الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مستشارون وساسة من برلمانات أوروبية ومؤسسات بحثية أمريكية لـ«روز اليوسف»: رسالة «المصريين» وصلت إلى العالم

رغم أن انتخابات المصريين فى الخارج، كان لها بالغ الأثر، فى توضيح حقائق ارتباط المصريين بوطنهم حتى لو كانوا بعيدين عن الأرض والحدود، فإن ما حدث فى الداخل فى انتخابات رئاسة الجمهورية 2024 أيام 10 و11 و12 ديسمبر الجارى، حمل العديد من المواقف والمشاهد التى دفعت المراكز البحثية ومؤسسات الفكر ومنابر السياسة فى أوروبا وأمريكا، إلى الاهتمام بالبحث والتدقيق لفهم ما حملته رسالة «الناخب» المصرى إلى العالم أجمع فى الإقبال التاريخى على صناديق الاقتراع، الذى لم يكن متوقعًا خروجه بهذه النسب من المشاركة، لاسيما أنها قدمت عدة مفاجآت من بينها الظهور اللافت للشباب داخل اللجان وفى محيطها، وفى ظل وجود متابعة من جانب مؤسسات دولية وإقليمية ومحلية لسير العملية الانتخابية فى جميع أنحاء البلاد، وترك الصورة حرة أمام عدسات وسائل الإعلام العالمية والعربية، إلا أنه لم يتم رصد شائبة واحدة أو تجاوز يذكر، فى ظل انتخابات يشارك فيها 67 مليون ناخب على مستوى 27 محافظة عبر 11 ألفًا و631 لجنة فرعية.



«السر» محل بحث من جانب المهتمين بالخارج وما أكثرهم من جهات ومراكز ومؤسسات سياسية، ولكن الأمر ليس أكثر من «رسالة»، وذلك بحسب مستشارين وساسة وباحثين فى برلمانات ومراكز وجامعات أوروبية وأمريكية، استطلعت «روز اليوسف» آراء البعض منهم، والبداية من «برلين» مع المستشار السياسى لحزب اليسار فى البرلمان الألمانى لشئون الشرق الأوسط وأستاذ العلاقات الدولية، د.عبدالمسيح الشامى، الذى أكد أن الانتخابات المصرية كانت محط اهتمام كبير من وسائل الإعلام الأوروبية نظرًا لأن مصر بلد مهم وموقع تقدير كبير فى الغرب على الصعيدين الرسمى والشعبى، موضحا أن وسائل الإعلام توقعت أن يكون هناك تأثير سلبى للأحداث الجارية فى غزة وفى المحيط على الانتخابات الرئاسية، ولكن سير العملية الانتخابية بشكل هادئ ومنظم والإقبال الكبير على المشاركة بدد كل هذه التوقعات، وحتى تلك المنابر التى كان لها توقعات سلبية تغيرت نبرتها نظرًا للإقبال الكثيف والمنظم على الانتخابات بشتى مناطق البلاد.

ولفت «الشامى» إلى أنه من حيث المبدأ، أثرت حرب غزة بشكل مباشر على رأى وتصرف الناخب المصرى الذى يتفهم أن ما يجرى فى القطاع له تأثير مباشر وكبير على مصر ووضعها السياسى والأمنى والاقتصادى، نظرًا لوجود مخاطر مرتبطة بملفات الأمن القومى للدولة ومساعى تبديد القضية الفلسطينية على حساب مصر، الأمر الذى أظهر مدى ما يتميز به المواطن المصرى من وعى سياسى متقدم ناضج حتى فى الصعيد والريف، لذلك هناك تفهم لخطورة الوضع، تحول إلى «عناد» لحماية مقدرات بلاده وأمنها.

وأردف: «رجل الشارع البسيط، الشاب والمرأة والفلاح، كل الفئات والأعمار تتفهم مدى احتياجها للاستقرار الذى أصبح عملة نادرة فى الشرق الأوسط، تدرك قيمة الدولة بمؤسسات قوية قادرة على حماية شعبها، هذا ما يريده الناخب المصرى، يعانى من أزمة اقتصادية ويجهر بها فى العلن ولكن بينه وبين ذاته فهو متطلع على العالم ويدرك أنها أزمة اقتصادية عالمية وعلى علم بأسبابها من وباء ثم حرب بين روسيا وأوكرانيا وصولا إلى أزمة غزة وما يحيط كل ذلك من صراعات أقطاب دولية».

وتابع: «وسط كل هذه المعطيات، وجد الناخب المصرى ضرورة فى قيادة قادرة على التعاطى مع جميع الأبعاد والمخاطر التى تحيط بالدولة، يستكمل البناء الذى لا يكون دون مقابل، هذا البناء الذى أعاد دولة منهارة إلى وضع مستقر، من الصعب أن يأتى أحد فى ظل ظروف إقليمية دولية متوترة وتحول العالم من قطب واحد إلى أقطاب متعددة، ومصر أبلت بلاءً حسنًا فى حجز موقع لها فى التقاطعات العالمية عبر سياسات دولية بدون تصادم».

وأشار «الشامى» إلى أن المصريين خرجوا للتصويت لوطنهم، وهذا الإقبال يدل على وعى سياسى وأيضا حركة للشارع الذى تحتضنه الدولة، والخروج بالانتخابات بهذا الشكل نجاح للدولة وتفوق لوعى الشارع.

وننتقل إلى الباحث فى السياسات والعلاقات الدولية بجامعة ليبرتى فى فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ماركو جيمى، الذى قال إن المراكز البحثية ومؤسسات المجتمع المدنى فى أمريكا، سوف تقف كثيرًا على أسباب نسبة المشاركة غير المتوقعة بهذا الشكل فى انتخابات الرئاسة فى مصر، فهى تهتم للغاية بهذا الحدث، وتدرك جيدا جميع العناصر المحيطة بهذا الاستحقاق لاسيما أن الانتخابات تمت متابعتها من منظمات وجمعيات إقليمية ودولية بجانب المحلية، وأية سبل لتقديم صورة غير حقيقية أو السعى لتشويه المشهد الانتخابى، محكوم عليه بالفشل نظرًا لأن الإقبال الكبير من المواطنين حقيقى ولم يخضع أى ناخب لضغوط أو ممارسات دفعته دون إرادته للمشاركة أو اختيار مرشح بعينه، ولو كان حدث ذلك، فمن السهل فضح الأمر لاسيما أن عدسات وسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية تحركت للرصد فى مختلف اللجان دون أى عرقلة أو منع.

واستكمل «ماركو» قائلا: «مؤسسات المجتمع المدنى والمراكز البحثية والدوائر السياسية فى أمريكا، تنظر لهذه الانتخابات على أساس عدة اعتبارات، منها أن نسبة المشاركة تعطى استمرارية بأن تظل مصر كما هى ذات قرارات حاسمة، وما يهمها هنا الشأن الخارجى من حيث تعامل القيادة المصرية وبالتالى حماية أمنها القومى واستقرارها الداخلى وإطفاء حرائق عدة تشتعل فى المنطقة»، موضحا أن نسبة المشاركة التى كان معلومًا أنها ستحقق رقمًا كبيرًا، ولكن ليس بالشكل الذى ظهرت عليه من حيث التكدسات، فى حين أن عملية الانتخاب ليست معقدة، لاسيما مع تنوع الفئات، ووسط رصد ما حدث فى محيط اللجان وأمام الصناديق، كل ذلك ينعكس على شرعية عمل رئيس الجمهورية الذى تساهم تلك المشاهد المترجمة إلى أصوات فى التعبير عن كونه ممثلا لإرادة الشعب مما ينعكس على الأدوات التى يمتلكها فى التعامل مع ملفات السياسة الخارجية والأمن القومى، فى ظل التعامل مع الملف الذى سيتحدد على أثره مستقبل الشرق الأوسط والعالم أجمع، وهو ما يخص رفض التهجير لأهالى قطاع غزة، والحفاظ على الأمن القومى للبلاد والتمسك بالدور المصرى فى حل القضية الفلسطينية، وملفات أخرى متشابكة ومعقدة ستظهر مستقبلًا، على وعى بها المصريون بشكل جيد.

وأكد «ماركو»، أن المراكز البحثية الأمريكية ستنشغل بأسباب نسب المشاركة فى انتخابات الرئاسة بمصر، فهذا أمر يهمها للغاية ويهم جميع المستويات فى الولايات المتحدة خاصة أن العملية الانتخابية لم يشوبها أية شائبة، مشيرا إلى أن هناك نقاطًا مهمة من الممكن مبدئيا أن نرجع إليها حجم المشاركة الكبيرة، نقول منها إن الشارع لديه طاقة بسبب ما يحدث ومستمر فى غزة، هناك مخاطر من كل الجهات والمواطن على وعى بذلك، ووجد ضرورة من توصيل رسالة بتماسك الدولة، هذا الوعى ظهر جليًا فى تكدس الشباب على اللجان بشكل غير معتاد عليه فى السابق، ليس من الضرورى الاتفاق على كل شيء، ولكن ما ظهر أنه لا يوجد أهم من الاتفاق على حماية بلدهم المهدد من حدوده الثلاثة فى ظل الاقتناع التام بأن أمنه مصان، وأرادوا توصيل رسالة للمجتمع الدولى بأن القرار الرسمى للدولة مدعوم بالإجماع الشعبى.

فيما أوضح أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية، د.خالد العزى، أن متابعته للمشهد الانتخابى فى مصر لم تتكون عبر القنوات المصرية فقط ولكن أيضًا من خلال قنوات ومواقع عربية ودولية، قدمت مدى الإقبال الكثيف، مشيرا إلى أن الناخب وجد بشكل كبير أن المشروع الأفضل ما قدم من المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى، مما لعب دورًا كبيرا فى الذهاب للتصويت لرجل دولة لمرحلة صعبة، بعدما أظهر بقوة حماية للأمن القومى وموقفه الريادى الصارم لدعم القضية الفلسطينية وإفشال خطط أمريكا وإسرائيل بتهجير الفلسطينيين وما حدث من قدرة على إدخال المساعدات الإنسانية، وهذا انعكس إيجابيا على رأى المواطن الذى يعانى من ضيق اقتصادى، ولكن الاستقرار السياسى والأمان هو سيد الموقف لينعكس على التصويت، وتكون المفاجأة بأصوات جاءت لتؤكد ثقتها بالقيادة الحالية وطمعًا فى الاستقرار وعدم السماح بالفوضى وهذا أمر يحتاجه الناخب فى ظل ما يراه من حوله فى المنطقة، ومن هنا كان الإقبال والازدحام الفعلى بطوابير لم يكن لها استعداد أو احتواء بقدر حجم الكثافة أمام اللجان فى كل المحافظات وصولا إلى المناطق الحدودية، والغريب أن مع كل هذا الازدحام، لم نر مشهدًا من الممكن أن يستغل بأى شكل، للحديث عن أية تجاوزات.

واستكمل: «الناخب تحرك سريعا بصوته وهو على اقتناع بأن الكساد الاقتصادى منتشر فى العالم أجمع، وهذا ما جعلهم يتفهمون ويذهبون إلى الصناديق بهذا الشكل مبكرًا من أول ساعة وكأن الأمر مسئولية يريد الناخب أن يزيحها من على أكتافه بوضع صوته بالصندوق، من الطبيعى إذا كان هناك ازدحام كبير يكون فى اليوم الثالث والساعات الأخيرة ولكن ليس باليوم الأول الثانى، وتخرج جهات مسئولة فى مصر فى اليوم الأول تتحدث عن أنه مع الإقبال سيكون هناك عمل فى اللجان لحين تصويت آخر ناخب حضر إلى المقر قبل التاسعة مساء»، مشيرا إلى أن تقديرات الإقبال قبل الانتخابات ربما كانت غير دقيقة من حيث كثافة الإقبال، ولكن هذا المشهد المتعلق بعدم التقدير الدقيق للكثافة، ينعكس لصالح الدولة.

وتطرق «العزى» عن وقوفه أمام إقبال الشباب الذى فى مخيلتنا لا يهتم سوى بالشكليات وليس المضمون، مشيرا إلى ربطه بما ظهر من وعى الشباب المصرى الذى لم يكن بهذا الشكل فى مناسبات وأحداث سابقة، مرجعًا ذلك إلى ما وصفه بـ«الخطاب المواكب» لطريقة تفكير الشباب، تنفذه بشكل مميز بحسب متابعتى «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» عبر قنواتها الإخبارية، ليتحرك الشباب مقتنعا بملفات وتهديدات تحاصر بلاده وأيضا تطور تنموى فى بلاده بجميع القطاعات والنواحى الجغرافية يعلم جيدا أنه مستفاد منه على المدى القريب، فضلا عن تعاطيه مع ما يحدث فى غزة، فتقديم الشباب حماسًا فى أيام الانتخابات أمام الصناديق، بمثابة أقوى رسالة للخارج بأنه على وعى وحاضر لمواجهة أية مخاطر تتعلق ببلاده، ليس من الضرورى أنهم مؤيدون أو لا يعانون من بعض المشاكل ولكنهم وجدوا المنفعة فى التصويت واختيار فائز من 4 مرشحين، متفهمين حالة التنمية التى تحدث فى جميع الأنحاء وأن الأمر سينعكس عليهم فى الفترة المقبلة فى فرص عمل أو تحسن فى المعيشة مقارنة بما يجدونه حولهم من توتر إقليمى أو صعوبات اقتصادية فى دول كبرى صناعية والأهم من كل ذلك، أن يظل بيته محفوظًا وماله مصانًا.

وتابع: «وسط كل هذه المعطيات، وجد الناخب المصرى ضرورة فى قيادة قادرة على التعاطى مع جميع الأبعاد والمخاطر التى تحيط بالدولة، يستكمل البناء الذى لا يكون دون مقابل، هذا البناء الذى أعاد دولة منهارة إلى وضع مستقر، من الصعب أن يأتى أحد فى ظل ظروف إقليمية دولية متوترة وتحول العالم من قطب واحد إلى أقطاب متعددة، ومصر أبلت بلاءً حسنًا فى حجز موقع لها فى التقاطعات العالمية عبر سياسات دولية دون تصادم».