الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تمكنت من إنتاج مشروعات مُلهمة من ثمار الدمج بعد 16 عامًا .. أميرة خلف: نجحت فى تأسيس مبادرة «ذات الرداء الأخضر» لتمكين الفتيات من ذوى الهمم

هى واحدة من أبناء مدينة عزبة البرج بدمياط، تخرجت فى كلية التربية، وكرّست طاقتها ووقتها وخبرتها لتنمية مهارات الأطفال ذوى الهمم الذين يُدخلون على قلبها السعادة. أنتجت مشروعًا غير هادف للربح؛ من أجل تدريب الفتيات من ذوى الهمم على الحرف التراثية المرتكزة على المواد المُعاد تدويرها والخامات البسيطة الصديقة للبيئة، حتى ينتجن ويكن لهن تأثيرًا كبيرًا فى المجتمع واندماجهن مع جميع الفئات.. «روزاليوسف» أجرت حوارًا معها حول تطوعها بهذا المجال، وكيف راودتها الفكرة، وآلية عمل مشروعها وأهم المهارات التى تُركز عليها فى تعليمها لهن، وما تواجهه من تحديات، وما تطمح إليه.. إليكم نص الحوار: 



 

 أسستِ مشروعًا اسمه «ذات الرداء الأخضر» لتمكين الفتيات من ذوى الهمم.. من أين أتتكِ هذه الفكرة؟ ومتى؟

- طبعًا هو مشروع تنموى يهدف لتدريب وتأهيل الفتيات من ذوى الهمم على أنماط من الحرف التراثية والحرف اليدوية بشكل عام، وبدايته كانت مع مؤتمر مصر للمُناخ.. حينها بدأت الفكرة تُلوح فى الأفق أننا نريد منتجات صديقة للبيئة، فبدأنا التفكير بشكل جدى فى عمل أشياء خاصة بذوى القدرات الخاصة تتماشى مع الحدث؛ خصوصًا أن ذوى الهمم محور اهتمام الجميع، وكنت أتمنى من 16 عامًا أن يحدث دمج وتمكين لهم بشكل كبير.

 كلمينا عن مشوارك منذ التخرج؟

- أنا خريجة كلية التربية، وتخصصى لم يكن تربية خاصة؛ لأنه فى هذا التوقيت لم يكن هناك هذا القسْم، فهو قسْمٌ حديثٌ، وعملت دراسات عليا بعد تخرجى مباشرةً؛ لحبى الشديد فى أن أتخصص فى تنمية المهارات لذوى القدرات الخاصة؛ لأننى شعرت أن ليس كل شىء التعليم الأكاديمى، وإن أولادنا يعرفون كيف يكتبون ويقرأون فقط.. أنا عاوزاهم يعرفوا يعيشوا، ويكتسبوا مهارات حياتية أيضًا.

 ما أكثر شىء زاد رغبتك فى التطوع؟

- أنا تطوعت تقريبًا فى سن عشر سنوات.. أمّى دائمًا كانت تضع داخلى تلك الفكرة وأهمية مساعدة الغير ومردودها الكبير على النفس.. فأتذكر أن بداية تطوعى حين حدث حريق هائل فى منطقة رأس البر، وكنت لم أتجاوز وقتها ثمانى سنوات، وكان هناك مكان ملىء بالخشب تفحم بالكامل، والناس عاشوا فى الشارع وقتها.. أفتكر أن يومها طلبت منّى والدتى أن نفعل شيئًا بخصوصهم، ونحن لم نعرفهم.. طلبت إننا نجمع ملابس لهم، فكل يوم كنت أجمع منا ومن بقية الجيران بالشارع وأذهب إليهم لإعطائها لهم.. فكبرت على تلك الفكرة.

 ولماذا اخترتِ تلك الفئة تحديدًا؟

- أتمنى أن الفتاة من ذوى القدرات الخاصة تتمكن، وتصبح قادرة أن تتعامل مع المجتمع.. الأهالى حين يرزقهم الله طفلًا بهذا الشكل، فبعد طبعًا مراحل الصدمة والإنكار وكل هذا فى البداية، يصبح لديهم رغبة على الفور فى تعليمهم من الناحية الأكاديمية؛ لأن هذا فى تصورهم ما يجعل طفلهم سويًّا.. وحين تمر السنوات ويكون عند الفتاة بالذات عشر سنوات، يقولون لها اقعدى فى المنزل ولا تخرجى؛ خوفًا من المجتمع، وإمكانية تعرضها للتحرش وجميع أشكال الإيذاء النفسى والجسدى، وخوفًا من الجرائم التى يسمعون بها.. فقلت لنفسى لماذا لا نفعل شيئًا خاصًا بالفتاة من ذوى الهمم؟؛ كى نساعدها فى عمل تمكين اقتصادى لها؛ بحيث لا تصبح عبئًا على الدولة، وفى الوقت نفسه ترجع إليها ثقتها بنفسها، وتُشارك بالمَعارض ولا تكن حبيسة بيت أهلها.

ومن هنا بدأت القصة - حسب قولها - تزامنًا مع مشروع مدن صديقة للسيدات، والتى نفذت من خلاله أكثر من ورشة للفتيات من ذوى الهمم، وعلمتهن أكثر من حرفة يدوية تستطيع التربح من خلالها.. وهناك فتيات كثيرات خرجن من الورش، وأصبح لديهن مشاريع خاصة بهن، ولديهن براند Brand خاص، كما أدخلت العديد منهن دورات ريادة الأعمال؛ ليتمكن من إدارة مشروعاتهن.. وكان من يدربونهن لا يعلمون أنهن من ذوى القدرات الخاصة رغم التأخر العقلى لديهن؛ وهذا يرجع إلى تقدمهن بشكل كبير، حتى إن معظم الأطباء النفسيين والتخاطب لاحظوا ذلك التغيير وطلبوا من أولياء الأمور استمرار فتياتهن فى تلك الأنشطة التى تحسن من مستوياتهن، وتكسبهن الثقة فى أنفسهن بشكل ملحوظ.

وتذكر أن إحدى الأمهات بعد أن كانت ابنتها لا تفعل شيئًا سوى مشاهدة مئات الحلقات من المسلسلات، أصبحت الآن لا تكترث بذلك، وتُمسك فى كلتا يديها الإبرة والخيط، وتركز على هدفها فى المشاركة فى المَعرض.. «هما أصبحوا أصل الموضوع مش إحنا.. واتغيروا 180 درجة»، وحصل المشروع على المركز الثالث على مستوى المحافظة فى المبادرة الوطنية للمشروعات الخضرية الذاتية، ونتيجته كانت فى شهر نوفمبر الماضى، وكانت تتمنى أخذ مركز أعلى، لكن تأمل ذلك فى المرة القادمة إن شاء الله.

 ما هى المهارات التى تعلمينها للفتيات من ذوى الهمم؟ 

- الورشة لدينا مُقسمة لأكثر من جزء، فأولًا الجزء المهارى وما يتعلق بتمكين المرأة، فلا بد فى التمكين الاقتصادى أن نعلمهن مهارات مهنية، فمثلًا نعلمهن حرفًا تراثية ويدوية وكل أنواع الحرف؛ لأن المكان فيه مدربات متخصصات يعلمونهن الكروشيه والخياطة وإعادة تدوير الملابس وإعادة تدوير المخلفات، وما إلى ذلك.. وأنا كمعلمة تربية خاصة أُدير الورشة، وأنا من أُحضّر لهن بالورشة هؤلاء المدربات المتخصصات وكلهن متطوعات، ومنهن من يأتين بخامات من أنفسهن.. وبالإضافة إلى ذلك فأنا من يتعامل مع هؤلاء الفتيات، فهناك من يكون لديها نوع من القصور اللغوى.

وهناك الجزء الخاص بالتأهيل النفسى، فطوال الوقت يعززون ثقتهن بأنفسهن وفيه حوار وحالة من الحب والألفة.. وأتذكر«فى أول الورشة كنت أجد الأم آتية وهى مضغوطة وحزينة.. نفسها تشوف بنتها كويسة؛ وهذا ينتج عنه طوال الوقت حالة من الشد والجذب.. فبنقعد نقرب وجهات النظر، وبعدها يحدث نوع من التقارب النفسى بين البنت والأم». وفيما يخص التأهيل الاجتماعى، يأتون بفتيات عاديين أو أسوياء فى الورشة مع ذوى الهمم؛ حتى يحدث الدمج وتقبل الآخر.. «أنا لو عملت ورشة وحطيت بس البنات من ذوى الهمم يبقى لا يوجد أى فائدة، إنما لما بيجلسوا كلهم على مائدة واحدة؛ فيحدث تفاعل وتغيير اجتماعى، ويقدروا يتعايشوا، ويخرجوا برّا هذه الشرنقة.. والآن عند دخولهن الورشة يُعانقن بعضهن البعض ويأخذن صورًا كثيرة.. وبالمناسبة فالورش التى تُرفع صورها على الصفحة هى من إنتاج فتاة من ذوى الهمم من خلال هاتفها».

وتقول: إن المشروع الذى أعمل به الورشة فى محيط مكتبة مصر العامة عندنا فى عزبة البرج، وأُثمّن جهود المجلس القومى للمرأة فى محافظة دمياط.. أشعر دائمًا أن هناك تشجيعًا ورغبة فى تشجيع البنات وإشراكهن ودمجهن.. والمشروع صراحةً ملىء بالنماذج المُلهمة، وفعل شىء أشبه بالنقلة النوعية فى عقول ومفاهيم المجتمع، وضرورة التمكين الاقتصادى والنفسى والاجتماعى للفتاة.. وطبعًا الدكتورة منال عوض، محافظ دمياط، لها دور ودعم كبير، وهى صاحبة فكرة هذا المشروع من الأساس، ولو هناك أى فرصة لمسابقة أو مشروع أو أى شىء تُبلغنا على الفور، والإشراف الداخلى «منى عبدالله» أكبر داعم لنا، وهى عضو المجلس القومى للمرأة، ومشرفة على أنشطة المدينة الصديقة للسيدات.

 وأخيرًا ما هى أهم التحديات التى تواجهكم؟

- نحن تخطينا أشد الصعوبات وهى إقناع المجتمع والتحدى الآن الذى يقابلنا هو أن نتوسع، وتكون لدينا خامات، فالدعم المادى مهم لنا.. إنما الدعم النفسى والاجتماعى فموجود؛ لأن الناس كلها سعيدة بما نفعله، وبنشاطاتنا، والناس جميعهم يشيدوا بذلك.

كما أتمنى أن يكون لكل ذوى القدرات الخاصة دور أكبر فى المجتمع، ويكون لهن حياة ويقدرن يتعاملن بشكل أسهل، ولا يشعرن أن هناك أى نقص، ويكون لديهن نوع من أنواع التمكين فى كل شىء فى الحياة، والناس تنظر إليهن نظرة أخرى، وبالتالى حياتهن كلها ستتغير، ونحضر مؤتمر «قادرون باختلاف»، ونشارك والأوبريتات والعروض المسرحية، ويكون هناك حضور لـ «ذات الرداء الأخضر».