زينب حمدي
الفهامة .. «إدى العيش لخبازه»!
حسنا أن وافقت اللجنة التشريعية بمجلس الشعب على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 12 لسنة 1972 بشأن الأوسمة المدنية بإنشاء وسام أطلق عليه وسام «البناء العظيم»، بل منحه أيضا لكل من قام بالإشراف والمتابعة أو بغير ذلك من الصور والأعمال تقديرًا لجهودهم، بل منحه أيضا لغير المصريين من الأجانب.
هذا الوسام العظيم كنا فعلا فى أشد الحاجة إليه بعد انتشار القبح، فالبناء العظيم يحمل فى داخله بالطبيعة الجمال والذوق الفنى الرفيع الذى يليق بتاريخ المصريين وحضارتهم التى أبهرت العالم، فالمصريون القدماء هم من علموا العالم البناء وما زالت آثارهم شاهدة على عظمتهم.
ناهيك عن أنه أيضا يحمل للمصريين حياة كريمة، وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية للقانون وتسعى وتعمل عليه الدولة، وذلك بإقامة العديد من المشروعات ليست العظيمة فقط فى الجدران والحجر، ولكن يجب أن نستهدف البنية التحتية وتطوير البيئة وتراعى التحضر والتقدم العصرى فى العالم.
مما لاشك فيه أننا كنا فى حاجة إلى صدور قانون البناء العظيم بعد انتشار العشوائيات ومخالفات البناء التى كانت معظم المحافظات وليس العاصمة فقط والتى تعانى منها مصر منذ عقود طويلة كما نصت المذكرة الإيضاحية أيضا على أنه يراعى البناء العظيم وهو الأهم البعد الاجتماعى والاحتياجات والخدمات التى يحتاجها المواطن، وهذا معناه ألا يكون بناء أجوف يحمل الغلظة والفظاظة والقبح أو يخالف الجماليات الفنية الحديثة من حيث الارتفاعات والألوان والزخارف، ولنا عبرة فى ذلك فى أجدادنا القدماء، فقد استخدموا أعلى التقنيات الهندسية العلمية التى حتى الآن لم يستطع العالم كشف سرها، فهى تدخل الشمس فى وقتها والإضاءة والقمر ليلا وتحمل بداخلها المتانة التى ما زالت تقاوم حتى الآن عوامل الزمن والتعرية لآلاف السنين، ناهيك عن جمال الألوان وروعتها التى تبهر العالم جمالياتها الفنية وتناغمها وذوقها الراقى وهى دليل على إبداع الفنان المصرى القديم.
والبناء العظيم لا يمكن أن يحققه سوى أشخاص بلغوا من المعمار والفن أرقاه ومن الدراسة أرفعها، وهم قلة وهذا لا يتم إلا إن تكامل فريق البناء من التخصصات العلمية مجتمعة ولا يكتفى أن يكون العاملون عليه من الحاصلين على دكتوراه فى الهندسة المدنية أو المعمارية أو هندسة الكبارى والطرق، ولكن يجب أن يكمل الفريق متخصصون فى الفنون والثقافة وعلم الجماليات، فالعلوم الحديثة منها تتكامل ولا تتنافر، وأصبح داخل العلم الواحد تخصصات أدق تحولت إلى شعب ثم أقسام مستقلة، ثم كليات وجامعات.
شجرة واحدة عمرها لا يتعدى 40 سنة فى برلين عاصمة ألمانيا بسببها تم تحويل مسار «الأندرجروند» عندما اعترضت جمعيات البيئة ومحبو الخضرة وحزب الخضر هناك على قطعها.
«أعطِ الخبز لخبازه وأكيد لن يأكل نصفه، بل سيزيد وستكون الدولة الرابحة».
الفهم طريق الحرية.