الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. الخطأ العابر للأجيال من «السوبر ستار» إلى «الانفلونسر»  صناعة «القدوة» وعدالة «الشهرة» فى عالمنا العربى

الطريق الثالث.. الخطأ العابر للأجيال من «السوبر ستار» إلى «الانفلونسر» صناعة «القدوة» وعدالة «الشهرة» فى عالمنا العربى

شغلتنى مسألة «القدوة» أو «Role models» فى هذا العصر، ومدى تغير دوره وأثره فى تشكيل وجدان أبنائنا مقارنة بجيلنا أو الأجيال السابقة، فكرت فى ماهية «القصص الملهمة» التى أصبحت تشغل بال المراهقين، وتساءلت: هل يحسن المجتمع اختيار من يسلط عليه الأضواء ويصنع منه «قدوة حسنة» تجذب الصغار؟، وإلى أى مدى يحتكر «المؤثرون» عقول أطفالنا وشبابنا؟، وهل أصبحوا هم «قادة الرأى» فى هذا الزمان بعد أن أصبح (المحمول) هو دار التربية التى يترعرع فيها الجميع على محتوى عشوائى تنتج تطبيقاته المختلفة؟



وأخيرا، لماذا نستمر فى نفس الخطأ العابر للأجيال والمتمثل فى سوء توزيع الشهرة؟، وإلى متى يختطفها نجوم الفن والرياضة فى كل بلادنا العربية، فيما يعانى من التجاهل نجوم آخرون يحاصرهم الظلام لبعد مجالات نبوغهم عن الفن والرياضة، رغم أهمية ظهورهم للمجتمع وضرورة التعرف على تجاربهم، فأغلب هؤلاء يحمل على كتفيه قصص كفاح ملهمة.

صناعة المؤثرين

لا شك أن «المؤثر» أمست هى الأكثر شيوعا فى التعبير عمن اصطلح تقليديا تسميتهم بـ«قادة الرأى» أو «النماذج الملهمة» أو «مشاهير المجتمع ونجومه»، وإن اختلف «المؤثر» عنهم فى ضحالة تأثيره وسرعة زوال هذا الأثر بظهور غيره فى متوالية افتراضية لا تتوقف، وهى مفارقة تعود إلى «السوشيال ميديا» وتطبيقاتها التى تمثل حواضن ميلاد هذه الظاهرة.

ومع السرعة المرعبة لتغير الآراء والتوجهات، تمنح هذه التطبيقات فى كل لحظة ختم الشهرة لعشرات «المؤثرين» الجدد فى مختلف المجالات، دون أى ضوابط أو معايير، ليستمر مسلسل «الاختيار» الخاطئ الذى جعل النجومية فى الماضى تتحقق عبر «شباك التذاكر»، ويمنحها اليوم لأصحاب «الترافيك».. وملوك «الترند». 

وفى كتابها «صناعة المؤثرين: البحث عن الأصالة على وسائل التواصل الاجتماعى»، تقول الباحثة الأمريكية إيميلى هوند: «إنه فى ظل طبيعة العالم الجديد للتأثير الاجتماعى، يمكن للمغمورين والخجولين والمُهمشين أن يصبحوا من مشاهير عالم الإنترنت. فوسائل التواصل الاجتماعى تتيح معانى واستخدامات جديدة للتأثير من خلال تحويل تغطيتها من «أصنام الإنتاج» مثل، رجال الأعمال والسياسيين العصاميين، إلى «أصنام الاستهلاك» مثل، نجوم صناعة الترفيه والحياة الخاصة للأبطال، مع التركيز على تفاصيل نمط حياة الأشخاص بدلًا من المؤهلات والإنجازات».

المسابقة الملهمة

وكسرا للمألوف، قررت «أتمرد على الوضع الحالى» على طريقة الهضبة فى أغنيته الشهيرة، واقترحت على أبنائى أن نتسابق فى أن يحكى كل منا قصة سمعها أو عرفها مؤخرا عن شخص ناجح يراه نموذجا ملهما له فى حياته، شرط أن يكون بعيدا عن نجوم كرة القدم تحديدا، لأن قصصهم وأخبارهم هى قوت يومهم فى أى حوار نجريه معا. 

ثم نترك الحكم لجمهور القراء اختيار القصة الأفضل.

عالية.. وشارك تانك

فاجأنى ابنى الأكبر (17 عاما) بحكاية بنت اسمها «عالية»، أصغر رائدة أعمال شاركت فى الموسم الثانى من البرنامج التليفزيونى الناجح «شارك تانك.. مصر»، وهو النسخة العربية من برنامج عالمى شهير تنتجه الشركة «المتحدة» ويعرض على منصة «watch it» المصرية، ويقدم فيه شباب رواد الأعمال أفكار مشروعاتهم أمام لجنة من خمسة مستثمرين أو رجال الأعمال يلقبوا مجازا بـ«أسماك القرش» الذين يختطفوا الأفكار المميزة ويستقطبوها لشركاتهم. 

تبلغ عالية من العمر 16 عاما، وتمتلك شركة صغيرة تصنع نوعا خاصا من الشموع المعطرة والمصنعة من مواد صديقة للبيئة، ربما لن يبهرك طبيعة المشروع، لكنى أنصحك أن تعرف أكثر عنه وأنت تستمع وتشاهد الشابة المصرية عالية وهى تعرضه على (الشاركس)، فهى متحدثة بارعة ومقنعة وتمتلك قدرات مبهرة رغم صغر سنها وحداثة تجربتها، وهى نموذج يفخر به كل مصرى، حفظها الله.

ملالا يوسف

أما حمادة ابنى الأصغر، 12 عاما، فقد حكى متأثرا عن «ملالا يوسف»، الناشطة الباكستانية التى تعرضت لمحاولة اغتيال فى طفولتها، وأصبحت أصغر حاصلة على جائزة نوبل، وهى القصة التى تعلمها فى المدرسة قبل جلستنا بساعات. 

وكان الصغير منبهرا بنضال ملالا الذى بدأ عام 2009، عندما كانت فى نفس عمره تقريبا، وتصديها لأفكار «حركة طالبان» المتطرفة ونشاطها فى المطالبة بحقوق النساء فى بلاده، وخاصة حقهن فى التعليم، واستخدمت الفتاة الصغيرة وسائل التواصل الاجتماعى التى سطع دورها فى هذا الوقت، وصولا للرصاصة التى اخترقت رأسها من سلاح متطرف، والتى حولتها إلى رمز عالمى، وما تزال ملهمة لأجيال جديدة.

مامادو بارى

وجاء دورى فى الحكى، فاعتدلت فى جلستى وحسمت اختياراتى مفضلا أن أروى لأبنائى قصة قريبة إلى قلبى اهتم بها الإعلام المصرى خلال العام الماضى، وجدد ذكرها الكاتب الصحفى وائل لطفى قبل أسبوعين فى جريدة «الدستور»، مستهلا مقاله بتوضيح سر استدعاء القصة القديمة من الأرشيف: «هناك جديد فى قصة محمد عبدالبارى، الطالب الغينى مامادو بارى، الذى انفردت الزميلة «الوطن» بنشر قصته فى سبتمبر الماضى عقب وصوله لمصر مباشرة».

وقصة مامادو بسيطة، فهو شاب مسلم عمره 25 عاما وكان يحلم بأن يتعلم فى الأزهر، لكن لم يكن يملك ثمن تذكرة السفر إلى مصر. ويكمل العزيز وائل سرده المشوق: «لذلك يقرر مامادو أن يسافر إلى القاهرة بالدراجة الهوائية!! إنها فكرة بريئة.. لكن الأبرياء يغيرون التاريخ أحيانًا! إن بين غانا ومصر مسافة بعيدة جدًا لكن مامادو ينفذ فكرته بالفعل، وحسب ما قاله فقد عبر بدراجته الهوائية ست دول إفريقية، واحتجز مرتين فى بوركينا فاسو ومرة فى توجو.. وفى تشاد عرف فاعل خير بقصته فاشترى له تذكرة طائرة للقاهرة.. فى القاهرة قابلته مستشارة شيخ الأزهر د.نهلة الصعيدى، وأصدرت قرارًا بأن يحصل على منحة دراسية كاملة للدراسة فى الأزهر.. لكن قصة مامادو، الذى هو محمد، لم تنتهِ بعد، فقد ترجمت الـ«بى بى سى» قصته فقرأها الممثل العالمى ويل سميث.. قرر «ويل» أن يساعد شقيقه فى الإنسانية واتصل به بالفعل، وتعهد بأن يتحمل نفقات انتقال زوجة مامادو وطفله للقاهرة».

القدوة الحسنة

قصص الكفاح والنجاح لها أثر كبير فى حياتنا، فيها نجد «القدوة الحسنة» التى تشجعنا على الطريق وتساعدنا على تحمل مشقة الرحلة، فتخيروا النماذج التى تزينون بصورها حياتكم وحياة أولادكم، فهم رفقاء دائمون فى رحلة الحياة.