الجمعة 27 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
روح فلسطين  مولودة من رحم الشهيدة

روح فلسطين مولودة من رحم الشهيدة

من رحم المعاناة يولد الأمل، ومن المأساة تتفجر الإرادة والقوة والتصميم، هذا ما حدث منذ أيام فى غزة، أغارت الطائرات الإسرائيلية على رفح وأطلقت قذائفها على منزلين يقطنهما مدنيون عزل، فاستشهد 19 فلسطينيا بينهم 13 طفلا من عائلة واحدة، وبينما كان الأطباء يسارعون لتفقد الحالات ومحاولة إنقاذ الجرحى فوجئوا بأن إحدى الشهيدات حامل والجنين مازال حيا فى رحمها، سارع طبيب اسمه محمد سلامة بإنقاذ الطفلة الوليدة وأخرجها من بطن الأم بعملية قيصرية لتعيش وتكون شاهدة على جريمة يندى لها جبين الإنسانية، وكان من المفترض أن يشعر العالم كله بالعار بسببها ولكنه كالعادة رفع شعار لا أسمع سوى صوت إسرائيل ولا أرى غير مصالحها ولا أتكلم إلا بالباطل.



الطفلة المولودة التى خرجت إلى الحياة من نفق الموت كانت أمها التى تدعى «صابرين السكنى» حاملا بها فى شهرها الثامن، ولكن الأم استشهدت قبل أن تراها واستشهد معها زوجها وابنة أخرى اسمها «ملاك»، هذه الصغيرة الشهيدة كانت سعيدة أنها سيكون لها أخت وظلت عدة شهور تنتظر مجيئها بفارغ الصبر وقالت لأقاربها أنها ستسميها «روح»، وكأنها تتنبأ بأنها ستكون روح فلسطين فكل شهيد يخلف من بعده بطلا وكل شهيدة يخرج من رحمها أبطال.

الأطباء قالوا إن الطفلة ستبقى فى المستشفى لفترة تتراوح من ثلاثة إلى أربعة أسابيع وبعدها تخرج للمأساة الكبرى بعد أن فقدت أسرتها بالكامل وتبدأ رحلة البحث عن أقارب يتبنونها، وسوف تجدهم وستكبر وستكون فلسطينية تتمسك بالأرض والوطن، ستعرف يوما أن المجرمين قتلوا أمها وأباها وأختها، وأنهم دخلاء معتدون وأنهم يحاولون بكل الطرق إبادة الفلسطينيين وتهجيرهم قسريا حتى تخلو لهم الأرض ويصبحوا ملاكها وأصحابها وهو حلم لن يتمكنوا من تحقيقه وسيتحول إلى كابوس، وستظل فلسطين للفلسطينيين ولأهلها الحقيقيين، ومهما حاولت إسرائيل وأمريكا وأعوانهما فإن الدولة الفلسطينية قادمة شاءوا أم لا، ولو كانت أمريكا نظرت إلى دلالة قصة «روح» قبل استخدامها حق الفيتو عند التصويت فى مجلس الأمن على قبول عضوية فلسطين بالأمم المتحدة منذ أيام لعرفت أن فلسطين باقية ولن تزول، وأن الفلسطينيين سيظلون أحياء مقاومين مجاهدين من أجل وطنهم ، تعرف إسرائيل جيدا أن كل طفل فلسطينى يولد هو مشروع مناضل وشهيد، ولهذا تحاول بكل الطرق منع الفلسطينيين من الإنجاب ، فتستهدف السيدات والأطفال، ولهذا تقتلهم رغم علمها أنهم غير مسلحين وعزل، وأن القانون الدولى يجرم الاعتداء عليهم، ولهذا ليس غريبا أن تتعمد إسرائيل منذ أسابيع تدمير الأجنة المحتفظ بها فى المستشفيات الفلسطينية، عندما استهدفت قذيفة إسرائيلية أكبر مركز للخصوبة فى قطاع غزة لتقتل أكثر من 4 آلاف من أجنة أطفال الأنابيب، إضافة إلى ألف عينة أخرى لحيوانات منوية وبويضات غير مخصبة، كانت هى الأخرى مخزنة فى مركز للإخصاب وأطفال الأنابيب.

وكانت الأجنّة التى فى تلك الخزانات بمثابة الأمل الأخير لمئات الأزواج الفلسطينيين ممن يواجهون مشكلات فى الخصوبة، وهؤلاء حريصون على الإنجاب ليس فقط من أجل إشباع غريزة الأبوة والأمومة ولكن أيضا من أجل استمرار الفلسطينيين وبقاء القضية.

«روح» الطفلة المولودة رغم جحيم الانفجار واستشهاد الأم خرجت إلى الحياة لتقول لكل العالم فلسطين ستظل موجودة، ومهما كانت الجرائم فإننا باقون ولن نفنى ولن نرحل، فأنا روح فلسطين التى يجب أن يعرفها ويفهمها العالم كله.