وينطبق الأمر ذاته على المتحدثين الآخرين، مثل وزيرة الاتصالات والمعلومات فى سنغافورة چوزفين تيو، ونائب رئيس مجلس إدارة شركة مايكروسوفت براد سميث. وقد كان الثلاثة بليغين للغاية طوال حلقة النقاش، حيث قدموا رؤى نادرة حول الوضع الحالى للذكاء الاصطناعى إضافة إلى الطرق الممكنة للمضى قدما للحكومات فيما يتعلق بالتعايش مع التكنولوچيا الجديدة. وهذا ما جعل إمكانات جوروڤا تبدو مثيرة للشفقة أكثر. وكان يجب أن تكون قادرة على الحديث فى هذا الموضوع على قدر المستوى من العمق، مثل نظرائها الآخرين، إذ إنها ليست مسئولة سياسية، وإنما هى التى ستشكل أفكارها ووجهات نظرها سياسة الاتحاد الأوروبى، المؤلف من 27 دولة، إلى عقود عدة، وربما إلى الأبد. وظهرت فى المنتدى الاقتصادى الدولى وكأنها لا تملك أدنى فكرة عن الموضوع.