
الفت سعد
أحلف بسماها .. الصناعة الملاذ الآمن لحماية مصر
قدر مصر والمنطقة العربية أن تتواجد فى وسط قارات العالم ما جعلها على مدار التاريخ مطمعا للاحتلال والهيمنة.. لذا لم يكن زرع الكيان الصهيونى فى الأراضى العربية قبل رحيل الاستعمار عشوائيًا.. من الواضح أننا أمام منحنى خطير بعد حرب غزة قد يصل إلى حرب إقليمية أصبحت على وشك الحدوث بعد ضربات جماعة الحوثيين لحاملات الوقود والسفن المتجهة إلى إسرائيل من البحر الأحمر.. وإذا كانت تلك الضربات اليمنية موجهة لدعم الفلسطينيين فإن مصر لا شك ستتأثر كثيرًا نتيجة تناقص مرور الحاويات والسفن فى قناة السويس.. بالإضافة إلى تأثر السياحة فى القرى السياحية بمحافظتى البحر الأحمر وجنوب سيناء لتواجدهما فى مرمى الصواريخ الموجهة من اليمن ثم تواجد البوارج الأمريكية وقوات التحالف لصد الهجمات اليمنية وربما ضربها فى الفترة المقبلة.
سوء الأوضاع الاقتصادية فى مصر نتيجة الكورونا وأعقبتها الحرب الروسية - الأوكرانية، وتأثر قيمة الجنيه المصرى أمام ارتفاع الدولار.. كل ذلك زاد من الاعتماد على موارد قناة السويس والسياحة الخارجية.. لكن نحن الآن أمام تحديات خطيرة لتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب المصرى من الخارج والتى تحتاج إلى عملة صعبة أصبحت نادرة فى ظل صراع فى المنطقة لا نعلم كيف ومتى سينتهى، ونتائج هذا الصراع.. لذلك أصبح من الحتمى وسريعًا وضع استراتيجية ملزمة للحكومات القادمة والمستثمرين والشعب جميعًا بإعلاء شأن الصناعة والتصنيع الزراعى والتعدين، خاصة لو علمنا أن نسبة الصناعة المصرية من إجمالى الناتج المحلى لا تتعدى 18 ٪ وتستحوذ على 30 ٪ فقط من العمالة.. لقد أصبح النهوض بالصناعة والتعدين والزراعة أمرًا يخص الأمن القومى لمصر بعد أن أصبحت المصادر التى توفر لنا العملات الأجنبية مهددة كل فترة من العقود، فهل نسينا توقف قناة السويس عن العمل بعد حرب 67 لمدة 8 سنوات ولم يتم افتتاحها إلا بعد ضمان أمن وسلامة مرور السفن بها، ومع ذلك صمد الشعب المصرى وتحمل فترة النكسة وما تلاها من أزمات اقتصادية.. لكن الوضع اليوم أصعب فى ظل زيادة سكانية مطردة تضاعفت بسببها احتياجات متعددة، وذلك يتطلب تحضير خطط عاجلة وأخرى آجلة لزيادة نسبة التصنيع فى جميع المجالات وزيادة فرص تدريب العمالة من الشباب العاطل أو الذى يعمل بشكل عشوائى ومتقطع لعدم امتلاكه لمهارة فنية.. وهناك فرص كبيرة أتاحتها الشركات الصناعية الكبرى بإقامة مدارس فنية ثانوية بعد الإعدادى بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم للتوسع فى التعليم الفنى بجميع أنواعه.. وأذكر على سبيل المثال لا الحصر المدارس التابعة لشركات العربى والسويدى وغبور والصالحية والضبعة النووية والبترول ومدارس تمريض تابعة لمستشفيات كبرى.. الميزة فى تلك المدارس أنها تتيح للطلاب التدريب العملى فى مصانع الشركات المؤسسة لها مقابل أجور مالية علاوة على ضمان التحاقهم بالعمل فور تخرجهم.
فى ظل التحديات المحيطة بنا من كل جانب والترصد الواضح لكسر عزيمة الإرادة المصرية لا بد أن نبدأ من الآن وليس غدا خطة النهوض باقتصاد مصر صناعيًا بغض النظر عن السياحة أو قناة السويس التى دائما ما تتأثر بالظروف السياسية أو العسكرية فى المنطقة.. والله المستعان على القوى الباغية.