الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. التحدى فرصة.. ووحدة الصف روشتة العبور  مواطن وحكومة وحوار وطنى

حقك.. التحدى فرصة.. ووحدة الصف روشتة العبور مواطن وحكومة وحوار وطنى

مصر تعيش لحظات دقيقة فى خضم أزمة عالمية ضخمة تقود اقتصاديات الدول إلى التراجع، مضافًا إليها حربًا مشتعلة على الحدود فى قطاع غزة أثرت بالسلب على قطاعات حيوية مثل السياحة وهجمات على الناقلات العابرة فى البحر الأحمر وتأثيرها الخطير على عائدات قناة السويس ولكل ذلك تأثيرات شديدة السلبية على قيمة العملة المصرية، وهو ما تسبب فى إشعال الأسعار وموجات تضخم عالية يدفع فاتورتها المواطن المصرى وهو يعانى بالفعل من تأثيرات سابقة لفترة إغلاق فيروس كورونا ثم الحرب «الروسية - الأوكرانية».



 

النظرة المتأنية على الخريطة والاطلاع على الأحداث تشير إلى أن مصر تقف فى عين العاصفة بجوار جغرافى مشتعل بشكل غير مسبوق، فالإقليم يعيش حالة فوضى والصراعات والانقسامات تمزق دوله، والاتفاقات بعيدة بين الفرقاء سواء فى السودان وليبيا ثم يظهر التدخل الإثيوبى فى الصومال وهو ما يفرض على مصر التحرك لمواجهة التصعيد غير المبرر، بينما إسرائيل تدمر قطاع غزة وتحوله إلى مكان غير صالح للمعيشة من أجل تنفيذ مخطط التهجير القسرى باتجاه مصر وإنهاء القضية الفلسطينية وتحاول حكومة نتنياهو الهروب إلى الأمام وتجنب المحاكمة بتوسيع أمد وحدود الصراع بإشعال حرب إقليمية واستدعاء أطراف للصراع لإخفاء فشلها فى القضاء على المقاومة الفلسطينية. 

وضاقت الحلقة حول مصر أكثر باشتعال البحر الأحمر وقيام الحوثيين بضربات على السفن العابرة، وهو أمر لم يستفد منه أحد، بخلاف تسبُّبه فى إيذاء مصر والتجارة العالمية، حيث تأثر أهم مورد للعملة الأجنبية لمصر وهو قناة السويس تحت تأثير تراجع العبور فى القناة خوفًا من الهجمات واشتعال الصراع بين الحوثيين والتحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة. 

لا شك أن مصر تواجه تحديات مركبة، وكان من الصعب على أى مخطط أن يتنبأ أو يتوقع اشتعال كل تلك التحديات الجيوستراتيجية فى وقت متزامن بشكل يحاصر الاقتصاد المصرى الذى يعانى بالأساس من فاتورة تضخم عالمى وصراع بين روسيا وأوكرانيا وهما أكبر موردين للقمح وتعتمد عليهما مصر بشكل رئيسى لتامين احتياجاتها كما تلاحقها ارتفاع أسعار المواد البترولية من البنزين والسولار.

على خط النار تقف الحكومة المصرية منذ الإغلاق المصاحب لفيروس كورونا وحتى اللحظة تحاول المناورة بكل أدواتها حتى اضطرت للجوء إلى صندوق النقد الدولى حيث تتجه مصر للحصول على قرض جديد يمكِّنها من مواجهة التحديات الجسمية، واستعدت بمجموعة من الطروحات الحكومية، بالإضافة إلى إجراءات جديدة لإنعاش الأسواق وزيادة التنافسية بين المستثمرين وهى الفرصة الكامنة فى داخل التحدى الصعب والعنيف.

ولذلك استجاب مجلس الوزراء لمطالب مجتمع رجال الأعمال والمستثمرين ووافق فى اجتماعه الأخير وأصدر اللائحة التنفيذية للقانون رقم 159 لسنة 2023 الخاص بإلغاء الإعفاءات من الضرائب والرسوم المقررة لجهات الدولة فى الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية.

ونصَّ مشروع القرار على أن حكم إلغاء الإعفاءات من الضرائب والرسوم يسرى على جميع الأنشطة الاستثمارية أو الاقتصادية التى تباشرها جهات الدولة (وحدات الجهاز الإدارى للدولة، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة القومية والخدمية والاقتصادية، والأجهزة التى لها موازنات خاصة، وكذا الكيانات والشركات المملوكة لأى من الجهات المشار إليها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وأيًا كان الشكل القانونى لها، وكذلك الكيانات والشركات التى تساهم أى من تلك الجهات فى ملكيتها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، أيًا كانت نسبة هذه المساهمة، وأيًا كانت طبيعة نشاط الجهة أو الكيان أو الشركة المساهمة فى الكيان أو الشركة، أو وجه استخدام الأموال المتحصلة من مباشرة النشاط الاستثمارى أو الاقتصادى)، وذلك بهدف إلغاء المعاملة التفضيلية لتلك الجهات الحكومية بما يضمن تحقيق المساواة وتعزيز قواعد المنافسة العادلة بين هذه الجهات وبين غيرها، وتخضع للقوانين المنظمة لهذه الأنشطة.

وألزم مشروع القرار جهات الدولة حال قيامها بمباشرة أنشطة تتمتع بأى من الإعفاءات المنصوص عليها فى البنود السابق الإشارة إليها، بالإضافة إلى مباشرة أنشطة استثمارية أو اقتصادية مما تم سردها، بإمساك حسابات مستقلة لكل منها، والوفاء بالضرائب والرسوم المستحقة طبقا للقانون المنظم لذلك.

كما ألزم مشروع القرار جهات الدولة، بموافاة وزارة المالية بحصر شامل للتشريعات التى تمنحها إعفاءات من الضرائب والرسوم، مع بيان طبيعة الأنشطة التى تباشرها (استثمارية، اقتصادية، خدمية).

ويسرى حكم إلغاء الإعفاءات من الضرائب والرسوم المقرر بالمادة (1) من القانون رقم 159 لسنة 2023، على التعاقدات الجديدة المتعلقة بالأنشطة الاستثمارية أو الاقتصادية التى تبرمها جهات الدولة من تاريخ بدء العمل بأحكام القانون، ويعد تعاقدًا جديدًا، كل تجديد لعقد قائم فى تاريخ العمل بالقانون أو زيادة فى حجم الأعمال بما يجاوز النسبة المنصوص عليها فى العقد.

ووفقًا لتلك المواد أصبحت كل المؤسسات الحكومية تتحرك فى الأسواق بلا أى مزايا، وتخلصت مصر من عبء المقارنة بين اقتصادها واقتصاديات أخرى وأصبحت التنافسية هى المنهج السائد.

لكن تحرك الحكومة وحدة لا يكفى، فالتحدى كبير ويحتاج لتوحيد جهود الجميع، حكومة وشعبًا، وكانت دعوه الرئيس عبدالفتاح السيسى لمجلس أمناء الحوار الوطنى باستئناف فعاليات الحوار لمناقشة أعمق وأشمل للموضوعات الاقتصادية إشارة لتفعيل منهج التشاركية فى اتخاذ القرار الاقتصادى ووقوف كل الأحزاب والتيارات صفًا واحدًا فى مواجهة التحدى الصعب.

الحوار الوطنى ينطلق تلك المرة ولديه سابقة نجاح فى المحور السياسى باستجابة الرئيس لما تم التوافق عليه وهو المتوقع من الحوار الوطنى، وبالفعل أعلن مجلس الأمناء عن رغبته فى الوصول إلى توصيات وإجراءات محددة للتعامل مع التحديات الحالية، على أن يتم رفعها عاجلًا لرئيس الجمهورية.

وخلال النقاش سيتم طرح وثيقة «أبرز الوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى خلال الفترة 2024 - 2030»، التى استقبلها مجلس الأمناء كأولوية فى الجلسات كما سيناقش فى اجتماعه المقبل سبل التعاون مع الحكومة لمتابعة مراحل تطبيق الخطة التنفيذية لتوصيات المرحلة الأولى للحوار، مع استكمال القضايا والموضوعات فى المحورين السياسى والمجتمعى. 

ووجه المجلس الدعوة لكل المشاركين فى الحوار، من الكيانات والأفراد، بأن يرسلوا للأمانة الفنية للحوار عبر وسائل الاتصال الخاصة بالأمانة الفنية، تصوراتهم المكتوبة المحددة والمفصلة لمختلف قضايا وتحديات الاقتصاد المصرى الراهنة، وذلك خلال أسبوعين ليحدد بعدها الجدول الزمنى للمناقشات.

المخرج من التحدى الاقتصادى الصعب هو وعى المواطن ودفاعه عن استقرار بلده- مواطنًا وحكومة وحوارًا وطنيًا - الجميع يتشارك القرار ويلتزم بما يتم الاتفاق عليه، أن نتخلص من قيمنا الاستهلاكية ونتعود على الترشيد وفق فقه الأولويات ونتوقف عن المضاربة والبحث عن المكسب السريع بلا تعب وأن نتفق على أن الخطر لا يكمن فقط فى ارتفاع الأسعار وضيق المعيشة ولكن يكمن فى ضياع ما تنعم فيه مصر من استقرار وأمن يمنح المواطن فرصة أفضل للحياة فى محيط مميت يعيش فى أزمات لا تنتهى لا يضمن فيها حياة مواطن فقد قدرات دولته أو تحولت لمسرح صراعات إقليمية وعالمية.