الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الإعلام الأمريكى .. السردية المناقضة

الإعلام الأمريكى .. السردية المناقضة

اعتدنا القول إن الإعلام الأمريكى هو الأكثر حرية من بين دول العالم نظرًا لهامش النقد المتاح، الذى يصل فى كثير من الأحيان إلى حد الإهانة والتوبيخ لرموز أمريكا السياسية والدينية والتشريعية، وهو أمر صحيح إذا ما نظرنا إلى آلية تشغيل الإعلام كجزء من ماكينة سياسية أكبر، وإذا ما نظرنا إلى مخرجات ذلك الإعلام على أنه مجرد صوت فى الفراغ لا يغير ولا يبدل ما تريده قوى معينة لهذا السياسى أو تلك السياسة.



ولكى نبدأ فى فهم الإعلام الأمريكى على حقيقته، علينا أن نستوعب السردية المناقضة التى تقول أن النظام الإعلامى الأمريكى قد أعيدت صياغة أهدافه ومبادئه وفق تحالف نشأ فى بدايات القرن العشرين بين المال وقادة الرأى، كما يقول المشككون أصحاب السردية والذين يحاولون تسليط الضوء على نظرية مفادها أن الإعلام الأمريكى منذ ذلك الحين قد تم تسييسه لخدمة مجموعة من المصالح الخاصة، يدير مصالحها مجلس تم تأسيسه لهذا الغرض، ويقوم بالإشراف على تنفيذ سياسات عامة تخدم أهداف تلك المجموعة من المتنفذين، هذا المجلس الذى يعرف بـ(مجلس العلاقات الدولية) The Council on foreign relations الذى تأسس عام 1917 حين سجلت وثائق الكونجرس ما كشفه عضو الكونجرس الأمريكى أوسكار كالاوى Oscar Callaway من أن جهات تدعم مصالح بنك جى بى مورجان J P Morgan قامت بتكليف 12 من مديرى ومسئولى صحف أمريكية بهدف دراسة وتحديد أسماء أكثر الصحف الأمريكية تأثيرًا فى العامة، وكم من الصحف هم فى حاجة إليها للسيطرة على السياسة الإعلامية للإعلام الأمريكى بشكل عام، حيث توصلت الدراسة إلى أنهم فى حاجة للسيطرة لخمسة وعشرين مؤسسة إعلامية مؤثرة فقط لتحقيق ذلك الهدف، وبالفعل تم شراء السياسات الصحفية لتلك الصحف، وتم تعيين مسئولى تحرير فى تلك المطبوعات لضمان أن جميع ما ينشر فيها يتماشى مع السياسة العامة لتلك المجموعة التى كان يسيطر عليها بنك جى بى مورجان، والتى أصبحت تسمى فيما بعد «مجلس العلاقات الدولية»، وتعرف اختصاراً أيضًا بـ CFR.

يحدد المجلس أهم أهدافه على أنها (زيادة وعى وتفهم العالم لأمريكا)، إلا أن هناك إثباتات كما يقول المشككون فى أن هذا المجلس يهدف إلى خلق نظام عالمى خاص من أجل السيطرة المالية وجعلها فى أيدى مجموعة صغيرة من المتنفذين من أصحاب البنوك وأبناء الطبقة الأرستقراطية ذات الأصول الأوروبية من أجل السيطرة على النظم السياسية فى جميع دول العالم، لكى يتحقق هدفهم الأساس الذى يتمثل فى سيطرتهم الكاملة على الاقتصاد العالمي، ومن ثَمَّ السيطرة على العالم بأكمله.

من أهم الأسماء الإعلامية التى شغلت عضوية المجلس نذكر المذيع التلفزيونى (توم بروكوف) والمذيع التلفزيونى دان راذر والمذيعة التلفزيونية باربرا والتر ووليم إف باكلى مؤسس المجلة السياسية الشهيرة National Review، وامبراطور الإعلام روبرت ميردوخ ورئيس ديزنى مايكل إيزنير ورئيس شبكة ABC التلفزيونية توماس ميرفى ورئيس CNN توم جونسون ورئيس Time Warner جيرالد ليفين.

يدلل المشككون على أنه لا توجد حرية حقيقية فى الإعلام الأمريكي، حيث يضربون أمثلة على ذلك من قبيل دور الصحافة الحقيقى فى حرب العراق عام 2003 التى تثبت أن الإعلام الأمريكى بكل أوجهه مُسَيَّس لخدمة أهداف الحكومة، وخير دليل على ذلك قبول الإعلام بأن يكون خاضعًا للرقابة العسكرية فى نقله الخبر من خلال لعب دور أساسى فى الماكينة الدعائية الحكومية عبر ما سمى Embedded Journalism، وأن انتصار بوش الأب فى حرب تحرير الكويت لم يشفع له فى إعادة انتخابه رغم دعم الإعلام له، وأن الفضيحة التى فجرها الإعلام والمعروفة بـ (وتر جيت)، التى أسقطت الرئيس الأمريكى نيكسون ما كان لها أن تتحقق لولا أن نيكسون هو الرئيس الثانى والأخير فى تاريخ أمريكا الذى لم ينضم أبدًا لعضوية أى من الأخويات السرية التى حكمت وتحكم أمريكا منذ تأسيسها كما يقولون.