الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. رئاسية مصر 2024: سياسة بلا تجاوزات.. ونتائج لا تخلو من المفاجآت انتخابات العزة.. وحضور غزة

الطريق الثالث.. رئاسية مصر 2024: سياسة بلا تجاوزات.. ونتائج لا تخلو من المفاجآت انتخابات العزة.. وحضور غزة

أمتلك شجاعة الاعتراف (على الورق)، بأنى تفاجأت كثيرا خلال الأسابيع الأخيرة، أولى هذه المفاجآت كانت فى حماس كبير لمسته خلال فترة الدعاية الانتخابية التى سبقت صمتا أعقبته أيام مشهودة جرى خلالها التصويت المهيب لاختيار صاحب النصيب، ثم إعلانا عن نتائج حملت لى مزيدا من المفاجآت، لم يكن من بينها الفوز المستحق للرئيس عبدالفتاح السيسى، والذى تلاه كلمة ملهمة احتوت على مفاجأتين كلتيهما استدعت وقفة تأمل وتحليل.



 

 ثم كان مسك الختام وأجمل المفاجآت، لقاء جمع الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى مع مرشحى الرئاسة الثلاثة: حازم عمر وفريد زهران وعبدالسند يمامة، بحضور المستشار محمود فوزى، المقابلة وتوقيتها أكدت على كثير من المعانى التى رسختها تجربة مصر الديمقراطية فى انتخابات الرئاسة 2024.

 المشاركة الإيجابية

وكنت قد شاركت خلال شهر الدعاية فى العديد من الفعاليات الانتخابية والمؤتمرات الشعبية وشاهدت بعينى فى العديد من المدن والقرى المصرية شغفا صادقا لدى المصريين للمشاركة الإيجابية فى هذا الاستحقاق الدستورى الفارق، ثم توالت المفاجآت بعدها، من إقبال كثيف على التصويت فى الخارج ثم فى الداخل، وخروج المشهد الانتخابى بصورة حضارية راقية ونزاهة فائقة، بلا حوادث أو شكاوى أو طعون.

 غير مسبوقة

ورغم ما رأيته وأسعدنى وكل المتابعين داخليا وخارجيا، من حشود ظلت توقعاتى عند تواضعها فى النسبة المئوية التى يمكن أن تصلها أعداد من شاركوا بالتصويت فى انتخابات رئاسية خامسة تعرفها مصر فى إطار التعددية، ورابعة بعد ثورة يناير 2011، حتى أعلن المستشار حازم بدوى رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات النتيجة، وذكر فيها أن نسبة الحضور بلغت 68.8 % ممن لهم حق التصويت فى جمهورية مصر العربية، والذين يصل عددهم إلى 67 مليون ناخب. 

ومقارنة هذه النسبة مع سابقتها من نسب الحضور فى الانتخابات الرئاسية والتى كانت كالتالى: (2012: 46.4 %)، (2014: 47.4 %)، (2018: 41.1 %)، يكشف الفارق الواضح لصالح الانتخابات الأخيرة، ويؤكد النجاح الكبير الذى تحقق بهذا بالحضور المدهش للمصريين بأعداد غير مسبوقة لم تشهدها أى انتخابات سابقة، مع ملاحظة أن الفارق بين عدد المسجلين فى جداول الناخبين ممن لهم حق التصويت فى 2012 و2023 هو زيادة مقدراها 17 مليون ناخب.

 تقلص الباطل

وقد فاجأنى أيضا حصول مرشح حزب الوفد على المركز الأخير بين المتنافسين على منصب رئيس الجمهورية، فيما حزبه هو أقدم وأعرق حزب سياسى فى مصر، أما المفاجأة السعيدة، فقد كانت تقلص عدد الأصوات الباطلة إلى أقل من نصف مليون بنسبة وصلت إلى 1.1 %، وهو ما يعنى فشلا ذريعا لأى دعاوى للتصويت (الموجه) بمنطق عقابى، والذى أشيع عن نية بعض المعارضة لاتباعها، واتجاه فلول جماعة الإخوان (المحظورة) وبقايا مريديها للتصويت بنفس الأسلوب، ويعكس انخفاض النسبة عن الانتخابات السابقة بصورة ملحوظة (الأصوات الباطلة فى انتخابات 2018 بلغت 1.7 مليون صوت باطل بنسبة بلغت 7 %)، إلى هزيمة هذا المنطق السلبى، وانتصار لفكرة التصويت الإيجابى.

 حضور غزة

لا شك أن كلمة الرئيس التى أعقبت إعلان نتائج التصويت فى الانتخابات الرئاسية 2024، وفوزه بنسبة (89.6 %)، كانت موفقة جدا ومعبرة وملهمة ومبشرة، ورغم أن حضور غزة فى هذه الكلمة كان متوقعا، لكن التبكير بالحضور فى الفقرة الثانية من الكلمة، بالإضافة الى محتوى ما قاله الرئيس كان مفاجئا بالنسبة لى، مفاجأة لا تقل فى أهميتها عن إشارة الرئيس لاستمرار «الحوار الوطنى» ومنحه المزيد من الفاعلية. 

وكان الرئيس قد استهل كلمته بالتعبير عن سعادته بالمشهد الانتخابى ثم عبر عن عظيم تقديره وامتنانه «لكل المصريين الذين شاركوا فى هذا الحدث المهم، فى هذا الظرف الدقيق، والذى تواجه فيه الدولة.. حزمة من التحديات على جميع المستويات».

وانتقل الرئيس مباشرة صوب هدفه، قائلًا: «يأتى فى مقدمتها، تلك الحرب الدائرة على حدودنا الشرقية.. والتى تستدعى استنفار كل جهودنا للحيلولة دون استمرارها.. بكل ما تمثله من تهديد للأمن القومى المصرى بشكل خاص، وللقضية الفلسطينية بشكل عام، وكأن اصطفاف المصريين.. كان تصويتا للعالم كله.. من أجل التعبير عن رفضهم لهذه الحرب غير الإنسانية.. وليس لمجرد اختيار رئيسهم لفترة رئاسية، فى مشهد حضارى راق تضافرت فيه جهود الدولة - حكومة وشعبا - ليخرج بهذا المظهر المشرف.. والذى لم يشهد أية تجاوزات أو خروقات أمنية.. على الرغم من هذه الحشود غير المسبوقة».

 صعوبة التحدى

وضع غزة كهدف رئيسى لتصويت المصريين كما أشار الرئيس، يعكس أثر ما يجرى على الأراضى الفلسطينية المحتلة فى قادم أيامنا، خاصة فى ظل صعوبة إيقاف عجلة الحرب، أو وضع حد لشهوة الانتقام المسيطرة على العقلية الصهيونية، والجنون المهيمن على صناع القرار الإسرائيلى، والتواطؤ الغربى والتدليل المستمر لدولة احتلال ومنحها كل الوسائل المساعدة لاستكمال جريمتها الجديدة، بالإضافة إلى العجز الأممى والعربى فى كبح هذا الطوفان المضاد الذى تسبب فيه طوفان حماس فى السابع من أكتوبر الماضى. 

وبرغم تمسك مصر بالسلام كخيار استراتيجى لكن هذا لم يمنعها (فى أى وقت) من وضع تصورات لجميع الاحتمالات فى شكل العلاقة المستقبلية مع إسرائيل، فالدولة المصرية حريصة على ردع أى تهور إسرائيلى، بالتسليح الحديث لقواتها المسلحة وتطويرها الدائم، مع استمرار الحفاظ على التوازن والرشد فى علاقاتها مع كل دول العالم، دون إخلال بسيادة الوطن وسلامة أراضيه، ويحسب للجيش المصرى والرئيس عبدالفتاح السيسى، تجديد هذه الجاهزية وهذا الحضور بشكل مستمر ووفق خطط مدروسة.

 استمرار الحوار

تمثل إشارة الرئيس عن «الحوار الوطنى» واستمراره وزيادة فاعليته، دفعة قوية لقطار التنمية السياسية كى ينطلق فى طريقه مستكملا بناء النظام السياسى للدولة المصرية فى الجمهورية الجديدة.

كما أكدت الانتخابات أهمية الأحزاب ومحورية دورها فى أى إصلاح سياسى نترجاه،  وحان الوقت لأن تصلح الأحزاب نفسها ونتوقع أن يتدخل البرلمان بإصدار قانون جديد ينظم عملها ويضع لها ضوابط تضمن استقرارها المالى والإدارى،  وتحكم وضعها القانونى كأى مؤسسة وطنية محترمة. 

وظنى أن مصر سوف تستثمر بشكل كبير ما تم إنجازه وتوظف الزخم الذى أحدثته الانتخابات بتنقية الحياة الحزبية ووضعها فى سياق عصرى يليق بالمستقبل، وتحرير العمل السياسى والسماح الدائم بجميع الفعاليات الجماهيرية من ندوات ومؤتمرات،  لكى نضمن بقاء الأحزاب فى الشارع، مكانها الطبيعى بين الشعب تتفاعل معه وتؤثر فيه وتلبى مطالبه.