الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. كلمة السر فى إقبال المصريين على انتخاب رئيسهم عدالة المنافسة

الطريق الثالث.. كلمة السر فى إقبال المصريين على انتخاب رئيسهم عدالة المنافسة

كان مشهد انتخابات الرئاسة المصرية 2024 بديعًا، بالحضور البهى للمصريين الذين تزينت بوجودهم اللجان الانتخابية فى جميع ربوع المحروسة، وازدحمت بأصواتهم الصحيحة صناديق الاقتراع، ليسجلوا رقمًا قياسيًا جديدًا فى الوطنية والانتماء والوعى برغم كل ما يواجه الوطن والمواطن على المستوى الفردى والجماعى من تحديات ومصاعب، ومخاطر تحاصر حدوده من جميع الاتجاهات.



أدرك «المواطن المصرى» بحدسه السياسى ووعيه الحضارى نزاهة الانتخابات، وظنى أن كلمة السر وراء هذا الظهور البليغ خلال أيام 10، 11، 12 كانت فى تطبيق مبدأ «عدالة المنافسة» لأول مرة فى تاريخ الحياة السياسة المصرية، والذى تحقق بمشاركة أربعة متنافسين على منصب «رئيس الجمهورية»، وإجراء الانتخابات تحت إشراف قضائى كامل وهو ما ضمن نزاهتها.

>الشعب المعلم والقائد

كما لا يمكن إغفال محفزات أخرى مؤثرة حركت الجماهير بحماس غير مسبوق فى مقدمتها ما تحقق من إنجازات خلال عشر سنوات أعقبت ثورة «30 يونيو» فى جميع مناحى الحياة، وأخيرًا فإن مشاعر القلق على الوطن التى تزايدت فى الشهرين الأخيرين منذ اندلاع الحرب فى غزة، أسهمت بقدر كبير فى زيادة حرص المواطن على تأدية واجبه تجاه مصر، والمشاركة الإيجابية فى رسم مستقبلها، ويجعلنا ما قام به المصريون فى صياغة هذا المشهد الوطنى الفريد، نستدعى  الوصف الناصرى المعبر، ونؤكد معه أن الشعب المصرى كان ولا يزال هو المعلم والقائد.

> كثافة التصويت

ولكن، ما الذى يعنيه الإقبال الكبير على التصويت فى الانتخابات الرئاسية 2024؟

ما جرى فى الداخل والخارج فى المشهد الانتخابى هو شهادة نجاح وتفوق للدولة المصرية، لأن هذه الانتخابات كانت الفصل الأهم من فصول خطة الإصلاح السياسى التى جرت وتجرى فى «بر مصر» كجزء من رؤية الدولة للتنمية السياسية الشاملة، وكان أيضًا بمثابة تصويت إيجابى لصالح عدة معانى وأفكار  مهمة.

فقد كان هذا الإقبال التاريخى المشهود تصويتًا لصالح الدولة الوطنية «دولة 30 يونيو»،  تصويتًا إيجابيًا على كل منجزاتها وكل مواقفها الوطنية،  تصويتًا يرفض التهجير ويعلن نصرة الشعب الفلسطينى،  تصويتًا للسلام كخيار استراتيجى، تصويتًا للعاصمة الإدارية الجديدة وقناة السويس الجديدة،  وكل جديد تم تشييده فى رحلة  مصر خلال هذه السنوات العشر، تصويت تحية إجلال وتقدير لشهداء مصر الذين سقطوا فى حربها على الإرهاب، تصويتًا ضد تديين الدولة وعدم قبول أى من التنظيمات أو  الجماعات القائمة على أساس دينى ضمن النسيج الوطنى المصرى، وأخيرًا التصويت  للجمهورية الجديدة وكل مسارات التنمية التى تقودنا إليها.

دور الدولة المصرية

نجحت الدولة المصرية بتفوق فى تحقيق هذا الإنجاز، بإجراء انتخابات تعددية تحت مظلة وطنية، بدون مشكلات أو أخطاء تذكر، وتحقق ذلك عبر ثلاث محطات رئيسية: 

1 - «تهيئة المناخ السياسى»..  بإعادة فتح المجال العام، بدأ ذلك عقب إعلان رئيس الجمهورية فى إبريل 2021 عن  تدشين المرحلة الأهم من «الإصلاح السياسى»، وتحول الإعلان ودعوة الرئيس للحوار إلى رؤية استراتيجية وهدف مصيرى، عملت عليها كل أجهزة وقطاعات الدولة المصرية.

2 - تأصيل «حالة الحوار»..  بهدف الاتفاق على أجندة واضحة للتحديات التى تواجه الوطن، وهو ما شكل أرضًا صلبة وقفت عليها القوى السياسية بمختلف اتجاهاتها فذابت المشاكل وتلاشت الخلافات، وأدرك الجميع قيمة ما يجرى إنجازه.

3 - تحقيق «الاصطفاف الوطنى» خلف الدولة، هو الذى أحدث طفرة فى مسار التنمية السياسية، وترسخت بفضله الثقة فى الموالاة والمعارضة، فاختبرت الأحزاب الكبيرة التى استعادت بالمنافسة إبراز قوتها، كما اكتشفت المعارضة قدرتها على التأثير، وظهرت تحالفات وكيانات سياسية جديدة، لها وجهات نظر مختلفة فى شكل إدارة الدولة وبرامج الحكومة وسياستها، وتم طرح ومناقشة كل هذه الآراء بحرية، مما  أعاد الحيوية والعافية للحياة السياسية.

الدور الشعبى

بفضل ما تم إنجازه على مسار التنمية السياسية نضجت مكونات المشهد السياسى من أحزاب وكيانات وتحالفات، وحققت تطورًا يتماهى مع الفرصة التاريخية التى تهيأت بانفتاح المجال، وخلال الفترة الممتدة من الحوار الوطنى إلى الانتخابات الرئاسية،  انتعشت الحياة السياسية، وعادت وجوه قديمة للعمل، وبرز جدد من أفراد ومجموعات أثروا جميعًا المشهد وأسهموا فى تميزه، وهو ما ظهر أثره فى حشد الجماهير خلال فترة الدعاية الانتخابية أو فى أيام الانتخابات، وفى كل الممارسات والفاعليات والمؤتمرات الحزبية التى جرت خلال هذه الأيام.

وبإتاحة مناخ المنافسة تقدمت الأحزاب بمرشحين من العيار الثقيل بما يليق بالمنصب الكبير، منصب رئيس الجمهورية،  ثم خاضت الأحزاب والقوى السياسية فترة دعاية مؤثرة ومهمة وعادت للشارع من جديد واشتعلت محافظات مصر بالمؤتمرات الجماهيرية، ولم يمر يوم فى شهر الدعاية دون حشود بالآلاف تجتمع على السياسة وتتحدث فى السياسة وتمارس السياسة،  دون أن تسجل مخالفة أو مشاجرة أو مشاحنة،  ودون أن تحرر حادثة أو سرقة أو تحرش أو أى مظهر سلبى.

ثم كانت الأيام المشهودة،  أيام التصويت فى الخارج ثم الداخل،  والتى سطر بها المصريون ملحمة مبهرة،  تجلى فيها جين الحضارة المصرية،  وظهرت عبقرية الشخصية الوطنية للشعب المصرى، الذى يستقبل مع العام الجديد هذا الحدث السعيد.

عدالة المنافسة

المنافسة العادلة، مصطلح اقتصادى استدعيته لملعب السياسة، لأننى أراه مدخلاً مناسبًا لوصف المشهد الانتخابى فى مصر وللحديث عن مستقبلها، هو استدعاء مقصود أتمنى أن يعقبه استفادة وتوظيف لعدد من المفاهيم الاقتصادية فى مجال العمل السياسى، وهى مفاهيم مفصلية يتحقق بها الحياد والنزاهة لرفع كفاءة الحياة السياسية ودعم مسارات التنمية فيها.

ولعل أهم ما ستقدمه لنا هذه المنافسة العادلة، هو الشعور بالرضا العام عند جموع المصريين المشاركين فى صناعة هذا الإنجاز، وزيادة قدراتهم على تحمل التحديات فى مواجهة الصعاب، وارتفاع معدل شعورهم بالوطنية والانتماء، ورغبتهم فى المحافظة على دولتهم مستقرة آمنة، وهى أمور يعول عليها الكثير فى تحمل قادم الأيام وما تحمله للوطن من أخطار لاحت فى الأفق.

ختامًا، ونحن نحتفى بهذا الحدث العظيم، لن ننسى الملهم عليه، وقائد مسيرة الوصول إليه، الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى تصدى للمهمة الوطنية فى ظروف صعبة وتحمل المسئولية بشجاعة، ووعد فأوفى، حافظ على الوطن وسلامة أراضيه، وقاد مسيرته نحو الإصلاح والبناء والنهضة والتنمية، وحقق لمصر استقرارًا وأمنًا وللمصريين الطمأنينة والحياة الكريمة.

نبارك للمرشح الفائز، رئيس مصر وبطلها، حفظه الله وبارك له وأرشده إلى خير الأمة وصلاح أحوالها.>