الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. المجتمع الإسرائيلى يزداد تدينًا وتطرفًا.. والشارع المصرى متحفز معركة «الحيوانات المنوية» فى «الكنيست».. وأحاديث «المعاهدة» فى القاهرة

الطريق الثالث.. المجتمع الإسرائيلى يزداد تدينًا وتطرفًا.. والشارع المصرى متحفز معركة «الحيوانات المنوية» فى «الكنيست».. وأحاديث «المعاهدة» فى القاهرة

انشغل العالم بالمباحثات (المستمرة) التى تحتضنها القاهرة، والتى جمعت قبل أيام مسئولين كبارًا من الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر وقطر، لبحث إمكانية التوصل إلى «اتفاق هدنة» بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية، كان الوضع على النقيض فى ساحات القتال، حيث إسرائيل تسرع فى تنفيذ خطتها لاجتياح برى لمدينة رفح الفلسطينية وسط تحذيرات دولية وعربية وأمريكية، وسبقت الجميع تحذيرات مصرية متكررة، لن يكون آخرها ما ذكرته قناة «القاهرة الإخبارية» نقلًا عن مصدر رفيع المستوى، أكد فيها أن «مصر تتابع عن كثب الموقف فى رفح الفلسطينية ومستعدة للتعامل مع كل السيناريوهات».



مصير معاهدة السلام

وفيما أكدت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال» الأمريكيتان، فى تقريرين لهما الأسبوع الماضى، أن مسئولين مصريين «حذروا إسرائيل من إمكانية تعليق معاهدة السلام بين البلدين»، حال شن القوات الإسرائيلية هجومًا على رفح. نقلت أيضًا وكالة «أسوشيتد برس» عمن وصفتهم بمسئولين مصريين، ودبلوماسى غربى، أن مصر «هددت بتعليق معاهدة السلام إذا تم إرسال قوات إسرائيلية إلى رفح».

فى المقابل، أوضح وزير الخارجية سامح شكرى، أنه ليس لديه تعليقات بشأن تلك المصادر التى تتحدث عن وقف العمل باتفاقية السلام، مؤكدًا أن «مصر حافظت على اتفاقية السلام مع إسرائيل على مدار الـ40 عامًا الماضية، والتى تم بموجبها إقامة العلاقات بين البلدين، فدائمًا ما تحافظ مصر على التزاماتها ما دام الأمر تبادليًا بين الطرفين، لذلك سأستبعد أى تعليقات تم الإدلاء بها فى هذا الشأن».

واتفق مع الزميل عطية نبيل مراسل «بى بى سى عربى» فى القاهرة، فى قوله إن هذا «التأكيد الرسمى المعلن على الالتزام المصرى بالمعاهدة المبرمة عام 1979، لم يمح التساؤلات التى أبرزتها التقارير الإعلامية عما إذا كان الاجتياح العسكرى الإسرائيلى المحتمل فى مدينة رفح الفلسطينية، يخرق بنود اتفاقية السلام، وإذا ما كانت مصر قادرة على الإقدام على تعليقها». خاصة مع تصاعد «أحاديث المعاهدة» فى القاهرة من ساسة محسوبين على أجنحة مؤثرة فى الدولة المصرية، بالغ البعض فيها بالتلويح بطرد السفير الإسرائيلى من مصر.

الحيوانات فى الكنيست

وبينما يعانى المجتمع الإسرائيلى من مشكلات تفاقمت أكثرها فى أعقاب طوفان الأقصى، وما تبعه من عملية عسكرية مستمرة للشهر الخامس بلا توقف إلا من هدنة قصيرة لأيام معدودات تم فيها تحرير بعض المحتجزين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين، فوجئت قبل أيام بخبر تناقلته بعض وسائل الإعلام الإقليمية، يتحدث عن مشاجرات اندلعت فى الكنيست الإسرائيلى، ليس بسبب خسائر الحرب فى غزة، ولا عن ضرورة محاسبة رئيس الحكومة على فشله، ولا عن مصير بقية الرهائن المحتجزين لدى حماس، لكن هذه المشاجرات كانت بسبب مشروع قانون مقترح بخصوص استخدام الحيوانات المنوية الخاصة بالجنود القتلى فى الحرب بحسب ما أكدته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وقد فجر المشروع خلال مناقشته بلجنة الصحة فى الكنيست، خلافًا حادًا بين أرامل الجنود الإسرائيليين القتلى من جهة وآبائهم من جهة أخرى، بشأن من صاحب الأهلية فى سحب حيوانات منوية من جثثهم والاحتفاظ بها.

 القانون المنوى وأزمة شعب

والقانون (المنوى) الحالى وفق مصادر إسرائيلية، يسمح بإجراء عملية استرجاع الحيوانات المنوية بعد الوفاة بناء على طلب الأرملة من دون الحاجة إلى إذن قضائى، لكن على الآباء الذين يريدون القيام بهذه الخطوة من جثث أبنائهم الحصول على أمر من محكمة الأسرة فى إسرائيل.

وقد أعجبنى تعليق لاذع ومقارنة حاضرة كتبها صحفى فلسطينى مخضرم على منصة «x»، وعنونها قائلًا: «معركة الحيوانات المنوية.. نموذج لجدل مجتمع مأزوم ومهزوم!»، ثم أوضح أن الشجار الذى وقع بين أرامل الجنود وبين آبائهم، حول أى الطرفين أحق بسحب حيوانات منوية من جثثهم والاحتفاظ بها، حيث إن مشروع القانون الجديد (مثار النزاع) يسمح لوالدَى القتيل بالحصول على الحيوانات المنوية على الفور، حتى لو رفضت الأرملة. الأرامل الحاضرات عارضن بشدة فكرة احتمال اختيار أهل الزوج، امرأة لا علاقة لها بابنهم لتحمل بحيواناته المنوية، ويرونها إهانة للأرملة. وختم الكاتب الفلسطينى قائلًا: «شعبنا يرى أبناءه.. أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون».

 التطرف والتدين فى إسرائيل

وقد علمنا أساتذتنا فى  الإعلام أن معارك «الهامش» تنفجر بشدة فى أوقات الأزمات الكبرى التى تواجه الدول والمجتمعات فى ظل رغبة الحكام أو الحكومات فى إلهاء الشعب عما يجرى فى «المتن»، بمعنى آخر يتم اختلاق معركة حول حدث ثانوى يخفف التركيز على الحدث الرئيسى الذى يشغل الجميع.

كما أرى أن هذه المغالاة فى معركة «الحيوانات المنوية» ترتبط بشكل ما بالصعود الواضح للتدين داخل المجتمع اليهودى خلال العقدين الأخيرين، زاد بالطبع بعد طوفان الأقصى، وهو ما دفع إلى معركة تخص «النطفة اليهودية» التى تحفظ العرق اليهودى وتضمن بقاءه وفق معتقدات دينية (مغلوطة) رسخها مشروع سياسى (فاسد)، ولا علاقة لذلك بتقدير صاحب هذه (النطفة) الذى من المفترض أنه ضحى بحياته لأجل بقاء دولته (المزعومة)، ليستمر مسلسل التشويش الدينى والدروشة السياسية عند اليهود، والتى تشعل داخلهم معانى التميز والنزعة العنصرية، وهو ما يتماهى مع أفكار الصهيونية التى حولت جنة الشرق إلى جحيم يلتهم الجميع.

وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد نشرت مؤخرًا تقريرًا لمراسلها فى «تل أبيب»، الكاتب الصحفى نظير مجلى، بعنوان: «بعد هجوم حماس... الإسرائيليون يزدادون تدينًا وتطرفًا»، والذى استهله قائلًا: «دلّت نتائج استطلاعى رأى نُشرا فى تل أبيب، على أن الجمهور اليهودى فى إسرائيل زاد تدينًا وتطرفًا عن ذى قبل، وذلك بعد هجوم «حماس» على البلدات اليهودية فى غلاف غزة والحرب الانتقامية التى شنتها إسرائيل، والتى اتسمت بمشاهد قتالية قاسية».

القاهرة الساحرة.. تترقب فى ثقة

ولا تزال القاهرة تحلم بالسلام، تتمنى زوال الغمة كى تستكمل بهمة مسيرتها فى البناء والعطاء، وهى مسيرة لن يعطلها إلا الموت، وقاهرتنا مدينة لا تموت، باقية بقاء الزمان، خالدة بفضل الله وإرادته.. محروسة بما منحها من كنز بشرى عنوانه «المصريون»، شعب وجيش رزقهم المولى عز وجل بالصبر والجلد.. العزم والقوة.. كى تبقى مصر آمنة إلى يوم الدين.

وكل من يتابع بصدق وإخلاص، وبعين متجردة، يدرك قدرة الشعب المصرى العظيم فى مواجهة التحديات منذ فجر التاريخ وحتى اليوم.. وأختم بالآية الكريمة من سورة آل عمران: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».

صدق الله العظيم.