الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تحذير أزهرى من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة بسبب جرائم الاحتلال فى الضفة والقدس الأزهر: شعارات الديمقراطيَّة وحقوق الإنسان قُبرت مع شهداء فلسـطين

لا تزال القضية الفلسطينية هى المسيطرة على نشاط مرصد الأزهر فى تتبع جرائم الكيان الصهيونى، وتحليل ما يمكن أن ينتج عن استمرار الاحتلال الصهيونى فى جرائم العدوان على الفلسطينيين، حيث أفاد مرصد الأزهر أن الاحتلال الصهيونى يستهدف حاليا الضفة الغربية والقدس المحتلة.



وقال فى أحدث تقاريره إنه منذ بدء المجازر الصهيونية التى ينفذها الاحتلال فى غزة، وما تشملها من إبادة جماعية، وتهجير ممنهج من أراضى القطاع، وسلطات الكيان المحتل تستغل انشغال الزخم الإعلامى العالمى بما يدور فى غـزة للإجهاز على الضفة الغربية والقدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك.

إذ تعمل فى حربها على سكان الضفة الغربية والقدس، عبر خطوط متوازية، هدفها الرئيس هو خلق بيئة للتهجير القسرى، وهو الهدف الذى تردد كثيرًا فى الآونة الأخيرة داخل الإعلام الصهيونى، ضمن مخطط يقضى بتهجير سكان الضفة إلى الأردن، عقب الانتهاء من تهجير سكان غـزة إلى سيناء، ليتم بذلك القضاء على حق الفلسطينيين فى العيش حتى على جزء من أراضيهم المغتصبة.

وفى ضوء ذلك، سلط مرصد الأزهر على عدد من الأرقام التى تعكس الوضع الحالى فى الضفة الغربية والقدس منذ بدء مجـازر غـزة أولها أنه منذ 7 أكتوبر وصل عدد الشهداء الفلسطينيين إلى 260 شهيدًا، لترتفع حصيلة الشهداء منذ بداية عام 2023م إلى 468 شهيدًا، مع تحويل الاحتلال أجزاء معينة من الضفة، مثل مخيم جنين، إلى مناطق حرب غير معلنة.

ولفت إلى أنه ‏بلغ عدد المعتقلين 3.480 أسيرًا، وما زالت حملات الاعتقال تنفذ كل دقيقة. وفى خطوة استفزازية؛ منعت سلطات الاحتلال الطلاب المقدسيين المفرج عنهم خلال الصفقة الأخيرة من العودة إلى مدارسهم بالقدس الشرقية، كما ‏تزايد جرائم المستوطنين المُسلحين بحق سكان الضفة الغربية العُزّل، وقام نحو 5 آلاف مستوطن باقتحام باحات الأقصى المبارك، بينهم عدد كبير من الجنود الصهاينة مرسوم على زيهم العسكرى «الهيكل المزعوم»، إضافة إلى الدعوات لهدم الأقصى المبارك وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، تزامنًا مع فرض حصار خانق لمنع الفلسطينيين من دخوله.

وشدد مرصد الأزهر على خطورة تزايد النشاط الاستيطانى فى الضفة، حيث صدقت سلطات الاحتلال على بناء حى استيطانى جديد شرقى مدينة القدس، يحمل اسم «مشروع القناة السفلى»، وسيشهد بناء نحو 1.792 وحدة استيطانية على نحو 186 دونمًا من الأراضى الفلسطينية.

وأوضح أنه تتمثل خطورة هذا الحى فى كونه سيقطع التواصل الجغرافى بين جنوب الضفة والقدس، كما أنه أول حى رئيس يوافق عليه منذ عام 2012م؛ الأمر الذى يحمل رسالة معينة مفادها أن الاحتلال يسعى بكل قوته إلى القضاء على أى بارقة أمل لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

وحذر مرصد الأزهر من أن جرائم الاحتلال فى الضفة والقدس، قد تؤدى إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة فى الضفة والقدس المحتلتين، فى الوقت الذى يحاول فيه العالم الحر وقف المجازر التى تنفذ فى قطاع غزة، والتى راح ضحيتها أكثر من 16 ألف شهيد، بينهم أكثر من 7 آلاف طفل بخلاف آلاف المفقودين تحت الأنقاض.

ويكرر المرصد تأكيده على أن الحل الوحيد الذى يقبله الفلسطينيون، ويرتضيه أصحاب الضمائر الحيّة، هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيرهم على أراضيهم المغتصبة، وهو الحل الذى يحقن الدماء الفلسطينية الزكيّة التى تُسفك كل ثانية على مرأى ومسمع من العالم أجمع فى ازدواجية معايير صارخة قد تكون الأكثر عارًا فى التاريخ.

 تجريد النازحين من ملابسهم

كما تابع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف- بكل أسف- مشاهد إجبار قوَّات الكيان الصـهيونى الإرهابى غير الإنسانية لتجريد النازحين الفلسطينيين من ملابسهم، واقتيادهم إلى مكان مجهول شبه عرايا، وتناقلها عددٌ من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعى، فى انتهاكٍ جديدٍ يضاف لسجلات جرائم هذا الكيان الإرهابى المسموم، ويبرهن للعالم أجمع حقيقةَ هذا الكيان المغتصب لحقوق الفلسطينيين، وتجرده من أىّ إحساس بالرحمة والإنسانية ومن كل معانى الأخلاق.

ويسجل الأزهر إدانته الشديدة لكلِّ المذابح والمجـازر الـوحشية التى يقترفها الكيان الصهيونى الإرهابى فى حق المدنيين العزل والنازحين من أبناء غزة أمام أعين المجتمع الدولى ومنظماته الحقوقية، التى ما زالَت تتعمد دفن رؤوسها فى الرمال، أمام تلك الجرائم المفزعة، مؤكدًا أن تلك الجرائم هى وصمة عار فى جبين الإنسانية والمجتمع الدولى، وشاهد عيان على ضعف هذا الكيان الإرهابى ووحشيته فى آنٍ واحدٍ، وأنه سيلاحق كل من يقفون خلف هذا الكيان ويدعمونه، مشددًا على أنَّ كل شعارات الديمقراطية المزعومة وحقوق الإنسان المزيفة، قُبرَتْ مع شهداء فلسـطين.

 ويشدِّد المرصد على أن تجريد النازحين الأبرياء من ملابسهم تحت تهديد السلاح والخوف، يعود بالإنسانية إلى عصور الظلام التى يقضى فيها على إنسانية الإنسان، ويعامل فيها معاملةً لا إنسانية، وأنَّ هذه المشاهد هى جريمة حرب، فحتَّى الأسرى فى الحروب لهم حقوق كما قررتها المواثيق الدولية، وكما سبق إليها ديننا الحنيف إذ يقول تعالى فى القرآن الكريم: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: ٨]، ويقول رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم: «اسْتَوْصُوا بالأُسَارَى خَيْرًا» رواه الطبرانى. بهذا الهدى النبوى كان الصحابة يمشون على أرجلهم، ويحملون أسرى الحرب على الدواب، مشددًا المرصد على أنَّ تلك الجرائم الصهيونية لا تقل فى جرمها وفظاعتها عما يقترفه الكيان الإرهاربى من قتلٍ وتنكيلٍ فى حق إخواننا الفلسطينيين الأبرياء.

لذلك، يجدِّد مرصد الأزهر نداءه لأحرار العالم، بأن ينتفضوا فى كل مكانٍ، وفى كل بقعةٍ من بقاع الأرض؛ للوقوف أمام طغيان هذا الكيان المجرم، وكسر هذا الحصار «غير الإنسانى»، الذى يستعرض به جبروته على المرضى والأطفال والنساء والشيوخ، والتصدى لازدواجية المعايير والكيل بمكيالين من جانب المجتمع الدولى كلما تعلَّق الأمر بالقضية الفلسطينيَّة، مطالبًا باتخاذ موقف منصف تجاه كل القضايا العادلة وفى مقدمتها القضية الفلسطينيَّة، ودعم قيام الدولة الفلسطينيَّة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

 موقف ثابت للأزهر 

د. محمد الضوينى، وكيل الأزهر، من جانبه أكد أن موقف الأزهر من أحداث غزة واضح وضوح الشمس، فما يحدث هو عدوان إرهابى صهيونى وإبادة جماعية فى حق الفلسطينيين، وتعمد لقتل المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ والشباب، وليس هناك أى مبرر لقتل وإبادة المدنيين بالطائرات الحربية وقصف المستشفيات، والتهجير القسرى مع غلق جميع المنافذ، فلا غذاء ولا ماء ولا وقود، بما يبرهن على أن ما يتم هو جريمة حرب مكتملة الأركان.

وشدد وكيل الأزهر على أن ما يقوم به الفلسطينيون من تمسكهم بأرضهم ورفضهم الخروج منها وصمودهم فى وجه هذا المحتل الغاشم هو حق أصيل لهم، فهو احتلال غاصب للأرض وللإنسان، ومقاومة هذا المحتل مقاومة مشروعة، مستهجنًا ازدواجية الرؤية والمعايير لبعض الحُكومات الغربية نحو حقوق الفلسطينيين، مبينًا أن موقف الأزهر ثابت من أى عدوان واستهداف للمدنيين والأبرياء، ومتسائلًا: لماذا لا يزور الساسة والمؤثرون فى الرأى العام العالمى غزة؛ ليشاهدوا حجم المأساة والدمار الذى يعانيه أهلها، ولماذا لا تزورى سيدة لمياء غزة كما زرتى الأرض المحتلة!

وتساءل: لماذا لا تتم إدانة إساءة استخدام الحاخامات للنصوص الدينية وتحريضهم على إبادة المدنيين الأبرياء وقتل النساء والأطفال وارتكاب جرائم محرمة دوليًّا؟!

وبيّن الدكتور الضوينى أن فلسطين مرت بالكثير من الاعتداءات والهجمات الصهيونية فى السنوات الماضية وراح ضحيتها ما يزيد على 120 ألف شهيد، دون أن يحرك الضمير العالمى والمجتمع الدولى ساكنًا؛ ما أدى إلى ضيق الأفق السياسى وانعدام الحلول والرؤية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف فى ظل توسع استيطانى محرم دوليًّا، وحينما يدافع الفلسطينيون عن أنفسهم وأرضهم، يلومهم من صمت حيال إيذائهم طوال السنوات الماضية، فأين كان المجتمع الدولى فيما مضى حينما بدأ الكيان الصهيونى بممارسة العنف والقتل دون محاسبة أو رادع، ضاربًا بكل العهود والمواثيق الدولية عرض الحائط؟!

وأكد وكيل الأزهر أن المنهج الأزهرى الوسطى الذى دائمًا ما يدعو للسلام والتسامح، يفرض علينا أن نصف الأشياء بحقيقتها، وأن ننصر الحق والعدل، وألا نجزئ المعايير الإنسانية، مُحتجًّا على التواطؤ العالمى ونظرة اللوم التى توجه للأزهر الشريف ووصفه بعدم الحياد حينما يتحدث بإنصاف وإنسانية للعالم كله بضرورة أن ينال الشعب الفلسطينى حريته واستقلاله، وضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار، وأن ما يتعرض له إخواننا فى غزة هو اعتداء وقتل، لا بالسلاح وحده، بل وبالتجويع وقطع أبسط أسباب الحياة عن شعب كامل، فى سقطة من سقطات الحضارة الحديثة، مشددًا على أن استمرار هذا العدوان على إخوتنا فى غزة سيظل وصمة عار فى جبين الإنسانية والحضارة الحديثة.