الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. «النووى».. خطوة تاريخية تتواكب مع ذكريات البطولة فى «يناير» مصر المدهشة.. تطارد الأحلام

الطريق الثالث.. «النووى».. خطوة تاريخية تتواكب مع ذكريات البطولة فى «يناير» مصر المدهشة.. تطارد الأحلام

لا تزال رغم كل ما يجرى حولها فى العالم من أزمات وصراعات، قادرة مصر على أن تحلق بغصن سلام، تدهش العالم بقدرتها الفريدة على الحلم رغم قسوة الواقع، وبقدرة الإنسان المصرى على تحمل الصعاب والمخاطر من أجل أن يبنى وطنه، ويشيد لأبنائه مستقبلا يليق بدولة كانت وستبقى فجر الضمير ومهد الإبداع والفكر، وقلعة الحضارة الإنسانية وهرمها التليد.



 

قدرة لا تلين رغم تضخم التحديات وتصاعد نبرة القلق المصحوبة بزيادة ممنهجة فى إشاعة أجواء محبطة تضعف الثقة بالنفس وتزعزع الأمل، لكن المصرى يفاجئ الجميع كعادته برسوخ عقيدته وإيمانه بالله وعشقه للوطن، مجددا الدهشة التى وصفها شاعر النيل حافظ إبراهيم قبل عقود فى رائعته الخالدة «وقف الخلق ينظرون جميعا» التى شدت بها كوكب الشرق أم كلثوم، وروت للعالم فيها كيف شيدت مصر مجدها، فى رحلة عطاء ممتدة لا يتوقف عنها المصرى طوال التاريخ، وفى العقد الأخير نجحت الدولة فى توظيف عبقرية المصريين فى بناء «الجمهورية الجديدة»، التى تواجه فى العامين الأخيرين تحديات جبارة، يثبت شعبنا فى كل لحظة عمق وعيه وإدراكه لقيمة الوطن وحتمية التنمية والاستقرار، ذراعى الحلم المصرى الذى يرتقى بهما نحو آفاق النهضة والتقدم.

 يناير والخطوة التاريخية

وعلى طريقتها الخاصة، وتواكبًا مع احتفالات مصر السنوية بذكرى (25) يناير المجيدة، التى تحمل بين صفحاتها أيام فخر وعزة لكل المصريين، حيث تجلت فى هذا التاريخ معانى الوطنية التى ستبقى إلى الأبد هى زادنا لاستكمال المسيرة، وفى 2024 كان يناير مشرقا بقطع خطوة جديدة على طريق الحلم النووى المصرى، المشوار الشاق الذى تقطعه الدولة المصرية متكئة على صديق تاريخى مخلص، هو الدولة الروسية، التى سبق أن أنجزت مع مصر واحدا من أهم مشروعاتها القومية فى القرن العشرين، مشروع السد العالى، الذى كان مثار جدل دولى، ونقطة تمركز محورى لأهداف استعمارية متعددة، حاولت عرقلة إنجازه، لكن الإرادة المصرية فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، قادت مصر إلى تحقيق هذا الإنجاز العظيم واكتماله، وتستنسخ مصر التجربة نفسها فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى استهل حكمه بإحياء هذا الحلم التاريخى، الذى كان يترجى الإرادة السياسية ليدخل حيز التنفيذ.

 الحلم النووى

وقد نشرت فى ديسمبر عام 2017، مقالا لتخليد ذكرى هذا الحلم التاريخى بعنوان «الحلم النووى المصرى»، أنقل إليكم بعض مقاطعه المهمة: «قال زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، أمام العاملين المشاركين فى التجربة الأخيرة لصاروخ «باليستى» جديد قادر على الوصول إلى الولايات المتحدة، إن بلاده «سوف تتقدم منتصرة وتثبُ لتكون أقوى قوة نووية وعسكرية فى العالم». لا شك أن الرئيس الكورى (الشمالى) شخص مثير للجدل، لكن حلمَه النوويَّ وإصرارَه على تحقيقه، موقف يستحق التأمل مثلما وَجَب علينا تحليل التجربة الإيرانية النووية، وقبلهما علينا أن نراجع تاريخنا لنعرف أن مصر تحلم بهذا «النووى» منذ أكثر من نصف قرن، وأنها بدأت طمُوحَها لتحقيق هذا الحلم مع الهند، وكان المشروعان المصرى والهندى بمثابة توأمين ترعاهما علاقة وثيقة رَبَطَتْ بين الزعيمين عبدالناصر ونهرو.. أخفقت مصر ونجحت الهند، التى تستطيع الآن تصنيع محطة نووية بأكملها دون حاجة إلى خبرات خارجية، كما تملك ما يزيد على 30 قنبلة نووية، مما جعلها عضوًا فى النادى النووى».

 السيسى وبوتين

ثم أكملت فى مقالى القديم، قائلًا: «يبدو أن مصر فى عهد الرئيس السيسى قد اقترَبَتْ من تحقيق حلمها النووى القديم، مع التقدم الملحوظ فى الخطوات التنفيذية لبناء أول محطة نووية بمشاركة روسية، والذى يتم وفق اتفاقية وُقِّعَت بين موسكو والقاهرة فى نوفمبر 2015، وتم تفعيلها فى حينها خلال زيارة الرئيس الروسى بوتين للقاهرة، لبناء محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية فى منطقة «الضبعة»، وتبلغ تكلفته نحو 29 مليار دولار، سيموّل الجانب الروسى منها 25 مليار دولار (85 فى المائة من تكلفة المشروع) على شكل قَرْض بفائدة سنوية تبلغ 3 فى المائة، على أن تتكفل القاهرة بما يقرب من 4 مليارات دولار. ويُحيى مشروع الضبعة، الأمل النووى المصريّ، الذى بزغ مع إنشاء مفاعل أنشاص (التجريبى) فى خمسينيات القرن الماضى، ونهديه إلى أرواح علماء مصر، مصطفى مشرفة وسميرة موسى ويحيى المشدّ وسمير نجيب وسعيد السيد بدير، علمائنا الذين اغتالتهم أيادى العدو الصهيونى كى نقوض طموح مصر، وتبعدها عن حلمها».

 أمن الطاقة

ويهدف «مشروع الضبعة للطاقة النووية» إلى بناء أربع وحدات من مفاعلات الماء المضغوط من الطراز الروسى بقدرة 1200 ميجاوات لكل وحدة، وتأتى أهميته لمصر فى أنه يمنحها فرصة الاعتماد على الطاقة النظيفة والحلول المستدامة، للتخلى تدريجيًا عن الوقود الأحفورى، ويعد انطلاق مرحلة صب البلاطة الخرسانية للمفاعل الرابع والأخير التى جرت قبل أيام بحضور الرئيسين المصرى والروسى، إشارة إلى قرب الانتهاء من مرحلة التحضير، واقتراب مرحلة التشغيل الفعلى لأول محطة نووية مصرية.

وفى المجمل أتفق مع ما خلصت إليه دراسة سابقة نشرها «المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية»، جاء فيها أن «الدولة المصرية وهى تمضى قدُمًا نحو بناء جمهوريتها الجديدة، تُولِى اهتمامًا بالغًا وكبيرًا بقطاع الطاقة؛ إيمانًا منها وإدراكًا لدوره الحيوى والفعال كمحرك أساسى ومؤشر للنمو الاقتصادى، واضعة أمامها أن تطبيق استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة هو من أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وبصفة عامة، فإن الدولة المصرية تسير بخطوات جادة وسريعة لأن تصبح لاعبًا أساسيًا فى لعبة الطاقة العالمية، وبالأخص بعدما قدمت نفسها كمحور استقرار فى المنطقة فى سوق الطاقة العالمية، وشريك يمكن التعويل عليه».

 

 25 يناير

منح القدر هذا اليوم خصوصية ومكانة لن تمحى من تاريخ مصر المعاصر، وكل عام ينكشف الكثير عن سحر هذا اليوم وأثره فى حياة المصريين، فهو يقف شامخا على مسار جمهوريتين تشكلتا فى مصر منذ سنة 1952، كلتاهما تأثرت بما جرى فى هذا التاريخ، وتشكلت بفعله خارطتا طريق قادها جيش مصر يسانده الشرطة المصرية، وخلفهما شعب قائد ومعلم، كان وسيظل هو مصدر البطولة وصاحب العزة. وفى العقد الأخير أبحرت سفينة الوطن مع قائد وطنى مخلص، عبدالفتاح السيسى، لاطمتنا فيها أمواج وعطلتنا أجواء عالمية وداخلية متعددة، لكن منحنا أمل الوصول فى ظل قيادته الحكيمة، الإيمان بالله والانتماء للوطن، وإن شاء الله ستمضى الرحلة وتكتمل الحكاية.. حكاية وطن.