الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى اليوم العالمى للغة العربية: أم كلثوم والقصيدة الشعرية.. حكاية غرام تنير تاريخ الغناء العربى

(عَبِقُ  السِّحْرِ كَأَنْفَاسِ الرُّبَى .. سَاهِمُ الطَّرْفِ كَأَحْلاَمِ المَسَاءْ)، بصوتها المتفرد دونت أم كلثوم قصة غرامها مع اللغة العربية، وبكلاسيكيتها الهادئة منحت حروفها الوقار، وكشفت عن جماليات قصائد الشعراء، وفى هذه الأبيات مزجت بين لوعة الحب فى أشعار إبراهيم ناجى البديعة، وعذوبة ألحان رياض السنباطى الدافئة لنجدنا أمام رائعة (الأطلال) تلك القصيدة التى أنارت بها تاريخ الغناء العربى.



هى ليست مجرد قصيدة، إنها واحدة من روائع الزمن الجميل التى تعيد بناء مفهوم الهوى، وتغوص فى بحور الشجن ربما تعثر على دليل يداوى المحب وينقذ قلبه من قيود الحب المسكون بالآهات، وتجمع بين أصالة الطرب، وبراعة النصوص، وعبقرية الصوت، ورقى  اللغة العربية التى يحتفى العالم بيومها العالمى فى الثامن عشر من ديسمبر الجارى.

وتزامنًا مع ذلك الاحتفال، تحدث د. أحمد يوسف مؤلف كتاب (أم كلثوم، الشعر والغناء)  عن طبيعة النصوص الشعرية التى غنتها أم كلثوم، وكشف لـ«روزاليوسف» عن عبقريتها فى  الانتقاء، التأليف، والغناء.

 الأطلال عبقرية الاختيار

وراء اختيار قصيدة الأطلال عبقرية يقول عنها د. أحمد يوسف: «تركت أثرًا غنائيًا عظيمًا، حيث تعد علامة فريدة فى عالم غناء القصيدة الشعرية، واختارت أم كلثوم أبياتها من قصيدتى الأطلال والوداع، وانحيازها لغناء تلك القصيدة كان انحيازًا واضحًا منذ بداية حياتها فى عالم الغناء حتى قبل رحيلها إلى القاهرة، فقد اقتفت درب أستاذها الشيخ أبو العلا محمد حتى وفاته».

وعن رؤيتها الفنية للقصائد يضيف: «عرف عن كبار المغنين فى حياتنا المعاصرة أنهم يؤدون ما يوضع لهم من ألحان لكلمات يؤلفها شعراء الفصحى أو العامية، ويأتى تدخل هؤلاء فيما يغنون فى إطار محدود يقتصر على قبول النص الشعرى أو رفضه، أو قد ينطوى على تعديل طفيف لكلمة هنا أو هناك من كلمات النصوص الشعرية الغنائية، ولم يكن مألوفًا ولا معروفًا أن يعلن المغنى موقفه الصريح فيختار من النصوص ما يختار، ويقبل منها ما يقبل وفق رؤية فكرية واجتماعية تحدد علاقته بمجتمعه العربى، وصلته بمجتمعه الإنسانى، إلا أن أم كلثوم استطاعت ممارسة هذا الدور بوعى، رؤية واقتدار فى كل ما قدمته من قصائد شعرية».

 أم كلثوم بعث جديد للشعر

وعن كيفية إحياء نصوص الشعراء بعد رحيلهم يفسر: «اختارت أم كلثوم أن تغنى لبعض الشعراء حتى بعد رحيلهم، واستدعت شعرهم وكأنه بعث جديد، ولما لم تكن قصائد هؤلاء الشعراء مكتوبة للغناء أو لقالب القصيدة المغناة، فقد بزغت رؤيتها الفنية فى اختيار النص وتكوينه وبناء وحداته من بين عشرات الأبيات التى كتبها الشاعر فى قصيدة مثل (نهج البردة) أو(النيل) أو(ولد الهدى) أو (الأطلال) وغيرهما، ومن ثم غنت أم كلثوم القصيدة التى هى شكل من أشكال الغناء، والقصيدة التى لم يكتبها صاحبها للغناء، وكونت نصها ووفرت له وحدته من حيث التماسك النصى، الموضوع والرؤية». 

 دور أم كلثوم النقدى لإثراء اللغة العربية  

 ويوضح د.أحمد يوسف دور أم كلثوم النقدى لإثراء اللغة العربية قائلا: «يتجلى فى غناء القصيدة، اختيارها، تكوينها، بناء وحداتها، رسالتها إلى المتلقين، وفى إثراء اللغة العربية وتقريبها إلى أذواق المستمعين على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية وهو دور ظاهر لا ينكر، ويتجسد فى  قصيدة (مصر تتحدث عن نفسها) للشاعر حافظ إبراهيم، وقصيدة (الأطلال) للشاعر إبراهيم ناجى وغيرهما من القصائد».

 90 نصًا لـ50 شاعرًا  

وفيما يتعلق بعدد القصائد التى تغنت بها يؤكد بأن هناك العديد من الألوان الشعرية تغنت بها أم كلثوم ويأتى فى المقدمة الشعر الوطنى، الدينى والعاطفى وبلغ مجموع ما غنته من القصائد أكثر من تسعين نصًا لخمسين شاعرًا  بدءًا من عيون الشعر العربى فى القرن الثالث الهجرى، فقد جسدت قصائد الكثير من الشعراء المصريين، والعرب وغيرهم من خارج الثقافة العربية مثل عمر الخيام ومحمد إقبال.

 شوقيات أم كلثوم بين التلقى

 وتاريخ الأدب 

وحول غناء أم كلثوم  لقصائد أحمد شوقى يؤكد د. أحمد يوسف: «آثرت أم كلثوم أحمد شوقى بغناء كبريات قصائده بداية من سلو قلبى مرورًا بـ ولد الهدى، نهج البردة، النيل، والسودان وصولًا لـ سلوا كـؤوس الطلا، وبعد رحيله صنعت له بعثًا جديدًا لم تخفت أنواره حتى الآن». 

 وعن ارتباطها بغناء القصيدة يشير: «لعل أبرز مثال يبين حرصها على غناء القصيدة هو غناؤها لـ بكر بن النطاح، وعباس بن الأحنف وهما من شعراء القرن الثالث الهجرى، وللشاعرين الشريف الرضى، وأبوفراس الحمدانى وهما من شعراء القرن الرابع الهجرى، فضلًا عن غنائها لـ عبدالله الفيصل، والهادى آدم، وجورج جرداق، ويكفى أنها غنت قصيدة (وحقك أنت المنى والطلب) فهى تعد من أجمل قصائد الغزل لشيخ الأزهر عبدالله الشبراوى».