الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. عام الزلازل الكبرى فى «الشرق الأوسط» وتصاعد  الاستقطاب عالميًا.. وإسرائيل تحصد جائزة «الأسوأ» مصر 2023 بين «برونزى» و«ذهبى».. وذكرى انتصارين على «صهاينة» الدين

الطريق الثالث.. عام الزلازل الكبرى فى «الشرق الأوسط» وتصاعد الاستقطاب عالميًا.. وإسرائيل تحصد جائزة «الأسوأ» مصر 2023 بين «برونزى» و«ذهبى».. وذكرى انتصارين على «صهاينة» الدين

هو بلا شك عام الإثارة والتوتر، وبينهما قليل من الفرح وبعض الألم، عام الاحتفال بالذكريات العظيمة والاحتفاء بالإنجازات الكبيرة، وبينهما كثير من التحديات والمصاعب، عام مشحون بكل المشاعر المتناقضة التى شكلت ملامح 365 يمًا فى حياة المصريين، الذين قضوا عامهم فى ظل غياب يومى للكهرباء ما بين ساعة أو ساعتين، ومعدل تضخم متزايد رفع أسعار معظم السلع، بينما حكومة الدكتور مصطفى مدبولى (المجتهدة) تفعل ما بوسعها كى توفر (حياة كريمة) للمواطن المصرى، الذى فاجأ الجميع ولم يتردد فى المشاركة فى العرس الانتخابى المصرى، ليؤكد للعالم أنه رغم المعاناة اليومية فهو يقدر حجم الإنجاز الذى تحقق فى بلاده خلال عشر سنوات مع قائد مسيرة التنمية والاستقرار، الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى كان مسك ختام العام، فوزه بفترة رئاسة ثالثة بناء على إرادة الشعب المصرى النافذة.



عربيًا ودوليًا

أما عربيًا فقد تجرعت شعوب الأمة هذا العام الكثير من العذاب والآلام، بعد أن عبرت الطبيعة عن غضبها فى أكثر من بلد عربى، وأكد السلاح سوء استغلاله فى بلاد أخرى، وبينهما ستبقى مئات المشاهد التى هزت مشاعر العالم خالدة، من زلزال سوريا (وتركيا) فى فبراير، إلى زلزال المغرب فى سبتمبر، وكلاهما حصد آلاف الأرواح محدثًا خسائر كبيرة، إلى إعصار «دانيال» الذى تسبب فيضانه فى غرق مدينة درنة الليبية، جارفًا البيوت بسكانها إلى البحر، مخلفًا وراءه كارثة إنسانية مدمرة.

ودوليًا يحبس العالم أنفاسه فى مناسبات مختلفة مع تصاعد التوتر المستمر بين أمريكا والصين على هامش تصعيدات أخطر، فقد استهل 2023 أحداثه باستمرار المعارك للعام الثانى بين روسيا وأوكرانيا، قبل أن ينتهى بحرب إبادة فى قطاع غزة، بينما يقف المجتمع الدولى عاجزًا أمام جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين فى أكبر جريمة عرفها التاريخ، والتى تغلق بها إسرائيل على نفسها دائرة الوحشية والانتقام لتحصد كراهية العالم أجمع، وجائزة الأسوأ لهذا العام.

لقاء يونيو وأكتوبر

وقد تزامن هذا العام ذكرى مميزة لحدثين كبيرين هما الأبرز فى تاريخ الدولة المصرية المعاصرة، فقد كان عام 2023 يوبيلا «برونزيًا» بمناسبة مرور عشر 10 سنوات على ثورة يونيو 2013، و«ذهبيًا» بمناسبة مرور 50 سنة على نصر أكتوبر 1973.

أما الذكرى الأولى (عشرية يونيو) التى احتفل فيها الشعب المصرى بذكرى إنقاذ مصر من «تجار الدين» فى عام 2013، عندما استجاب الجيش المصرى لنداء الشعب، وخرج بقيادة قائده البطل عبدالفتاح السيسى، ليحمى الوطن من مخاطر التفكك والانقسام، ويضع حدًا لأطماع جماعة «الإخوان المسلمين» الإرهابية، وشركائهم من تنظيمات المتاجرة بالإسلام، وانتصر السيسى وجيش مصر إلى الدولة الوطنية، وفوضه ملايين المصريين فى قيادة البلاد فى مسيرة ممتدة للحفاظ على الوطن وسلامة أراضيه، 10 سنوات اجتاز فيها جيش مصر معركته الأخطر مع الإرهاب، ليستعيد سيناء آمنة ويضعها على خارطة التنمية، فيما استعادت الدولة المصرية هيبتها واستعادت مؤسساتها أدوارها، وتضافرت جهود الجميع فى بناء الجمهورية الجديدة، والتطلع لمستقبل مطمئن للأجيال القادمة.

وكانت الذكرى الثانية، ذكرى النصر العظيم، نصر أكتوبر المجيد، الذى أعاد لمصر سيناء كاملة، بعد معركتى السلاح والسلام بقيادة الرئيس البطل محمد أنور السادات، الذى عبر بمصر من محنتها بعد نكسة يونيو 1967، وقاد جيشها فى معركته الأهم فى التاريخ، والتى قال عنها الرئيس الراحل فى خطابه أمام مجلس الشعب فى 16 أكتوبر عام 1973: «لست أظنكم تتوقعون منى أن أقف أمامكم لكى نتفاخر معًا ونتباهى بما حققناه فى أحد عشر يومًا من أهم وأخطر، بل أعظم وأمجد أيام تاريخنا، وربما جاء يوم نجلس فيه معًا لا لكى نتفاخر ونتباهى، ولكن لكى نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلًا بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقه، ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله، نعم سوف يجىء يوم نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا فى موقعه، وكيف حمل كل منا الأمانة، وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء».

حرب الصهاينة

ومن مفارقات القدر أن تجتمع ذكرى اليوبيلين يونيو 2013 وأكتوبر 1973، واللتين انتصرت فيهما مصر على كيانين يجمعهما الدين وسوء استغلاله وتوظيفه سياسيًا لتحقيق أطماع ومصالح خاصة لجماعات محدودة تزايد على بعضها فى تطرفها لكسب وحشد مزيد من الجماهير، إنها «الصهيونية» المجردة التى يعتنقها بعض يهود العالم ومسلميه للأسف (ومسيحييه أيضًا)، وكلاهما انتصرت مصر عليه وأوقفت طموحه وجموحه، والمدهش أن يختتم العام ومعاركه بالحرب بين كلا المهزومين على أرض عزة، لهذا ليس مستغربًا أن تطال نيران هذه الحرب الأراضى المصرية وتصلنا آثارها بكل الصور.

ومنذ اشتعال معارك الجوار على حدونا الشرقية فى السابع من أكتوبر الماضى، وفى أوج احتفالنا بذكرى النصر المصرى والعربى الوحيد على العدو الصهيونى، ورغم محاولات البعض خلق مقارنة وتنافس بين يومين جمعتهما النتيجة فى شهر واحد وجعلتهما متتاليين ومتلاصقين، إلا أن المسافة بينهما شاسعة، ونتائجهما متناقضة حتى لو جمعهما ما حققاه من تدمير لنظرية الأمن الإسرائيلى، فلن يغفر التاريخ لكل من تسبب فى هذا العدد غير المسبوق من شهداء وجرحى ومفقودين فلسطينيين، ولن ينسى من تبقى على قيد الحياة، الجحيم الذى عاشوا فيه طوال هذه الشهور المرعبة من عام 2023، ولن ينسيهم حجم الدمار الذى لحق بقطاع غزة مهما عاشوا بعدها، الفواتير باهظة هذه المرة، ولن تقدر عليها حماس ولا تملك إسرائيل ما يكفيها من وقت كى تلملم أشلاءها.

رئاسية مصر

يستشعر الشعب المصرى، المعلم والقائد، كما يوصف فى الأدبيات الناصرية، مكامن الخطر دائمًا، ويصطف خلف جيشه وقائده، منتصرًا لأقدم حضارة عرفها العالم، الحضارة المصرية التى استقرت داخل حدود ثابتة لم تتغير منذ فجر التاريخ، لهذا زحفت حشود المصريين على لجان الاقتراع معتبرة أن التصويت الإيجابى فى انتخابات الرئاسة 2024، هو تصويت للوطن واختيار لحماية وجوده، خرج الجميع من شباب ونساء وكبار السن، لم يتخلف من منحتهم الأقدار أعذارهم، ولم يتراخ من أبعدتهم الجغرافيا عن لجانهم، يتردد بداخلهم صوت موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وهو يشدو: «حب الوطن فرض عليا.. أفديه بروحى وعنيا»، خرج الجميع إلى الصندوق الانتخابى، دون أن يفتيهم شيخ بأن أصواتهم جهاد فى سبيل الحياة، لتسدل ستار العام ويكون أجمل حصاد له، خروج المصريين إلى الشوارع للاحتفال بفوز رئيسهم المنتخب، عبدالفتاح السيسى، يصاحبهم كلماته فى مؤتمر «حكاية وطن» فى أكتوبر الماضى: «والحق أقول: إننى قد بذلت الجهد وصدقت العهد، قدر ما استطعت وتجردت للوطن، مخلصًا له العمل والنوايا»، ويختتم: «شعب مصر العظيم، إن نبتة الأمل تزدهر دائمًا بالعمل والصدق فى القول والتجرد فى العمل، هما السبيل الذى نبلغ به الحلم، ومعًا وبكم وبالله قبلنا: ستحيا مصر، تحيا مصر تحيا مصر».