الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

السِّت

غَنَّى كل مَن غَنَّى للحب والوطن والأشواق ولكن مفيش زى السّت غنّت للهَجر، غنّت وشدَت بصوتها القوى لتعلن أن مَهما كان الحب ومشاعره فياضة، فى مرحلة لمّا بيوصل لها الشخص بيقدر يهجر ويمشى.



ودى لحظة بيحصل له صحوة وبيشوف أن الهَجر هو الشىء الواجب فِعله حفاظًا على نفسه.

غنّت السّت أجمل ما غنّت من أشعار وكأنها صاحبة التجربة وليست مؤدية لرؤية الشاعر صاحب الكلمات فشفنا نفسنا فى كلامها وأدائها وأصبحت أغانيها تعزّز شعورنا بقدرنا الحقيقى وتجعلنا نمضى تاركين خلفنا كل من لم يعطينا ما نستحق.

فقالت فى «اسأل روحك»: غدرك بيّا، أثر فيّا، واتغيرت شوية شوية.. اتغيرت ومش بإيديّا وبديت أطوى حنينى إليك.. وأكره ضعفى وصبرى عليك واخترت أبعد، وعرفت أعند حتى الهَجر قدرت عليه.. شوف القسوة بتعمل إيه.

وفى «للصبر حدود» قالت:أكتر من مَرّة عاتبتك وأديت لك وقت تفكر.. كان قلبى كبير بيسامحك إنما كان غدرك أكبر.. أكبر من طيبة قلبى أكبر من طولة بالى.. أكبر من قوة حبى.. مع كل الماضى الغالى.. ولقيتنى وأنا بهواك خلّصت الصبر معاك.

وفى قصيدتها الخالدة «الأطلال» قالت: 

وانتبهنا بعد ما زال الرحيق.. وأفقنا ليت أنّا لا نفيق.. يقظة طاحت بأحلام الكرى.. وتولى الليل والليل صديق.. وإذا النور نذير طالع وإذا الفجر مطلٌ كالحريق.. وإذا الدنيا كما نعرفها وإذا الأحباب كلٌ فى طريق.. أيها الساهر تغفو تذكر العهد وتصحو.. وإذا ما التأم جرح جدّ بالتذكار جرح.

السّت فى معظم أغانيها عن الهَجر حطت مبدأ نفسى مهم وهو أن ما يجعلنا نعيد ترتيب أوراقنا هو ببساطة ما يعرف بالـ self worth أو قيمتنا الذاتية.

ولمّا أى شخص بيفكر فى النقطة دى بينحصر تفكيره فى نفسه ولا يفكر فيمن يحب، خلاص بيركن الطرف التانى ويسلط الضوء على نفسه هو ويفند أولوياته ويشوف بياخد إيه قصاد اللّى بيدّيه، وهل هو متقدر فى هذه العلاقة ولا متاخد فيها أنه مضمون؟.. وهنا يقف الإنسان مع نفسه وتظهر له جليًا ثلاث حقائق لا جدال فيها:

- إننا نضجنا بالقدر الكافى اللّى يخلينا نفلت إيدينا من إيدين الناس اللّى مشدتش على إيدينا ومسكتها بقوة.

- وإن لمّا بتخلص أى علاقة هى حقيقى بتخلص بخيرها وشرّها ومَشاعرها، اللّى كانوا فيها لا بيبقوا أصحابنا ولا أعداءنا.. هم أيام ومرت.

- بنلوم أنفسنا أحيانًا معتقدين أننا معملناش كتير للناس اللّى مهتمين بأمرهم، بَس الحقيقة بنكتشف بعد ما نحط قيمتنا الذاتية فى المعادلة إننا عملنا كتير أوى، بس للناس الغلط.

السّت فى أغانيها قدّمت الكثير من ما قد يصل له الإنسان لو فكر فى نفسه وما يقدم، غنّت الأغنيات دى من عشرات السنين ولا تزال الناس فى علاقات الحب والصداقة لا يدركون «الهَجْر بيعمل إيه».