الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فتح قنوات جديدة وتعزيز الشراكات الثنائية والدولية 2023 شاهــد علـى تحركـــات «مصر» لتنويع العلاقات

كان 2023 عامًا تسارعت فيه التطورات فى النظام العالمى سياسيًا، واقتصاديًا، فى ظل تغير طبيعة العلاقات الدولية، وأنماط التحالفات، وتجمعات المصالح.



وعليه، تابعت الدولة المصرية بعناية المشهد السياسى الدولى، بل وسبقت فى بعض الأحيان مجريات الأحداث، واتخذت تدابيرها التى تحمى مصالحها، عبر تقييم العلاقات الخارجية، وترتيب أولوياتها، وتنويعها. 

ففى الوقت الذى حرصت فيه «مصر» على تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول العربية، والإقليمية، والعالمية فى جميع المجالات، شاركت بقوة فى مختلف المحافل الدولية التى اهتمت بالقضايا السياسية، والاقتصادية، وحتى البيئية، لتعلن عن موقفها ورؤيتها لمختلف القضايا.

 انضمام مصر لتجمع «البريكس»

‏يعد من الانتصارات المصرية فى مجال التحالفات الاقتصادية، هو اختيار تجمع دول (بريكس)، الذى يضم كلا من دول: (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا) فى أغسطس 2023، انضمام «مصر» لهذا التجمع، ما يعد شهادة ثقة فى قدرة الاقتصاد المصرى نحو تجاوز التداعيات العالمية الراهنة، وتأكيدًا على ثقل «مصر» على المستويين الدولى والإقليمى، فى ظل ما تشهده الدولة المصرية من حراك تنموى غير مسبوق؛ إذ تعد هذه الخطوة مهمة نحو فض الارتباط بشكل تدريجى مع الدولار، لاسيما فى حالة الاتفاق على التصدير بنظام الصفقات المتبادلة، أو بنظام العملات المحلية المتبادلة مع تجمع (بريكس)، الذى صار يضم 11 دولة من أكبر الدول الاقتصادية والتجارية فى مختلف أنحاء العالم.

ويساهم قرار انضمام «مصر» لمجموعة دول (بريكس) فى تعزيز اتفاق التبادل التجارى مع 68 دولة من المتعاملين مع المجموعة، ما يخلق سوقًا مشتركة لترويج السلع والمنتجات المصرية، فى ظل التوازنات المرتقبة التى تصنع على المستويين الدولى والإقليمى، بجانب تجمع (الكوميسا)؛ ناهيك عن زيادة التبادل التجارى بين «مصر» ودول (بريكس)، إذ ارتفعت صادرات «مصر» لدول المجموعة الخمس فى عام 2022 بنسبة 5.3 % لتصل إلى 4.9 مليارات دولار، وفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، الذى أفاد -أيضًا- بأن قيمة التبادل التجارى بين الطرفين بلغت 31.2 مليار دولار عام 2022، بزيادة سنوية 10.5 %.

هذا بالإضافة إلى أن انضمام «مصر» يعزز دورها فى العالم بشكل عام، و«أفريقيا» بشكل خاص من خلال الاتفاقيات التجارية فيما بينها، وإمكانية فتح قنوات استثمارية جديدة داخل البلاد وتأمين السلع الاستراتيجية. 

وبشكل عام، يعد انضمام «مصر» إلى مجموعة (بريكس)، إنجازًا ستؤتى ثماره خلال السنوات المقبلة.

 تسليم «مصر» رئاسة المناخ للإمارات فى (COP-28)

سلم وزير الخارجية «سامح شكرى» فى 30 نوفمبر 2033، رئاسة الدورة الـ(28) لمؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP-28) إلى دولة «الإمارات»؛ داعيًا إلى إشراك الدول النامية بجهود مكافحة تغير المناخ.

من جانبه، شارك الرئيس «عبد الفتاح السيسى» فى الشق الرئاسى فى قمة «دبى»؛ مركزًا على جهود الرئاسة المصرية لمؤتمر الأطراف على مدار العام الماضى، انطلاقًا من قمة «شرم الشيخ» فى نوفمبر 2022، والتى ركزت على موضوعات تهم الدول النامية بشكل عام، والأفريقية بشكل خاص، فيما يتعلق بتعزيز الجهود لدفع عمل المناخ الدولى، فضلًا عن تأكيد ضرورة التزام الدول المتقدمة بتعهداتها فى إطار (اتفاقية باريس لتغير المناخ). 

وأوضح «السيسى» فى كلمته، أبرز ما قامت به الدولة المصرية خلال توليها رئاسة (COP-27)، إذ قال إن: «مؤتمرنا اليوم.. ينعقد وعلى غرار مؤتمر «شرم الشيخ» العام الماضى، وسط تحديات سياسية ودولية خطيرة، لا تقل أهمية عن تداعيات التغيرات المناخية، وهو ما يتطلب منا كقيادات سياسية مسئولة أمام شعوبها العمل المخلص على خروج مؤتمرنا هذا بنتائج طموحة، وتنفيذ متسارع للتعهدات السابقة. 

كما تضمن برنامج زيارة «السيسى» إلى دبى عقد مباحثات مع عدد من رؤساء الدول والحكومات، من أجل التباحث حول دفع أطر التعاون الثنائى، وتبادل وجهات النظر والرؤى بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية.

 المشاركة بالقمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية

شارك الرئيس «السيسى» فى 11 نوفمبر 2023 فى (القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية) بالمملكة العربية السعودية، التى كانت تهدف إلى تعزيز التشاور والتنسيق بشأن العدوان الإسرائيلى على «غزة»، الذى بدأ فى 7 أكتوبر الماضى، وسبل التحرك العربى والإسلامى إزاءه.

وفى كلمته، طالب الرئيس «السيسى» بعدد من النقاط، وهى: الوقف الفورى والمستدام لإطلاق النار فى القطاع بلا قيد أو شرط؛ وقف جميع الممارسات التى تستهدف التهجير القسرى للفلسطينيين إلى أى مكان خارج أرضهم؛ اضطلاع المجتمع الدولى بمسئوليته لضمان أمن المدنيين الأبرياء من الشعب الفلسطينى؛ ضمان النفاذ الآمن والسريع، والمستدام، للمساعدات الإنسانية وتحمل إسرائيل مسئوليتها الدولية باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال؛ التوصل إلى صيغة لتسوية الصراع بناءً على حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها «القدس الشرقية»؛ إجراء تحقيق دولى فى كل ما تم ارتكابه من انتهاكات ضد القانون الدولي.

التوازن بين المشاركات الدولية

لعل أبرز مثال حدث فى 2023 فيما يخص حرص الدولة المصرية على تنويع علاقاتها، والتوازن بينها، هو المشاركة فى مختلف المحافل الدولية، ومنها المشاركة فى القمة (الأفريقية-الروسية) فى يوليو، وأيضًا المشاركة فى قمة (مجموعة العشرين) فى أغسطس.

ففى يوليو 2023، شارك الرئيس «السيسى» فى فعاليات النسخة الثانية من القمة (الأفريقية-الروسية) فى مدينة «سان بطرسبرج»، بمشاركة 49 دولة أفريقية من أصل 54 دولة.

وخلال المشاركة، التقى الرئيس «السيسى» بنظيره الروسى «فلاديمير بوتين»، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية على جميع الأصعدة، فى إطار الروابط الوثيقة التى تجمع بين «مصر»، و«روسيا»، وحرص البلدين على تدعيم التعاون بينهما، ومواصلة التشاور المكثف حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

وخلال اللقاء، أعرب «السيسى» عن حرصه على تعميق علاقات الشراكة مع «روسيا» فى إطار التطور المستمر الذى تشهده تلك العلاقات، والذى تكلل بالتوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة فى عام 2018.

تلا المشاركة المصرية فى القمة (الأفريقية الروسية)، مشاركة أخرى فى القمة الـ18 لقادة (مجموعة العشرين)، التى تشكل اقتصادياتها نحو 85 % من الناتـج المحـلى الإجمالى العالمى، و75 % من حجم التجارة الدولية، وذلك تلبية لدعوة من رئيس الوزراء الهندى «ناريندرا مودى»، الذى تولت بلاده رئاسة المجموعة.

 فتح وتعزيز قنوات اتصال جديدة

المشاركة المصرية لم تتوقف عند المحافل الدولية المتنوعة فحسب، إذ حرصت القيادة المصرية طوال عام 2023 على تعزيز العلاقات الثنائية مع عدد من الدول، وفتح قنوات اتصال جديدة؛ ولعل أبرزها، الجولة الآسيوية التى زار فيها الرئيس «السيسى» كلًا من دول: «الهند، وأذربيجان، وأرمينيا»، التى حملت الكثير من الدلالات، بشأن إدراك «مصر» للتحولات الراهنة فى النظام الدولى، وأهمية الاستجابة لمتطلباتها، لأن التحرك ناحية هذه الدول، كان فى دائرة غير تقليدية من دوائر سياسة «مصر» الخارجية.

استعادة الروابط التاريخية، كان الهدف المصرى خلال زيارة الرئيس «السيسى» كضيف شرف فى احتفالات «يوم الجمهورية» الهندية، وإعطاء دفعة جديدة للعلاقات الثنائية، مع دولة عضوة فى تجمع (بريكس)، وأيضًا (مجموعة العشرين)، والاستفادة من قدراتها الاقتصادية والصناعية الهائلة، وكذلك تأثيرها السياسى فى محيطيها الإقليمى والدولى؛ ناهيك عن أن العلاقات مع «الهند»، تمثل فرصة واعدة لفتح أسواق جديدة أمام المنتجات المصرية، ولا يمكن إغفال التعاون العسكرى المهم بين البلدين. 

وعليه، يعود تعزيز العلاقات المصرية الهندية بانعكاسات إيجابية كبيرة على مجمل السياسات المصرية. الدور المصرى لم يتوقف عند هذا الحد، إذ أنهى الرئيس «السيسى» جولته للهند، ليتوجه بعدها إلى «أذربيجان» لعقد مباحثات مع نظيره الأذرى «إلهام علييف»، تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة. 

وأشاد -حينها- «علييف» بالمسار الإصلاحى الاقتصادى فى «مصر»، والذى كان مؤداه التحسن الملحوظ والمستمر فى مؤشرات الاقتصاد المصرى.. كما أكد الجانبان أهمية البناء على عمق العلاقات التاريخية الودية الطيبة بين «مصر»، و«أذربيجان» على المستويين الرسمى والشعبى، والعمل على توطيد أطر التعاون الثنائى، والحوار السياسى، من أجل تحقيق المصلحة المشتركة للجانبين.

ومن «أذربيجان» إلى «أرمينيا» فى زيارة لها دلالتها؛ حرص الرئيس «السيسى» خلالها على لقاء نظيره الأرمينى «فاهاجن خاتشاتوريان»، فى أول زيارة يقوم بها رئيس مصرى إلى دولة «أرمينيا» منذ أن استعادت استقلالها فى العام 1991. 

وعلقت وسائل الإعلام الأرمينية على زيارة الرئيس «السيسى» لبلادهم، بأنها «زيارة طال انتظارها». 

 الأم «أفريقيا»

انطلاقًا من الإيمان المصرى الراسخ، وسياستها الخارجية بضرورة توطيد العلاقات مع دول القارة الأفريقية من جميع النواحى الاقتصادية، والثقافية، والتاريخية، باعتبارها تمثل عمقًا استراتيجيًا، فلا تنسى القيادة المصرية أبدًا الزيارات المتنوعة للدولة الأفريقية، إذ حرص الرئيس «السيسى» فى عام 2023 خلال جولته الأفريقية على زيارة كل من دول: «أنجولا، وزامبيا، وموزمبيق». 

وجاءت جولة «السيسى» فى منطقة الجنوب الأفريقى فى إطار حرص «مصر» على تكثيف التواصل والتنسيق مع أشقائها الأفارقة.. حيث زار الرئيس «السيسى» فى يونيو 2023 العاصمة الأنجولية «لواندا»، كأول رئيس مصرى يزور «أنجولا». 

ورحب الرئيس «چواو لورينسو» بزيارة «السيسى»؛ معربًا عن اعتزاز «أنجولا» بأول زيارة لرئيس مصرى، ومثمنًا الدور الفاعل للدولة المصرية فى معالجة القضايا الأفريقية، لاسيما فى إطار جهود دفع عجلة التنمية بالقارة، وصون السلم والأمن بها؛ مؤكدًا تطلع بلاده للعمل مع «مصر» على مواجهة التحديات العديدة التى تواجهها القارة.

وبعدها، شارك الرئيس «السيسى»، خلال زيارته إلى العاصمة الزامبية «لوساكا»، فى أعمال القمة الـ(22) للسوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقى (كوميسا)، والتى شهدت فيها تسليم الرئاسة الدورية للتجمع من «مصر» إلى «زامبيا».

ثم توجه الرئيس «السيسى» إلى «مابوتو» عاصمة «موزمبيق» لإجراء مباحثات مع الرئيس الموزمبيقى «فيليب نيوسى»، الأخير الذى أعرب -بدوره- عن اعتزاز بلاده البالغ بهذه الزيارة كونها أول زيارة على الإطلاق لرئيس مصرى إلى «مابوتو»؛ مثمنًا جولة الرئيس «السيسى» إلى عدد من الدول الأفريقية، والتى تعكس اهتمام الدولة المصرية العميق بأفريقيا، وحرصها على دعم أشقائها فى القارة.

جدير بالذكر، أن الاستقبالات المصرية فى عام 2023، للمسئولين حول العالم من الدول العربية، والأوروبية، والآسيوية، وحتى الأمريكية، شهدت إقبالا كثيفًا، وذلك من أجل بحث سبل التعاون الثنائى فى مختلف المجالات، ومناقشة قضايا منطقة «الشرق الأوسط»، والأزمات الدولية والعالمية، ناهيك عن دراسة عدد من المشاريع والشركات الاقتصادية، وغيرها من مختلف المجالات.

فى النهاية، كان عام 2023، شاهدًا على توسيع الدولة المصرية وتنويع دوائر اتصالاتها، وفق ما تحكمه وتطلبه مصالح «مصر» السياسية، والاقتصادية، والتجارية، والاستراتيجية، والحاجة الملحة لإعادة تفعيل (حركة عدم الانحياز)، من أجل مجابهة الاستقطابات الدولية الراهنة، والحاجة إلى السلام.